محامون سعوديون: ليس على المرأة البالغة ولاية إلا في الزواج

الاثنين 8 أغسطس 2016 02:08 ص

أكد محامون سعوديون أن المرأة البالغة العاقلة ليس عليها ولاية شرعا سوى في مسألة عقد النكاح.

ونفى المحامي «سعد الزهراني» في تغريداته أن تكون الولاية التي فرضتها السلطة على المرأة مستندها الشرعي محل إجماع، لافتا إلى أنه رأي متشدد حرم التعليم ثم جعله إلزاميا، مشيرا إلى أن الرأس يشيب إثر القضايا التي تتعلق بتعسف الولي، نتيجة الولاية المطلقة التي يتم في كثير منها حبس المرأة خلف الأبواب.

وشدد على معالجة مشكلات العضل والعنف والتسلط والتحكم والحرمان من الميراث التي تقع على المرأة، مضيفا: «إسقاط الولاية كما هي المطالب أو معالجتها لن تخرج المرأة عن الدين، أو تجعلها منحرفة»، لافتا إلى أنه «لو صدر قانون يسقط الولاية، فلن يلحق بالمرأة أذى، بل يخدم المعنفة التي حرمت حقوقها ولن يكون ملزما للجميع».

وأكد «الزهراني» أنه كذلك لن يضر الرجل السوي الذي تربطه بالمرأة علاقة حسنة سواء أب أم أخ أم ابن، منوها إلى أن الشرفاء لن يتخلوا عن مناصرة الحق، والمرأة أولى بالمناصرة أمام الذكور.

قوامة الرجل تكليف لا استعباد

من جهته، أكد إمام الحرم المكي الشيخ «سعود الشريم» أن ولاية الرجل على المرأة حماية لها، لكنها لا تعني كبتها، أو استعبادها أو منع حقها،  عملا بقول الله تعالى (ولهن مثل الذي عليهن) وهو القائل (وللرجال عليهن درجة)، معتبرا طلب إلغاء ولاية الرجل على المرأة مضادا للشرع، وقال إن الله الذي لم يبعث امرأة قط القائل (وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا) هو القائل (الرجال قوامون على النساء).

وفي ذات السياق،  أشار الداعية في وزارة «الشؤون الإسلامية» الشيخ «عبدالعزيز الطريفي» إلى أن شرع الله قوامة الرجل على المرأة تكليفا لا استعبادا (الرجال قوامون على النساء)، فالابن يكون وليا على أمه، وإذا رآها قيل يديها، وجنته تحت قدميها.

الولاية بمفهوم المسؤولية المحمدية

من جهة أخرى، طالب استشاري طب نفسي بإسقاط الولاية الظالمة والعودة إلى الولاية بمفهوم المسؤولية المحمدية، التي يحمي فيها الرجل المرأة ولا يحيا مهينا أو مستغلا لها.

وعن القوانين التي لم تفعل، طالبت الباحثة والكاتبة «همسة السنوسي» الجهات المختصة بمراقبة تطبيق ما أقرته الحكومة من أنظمة لصالح المرأة، ووضع آلية لذلك، وقوانين تعاقب المخالفين، سواء أكانوا موظفين أم إدارات في مختلف المرافق والمنشآت العامة، أم أولياء الأمور، مشددة على مراجعة إلغاء شروط موافقة ولي الأمر المقرر رسميا فيما يتعلق باستخراج جواز السفر والابتعاث، وخروج الفتيات من دور الإيواء والحماية وإطلاق سراح المنتهية محكومياتهن وخروجهن للحياة خارج السجن.

بدورها، أوضحت المحامية «إيمان المعطش» أن الولاية سلطة تثبت لشخص في إدارة شأن من الشؤون، وتمكن من رعاية المولى عليه من نفس ومال، وهي تثبت بشكل مطلق على القاصر سنا (الصغير) حتى يكبر، والقاصر عقلا حتى يبرأ، وتثبت على المرأة شرعا فقط في مسألة عقد النكاح، لقول النبي صلى الله عليه وسلم «لا نكاح إلا بولي وشاهدين عدلين»، وفيما سوى ذلك، ليس على المرأة البالغة العاقلة ولاية شرعا، مشيرة إلى أن ما يدور الحديث أخيرا حوله تعلق بقيود نظامية، تفرضها بعض الجهات على بعض المسائل لمصالح ترتئيها، والمتأمل للواقع يجد أن لهذه القيود استثناءات عدة.

