تحالف دولي - خليجي ينتهك حرية التعبير وراء ستار مواجهة "الإرهاب الالكتروني"

الخميس 23 أكتوبر 2014 07:10 ص

أعادت كلمة «سلطان سيف السماحي»، عضو "المجلس الوطني الاتحادي" في الإمارات، في اجتماع "لجنة الأمن والسلم الدوليين" في جنيف، عما أسماه الإرهاب الإلكتروني، أعادت إلى الأذهان ذكرى بدايات ثورات الربيع العربي في تونس ومصر ثم اليمن وليبيا، والدور الذي لعبته مواقع التواصل الاجتماعي في اهتزاز الممالك الهشة وتخويف الأنظمة الاستبدادية في الخليج ومسارعة السعودية لسن قانون لتقييد الحريات سبقتها الإمارات في إقراره بمرسوم من الشيخ «خليفة بن زايد» رئيس الدولة عما أسماه قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية في ديسمبر/كانون الأول 2012.

قبضة محكمة

وناقض «سلطان السماحي» – العضو في المجلس الوطني بعد أخته ومن قبلهما أبيه – نفسه في كلمته عندما نوه إلى «عدم وجود مفهوم محدد ودقيق للإرهاب الإلكتروني»، متناسيا إنه لا يوجد تعريف دولي للإرهاب بصفة عامة.

وطالب اللجنة بـ«تحديد مفهوم الهجمات الإلكترونية» وفي نفس الوقت قال إن «الإرهاب الإلكتروني ازداد مع تطور التكنولوجيا التي يعيشها العالم اليوم»، متجاهلا تحديد القيادة السياسية والأمنية في الإمارات العربية المتحدة لمفهوم الإرهاب والهجمات الالكترونية، قبل وبعد قانون 2012، عندما شنت حملة اعتقالات طالت نشطاء من الإسلاميين والإصلاحيين من المواطنين الإماراتيين على مواقع التواصل الاجتماعي اتهمتهم بارتكاب جرائم الكترونية والعيب في “الذوات”، نذكر منهم الناشط «وليد الشحي» والناشط «أحمد منصور» و«أسامة النجار» - 23 سنة - و«محمد الزمر» – 19 سنة - وغيرهم.

ومن خلال تصريحات البرلماني الإماراتي، بدا أن مهاجمة الفضاء الالكتروني دوليا للقيادات القمعية في الإمارات أثار قلقا ما لديهم بعدما تنوعت وسائل التعرية وفضح الانتهاكات؛ يقول السماحي: إن هناك الكثير من التحديات التي تواجه مكافحة الإرهاب الإلكتروني، مثل غياب التشريعات الدولية في هذا الشأن ووصفها بالكارثة، كما أن «أكثر من 80 في المئة من الفضاء الإلكتروني تابع لشركات القطاع الخاص ومؤسساته، وذلك يعيق جهود الحكومات في مجال تنظيم النشاطات الإلكترونية ذات الطابع الدولي».

ويشهد الجميع ومنهم السماحي – الذي عمل مهندسا بشركة اتصالات لمدة 11 عاما – على القبضة الأمنية المحكمة التي تنفذها الإمارات بحق الشبكة العنكبوتية التي لا تسيطر عليها من خلال الهيئة القومية للاتصالات وحصة أبوظبي فيها من خلال شركة اتصالات، وحصة دبي فيها – الأقل طبعا - من خلال شركة (دو)، والتي تستخدم شبكات اتصالات في خدمات الاتصال والانترنت، فالمحتوى كاملا وليس 80% منه كما زعم تحت القبضة الأمنية.

وتمتد تلك السيطرة – الأمنية بالطبع - حتى على ما تقيمه الإمارات من فعاليات ثقافية وإعلامية كمنتدى وجائزة الإعلام العربي في دبي ثم منتدى الإعلام الإماراتي وملتقى الشارقة للاتصال الحكومي يحمل في داخله خطوط حمر للقيادة والسياسة والقبيلة، بما في ذلك أي محاضرات أو ندوات أو اجتماعات يؤخذ بها وبمتحدثيها «موافقات أمنية» يطول أو يقصر مداها.

من جانب آخر، يبدي الجانب الدولي استعداده للضغط على شركات القطاع الخاص التي تمثل 80% من قطاع الفضاء الالكتروني، لمراقبة جميع محتويات الانترنت، التي باتت لا تقتصر على القاعدة وداعش فحسب بل تمتد إلى مراقبة الأفكار.

وأثار استقبال وسائل الإعلام الخليجية والإمارات خاصة الصحف الثلاث الرئيسية في الدولة بحفاوة اصدار بيان من لجنة الأمن والسلم الدوليين يتضمن الاشارة إلى الارهاب الالكتروني، دهشة المراقبين من تحديد التباع والمتبوع، حيث قالت جريدة «الخليج» – الأوسع انتشارا في الإمارات - في صدر صفحتها الأولى «الإمارات تنجح في حث البرلمان الدولي على إصدار بيان يدين الإرهاب».

