هل تكرر إيران خطأ «صدام» في الكويت وتقدم على غزو البحرين؟

الخميس 21 يوليو 2016 11:07 ص

في تصريح ينضم إلى سلسلة من التصريحات المنسوبة لشخصيات رسمية إيرانية، التي تشير لنوايا طهران حيال البحرين، أطلق السفير الإيراني السابق في باريس «صادق خرازي» مؤخرا تصريحات استفزازية بأن إيران بإمكانها احتلال البحرين، لو أرادت، في غضون بضعة ساعات باستخدام قوات التدخل السريع.

ويأتي تصريح المسؤول الدبلوماسي الإيراني، ليفتح الباب أمام سيناريو مشابه لما فعله «صدام حسين»، الرئيس العراقي الأسبق، مع الكويت، حينما شن الجيش العراقي هجوما على الكويت في 2 أغسطس/آب 1990 استغرق يومين، وانتهي باستيلاء القوات العراقية على كامل الأراضي الكويتية في الرابع من نفس الشهر.

ويبدو أن الشبه ممتد، فمثلما افتعل «صدام حسين»، قصة وجود مقاومة كويتية تعارض حكم أمير الكويت وشكل حكومة صورية برئاسة العقيد «علاء حسين» تحت مسمى «جمهورية الكويت»، قبل إعلان ضم الكويت للعراق في 9 أغسطس/آب، فإن طهران يبدو أنها تسير الآن على نفس الطريق.

بدأت إيران تشير لوجود مقاومة مسلحة في البحرين يمكن أن تقوم بانقلاب في البلاد، ورجح قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني «إمكانية ظهور مقاومة مسلحة في البحرين عقب تجريد أحد أكبر الرموز الشيعية في البلاد من جنسيته البحرينية».

حيث زعم الجنرال «قاسم سليماني» إن «الإجراء الذي اتخذته البحرين ضد الشيخ عيسى قاسم الذي يتمتع بشعبية كبيرة كزعيم روحي بين الأغلبية الشيعية في البحرين، من الممكن أن يشعل النار في المنطقة»، وقال «سليماني» إن «آل خليفة (العائلة الحاكمة في البحرين) يعرفون جيدا أن تعديهم على الشيخ عيسى قاسم خط أحمر يشعل تجاوزه النار في البحرين والمنطقة بأكملها».

وأضاف، في بيان نشرته وكالة أنباء «فارس» الإيرانية، أن ما حدث «لا يترك خيارا للناس سوى اللجوء إلى المقاومة المسلحة»، ليوحي بأن الانقلاب ضد حكومة البحرين سيأتي من الداخل (علي غرار العراق) وأن إيران لو تدخلت فسوف تتدخل بدعاوي طلب المقاومة البحرينية دعمها.

ودعا «عيسى قاسم» الذي يحظى بلقب «آية الله» في البحرين، إلى المظاهرات التي نظمتها الأغلبية الشيعية في البحرين للمطالبة بحقوقهم المدنية والسياسية، وقالت الداخلية البحرينية عن قرار سحب جنسيته إن «قاسم يتبنى منهجية الحكم الديني ويضغط على رجال الدين من أجل الحصول على ولاءهم المطلق»، واتهمته بأنه «على اتصال دائم بمنظمات وأطراف معادية للمملكة»، في إشارة ربما إلى إيران.

الوجه الإيراني المكشوف في البحرين

وتتعامل طهران بوجه مكشوف مع البحرين وتتدخل لدعم المعارضة البحرينية لأبعاد تاريخية وجيوسياسية تجعل البحرين مهمة من الناحية الجيوسياسية بالنسبة إلى إيران.