ووفقا لصحيفة لـ«الحياة»، أفادت «المعطش» بأن للمرأة ذمة مالية مستقلة، فليس لوليها أو غيره سلطة على مالها، ولها كذلك أن تكون ولية على شؤون أطفالها القصر بعد وفاة والدهم -عدا الزواج-، وحتى في حال حياته متى ما توافر أحد الأسباب المسقطة للولاية، وقد تكون المرأة كذلك ولية على زوجها القاصر عقلا، وتتولى رعاية شؤونه.

وأضافت «المعطش»: «وزارة العدل تقف في صف المرأة، وتدعمها في مسائل الأحوال الشخصية عموما والولاية بشكل خاص، إذ يحق للمرأة التي يمنعها وليها من الزواج تعسفا التقدم للمحكمة لنزع الولاية منه، والأحكام الصادرة في هذا الشأن خلال السنتين الأخيرتين شاهدة على رعاية مصالح المرأة في هذه المسألة».

وتابعت: «يحق للمرأة الحاضنة لأطفالها القيام بجميع شؤونهم، ومراجعة جميع الإدارات الحكومية والخاصة، وطلب الإذن بالسفر من القاضي حال تعنت ولي القصر»، لافتة إلى أن استصدار صك الإعالة يقوم مقام هذا الإذن في حق المرأة».

الشريعة والنظام كفلا إسقاط الولاية عن الرجل

من جانبه، نوه المحامي «عبدالله الحقباني» بقدرات المرأة، وأنها تستطيع القيام بكثير من التصرفات التي تحتاجها لممارسة حياتها اليومية متى بلغت السن النظامية التي تخولها القيام بذلك، مشيرا إلى أن المرأة تستطيع تولي شؤونها بنفسها إذا كانت بالغة وعاقلة ومميزة، وتستطيع القيام بذلك من دون الحاجة إلى ولي يقرر ذلك عنها.

ولفت إلى أن العلة في مطالبات الكثيرات بإسقاط الولاية عن الرجل، تعود إلى الظلم والقهر الذي تتعرض إليه بعض النساء من أوليائهن، وحرمانهن من حقوقهن المكفولة لهن شرعا ونظاما.

وأكد «الحقباني» أن الشريعة والنظام كفلا حق المرأة بالمطالبة في إسقاط الولاية عن الرجل، متى ثبت تعسف الرجل في ممارسة ولايته على المرأة، أو أنه غير عادل، أو إذا كان فاسقا أو كافرا أو مجنونا أو معتوها، مشيرا إلى أنها تسقط بالغيبة الطويلة.

وأضاف: «من خلال عملنا بالمحاكم، وجدنا أن هناك عددا من القضايا المطالبة بإسقاط الولاية، وذلك برفع دعوى للمطالبة بتغيير الولي سواء أكان الأب أم الأخ أم غيرهما، وتنتقل إلى أقرب رجل إليها، وقد تنتقل إلى ابنها إذا كان لها ابن، أو تنتقل إلى القاضي، في حال إثبات المرأة عضل وليها في تزويجها الرجل الكفء، فيزوجها القاضي، إذ إن السلطان ولي من لا ولي له». وأكد أن الشرع والنظام جرما الاعتداء على المرأة، وكذلك الاتفاقات الدولية جرمت جميع أشكال العنف على المرأة، ولكن يجهل الكثير من النساء أن لهن الحق بنزع ولاية من يتعسف في ولايته ويحرمها حقوقها، ويرى أن العلة من المطالبة وجود مشكلة بنظرهن تحتاج إلى علاج، وهذا ما كفله الشرع والنظام لهن، مؤكدا أن المرأة تستطيع القيام بكثير من التصرفات من دون الرجوع إلى الولي، بواسطة تقديم الهوية الوطنية، مستثنيا بعض المطالب كالسفر للحاجة والزواج.

وقال: «للمرأة الحق في المطالبة بها إذا حرمت منها».

الولاية والقوامة

إلى ذلك، أكد الباحث الشرعي «أحمد الغامدي» أن الولاية أنواع، منها الولاية على القاصر، ومنها الولاية على النساء غير القاصرات، كالزوجة والبنت.

