«جلوبال ريسك»: هجمات «تنظيم الدولة» تستهدف تقويض الشرعية الدينية للسعودية

الخميس 21 يوليو 2016 06:07 ص

وقعت ثلاث هجمات «انتحارية» في 4 يوليو/تموز الحالي في المملكة العربية السعودية، كان أحدها قرب المسجد النبوي في المدينة المنورة، إضافة إلى هجوم فاشل في محيط القنصلية الأمريكية في جدة، وآخر على مسجد شيعي في القطيف في المنطقة الشرقية، ولم تعلن أي جماعة مسؤوليتها عن الهجمات حتى الآن، ولكن أهداف الهجمات الأخيرة، والتكتيكات والإجراءات المستخدمة تشير نحو تورط تنظيم الدولة الإسلامية.

كيف تعاملت الأسواق مع الهجمات؟

بالرغم من أن الهجمات «الانتحارية» كانت منسقة بشكل غير عادي، وقد كان ينبغي على الأقل من الناحية النظرية أن تؤثر على الأسواق المالية العالمية، ولكن مع ذلك، لم يلاحظ أي تأثير يذكر على مؤشر سوق الأسهم العالمية، ولم يكن هناك أي تغيير في أسعار النفط العالمية. ولعل التفسير المحتمل هو أن الهجمات الانتحارية وقعت في أسبوع عيد الفطر أو الاحتفال بنهاية شهر رمضان. وقد كانت معظم تداولات سوق الأسهم في الشرق الأوسط قد أغلقت لعدة أيام خلال هذا الأسبوع.

ويكمن التفسير الآخر في أن الهجمات الثلاث في السعودية والتي فشلت منها اثنتان، قد تم التغطية عليها بفعل الهجمات الإرهابية الكبيرة في اسطنبول، بغداد، ، ودكا في بنغلاديش والتي جذبت اهتمام وسائل الإعلام بشكل أكبر.

لم تؤثر الهجمات الإرهابية في المملكة العربية السعودية كما أثرت الهجمات السابقة على أسعار النفط. وقالت «كومرتس» إن الهجمات الثلاثة بدت مماثلة لهجمات نفذت قبل بضع سنوات ولكن الأولى أدت إلى ارتفاع أسعار النفط بشكل حاد. والآن فإن أسواق النفط العالمية قد قبلت أن تهاجم الدولة السلامية المملكة العربية السعودية دون أن تصدم أسعار النفط.

كيف يمكن للتفجيرات أن تؤثر على قطاع السياحة السعودي؟

من المرجح أن يكون تأثير الهجمات الانتحارية الأخيرة على قطاع السياحة منخفضا لدرجة الاستهانة بها. إن الهجوم الذي وقع قرب مسجد المدينة المنورة يميل إلى أن يتلاشى من الذاكرة العامة مع مرور الوقت، كما أن الحوافز التي تقدمها الحكومة في صناعة السياحة سوف يساعد في الحفاظ على السياحة السعودية. قد يكون الوضع مختلفا جدا لو نفذت الدولة الإسلامية حملة مستمرة ضد الأجانب والأهداف السهلة في قطاع السياحة مثل الفنادق ومراكز التسوق ومحطات المطار، والوجهات السياحية الدينية، بما في ذلك المدينة المنورة ومكة المكرمة. ومن شأن حملة إرهابية كتلك الإضرار بشكل كبير بالجهود السعودية لتوسيع القطاع السياحي إذا اختار السياح التوجه إلى وجهات أكثر أمنا.

والحقيقة أنه على مدى العامين الماضيين، فإن الدولة الإسلامية كانت تستهدف الشرطة وقوات الأمن في المقام الأول، وكذلك المدنيين الشيعة والأهداف الدينية في المنطقة الشرقية. وذكرت وزارة الداخلية السعودية في يونيو/حزيران 2016 أن 26 هجمة إرهابية ذات صلة بتنظيم الدولة قد وقعت منذ بداية عام 2015.

ومع ذلك، فإن الهجوم الذي وقع قرب موقع مقدس في المدينة المنورة لم يسبق له مثيل في التاريخ الحديث للجهاديين السلفيين في المملكة العربية السعودية، ولم يهاجم قط مثل هذا المكان المقدس. ويمكن أن ينظر إلى الهجوم بأنه محاولة لتقويض شرعية المراسيم الدينية التي تتمتع العائلة المالكة.

والاحتمال الآخر هو أن الهجوم يدل على التحول إلى استهداف المواقع السياحية الدينية. ومن وجهة نظر تنظيم الدولة، فإن هذا التحول له معنى إذا كان الهدف الاستراتيجي هو تقويض الاقتصاد السعودي.

وقع الهجوم على المدينة المنورة بعد شهرين من كشف الأمير «محمد بن سلمان» مخططا بعنوان «الرؤية السعودية لعام 2030»، حيث تهدف الخطة إلى تحويل الاقتصاد المعتمد على النفط إلى اقتصاد أكثر تنوعا، كما تركز على زيادة عدد السياح الدينيين. ويدعو برنامج العمل أيضا إلى فتح الأبواب أمام السياحة من جميع الجنسيات. وهنا فإن حملة الدولة الإسلامية ضد المواقع السياحية والأجانب يمكن أن تتسبب بنكسة اقتصادية للمملكة، وبخاصة في الوقت الذي نجد فيه أن عائدات النفط آخذة في الانخفاض.