ومع التطورات المتلاحقة لقضبة جنسية «قاسم»، وتوقيف السلطات البحرينية لعدد من قيادات المنظمة المعارضة المعروفة باسم «جمعية الوفاق الوطني الإسلامية» الشيعية، وغلق مقارها وتجميد الأصول المملوكة لها، ثم إصدار حكم قضائي بحلها، ربما تسعي طهران لاستغلال اللحظة المناسبة لتنفيذ حلمها القديم باستعادة البحرين، إذ تعتبر إيران البحرين جزءا منها، رغم أنّ الأمم المتحدة أشرفت في العام 1970 على استفتاء بين البحرينيين رفضوا فيه أن يكونوا محافظة إيرانية.

وقد استقلّت البحرين في العام 1971 وترافق استقلالها مع احتلال إيران للجزر الإماراتية الثلاث، أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى، وبرّر شاه إيران وقتذاك هذا الاحتلال بأنّه تعويض عن رفض أهل البحرين أن يكونوا محافظة إيرانية، وإصرارهم على الاستقلال.

ومع مجيء الثورة الإيرانية ، والتحول المذهبي في السياسة الخارجية، تزايدت الرغبة في السيطرة على البحرين التي يقطنها نسبة كبيرة من السكان شيعة وبقيت السياسة الإيرانية على حالها حيال الرغبة في استعادة البحرين، خصوصا أنها تعد مدخلا للسعودية التي ترتبط مع البحرين بجسر صناعي يسهل تدفق القوات منه.

تاريخ العلاقات المضطربة

وفي يناير/كانون الثاني الماضي، أعلنت البحرين قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران، بعد يوم من اتخاذ السعودية القرار نفسه، في أعقاب اقتحام محتجين سفارة الرياض في طهران، احتجاجا على إعدام رجل الدين الشيعي السعودي «نمر النمر».

وجاء قطع العلاقات الدبلوماسية بين البحرين وإيران، ليمثل الحلقة الأكثر تطورا للعلاقات التي شهدت تدهورا كبيرا بين البلدين، خاصة في الآونة الأخيرة. ففي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي استدعت البحرين القائم بالإعمال الإيراني لديها، «حميد شفيع زاد»، احتجاجا على تصريحات المرشد الأعلى للثورة الإيرانية، التي اعتبرتها المنامة «إساءة للمملكة وشعبها»، حيث اتهم «خامنئي» الحكومة البحرينية بشن حملة ضد المعارضة في المملكة.

كما كشفت المنامة في سبتمبر/أيلول الماضي عن مصنع كبير للمتفجرات، واعتقلت عددا من المشتبه بهم، وقالت إنهم «على صلة بالحرس الثوري الإيراني»، وأعلنت وزارة الخارجية البحرينية حينها أن القائم بالأعمال الإيراني في البحرين «شخص غير مرغوب به، وعليه مغادرة البلاد خلال 72 ساعة».

وسبق ذلك سحب البحرين سفيرها من إيران في الأول من أكتوبر/تشرين الأول 2015 احتجاجا على «استمرار التدخل الإيراني في شؤون مملكة البحرين، دون رادع قانوني أو حد أخلاقي، ومحاولاتها الآثمة وممارساتها لأجل خلق فتنة طائفية، وفرض سطوتها وسيطرتها على المنطقة»، بحسب بيان رسمي.

كما أعلنت النيابة العامة البحرينية في مارس/آذار 2015، إنها ضبطت معدات لصنع القنابل خلال تهريبها من العراق، على متن حافلة ركاب، من أجل استخدامها في هجمات في البحرين.

وفي شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أسقطت البحرين الجنسية عن 5 مواطنين «أدينوا بالتآمر مع إيران» لتنفيذ هجمات داخل المملكة، كما حكمت عليهم بالسجن المؤبد، وقبلها بأيام اعتقلت وزارة الداخلية البحرينية 47 عضوا في خلية قالت إنها «مرتبطة بعناصر إرهابية في إيران»، و«تخطط لشن هجمات» داخل البحرين.

ومؤخرا شبه وزير الخارجية البحريني، الشيخ «خالد بن أحمد آل خليفة»، الدعم الإيراني للتخريب في الدول العربية بتهديد تنظيم الدولة الإسلامية للمنطقة، متهما إيران بتهريب أسلحة إلى البحرين.

