«فاينانشيال تايمز»: الجنون في أسعار عقارات الأجانب في الرياض وجدة

الأحد 3 يوليو 2016 04:07 ص

مع سعي الحكومة لاستقطاب المستثمرين الأجانب، فإن الطلب على المساكن الراقية سوف يزيد.

إن العزم على التحرك نحو السعودية لن يكون موضوعا سهلا لمناقشته على طاولة العشاء مع عائلتك. وإذا نحينا جانبا الإعدام الجماعي المروع الذي تنفذه الدولة، حيث تم إعدام 47 شخص دفعة واحدة في الثاني من يناير/كانون الثاني هذا العام، فإن المملكة الصحراوية ليست هي المكان المثالي لحياة الأسرة.

تحت قوانين الدولة، من غير المسموح للمرأة أن تقود، وهي ممنوعة من دخول الكثير من الأماكن العامة، والعديد من النساء لا يغادرن منازلهن بدون رجل محرم، ويخضع لبسها في العلن إلى قوانين صارمة. وفي العاصمة الرياض، فإن الاختلاط الاجتماعي والتسلية للنساء والأطفال من الأجانب محدود داخل مجمعات سكنية خاصة خارج حدود ما هو مسموح به لمواطني المملكة.

لكن السؤال الشائك حول الانتقال ربما يصبح مطروحا في الاجتماعات العائلية في مدن العالم الكبيرة. فأسعار النفط المنخفضة تخرب من الوضع المالي لحكومة السعودية، وقد بدأت الدولة البحث عن الدعم من أسواق المال العالمية.

ولكن جهود الحكومة لجمع الأموال ربما تعقد حياة المغتربين، فقد أعلن وزير المالية السعودي «إبراهيم العساف» اقتراحا بفرض ضريبة دخل على المواطنين الأجانب لأول مرة.

اليوم، غالبية العاملين من دول الغرب في المملكة الذين يعملون في الرياض وجدة، أكبر مدينتين سعوديتين، قد أجروا منازلهم. غالبية هذه المساكن تقع في مجمعات سكنية ذات قوائم انتظار طويلة وأسعار مرتفعة، مقابل توفير رفاهية نمط الحياة الغربي. وتصل أسعار هذه المساكن إلى ثلاثة أمثال نظيرتها خارج المجمعات. ويقول «أحمد نصر الله»، وهو موظف بنكي سعودي يبلغ 33 عاما، أنه يؤجر فيلا 140 مترا مربعا بحديقة وثلاثة حجرات نوم مقابل 50 ألف ريال سعودي (13.300 دولار) في السنة في حي قرطبة بالرياض. وفي نفس الوقت يقدر أن تكون شقة 60 متر مربع في مجمع سكني مجاور بحجرة نوم واحدة تكلف 160 ألف ريال سعودي (42.641 دولارا) في السنة.

الإيجارات العالية في المجمعات السكنية يقابلها فوائد على الرغم من ذلك، مثل الملاعب للأطفال والسماح للنساء بالتجول بدون محرم. لكن الانتقال يكون صعبا للنساء العاملات حيث يكون التنقل بدون محرم للعمل ممنوعا بطبيعة الحال.

تقول «عائشة عزت» مستشارة استراتيجية من المملكة المتحدة، والتي تعيش في مجمع سكني بالرياض أن خدمة أوبر لحجز السيارات قد جعلت الحياة أسهل، لكن إيجاد سائق يتحدث الإنجليزية يكون صعبا.

وتعد جدة، العاصمة الثانية للسعودية وثاني أكبر مدنها الحضرية والمدينة المكلفة معيشيا، هي الخيار الأول للمقيمين الأجانب، بحسب قول «رشاد فرعون» الذي كان حتى 2014 يدير أملاكا للرهن العقاري.

ويقول «أندرياس هابرباك»، محامي ألماني يعيش في جدة منذ 28 عاما ومتزوج من سعودية: «آخر مرة رأيت فيها هنا فردا من الشرطة الدينية كانت منذ عامين، وكان ودودا جدا».

يخاف الوافدون الجدد من أسلوب الحياة الجاف ومنع الخمور في المملكة. لكن الوافدين في السعودية دائما ما يتباهون أن البيرة التي يخمرونها في طوابقهم السفلية، وإن كانت غير قانونية، أفضل من بدائلها في الأسواق الأوروبية. والكحول المستورد متوفر أيضا بسعره، حيث تصل زجاجة «جاك دانييلز بوربون» إلى حوالي 400 دولار.

