تواصل السلطات التركية البحث منذ 45 يوما عن «عادل أوكسوز»، الشخص الذي تصفه الجهات الأمنية بـ«الصندوق الأسود» لمنظمة «فتح الله كولن» المتهم بالوقوف خلف محاولة الانقلاب الفاشلة التي تعرضت لها البلاد منتصف يوليو/تموز الماضي.

وقد تمكنت السلطات التركية من توقيف «أكسوز» المعروف بـ«إمام القوات الجوية» لدى «الكيان الموازي»، أثناء تواجده في قاعدة أقنجي العسكرية التي اتخذها الانقلابيون مقرا رئيسيا لتنفيذ محاولتهم الفاشلة، غير أن القاضيين «كوكسان جليك» و«جتين سونماز» قررا إخلاء سبيله بداعي عدم توافر الأدلة، بينما قامت هيئة القضاء الأعلى في تركيا بإبعاد القاضيين عن عملهما مؤقتا فيما بعد.

وأصدرت السلطات التركية قرارا عقب إخلاء سبيل «أوكسوز» لاعتقاله مجددا بداعي أنه يعد من أهم الأشخاص الذين خططوا لمحاولة الانقلاب.

وخلال إفادته التي أدلى بها «أوكسوز» في النيابة العامة بأنقرة قال: «إنه توجه من ولاية سقاريا إلى العاصمة أنقرة قبل محاولة الانقلاب بيوم واحد وبات تلك الليلة في منزل بمنطقة كجي أوران، واستقل سيارة أجرة للانتقال إلى منطقة قازان التي تتواجد فيها قاعدة أقنجي العسكرية، وأنه جاء إلى المنطقة بغية شراء قطعة أرض».

واتضح فيما بعد أن إفادة «أوكسوز» التي أدلى بها كانت كاذبة لا سيما أن أجهزة الشرطة علمت بأن المنزل الذي ادعى «أوكسوز» إقامته فيه كان مهجورا ولم يقطنه أحد منذ فترة طويلة، إضافة إلى أن ادعاءاته بخصوص استئجار سيارة أجرة للانتقال إلى قازان، كذلك كانت كاذبة، لأن التحقيقات أوضحت بأن منطقة قازان لم تأتها سيارة أجرة في ذلك اليوم.

وأجرت أجهزة الشرطة في 19 يوليو/تموز الماضي، تفتيشا دقيقا في مكتبه بكلية الشريعة في جامعة سقاريا على اعتبار أنه كان أحد أعضاء الكادر التدريسي في الجامعة المذكورة، وضبطت عددا من الأوراق والوثائق وكتاب ألفه «فتح الله كولن»، وأخذت نسخة عن القرص الصلب لحاسوبه.

وتلقت أجهزة الشرطة معلومات عن توجه «أوكسوز» إلى ولاية أقسراي عقب إخلاء سبيله مباشرة، وأجرت فرق الشرطة في الأول من أغسطس/آب الماضي تفتيشا في منزل والد زوجته الكائن في منطقة أقيازي، وعثرت في مرآب المنزل على سيارة «أوكسوز».

وأوقفت السلطات التركية في 3 أغسطس/آب الماضي، شقيق «أوكسوز»، «أحمد أوكسوز» البالغ من العمر 44 عاما في ولاية قرة بوك، وفي 13 أغسطس/آب الماضي تم توقيف «جواد يلدريم» والد زوجته في ولاية سقاريا.

وتبين خلال التحقيقات أن «عادل أوكسوز» أرسل زوجته وأولاده الثلاثة إلى الولايات المتحدة الأمريكية قبل محاولة الانقلاب بشهر، ليقيموا في منزل والد زوجته «عبدالهادي يلدريم».

وفي 9 أغسطس/آب الماضي، أوقفت السلطات التركية الصحفي «أردال شن» و«علي سامي يلدريم» المعروف بإمام روسيا بتهمة تسترهما على «أوكسوز» ومساعدتهما له بالفرار.

وقامت مديرية أمن أنقرة بتشكيل فريق خاص معني بالبحث عنه، وذلك من أجل الإسراع في إلقاء القبض على «أوكسوز» المشتبه الأول في التخطيط لمحاولة الانقلاب الفاشلة.

ويضم هذا الفريق الخاص عناصر من فرق مكافحة الإرهاب، وآخرون من جهاز الاستخبارات، وفرق مكافحة الجرائم المنظمة إضافة إلى عناصر من مديرية الأمن، ويتوقع هذا الفريق أن يكون «أوكسوز» مختبأ في منزل آمن، فيما يقومون بمراجعة كافة اتصالاته قبل اختفائه أملا في العثور على إشارة تدل على مكانه.

وبالتزامن مع استمرار البحث عن «أوكسوز»، نشرت صحيفة «يو إس توداي» الأمريكية في 23 أغسطس/آب الماضي خبرا أوضحت فيه أن الأخير أسس شركة وهمية في ولاية نيو جيرسي الأمريكية قبل عامين وتبرع من خلالها بالمال لصالح الدعايات الترويجية لـ«هيلاري كلينتون».

وتعرضت العاصمة أنقرة ومدينة إسطنبول في وقت متأخر في 15 يوليو/تموز الماضي، لمحاولة انقلابية فاشلة نفذتها عناصر محدودة في الجيش، تتبع لما تسمى «منظمة الكيان الموازي» التي يديرها «فتح الله كولن»، حاولت خلالها إغلاق الجسرين اللذين يربطان شطري مدينة إسطنبول والسيطرة على مديرية الأمن فيها وبعض المؤسسات الإعلامية الرسمية والخاصة في أنقرة وإسطنبول.

في المقابل، خرجت احتجاجات شعبية عارمة في معظم المدن والولايات التركية، حيث توجه المواطنون بحشود غفيرة تجاه البرلمان ورئاسة الأركان ومديريات الأمن، مما أجبر آليات عسكرية حولها على الانسحاب، الأمر الذي ساهم في إفشال المحاولة الانقلابية.