تقرير: انقلاب تركيا الفاشل أطاح بـ«لوبي الجيش» المعارض لتسليح الثورة السورية

السبت 6 أغسطس 2016 10:08 ص

أوضح تقرير صحفي أن حملة الإقالات والتغييرات الضخمة التي قام بها الرئيس التركي «رجب طيب أردوغان» في قوات الجيش والأمن التركي عقب محاولة الانقلاب الفاشلة في البلاد منتصف الشهر الماضي أدت إلى الإطاحة بما يمكن تسميته «لوبي الجيش» الذي كان يعارض ويعيق بشكل كبير محاولات المخابرات التركية تسليح الثورة السورية بشكل أوسع وإدخال أنواع مختلفة من الأسلحة منذ بداية الثورة.

وبين التقرير أن قوات الجندرما (الدرك) التي تصدرت وحدات الجيش التي نفذت محاولة الانقلاب تعتبر من أبرز مكونات هذا اللوبي، كونها تتولى الانتشار والسيطرة على جزء كبير من الحدود التركية السورية الممتدة على طول 900 كيلو متر ولديها سلطة على جميع المعابر الحدودية، كما يساند «لوبي الجيش» عدد آخر من كبار جنرالات الجيش.

وقال التقرير إنه في بداية عام 2014 أوقفت وحدات من الجندرما قافلة شاحنات قالت الحكومة إنها تحتوي على مساعدات وأظهرت الصور أنها كانت تحمل أسلحة وصواريخ ومعدات عسكرية عملت المخابرات التركية المقربة من الرئيس على إيصالها إلى مجموعات من المعارضة السورية، وتم استخدام هذه القضية في اتهام أردوغان بدعم تنظيمات جهادية وادعاءات أخرى تسببت في الكثير من الحرج لتركيا وصعبت عليها عمليات إدخال الأسلحة إلى سوريا.

وأضاف أنته طوال السنوات الماضية لم ينجح «أردوغان في محاسبة المسؤولين عن هذه الحادثة سوى القيام ببعض المحاكمات للعناصر المنفذة بجانب العقيد الركن «أوزكان جوكاي»، قائد الجهاز آنذاك في مدينة أضنة جنوبي البلاد، وصحفيين نشروا صورا ومقاطع فيديو تظهر احتواء الشاحنات على أسلحة، وبقي «لوبي الجيش» الذي تشرف عليه قيادات من الصف الأول على رأس عمله، إلى أن جاءت محاولة الانقلاب وتمكن من خلالها «أردوغان» من الإطاحة بجميع هذه الرؤوس دفعة واحدة.

وذكر التقرير أن حملة الاعتقالات والإقالات شملت كبار قادة وحدات الجندرما، حيث تمت إقالة القائد العام للجهاز «غالب مندي»، من منصبه، فيما ألحقت المراسيم المتعلقة بحالة الطوارئ الجهاز بجانب وحدات خفر السواحل بوزارة الداخلية بحيث تصبح تحت إمرة الوزير بشكل مباشر بعد أن كانت إحدى أكثر وحدات الجيش نفوذا وسرية، بالإضافة إلى التغييرات الجذرية التي تم إدخالها على مجلس الشورى العسكري الأعلى أبرز هيئة عسكرية بالبلاد.

وأفاد التقرير بأن الجهاز اتهم طوال السنوات الماضية بارتكاب عمليات قتل لعدد كبير من المدنيين السوريين الذين كانوا يحاولون العبور عبر جانبي الحدود بشكل غير شرعي، والتضييق والتعامل بعنف مع اللاجئين على المعابر الحدودية، وتنفيذ اعتقالات بحق اللاجئين داخل الأراضي التركية.

وأشار إلى أنه وعلى الرغم من أن التحولات الأخيرة في تركيا ستصب في رأي البعض لصالح الثورة السورية، إلا أن قضية تسليح المعارضة السورية لم تكن تقتصر على الصعوبات الداخلية في تركيا فقط، وإنما تتعلق بشكل أكبر بالفيتو الأمريكي على تقديم الأسلحة النوعية، وهو القرار الساري منذ بدء الثورة ولم تستطع تركيا أو الجهات الداعمة الأخرى كقطر والسعودية الخروج عنه حتى الآن.

ولفت إلى أنه وبالتزامن مع المعركة التي تخوضها فصائل المعارضة ضد النظام في حلب قرب الحدود مع تركيا، ربما تلجأ أنقرة إلى استغلال التقدم الذي تحققه هذه الفصائل من أجل تقديم مزيد من الدعم لها على أمل إحداث تغيير حقيقي في معادلة الصراع التي تراجعت فيها خطوط حلفاء تركيا لصالح النظام وروسيا منذ حادثة إسقاط المقاتلة الروسية وتدهور العلاقات مع موسكو، بينما يستبشر البعض بتصريحات أدلى بها «أردوغان» عقب محاولة الانقلاب ووصفت بـ«الغامضة»، قال فيها: «كما أفشلنا الانقلاب في تركيا، سنفشل الألاعيب التي يتم العمل عليها في سوريا والعراق».