وقد شهد سوق الرهن العقاري ارتفاعا في السنوات الأخيرة مع معدلات أرباح في العقارات من 6 إلى 30% في العام الواحد وبخاصة في العام 2014. وحتى مع المكاسب الأخيرة، تعد الأسعار في المملكة صفقات رابحة لهؤلاء الذين اعتادوا على الشراء في المدن العالمية الكبيرة. ففي حي الملقا في شمال غرب الرياض، تبيع وكالة محلية فيلا بسبع حجرات للنوم بمبلغ 2.17 مليون ريال سعودي (579 ألف دولار). وهناك أرباح إضافية لكبار المنفقين أيضا، حيث يمكنهم شراء فيلا بمساحة 3.450 مترا مربعا بسبع حجرات للنوم في الريان بمبلغ 13.5 مليون ريال سعودي. وفي جدة، تملك سلوان العقارية شقة بسريرين للبيع في البرج الشاهق «بيت بلازا» بمبلغ 1.09 مليون ريال سعودي. ويطل البرج على كورنيش جدة.

ويحتاج الأجانب، على الرغم من ذلك، إلى الحصول على تأشيرة عمل وتصريح حكومي لشراء منزل في المملكة، ومن الممكن أن تأخذ هذه الإجراءات 6 أشهر، بحسب ما قاله «طارق زيتون»، الذي يدير بوابة إلكترونية سعودية على غرار «رايت موف». ولم يستقر بعد نظام تسجيل الملكية بالمملكة حتى الآن وفقا لما قاله «هابربك»، وهو ما يعني أن سندات الملكية لبعض العقارات إلكترونية والأخرى ورقية. ويضيف: «عليك أن تعرف ماذا تفعل، وتحتاج إلى محامي أو شخص ذو خبرة لمساعدتك في ذلك».

وبعد الارتفاع الحاد في الأسعار، عملت الحكومة على تهدئة السوق من خلال الحد من الإقراض. في نوفمبر/تشرين الثاني 2014 تم اشتراط وجود ضمانات بنسبة 30% من قيمة العقار. انخفضت لهذا السبب نسبة الموافقة على القروض العقارية، لكن البنوك قد ساعدت المقترضين في التحايل على القواعد، وقدمت لهم قروضا بقيمة الوديعة دون ضمانات، كما يقول «زيتون».

ربما يتطلع الوافدون الجدد الآن إلى ترحيب أكثر دفئا من جانب الشرطة الدينية. ففي أبريل/نيسان، تم الحد من صلاحيات الهيئة من خلال إرشادات جديدة تم وضعها لإظهار صورة ودية وحضارية للمملكة. فلم يعد بإمكانهم مطاردة المشتبه بهم أو سؤالهم عن وثائق هوياتهم، وسوف تترك مهمة الاعتقال والكمائن لقوات الشرطة ومسؤولي مكافحة المخدرات.

وقد تم تعزيز تجارة المخدرات مؤخرا بواسطة الجارة لبنان. ففي نوفمبر/تشرين الثاني، أفادت مصادر قضائية لبنانية أن أحد الأمراء السعوديين وتسعة آخرين قد تم اتهامهم بتهريب المخدرات بعد العثور على نحو طنين من الأمفيتامين في انتظار شحنها على متن طائرة خاصة متجهة إلى السعودية بمطار بيروت. (وفقا للأمم المتحدة، فإن 64% من الأمفيتامين المهرب، يدخل إلى منطقة الشرق الأوسط).

وإذا كان سيتم القبض عليهم، فربما كان من الأفضل للمجموعة أن يتم القبض عليهم في بيروت بدلا من الرياض. فمن بين حالات الإعدام التي نفذت بالمملكة العام الماضي، والبالغ عددها 158 حالة، هناك 64 حالة بتهم تتعلق بالمخدرات، وفقا لمنظمة العفو الدولية، ومنظمة حقوق الإنسان. وكان معظمها عن طريق قطع الرأس بالسيف علنا.

المصدر | فاينانشيال تايمز

  كلمات مفتاحية

السعودية الرياض جدة أسعار العقارات المستثمرين الأجانب أزمة السكن الإسكان السعودية

كيف تستفيد دول الخليج من مغادرة بريطانيا لأوروبا عسكريا واقتصاديا؟!

229 مليار ريال قيمة الصفقات العقارية بالسعودية منذ بداية 2016

«الإسكان» السعودية: لا نسعى لتخفيض أسعار العقارات ولا يهمنا ذلك

6 مليارات دولار استثمارات سعودية بتركيا أكبرها في العقارات

خبير اقتصادي: أسعار العقارات تضاعفت 10 مرات خلال 8 سنوات في السعودية