استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

اليمن: انقلاب مربع وخريطة بلا طريق

الأربعاء 17 أغسطس 2016 08:08 ص

مكثت مشاورات الكويت فترة طويلة منحت تحالف صالح/الحوثي مشروعية المناورة المباشرة مع الأمم المتحدة وسفراء الدول الراعية مثلما منحته القدرة على التوسع في ميادين المعركة وترتيب أوراقه الداخلية وصياغة تحالفات منضبطة وفق ضرورات المواجهة، مثّل «المجلس السياسي» صيغتها الرسمية، والذي ربما سيكون بمثابة «مجلس رئاسي وحكومة أزمات» في آن واحد وله القرارالأول والأخير في إعلان الحرب والسلم والتفويض بشأن مشاورات السلام. وبذلك يسعى الرئيس السابق علي صالح أن يصبح هو الفاعل الحقيقي في إبرام الصفقات الخارجية خاصة وقد أصبح مهجوسا بالحوار المباشر مع المملكة السعودية كما أشار في خطابه الأخير، وكما هو الحال في كل أحاديثه التي تركز على دعوة المملكة إلى حوار مباشر وإبرام اتفاق ثنائي لترتيب الوضع اليمني في مرحلة ما بعد الحرب، محاولاً بذلك القفز على حاجز عدم الثقة الذي تضاعف طولاً وعرضاً بشكل خطير بعد الانقلاب على الشرعية التوافقية ومخرجات ما يسمى بمؤتمر الحوار الوطني إلى آخر الحكاية.

خطوة المجلس السياسي فسره كثير من المراقبين ودول الجوار بأنه انقلاب استباقي على نتائج مشاورات الكويت وعلى المجتمع الدولي، أي أنه انقلاب عابر للحدود بقوة مضاعفة هذه المرة، فيما اعتبره الداخل اليمني، خاصة في مناطق الشمال، بأنه تحالف الأمر الواقع على الصعيد العملي، والجديد الذي سيحمله هو أنه سيغير اللجنة الثورية العليا بمجلس أعلى مشترك، ويعيد تصدير الرئيس السابق إلى دول الجوار باعتباره «صديقهم اللدود» أو «عدوهم الحميم»، كما يحلو للبعض وصفه، ووجه مألوف لأكثر من ثلاثة عقود، يفهمون طبيعته ومناوراته وتحالفاته المتقلبة في كل مرحلة، وقدراته على ابتداع مقومات البقاء في المنعطفات الخطيرة، ويأمل هو أن يتقبله الجوار العربي مرة أخيرة إن هو وعد بلجم حلفائه الحوثيين مستقبلاً.

خطة السلام التي يتم تسريب بنودها في كل مرة ويتعاطى معها السياسيون والإعلاميون والناشطون من زوايا مختلفة، هي في حقيقة الأمر إضاءات نظرية متفرقة في مشهد يهيمن عليه السواد العميم، ففي كل بند من بنود خريطة الطريق يظهر ألف سؤال، خاصة حول تفاصيل عملية تسليم الأسلحة الثقيلة، وكيف يتم تشكيل الجيش الرسمي، في حين أن هناك جيوشا متعددة تتبع صالح وأخرى تتبع الشرعية وألوية عديدة في وادي حضرموت يُعتقد بأن لها ولاءات مزدوجة، وهناك مقاومات في الشمال والجنوب لها أهداف مختلفة، إضافة إلى أسئلة حول أماكن تموضع قوات «اللجان الشعبية» إن هي انسحبت بالفعل، وماهو مصير القادة العسكريين والمقاتلين الذين شاركوا في ارتكاب جرائم القتل الجماعي والتدمير، وكيف يتم ترتيب أوضاع المؤسسات المدنية والإقتصادية والدفاع والأمن والقضاء التي تم تغييرها بشكل ممنهج، وهل تأمن الشرعية على حياتها في صنعاء ولو ليوم واحد… الخ من أسئلة محورية شاقة. وهكذا تبدو الأمور في الواقع أشد تعقيداً مما هي عليه في الاوراق المقدمة من ولد الشيخ بنقاطها وفواصلها وصياغاتها الصالحة للاستخدام في أروقة الامم المتحدة وفي صالات الاجتماعات مع سفراء الدول صانعي الطبخات السريعة حسب مفاهيم ومصالح بلدانهم لتؤدي غرضا ما ولو بشكل مؤقت.

