ماذا يعني تصديق السعودية على النظام الأساسي للمحكمة العربية لحقوق الإنسان؟

الأربعاء 29 يونيو 2016 11:06 ص

«سبقٌ جديد للمملكة» .. هكذا وصف سفير السعودية ومندوبها الدائم لدى جامعة الدول العربية «أحمد عبد العزيز قطان»، قرار حكومته، بمرسوم ملكي، المصادقة، كأول دولة عربية، على النظام الأساسي للمحكمة العربية لحقوق الإنسان، ليشير ضمنا للتغييرات التي بدأت ضمن «رؤية 2030» التي لا تتضمن فقط خطط اقتصادية وإنما سياسية وحقوقية لتحسين صورة المملكة أمام العالم كمنافس جديد لجذب استثمارات العالمية.

وقال السفير إن «سرعة تجاوب المملكة مع المصادقة على النظام الأساسي للمحكمة العربية لحقوق الإنسان، يدل على اهتمام القيادة الرشيدة وحرصها على حماية وحفظ حقوق الإنسان، ويؤكد جهود المملكة الحثيثة في هذا المجال وسعيها لإرساء قيمه وإيجاد السبيل الأمثل لتنفيذه».

ونوه إلى أن المملكة العربية السعودية تعتبر أول دولة عربية تصادق على هذا النظام بعد إقراره من قِبل مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري في سبتمبر/أيلول 2014.

ورحب الدكتور «نبيل العربي» الأمين العام لجامعة الدول العربية بقيام المملكة العربية السعودية بإيداع وثائق تصديقها على النظام الأساسي للمحكمة العربية لحقوق الإنسان، كأول دولة عربية تصدق على هذا النظام، واعتبر المرسوم الملكي السعودي بالمصادقة «خطوة إيجابية ورائدة».

ودعا «العربي» الدول العربية الأخرى أن تحذو حذو السعودية في المصادقة على النظام الأساسي للمحكمة العربية لحقوق الإنسان حتى يمكن لها مباشرة أعمالها، وإحداث «نقلة نوعية هامة وحضارية باتجاه إعلاء قيم حقوق الإنسان في الدول العربية».

ويبدو أن الخطوة السعودية استهدفت نقل رسائل مباشرة للعالم ببدء مرحلة جديدة من تغيير سياستها الحقوقية بعدما أثارت أنباء الإعدامات وسجن معارضين ثورة غضب في المحافل الحقوقية. كما استهدفت نقل رسائل أخري للمستثمرين الأجانب، بجدية المملكة في جهود التغيير، بعدما شككت صحف عالمية في نجاح الرؤية السعودية لعام 2030، القائمة على جذب الاستثمارات الأجنبية لتقليل الاعتماد على النفط في الموازنة، بسبب ما قالوا إنه حالة حقوق الإنسان المتدهورة و«التشدد» الديني.

ما هي المحكمة العربية لحقوق الإنسان؟

وفي سبتمبر/أيلول من العام 2014، دشنت الجامعة العربية نظام المحكمة العربية لحقوق الإنسان، واختيرت المنامة عاصمة مملكة البحرين مقرا لها، وهي تتألف حسب نظامها من 7قضاة، بحيث يدخل هذا النظام حيز النفاذ متى صادقت عليه 7 دول أعضاء في الجامعة من أصل 23 دولة.

وسبق للجامعة أن اعتمدت في ختام القمة العربية التي انعقدت بتونس، في مايو/أيار 2004، الميثاق العربي لحقوق الإنسان، والذي دخل حيز النفاذ في مارس/أذار 2008، بعد أن صادقت عليه سبع دول عربية، ارتفعت إلي 14 دولة لاحقا.

ولم ينص الميثاق العربي لحقوق الإنسان على تأسيس محكمة عربية لحقوق الإنسان، فجاء قرار وزراء خارجية الجامعة ليسد هذه الثغرة في آلية الميثاق ويؤسس «محكمة عربية تسهر على احترام حقوق الإنسان وحرياته الأساسية في الدول الأعضاء في الجامعة».

صلاحيات شكلية

ويقول حقوقيون أن النظام الأساسي للمحكمة العربية لحقوق الإنسان ملئ بالعيوب، فمثلا يقتصر تقديم الشكاوى للمحكمة، حسب المادة 19 من نظامها على الدول الأعضاء في النظام، وبشرط «أن تكون الدولة الشاكية والدولة المشكو في حقها طرفاً في هذا النظام».

ولا يسمح النظام بتلقي الشكاوى من جانب الأفراد أو المجموعات أو المنظمات غير الحكومية، ولكن يجوز، أن تلجأ إلى المحكمة «منظمة وطنية غير حكومية» ناشطة في مجال حقوق الإنسان، بشرط أن تكون معتمدة لدى الدول الطرف في نظام المحكمة، لصالح أحد رعايا هذه الدولة والتي يدعي فيها بأنه ضحية انتهاك حقوق الإنسان، ولكن بشرط أن تقبل الدولة بذلك.