وقال «الغامدي»: «إن الولاية تعني في باب النساء الرعاية والإعانة والنصح والتوجيه والحفظ»، مشيرا إلى أن ذلك لا يعني التصرف المطلق فيما تملكه المرأة، سواء في نفسها أم مالها أم قراراتها وعقودها أم اختيار الزوج الذي تنكحه، وأن حق الاختيار لها وحدها، مشيرا إلى أن الولاية تنحصر في عقد الزواج، إذ لا نكــاح إلا بــولي.

وأوضح أن هناك فرقا بين الولاية والقوامة، إذ إن كثيرين يخلطون بينهما، مضيفا: «القوامة هي ما تكون بين الزوجين، بمعنى أن للرجل الفصل فيما يتعلق في الاختلاف بين الطرفين، ما لم يكن في معصية، لافتا إلى أن المرأة أضعف من الرجل، والشرع أوجب على الزوج القوامة والنفقة.

وتابع: «لا يحق للزوج كذلك التصرف في حياة زوجته أو مالها، وفي المقابل عليها أن تلتزم هي بطاعته فيما أمرها به في غير معصية، كما أن للمرأة نصيبا من الولاية هي الأخرى، وخصوصا في بيتها وعلى أولادها».

تقويض أحلام الحكومة السعودية

في غضون ذلك، قالت «منظمة هيومن رايتس ووتش» إن المرأة السعودية تواجه صعوبات منتظمة عند إجراء معاملات مختلفة من دون أحد أقاربها الذكور، مثل استئجار شقة أو رفع دعاوى قضائية.

وذكرت المنظمة أن ناشطين في مجال حقوق المرأة دعوا الحكومة السعودية بشكل متكرر إلى إلغاء نظام ولاية الرجل.

وكانت الحكومة قد وافقت على ذلك في 2009 و2013، بعد المراجعة الدورية الشاملة للسعودية في «مجلس حقوق الإنسان» التابع لـ«الأمم المتحدة».

وأوضحت المنظمة أن بعد هاتين الجلستين، اتخذت السعودية خطوات محدودة لإصلاح بعض جوانب نظام ولاية الرجل، ولكن التغييرات التي أحدثتها تبقى ناقصة وغير فعالة، وهي لا تكفي، حيث مازال نظام ولاية الرجل إلى اليوم دون تغيير تقريبا.

ونشرت المنظمة تقريرا قبل أيام، قالت فيه إن المرأة السعودية لا تزال محاصرة، حيث لا يعيق نظام وصاية الرجل قدرة نصف سكان السعودية على الإسهام في بلدهم وحسب، ولكن يقوض أحلام الحكومة السعودية تجاه مستقبل البلاد.

وأشار التقرير إلى أن «رؤية 2030» التي تسعى إلى تمكين المرأة من المساهمة في الاقتصاد تشجع الحكومة النساء على العمل، لكنها لا تعاقب أصحاب العمل الذين لا يوظفون المرأة دون إذن ولي الأمر.

وأضاف أن الدولة تدفع تكاليف الدراسة للنساء في الخارج بمنح دراسية حكومية، ولكنها تطلب رسميا إذن ولي الأمر قبل أن يتمكن من السفر، ومرافقة أحد الأقارب الذكور لهن في الخارج.

يشار إلى أن السعودية منحت المرأة حق التصويت والترشح للمناصب في الانتخابات المحلية، وفي عام 2013 تم تعيين 30 امرأة في مجلس الشورى، لكن لا يسمح للنساء بقيادة السيارة، ويواجهن صعوبات في كثير من المعاملات مثل استئجار عقار دون وجود أقارب من الرجال.

وفي خطة إصلاحية لولي ولي العهد السعودي الأمير «محمد بن سلمان»، يسعى الأمير الشاب إلى زيادة مشاركة المرأة في القوى العاملة لتصل إلى 30% بدلا من 22%.

  كلمات مفتاحية

السعودية المرأة إسقاط ولاية الرجل رؤية 2030

تقرير حقوقي: السعوديات سمعن من الرجال (لا) بما يكفي

خطوات بطيئة لكنها ثابتة.. المرأة السعودية على طريق العمل

«صوت المرأة شرط لعقد النكاح» بالسعودية.. ومغردون يؤيدون

السعودية تنتقد تقريرا لـ«رايتس ووتش» حول القيود المفروضة على المرأة في المملكة

«رايتس ووتش»: المرأة أسيرة نظام ولاية الرجل في السعودية

«آل الشيخ»: الدعوة لإسقاط ولاية الرجل عن المرأة جريمة تستهدف المجتمع