تحليل إسرائيلي: التجربة الفاشلة بين الضم والظلم

الثلاثاء 4 نوفمبر 2014 02:11 ص

ينبغي الافتراض بأنه بعد وقت ما ستهدأ الاضطرابات في القدس. فالسلطات ستستخدم قوة أشد وستصطدم بالمشاغبين. والمطر سيبرد الخواطر وإن كان لن يصرف الرواسب. وستمر بضعة أشهر ومرة اخرى سيشتعل الجمر. بضعة يهود وعرب سيقتلون، قوات الان ستقمع وهلمجرا. هذا هو السيناريو المتفائل لمستقبل العاصمة، التي هي مختبر لفحص مفهوم الضم.

استمرت التجربة نصف قرن. والعينة تشمل نسبة كبيرة من سكان البلاد والنسبة العددية التي بين اليهود والعرب الذين يعيشون في المدينة تتطابق والواقع الديمغرافي السائد في المنطقة التي بين البحر والنهر. الاعيب التحكم التي استخدمتها القدس تشبه تلك التي برأي مؤيدي الضم انتهاجها في البلاد بأسرها: يمنح العرب حقوق المقيم بلا مواطنة تسمح له بالمشاركة في الحكم. والاستنتاج واجب. فما يجري في العاصمة التي ربطت اطرافها معا هو التوقع المرتقب لمستقبلنا في الدولة الواحدة التي يتمنى قيامها مؤيدو الضم.

 عن توحيد وتوسيع العاصمة قررت حكومة ليفي اشكول التي كاد كل وزرائها يكونوت علمانيين، ولكن عميقا في قلوبهم كانت تعتمل رؤيا مسيحانية عبرت عن نفسها ايضا بخطاب ديني. القدس التي على وجه البسيطة اندمجت بموقع خيالي في قلبه جبل البيت ومنه يفترض أن ينشأ سلام عالمي – "ويسكن الذئب مع الخروف والنمر مع الجدي يرتع". الخمسون سنة الاولى تقربنا من مصيبة ذات حجوم عالمية وليس من تجسيد رؤيا يشعياهو. ويكفي ذلك مجنون واحد ينجح في أن يسرع بمعونة قنبلة رؤيا رجال "معهد الهيكل".

 المتروبولين الهائل الذي صمم على عجل اهمالي، كان يفترض ان يجسد مثالا لحكم اسرائيلي متنور، يمكنه أن يستوعب أقلية واسعة ويقيم حياة هادئة لجماعة الى جانب جماعة. وتعزز الوهم بمعونة عقيدة جابوتنسكي التي تدمج النظام الليبرالي بالدولة القومية اليهودية التي تقع على جانبي نهر الاردن. بعض الاشخاص النزيهين لا يزالون يتبنونها. فهم يؤمنون عن حق وحقيق بكلمات قصيدة "يسار الاردن" التي كتبها معلمهم: "هناك تكثر الوفرة، سعيدا/ابن العربي، ابن الناصرة وابني/إذ علمي علم الطهارة والاستقامة". وفي اختبار الطهارة والاستقامة فشلنا فشلا ذريعا. ويتطابق الفشل الاخلاقي مع الفشل السياسي، حتى من زاوية النظر اليمينية سوية العقل.

الطهارة والاستقامة تعبران عن نفسيهما، أولا وقبل كل شيء، في التوزيع العادل للمقدرات. كما ان المنطق السياسي يستوجب ذلك، لان فجوة هائلة في الوضع الاقتصادي للجماعتين المتداخلتين الواحدة في الاخرى تضمن التوتر الدائم. فاذا كانت الاغلبية السائدة غير مستعدة لان تضحي بالكثير من مقدراتها كي تفي بهذا التحدي الصعب، فيجمل بها أن تتراجع عن المهامة وان تنفصل عن الاقلية. تيدي كوليك، رئيس البلدية الاولى للمدينة الموحدة، استوعب القسم الاول من الجملة وليس الثانية. وفي عهد ولايته الطويلة خصص قسم صغير جدا من ميزانية البلدية في صالح العرب، الذين كان عددهم يبلغ في حينه نحو ربع السكان. اما الان فمخصص في اقصى الاحوال 12 في المئة للسكان العرب الذين يتنامون بوتيرة سريعة.

في السنة التي "وحدت فيها" كانت النسبة العددية بين اليهود والعرب 74:26%. اما الان فهي تقريبا 63:37%. ورغم المساعي المالية الهائلة التي بذلتها الدولة في تنمية عاصمتها، رغم معدلات الولادة العالية للسكان اليهود الذين أكثر من نصفهم اصوليون ومتدينون، رغم التمييز المنهاجي بحق السكان العرب، رغم الانظمة التي هدفها اجلاء الكثير من العرب قدر الامكان من مدينة سكنهم – رغم كل هذا تدل الجداول الاحصائية عديمة المشاعر بانه منذ التوحيد وحتى اليوم كانت سنة واحدة فقط شاذة بمعدل هزيل عن الميل الديمغرافي العنيد. ينبغي الافتراض بان بعد ربع قرن ستكون النسبة بين الجماعتين السكانيتين تقريبا مثلما كانت بعد بضع سنوات من تصريح بلفور: نصف السكان تقريبا في عاصمة دولة الشعب اليهودي سيكونون عربا. هكذا، في غضون جيل واحد، سنعود الى نقطة المنطلق.

المصدر | يديعوت أحرونوت

  كلمات مفتاحية

القدس الاستيطان تهويد طرد العرب

الاحتلال الإسرائيلي يقر بدور السعودية في منع تسليح المقاومة في غزة

الاحتلال يتراجع عن إغلاق «الأقصى» خوفا من رد الفعل

الاسرائيليون يتوسعون بهدوء في حي فلسطيني بالقدس الشرقية

جدعون ليفي يكتب في هآرتس: حذارِ .. يا اسرائيل!

الاحتلال الإسرائيلي يضطر عائلة فلسطينية للعيش في "كهف" بعد هدم منزلها

وعد بلفور الذي لم يتحقق ...!