وكشف التقرير أن مصادر خاصة من المعارضة السورية المسلحة نفت لصحيفة «القدس العربي» أن تكون هناك أي تحولات تذكر حتى الآن في سياسة تركيا تجاه المعارضة السورية، مشددة على أنه لا توجد أي علاقة بين التطورات الأخيرة في تركيا والهجوم الواسع الذي تشنه فصائل المعارضة على قوات النظام في حلب.

وقال المصدر الذي رفض الكشف عن اسمه: «معركة حلب الأخيرة أخذت زخمها وقوتها من توحد الفصائل والتخطيط العالي وليس من أي تحولات خارجية، حتى الآن لا يوجد أي تغيير في سياسة التسليح الضعيفة جدا، وليست هناك أي أسلحة نوعية جديدة وصلت إلينا في الآونة الأخيرة».

وقبل أيام، التقى وزير الخارجية التركي «مولود جاويش أوغلو»، منسق الهيئة العليا للمفاوضات المنبثقة عن المعارضة السورية، «رياض حجاب»، ورئيس ا«لائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية»، «أنس العبده»، في العاصمة أنقرة.

وأكد «جاويش أوغلو» مواصلة تركيا تقديم الدعم للشعب السوري، داعيا إلى الوقف الفوري لهجمات النظام على مدينة حلب، بعد أن ناقش التطورات الأخيرة التي تشهدها الساحة السورية، ولا سيما مدينة حلب، والجهود المبذولة لإيجاد حل سياسي للأزمة السورية، بحسب بيان أصدرته الخارجية التركية.

هذا،  ويستبعد مراقبون أن يلجأ «أردوغان» الذي يزور روسيا، الثلاثاء المقبل، إلى القيام بأي خطوات من شأنها أن تغضب «بوتين» الذي كلف بلاده الخلاف روسيا خسائر سياسية وعسكرية واقتصادية كبيرة، لا سيما في ظل تراجع جديد في مستوى الثقة بين أنقرة وواشنطن التي تحوم حولها شبهات بدعم محاولة الانقلاب وترفض تسليم «فتح الله كولن» المتهم بتدبير المحاولة للقضاء التركي، الأمر الذي يحد من خيارات أنقرة بالمناورة العسكرية في سوريا.

وفي لقاء تلفزيوني له، أول أمس الجمعة، قال وزير الخارجية التركي إن تطبيع العلاقات مع روسيا «ليس مهما على صعيد العلاقات الثنائية فحسب، بل هو مهم بالنسبة للمنطقة أيضا»، مضيفا: «التقارب سيكون مفيدا في كثير من الجوانب، سيما في ظل محاصرة النظام السوري مدينة حلب، واستمرار وجود احتمال نشوء موجة هجرة جديدة نحو تركيا، من داخل الأراضي السورية».

واختتم التقرير بأنه يبدو من التصريحات الرسمية التركية والمعطيات السياسية والعسكرية الأخيرة أن أنقرة ستحاول استغلال تقاربها الجديد مع روسيا في محاولة التوصل إلى حل سياسي يلبي الحد المعقول من مصالحها في سوريا، بعيدا مع محاولات المناورة العسكرية التي أرهقتها طوال خمس سنوات ولم تعد عليها بنتائج حقيقية على الأرض في ظل الثقل الروسي الداعم لـ«الأسد» والتجاهل الأمريكي لمطالب تركيا، يضاف إلى ذلك حاجة «أردوغان» إلى مزيد من الاستقرار في العلاقات الخارجية خلال الفترة المقبلة للتفرغ لترتيب بيته الداخلي عقب محاولة الانقلاب.

  كلمات مفتاحية

سوريا تركيا روسيا الولايات المتحدة الانقلاب الجيش الثورة السورية

«أردوغان»: الإرهاب والانقلاب لا يختلفان والمحاولة الفاشلة كانت تشبه الزلزال

«أردوغان»: الوضع في حلب محزن لكن المعارضة أعادت التوازن

المعارضة السورية تعلن فك الحصار عن حلب بعد السيطرة على حي الراموسة بالكامل

«أوباما»: لست واثقا من رغبة «بوتين» في التعاون بشأن سوريا

مركز الدراسات الاستراتيجية: لماذا تعد روسيا أبرز المستفيدين من فشل انقلاب تركيا؟

ما يمكن أن تتعلمه تركيا من روسيا حول منع الانقلابات العسكرية

تركيا: أصداء تجمع «الديمقراطية والشهداء» التاريخي في الإعلام الأمريكي

«سلمان العودة»: تركيا نموذج ديمقراطي لا مثيل له في المنطقة

تركيا تطالب اليونان تسليمها 8 عسكريين طلبوا اللجوء إليها

محكمة تركية تأمر بسجن 3 سفراء مقالين على خلفية محاولة الانقلاب الفاشلة