صمت أمريكي

الملفت أن في ظل التحول في السياسة الأمريكية لدعم إيران عقب توقيع الاتفاقية النووية، فقد كشفت وثائق عن انتقاد الولايات المتحدة للتدخل السعودي في البحرين عام 2011 ووصفه بـ «الغزو»، برغم اعتراف نفس الوثائق أن هناك «عملاء سريون» لوزارة الاستخبارات الإيرانية يؤججون النار في البحرين.

حيث كشفت وثيقة نشرت على موقع التسريبات «ويكيلكس»، ضمن مراسلات جديدة بين وزيرة الخارجية الأمريكية السّابقة، والمرشحة لانتخابات الرئاسة الأمريكية 2016، «هيلاري كلينتون»، ومستشارها «سيدني بلومنتال»، عن رفض الولايات المتحدة التدخل السعودي في البحرين عام 2011 ووصفه بأنه «غزو».

وكان أبرز ما كشفته الوثيقة التي نشرت ضمن أكثر من 30 ألف رسالة في البريد الإلكتروني الخاص لـ«هيلاري كلينتون»، إن كبار مسؤولي الأمن في كل السعودية والبحرين: «يعتقدون بأن العملاء السّريين لوزارة الاستخبارات والأمن الإيرانية يعملون في التجمعات الشيعية لنشر الاضطرابات»، وأنهم يعتقدون أن «التقارير الإعلامية التي تحدثت عن إطلاق القوات البحرينية النار على المستشفيات لمنع الأشخاص المُصابين من تلقي العلاجهي من نتاج العملاء المتخفين لوزارة الاستخبارات والأمن الإيرانية».

دور إيران في الأزمة البحرينية

وتكشف الوثيقة دور إيران في الأزمة البحرينية وسعيها للتدخل بزعم حماية الشيعة، حيث نقلت عن مصدر ذي علاقة بمسؤولين كبار في حكومة الملك الراحل «عبد الله» أن «مسؤولي الاستخبارات السّعوديين يعتقدون أن إيران، من خلال وزارة الاستخبارات والأمن، تعتزم استغلال الأزمة في البحرين لتحسين موقعها في الخليج».

وأضاف أن «الاستخبارات السّعودية تعتقد أنه في حال نجحت طهران في تحويل القضية من نزاع سياسي إلى صراع ديني سني شيعي، فإن ذلك سيشكل خطوة هامة في جهود القيادة الإيرانية ضد الأسرة الحاكمة في السعودية، والتي تعتقد إيران أنها غير جديرة بحفظ الأماكن المقدسة في الإسلام».

ويضيف: «لدى الحكومة الإيرانية استراتيجية طويلة الأمد لنصب نفسها على أنها المدافع عن الطائفة الشيعية ضد قمع القوات السعودية، وأن الإيرانيين استخدموا مثل هذه الاستراتيجية في العراق، حيث نصبوا أنفسهم وحلفاءهم كحماة للسكان الشيعة ضد السعوديين وداعمي الولايات المتحدة الأمريكية».

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

البحرين إيران السعودية عيسى قاسم قاسم سليماني العلاقات البحرينية الإيرانية صدام حسين أمريكا

«ظريف» يحذر من وقوع كارثة في البحرين

حل جمعية الوفاق يهدد بتصعيد الصراع السعودي الإيراني في البحرين

واشنطن «قلقة» من حل «الوفاق» البحرينية .. وإيران: الخطوة تفتح الباب للعنف

الخارجية الإيرانية: مزاعم البحرين باتهام معتقلين بالارتباط بطهران مكررة وكاذبة

صحيفة بحرينية: «عيسى قاسم» استغل الحملات الدينية في تهريب أموال للعراق وإيران

إيران و«حزب الله» يهددان البحرين إثر إسقطاها الجنسية عن «عيسى قاسم»

ربع قرن على احتلال الكويت