انتقدت منظمة «هيومان رايتس ووتش» في تقرير لها، الثلاثاء، محاكمة 32 شخصا في السعودية بتهمة التجسس لصالح إيران، مؤكدة أن المملكة انتهكت حقوق إجراءات التقاضي الأساسية المنصوص عليها دوليا.

وأوضحت المنظمة أن السلطات السعودية لم تسمح للمتهمين بلقاء محاميهم، كما لم تقدم وثائق الاتهام للدفاع طوال فترة 3 سنوات من الاعتقال، كما يسعى الادعاء إلى إصدار عقوبة الإعدام على 25 متهما منهم.

وبحسب التقرير، فإن أوراق الاتهام التي طالعتها تحوي عددًا من «المزاعم التي تبدو أنها ليست جرائم في غير المملكة، من ضمنها تأييد المظاهرات، وتشويه سمعة المملكة ومحاولة نشر ومد المذهب الشيعي».

وبدأت المحاكمة في فبراير/شباط 2016 في المحكمة الجزائية المتخصصة في الرياض.

من جانبها قالت «سارة ليا ويتسن»، مديرة قسم الشرق الأوسط بالمنظمة: «تشكل هذه المحاكمة وصمة أخرى في نظام العدالة الجنائية الظالم في السعودية. المحاكمات الجنائية يجب ألا تكون صُوَرية مع أحكام مسبقة».

وأضافت أنه وفقًا للائحة الاتهام، فالمتهمون كلهم سعوديون، فيما عدا مواطنا أفغانيا وآخر إيراني اعتقلت السلطات 17 منهم في 16 مارس/آذار 2013، وفي وقت لاحق من نفس العام اعتقلت 14 آخرين. كما اعتقلت الأخير خلال عام 2014.

وأكدت «ويتسن»: «إن اعتناق المذهب الشيعي يجب ألا يكون جريمة، وعلى المحاكم السعودية التوقف عن التعامل معه على هذا النحو»، بحسب قولها.

من جانبه، قال «طه الحجي»، محامٍ سعودي دافع عن بعض المتهمين حتى مارس/آذار الماضي، إن «المتهمين رهن  الحبس الاحتياطي منذ اعتقالهم، وفي البداية تم احتجازهم بمعزل عن العالم الخارجي لثلاثة أشهر قبل السماح لهم بالمكالمات الهاتفية والزيارات من الأسرة».

وأضاف أن «السلطات لم تسمح لمحامي الدفاع بزيارة موكليهم أو استعراض ملفات القضية والأدلة ضدهم، وقررت محاكمتهم فجأة في فبراير/شباط الماضي مع فترة إخبار مسبق قصيرة للمحامين أمتدت لأسبوعين».

وأكد «حجي» أنه يعتقد أن التوقيت متصل بالعداء المستمر بين إيران والسعودية، اللتين انقطعت العلاقات الدبلوماسية بينهما في يناير/كانون ثان الماضي، بعد إعدام السعودية رجل الدين الشيعي السعودي البارز «نمر النمر»، واقتحام متظاهرين إيرانيين السفارة السعودية في طهران ردا على ذلك.

وأشار إلى أن وسائل إعلام سعودية ذكرت في مارس/آذار الماضي أن بعض محامي الدفاع رفضوا المشاركة في إجراءات المحكمة. ونقلت جريدة «سعودي غازيت» أن المحامين «قدموا عددًا من المطالب عبر بعض المتهمين الذين حضروا الجلسة، من ضمنها تزويدهم بمواقف للسيارات قرب المحكمة، وعدم تفتيشهم، والسماح لهم بحمل هواتفهم النقالة في قاعة المحكمة».

وأكد أن «المخاوف الأساسية للمحامين تمثلت في عدم قدرتهم على زيارة موكليهم أو استعراض الأدلة، وعدم وجود الوقت الكافي لإعداد الدفاع. أضاف أن محامي الدفاع طلبوا من المحكمة وقف حملة التشويه في وسائل الإعلام المحلية ضد موكليهم، التي قالوا إنها ستؤدي إلى محاكمة جائرة».

لائحة الاتهام

وشرح تقرير المنظمة ما تضمنته لائحة الاتهام بخاصة الجرائم التي تشكل «خيانة عظمى»، بما فيها الاجتماع مع «عملاء المخابرات» الإيرانية وتقديم معلومات عسكرية ومعلومات عن وضع المجتمعات الشيعية في مكة المكرمة والمدينة المنورة والمنطقة الشرقية في السعودية.

لكن بعض التهم لا تعد جريمة بحسب التقرير، مثل الاتهام السادس بـ«تأييد المظاهرات»، والثالث بـ«تشويه سمعة المملكة»، ومحاولة «نشر ومد المذهب الشيعي»، و«التخطيط مع عنصر المخابرات الإيرانية... لإنشاء شركة لدعم أعمال الشيعة في المنطقة»، «السعي ومحاولة إنشاء مركز خاص بالشيعية بمكة المكرمة لغرض نشر ومد المذهب الشيعي».

كما أكد التقرير أن أحد المتهمين متهم بأنه شارك عملاء المخابرات الإيرانية في نشر مقالات لـ«مخلف بن دهام الشمري». المدافع البارز عن حقوق الإنسان في المملكة، وكذلك العمل على تحسين العلاقات بين السنة والشيعة. و«الشمري» يواجه حكما بالسجن لعامين مع 200 جلدة.

واختتمت «هيومن رايتس ووتش» تقريرها بقولها إن «سير المحاكمة يثير حتى الآن مخاوف من احتمال أن يواجه 25 من أصل 32 متهما أحكام الإعدام، دون حصولهم على فرصة كافية للدفاع عن أنفسهم».

وفي 11 من مارس/شباط الماضي توقعت صحيفة «عكاظ» السعودية أن ينفذ حكم الإعدام بحق أربعة أشخاص ممن وصفتهم بـ«الإرهابيين».

من جهته، علق «محمد النمر»، والد المحكوم بالإعدام «علي النمر»، عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» موضحا أن المقصودين بخبر صحيفة «عكاظ» هم: «علي النمر»، و «عبدالله الزاهر»، و «داوود المرهون» من بلدة «العوامية بمحافظة القطيف» وشاب رابع من «شمال المملكة».

وأضاف أن «المعطيات السياسية وعلى أرض الواقع تقول بأن إعدامات ستطال معتقلين في القريب وأعتقد أن تسريب الخبر مقصود».