في حين نشرت وكالة أنباء البحرين (بنا) في 9 أكتوبر/تشرين الأول الجاري أن الاتحاد الاوروبي يبحث مع غوغل وتويتر وفيسبوك ومايكروسوفت سبل مواجهة الارهاب الالكتروني، منوهة إلى اجتماعا عقده وزراء الداخلية الأوروبيون ومفوضة الأمن الداخلي في الاتحاد الأوروبي «سيسيليا مالمستروم»، في لكسمبورغ مع مسؤولين كبار يمثلون مشغلي الإنترنت من شركات غوغل وتويتر وفيسبوك ومايكروسوفت لبحث سبل بلورة استراتيجية مشتركة للتصدي للأنشطة التي يقوم بها “المتشددون” على صفحات الإنترنت.

وقالت إن دول أوروبا تعمل على اتفاق محدد مع مشغلي الإنترنت يسمح بحذف وإزالة محتويات أية مواد تنشر على الإنترنت تدعو إلى التشدد أو تتضمن صورًا غير مقبولة ومواد خطيرة.

وقال مصدر أوروبي إن الولايات المتحدة الأمريكية تضغط بدورها على شركات الإنترنت حاليًا لنفس الغرض.

ووفق مصدر في المفوضية الأوروبية فإن الخيار الأوروبي المتاح حاليًا هو انتهاج سياسية الإقناع وليس إجبار شركات الإنترنت في مرحلة أولى وتجنب فرض قانون أوروبي ملزم في هذه المرحلة.

اختراق الخصوصية

ولإحداث مزيدا من الضغوط على الشركات المشار إليها، تداول نشطاء خبر ساقته صحيفة (شبكة إرم الإخبارية) الالكترونية قبل ساعات تحت عنوان «بريطانيا تسعى لمحاصرة داعش على الإنترنت» في حين أن متن الخبر أشار إلى انعقاد قمة رفيعة المستوى خلال الأيام القليلة المقبلة وستجمع مسؤولين كبار في الحكومة البريطانية مع ممثلين عن كبرى شركات الإنترنت وتكنولوجيا المعلومات في العالم، وهي: "تويتر"، و"فيسبوك"، و"جوجل"، و"مايكروسوفت"، حيث ستتلقى هذه الشركات طلباً من بريطانيا على غرار طلبات الاتحاد الاوروبي من أجل تقديم معلومات أكثر عن الأشخاص الذين يقومون بنشر فيديوهات الإرهاب والترويج للأفكار المتطرفة.

وجاء في الخبر أن الشركات الكبرى المشار إليها، وجميعها أميركية، مترددة في تسليم قوائم بأسماء وبيانات من تعتبرهم دولهم متطرفين من المشتركين بخدماتها الى الشرطة البريطانية خوفاً من أن تطالها المسؤولية القانونية بسبب تسريب هذه المعلومات التي يُفترض أن تظل سرية.

وأورد الخبر معلومة غاية في الأهمية، وهي أن «شركات الإنترنت تقوم بحذف المواد المخالفة للقانون أو التي تتضمن دعوات للعنف، وحذف ما يتضمن ترويجاً للإرهاب أو العنف أو انتهاكاً للقوانين دون أن ترسل بأية بيانات إلى الشرطة».

ويقترح ديفيد كاميرون رئيس الوزراء ما يسميه خبراء الانترنت «اختراق الخصوصية» – اقتراح سبقته أجهزة الأمن الاقليمية والعالمية في تحقيقه واقعيا بل ومنذ سنوات - بتسليم كافة البيانات المتعلقة بالأشخاص والنشطاء الذين يقومون بالترويج للإرهاب عبر الإنترنت، من خلال تحميل فيديوهات أو نشر تغريدات على تويتر أو “بوستات” على فيسبوك، بما في ذلك أسماؤهم الحقيقية، وأسماء الدخول التي يستخدمونها، وعناوين بريدهم الالكتروني، والــ(IP Address) الخاص بكل واحد منهم، إضافة الى أية بيانات أخرى يمكن أن تفيد الشرطة في تتبعهم.

أما المقترح الثاني – وهو المهم - فهو أن لا تكتفي بحذف المواد وتسجيلات الفيديو المشار إليها، وإنما تمتد إلى حذف كل ما يمكن أن يمثل خدمة لأصحاب الآراء والأفكار المتطرفة، أو ما يمكن استخدامه من أجل إغراء الشباب للانضمام الى المنظمات الإرهابية، في ظل غياب مفهوم الارهاب والهجمات الالكترونية على حد قول «سلطان السماحي».