الحالة اليمنية بحاجة إلى عملية جراحية حقيقية ودقيقة تعالج الأزمات من جذورها، فالدولة العميقة لم تغادر المشهد منذ 2011 والحوثيون أضافوا اليها طبقة سياسية عسكرية وإدارية «تحت التدريب»، يأكلها الحماس الثوري على طريقة الأيديولوجيا الإيرانية فتشكلت «خلطة» عجيبة في إطار تحالف طائفي بشقيه السياسي البراغماتي التقليدي والديني الصاعد المتشدد، وهو تحالف مرحلي كبير لمن يعرف اليمن، لكنه لا يقبل البقاء لفترات طويلة فكل التجارب السابقة تشير الى أن كل التحالفات في اليمن انتهت إلى صراعات عنيفة وتصفيات للرموز وحروب مختلفة.

حين بدأت عمليات التحالف العربي في اليمن كانت مفاجأة كبيرة وظن الكثيرون بأن هذا التحالف بمكوناته وقواته قادر على تغيير المشهد الانقلابي والعودة الى ما قبل تاريخ 21 أيلول/ سبتمبر 2014، واستمرار حصاد ما يسمى بمؤتمر الحوار والمبادرة الخليجية وغيرها من السرديات التي سادت في فترة ما بعد «ثورة فبراير» اليمنية. 

لكن مع الوقت ظهر أن المعارك لا تُحسم في ظل غياب قوات نظامية وكبيرة على الارض، بل يطول أمدها وتشتد وطأتها على المدنيين وتتضاعف مآسيها، وتقود كما هو الحال إلى مناورات سياسية تخرج عن الأهداف التي أعلنها التحالف والمتمثلة بإنهاء الإنقلاب وإعادة الشرعية والمسارات السياسية، بل أنها ربما ستعيد انتاج مزدوج لسلطات ما قبل 2011 بتحالفاتها الجديدة، وما سيصاحبها من مخاطر كبيرة على الداخل والجوار. 

اليمن لا ينفع معه السلام الهش والنظرة الأممية السطحية والدفع بالمتحاورين إلى إبرام اتفاقات عامة مسكنة لبعض الوقت سينقلب عليها من يمتلك القوة الأكبر كما شاهدنا في اوقات مماثلة، فاليمن لديه في الأساس تعقيدات كبرى يصعب تغييبها، في مقدمتها مسألة الجنوب الذي يسعى بصورة حثيثة إلى استعادة واقع ما قبل أيار/مايو 90 بشكل تدريجي والنأي بالذات عن الصراعات والحروب المتكررة. وهناك مخاوف إقليمية ودولية من انتشار الحركات المتشددة ومن احتدام الصراعات الدينية التي أضرمت نيرانها الحرب الداخلية وغذتها النزعات التوسعية الخارجية من خلال تصدير الايديولوجيات الطائفية الثورية، إضافة الى الإنهيارات الاقتصادية وانتشار السلاح وغيرها من العقبات التي تجعل من محاولات تصميم خرائط للحلول الاستراتيجية من خلال بنود عامة، دونما رسم طريق واقعية مفصلة وواضحة المعالم، عملية تصب في خانة مشروعات الحروب المجمدة أو المؤجلة.

يبقى السؤال حول بدائل السلام الحقيقي وهل سيظل الوضع الميداني متأرجح في مناطق التماس، أم أن هناك ترتيبات أخرى، كما سبق الإشارة إليها في كتابات سابقة، تتمثل بإمكانية استعادة صنعاء بجهود عسكرية تختلف عن تلك التي تقود عمليات بطيئة وطويلة في جبهات مختلفة. 

اليمن بحاجة ماسة إلى عمل عربي، فما يزال الرهان واقعياً على استعادة دول التحالف لدورها الحيوي والحاسم وتجاوز حالات الضعف في أدائها وأن تقطع الطريق أمام انزلاق اليمن نحو حروب طويلة ومعقدة، ولن يتم هذا إلا من خلال التفوق الكبيرعلى الأرض والذي قد يعجل بإيجاد طريق حقيقي لحلول مستدامة وثابتة لكافة المعضلات.

٭ أحمد عبد اللاه كاتب يمني

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

اليمن مشاورات الكويت اليمنية علي صالح السعودية مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الحوثيون

«الحوثي» يهاجم السعودية ويتحدى الجميع: اقبلوا «مجلس الحكم» أو انطحوا أصلب صخرة برؤوسكم

«ولد الشيخ»: تشكيل الحوثيين و«صالح» مجلس رئاسي يعد «انتهاكا قويا» لقرار مجلس الأمن 2216

«بن دغر»: العودة للمفاوضات مع الحوثيين ستكون عديمة الجدوى

سيناتور أمريكي ينتقد دعم بلاده للسعودية في اليمن .. وواشنطن ترد

اليمن.. ما الموقف؟

«ولد الشيخ» يزور مسقط اليوم السبت للقاء وفد «الحوثي» و«صالح» التفاوضي

من مع من في اليمن؟

مـكاشـفـة!