ومن العيوب أيضا أن اختصاصات المحكمة العربية لحقوق الإنسان تقصر حسب المادة 16 من نظامها، على كافة «الدعاوى والنزاعات الناشئة عن تطبيق وتفسير الميثاق العربي لحقوق الإنسان أو أيه اتفاقية عربية أخرى في مجال حقوق الإنسان تكون الدول المتنازعة طرفاً فيها».

أي أن هذه المحكمة العربية لا تشمل انتهاكات كل اتفاقيات حماية حقوق الإنسان التي يمكن أن تقوم بها دولة طرف في نظام المحكمة، وسبق أن صادقت هذه الدولة على تلك الاتفاقيات أو انضمت إليها.

عيوب النظام القضائي السعودي

وتتهم منظمات حقوقية دولية، على رأسها العفو الدولية النظام القضائي في المملكة العربية السعودية، بأن «به عيوب عميقة لا تفي بالمعايير الدولية، حيث تتم الإجراءات أحياناً في السر»، وانتقدت إعدام 102 شصا في السعودية خلال الستة أشهر الأولي من العام الماضي.

وضربت المنظمة مثالا بقضية «نمر باقر النمر»، أحد رجال الدين الشيعة ومن منتقدي الحكومة في المنطقة الشرقية الذي حُكم عليه بالإعدام في أكتوبر/ تشرين الأول 2014، مشيره لما أسمته «أوجه القصور» في المحاكمة.

وفي تقرير بعنوان: «عقوبة الإعدام في المملكة العربية السعودية.. حقائق وأرقام»، قال تقرير المنظمة التي لا تعترف بعقوبة الإعدام وتنتقد أن «السعودية إحدى أكثر بلدان العالم قاطبةً تنفيذاً لأحكام الإعدام، وتُعد ثالث دولة بين دول العالم أجمع من حيث عدد أحكام الإعدام التي تنفذها، ولا يسبقها في ذلك إلا الصين وإيران»، وذلك وفق أحدث تقرير صدر عن منظمة العفو الدولية مؤخراً حول تطبيق عقوبة الإعدام في العالم.

وقالت إنه تم إعدام 2208 أشخاص من يناير/ كانون الثاني 1985 إلى يونيو/ حزيران 2015، كما تم إعدام 102 شخصا خلال الفترة ما بين يناير/ كانون الثاني ويونيو/ حزيران 2015، فيما تم إعدام 90 شخصا خلال عام 2014 بأكمله.

ورفضت المملكة العربية السعودية بشدة الانتقادات الموجهة لاستخدامها لعقوبة الإعدام، حيث دافعت عن ذلك قائلة إن أحكام الإعدام يتم تنفيذها بما يتماشى مع الشريعة الإسلامية وفي «أشد الجرائم خطورة» فقط وفي ظل تطبيق أدق معايير وضمانات المحاكمة العادلة.

وفي تقرير أخر صدر 25 أغسطس/آب 2015 بعنوان: « القتل باسم العدالة: عقوبة الإعدام في السعودية» نددت منظمة العفو الدولية بـ «العيوب» التي تشوب النظام القضائي في السعودية، مطالبة سلطات المملكة بتجميد تنفيذ أحكام الإعدام.

وقالت المنظمة إن الإجراءات القضائية في المملكة تتم أحياناً بصورة مقتضبة، إذ لا يتمتع المتهمون دوما بحق الحصول على محام أو بمحاكمة علنية، ويتم انتزاع اعترافات بعضهم «تحت التعذيب»، أما إذا كان المتهمون أجانب لا يتقنون العربية فهم لا يحصلون دوما على مترجمين.

  كلمات مفتاحية

السعودية الجامعة العربية المحكمة العربية لحقوق الإنسان نبيل العربي

السعودية أول دولة تصدق على نظام المحكمة العربية لحقوق الإنسان

السعودية هددت بـ«مقاطعة» الأمم المتحدة بسبب قائمة منتهكي حقوق الأطفال

«هيومن رايتس» تنتقد إجراءات محاكمة السعودية لمتهمين بالتجسس مع إيران

هيومن رايتس: المحكمة العربية الجديدة لحقوق الإنسان محكوم عليها بالفشل ابتداء

«الجامعة العربية» تكافئ سلطنة عمان وتسند لها رئاسة «اللجنة العربية لحقوق الإنسان»

السعودية «غاضبة ومنزعجة» من مطلب تعليق عضويتها بمجلس حقوق الإنسان الأممي

السعودية تعترض على قرار أممي بجعل الاتصال بـ«الإنترنت» من حقوق الإنسان

صحف السعودية تبرز تشكيل مجلس «حقوق الإنسان» وتواصل الاستعدادات للحج