صحيفة الحياة اللندنية في 21 أبريل/نيسان 2014 نشرت تصريحا لمنسق مركز الاتصالات الاستراتيجية لمكافحة الإرهاب في وزارة الخارجية الأميركية «ألبيرتو فيرنانديز»  قال فيه إن «الحكومة الامريكية “تصطاد” الجهاديين على وسائل التواصل الاجتماعي».

يقول موقع «سي أن أن» الإلكتروني في تحقيق نشره، أن «الحكومة الأميركية تستخدم هذه الجملة منذ فترة طويلة للإمتناع عن التعليق عندما يتعلق الأمر بالمتطرفين الإسلاميين»، ويمكن أخذ هذا التصريح، كتصريح فقط ليس أكثر، على غرار تصريح «فيرنانديز» نفسه بأن «نظام الأسد على علاقة وطيدة بشبكات الإرهاب».

وبحسب تصريحات لمنسق مكافحة الإرهاب فإن استغلال حالتي الغضب والكوميديا لدى نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي له جاذبيته، لذلك قررت الحكومة «التحاور» وإرسال رسائل بعينها و«عدم تسليم الأرض للخصوم» وشرح «فرنانديز» في حلقة من برنامج ساعة حرة على قناة «الحرة» في 16 أكتوبر الجاري، الاستراتيجية الأمريكية لمكافحة الإرهاب الإلكتروني.

موقع (الآن) نشر خبرا تحت عنوان «أمريكا تشيد بالخليج في مكافحة الإرهاب»، حيث لم تتأخر كل من السعودية والبحرين عن الإمارات كثيرا، ونشرت الصحف السعودية في سبتمبر/أيلول 2013 إبان عقد القمة الخليجية في المنامة «السعودية تقر القانون الموحد لمكافحة جرائم تقنية المعلومات لدول مجلس التعاون»، وكجزء تفسيري قيل إنه قانون يجرم إنشاء مواقع تسهل الاتصال بجماعات إرهابية.

كما أقر مجلس الوزراء البحريني القانون نفسه وقال إن «القانون الجديد في البحرين يجرم إساءة استخدام الإنترنت، ورأى وزير الدولة لشؤون الاتصالات في البحرين يرى أن القوانين القديمة غير مواكبة للتطور التكنولوجي المتسارع».

وقبل أيام طالبت وزيرة بحرينية «بمزيد من القيود على الإنترنت» ورفعت وزيرة الإعلام البحرينية «سميرة رجب» مطالبتها؛ للدول الخليجية بتنظيم مواقع التواصل الاجتماعي التي تُستخدم في «تسييس القضايا الحقوقية»، وصياغة إستراتيجية للحد من الضغط السياسي على الدول الأعضاء.

وقالت الوزيرة إنه «من المهم الاستفادة من الجهود الدولية التي تسعى لتنظيم وسائل الإعلام الإلكترونية من أجل الحد من الضغوط التي تمارس على دول المنطقة تحت ذريعة حرية الرأي والتعبير، والتي يساء استخدامها للابتزاز ولفرض وجهات نظر معينة».

ووافق أمير قطر، الشيخ «تميم بن حمد آل الثاني»، على تشريع جديد في نفس الفترة، يقضي بتجريم استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لإنشاء محتوى «ضار بالقيم الاجتماعية أو النظام العام».

 ويذكر أن جميع دول مجلس التعاون الخليجي قامت باتخاذ إجراءات ضد معارضين استخدموا وسائل التواصل الاجتماعي للتعبير عن آرائهم، وفرضت قيودا صارمة على استخدام شبكات الإعلام الاجتماعي على مقاسهم، وسنت قوانينا جديدة للجرائم الإلكترونية، وفرضت عقوبات قاسية على جرائم النشر بما فيها النشر على الإنترنت أو حسابات "فيسبوك" و"تويتر".

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

وسائل التواصل الاجتماعي انتهاكات حريات

«كبار العلماء»: يجب الحزم والقوة في مواجهة محرضي مواقع التواصل الاجتماعي

الإمارات تحظر خدمة فايبر فى البلاد

الكويت تشدد مراقبة «تويتر» بعد تهديد «البغدادي» باحتلالها

دراسة: البحرين والإمارات تستخدمان برمجيات خبيثة لمراقبة الصحفيين والنشطاء

السعودية تتهم مغردين إيرانيين بمحاولة زعزعة أمنها عبر «تويتر»

«هيئة الاتصالات السعودية» تطلب حجب 58 حسابا مزورا على مواقع التواصل الاجتماعى

اعتقال مغرد بحريني .. مراقبة وسائل التواصل الاجتماعي إلى أين ؟

السعودية تواجه داعش بمراقبة مواقع التواصل الاجتماعي!

"خلية" عمل برئاسة الإمارات لمواجهة "فتن" مواقع التواصل الاجتماعي

السعودية بين مواجهة الطائفية وحرية التعبير