إذا كان هجوم المدينة هو بداية حملة جديدة لتنظيم الدولة ضد أهداف سياحية دينية في السعودية، تشمل الهجمات الإرهابية في المدينة المنورة ومكة المكرمة، فإن الهجوم خلال موسم الحج السنوي في سبتمبر/أيلول مع ما يصل إلى 2 مليون سائح، هو أمر لا يمكن استبعاده.

ما هي التحديات التي لا تزال قائمة بالنسبة للوضع الأمني السعودي؟

إن أحدث سلاسل الهجمات الإرهابية هي واحدة فقط من العديد من المخاوف الأمنية في السعودية. حيث تواجه المملكة تفش محتمل للعنف الطائفي بين الحكومة السعودية والشيعة في المنطقة الشرقية لها. كما أن المنطقة الشرقية لها أهمية اقتصادية استراتيجية، حيث تعد مركزا صناعيا حيويا وموطنا للبنية التحتية النفطية الحيوية وحقول النفط والغاز. ويمثل النشاط الاقتصادي في المنطقة الشرقية حوالي 60٪ من الناتج المحلي الإجمالي في المملكة العربية السعودية. إن أي شكل من أشكال الاضطرابات الأهلية والصراعات داخل الدولة من المرجح أن يقوض الاقتصاد السعودي، و ليس من قبيل المصادفة أن الدولة الإسلامية قد ركزت العديد من هجماتها على المجتمع الشيعي السعودي والمساجد في القطيف و الإحساء في المناطق الشرقية في محاولة للوقيعة بين الشيعة والحكومة لتأجيج العنف الطائفي.

ويرتبط الاستقرار داخل المملكة مع الوضع الأمني الحالي في العراق ومستقبل تنظيم الدولة في العراق، الذي يقع إلى الشمال من المملكة.وقد قدرت وزارة الخارجية الأمريكية في يونيو/حزيران 2016، أن تنظيم الدولة فقد 47% من الأراضي التي كانت يسيطر عليه سابقا في العراق. وهو مستمر في خسارة الأراضي ويعاني من خسائر في العراق وسوريا، ويمكن أن تتحول حالة الرعب في المنظمة الإرهابية للتسبب في عودة المقاتلين الأجانب إلى ديارهم والقيام بعمليات هناك. وعلى سبيل المثال، يمكن أن يعود المقاتلون السعوديون إلى السعودية ويستهدفوا العائلة المالكة السعودية والطائفة الشيعية، وهو الهدف المعلن لـ«أبو بكر البغدادي». وحسب تقديرات مجموعة صوفان، فإن هناك 2500 سعودي انضموا إلى الصراع في سوريا والعراق. وإذا قرر المقاتلون السعوديون العودة إلى السعودية، ومع مهارات التصنيع التي صاروا يمتلكونها ، فإن عدد من الهجمات الإرهابية يمكن أن يتزايد مع مستوى متطور.

وسوف تواجه المملكة العربية السعودية أيضا العنف غير المباشر من قبل الحرب الأهلية في اليمن، والتي تقع على طول حدودها الجنوبية، وقد اعترض الدفاع السعودي في 4 يوليو/تموز صاروخ ذاتي الدفع أطلق على حدودها الجنوبية عن طريق المتمردين الحوثيين الشيعة نحو جنوب مدينة أبها.

ويسيطر الحوثيون على مناطق شاسعة من الأراضي في شمال اليمن على الحدود مع المملكة العربية السعودية ويتلقون الدعم من إيران. وردا على دعم إيران للحوثيين، نظمت المملكة العربية السعودية تدخلا في اليمن في مارس/أذار عام 2015 لإعادة الحكومة السابقة بقيادة «هادي عبد ربه منصور».

وتفيد بيانات الاتحاد الوطني لدراسة الإرهاب أن الحوثيين نفذوا ما يقرب من 60 هجمة إرهابية داخل السعودية خلال 2015 وحدها. وبالإضافة إلى ما تخلقه هذه الهجمات العشوائية داخل السعودية من فوضى، فإن هناك مساحات غير خاضعة للسلطة في داخل اليمن تتسبب في ضمان تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية و الدولة الأإسلامية لملاذ آمن يمكن من خلاله تخطيط هجمات مستقبلية محتملة ضد السعودية.

المصدر | جلوبال ريسك إنسايتس

  كلمات مفتاحية

السعودية الدولة الإسلامية الحرب في اليمن هجوم المسجد النبوي

«ستراتفور»: ما الذي تخبرنا به هجمات رمضان في المملكة العربية السعودية؟

الحياة تعود إلى المسجد النبوي بعد مقتل 7 إثر تفجير انتحاري

صحيفة سعودية: 6 قتلى و9 جرحى إثر تفجير انتحاري قرب الحرم النبوي

إدانة عربية ودولية واسعة لتفجير إسطنبول