الصراع الإقليمي يصيب السياسة اللبنانية بالشلل

الجمعة 14 نوفمبر 2014 07:11 ص

تأثر لبنان على مدى عقود بالأحداث المحيطة به في الشرق الأوسط مع خضوع أقوى أحزابه لمشيئة القوى الإقليمية وتلقي تمويل منها، لكن فوضى استثنائية تجتاح الدول المحيطة بالبلد الصغير ويحاول المسؤولون اللبنانيون عزل أنفسهم عنها قدر جهدهم. وكانت النتيجة أن توقفت الحياة السياسية في لبنان بصورة شبه كاملة.

وتخنق الأزمة السياسية نظاما ديمقراطيا لا يبدو كاملا لكنه سمح بقيام مجتمع مدني يزدهر بشكل ليس له مثيل في الدول العربية الأخرى.

وقرر أعضاء البرلمان اللبناني الأسبوع الماضي تمديد فترة ولاية المجلس للمرة الثانية ليضاعفوا من الناحية الفعلية السنوات الأربع المحددة في الدستور لفترة البرلمان. وبرروا موقفهم بأن الوضع الأمني في لبنان هش إلى حد لا يمكن معه إجراء الانتخابات.

وفي تلك الأثناء لا يزال منصب رئيس الجمهورية -الذي ينتخبه النواب- شاغرا منذ خمسة اشهر ولم تكن هناك حكومة أيضا معظم العام الماضي.

وقال «سامي عطالله» المدير التنفيذي للمركز اللبناني للدراسات السياسية في مقال نشرته صحيفة دايلي ستار اللبنانية هذا الأسبوع «إن تمديد فترة المجلس النيابي يدفع بلبنان خطوة اضافية بعيدا عن الاصلاح في الوقت الذي تكشف فيه أيضا عن افلاس وشلل نظامنا السياسي».

وتعكس المنافسات السياسية اللبنانية مدى التنافس بين الدول الاقليمية وخصوصا ايران الشيعية والسعودية السنية وهما تتمتعان بنفوذ حاسم في السياسة اللبنانية.

ويقود حزب الله الشيعي القوي أحد المعسكرين السياسيين الرئيسيين في البلاد في الوقت الذي يقود فيه تيار المستقبل السني بزعامة سعد الحريري المعسكر الثاني. وينقسم المسيحيون الذين يمنحهم الدستور منصب الرئاسة.

ومع دعم كل من إيران والسعودية لطرف مغاير في الحرب الأهلية السورية شهدت السنوات الثلاث المنصرمة تزايد الخصومة الاقليمية ثم أزمة سياسية في لبنان بعد 25 عاما على التوصل لاتفاق الطائف الذي انهى حربا أهلية لبنانية استمرت 15 عاما.

سياسة مجمدة

لكن من دون تقارب إقليمي يبدو أن السياسة في لبنان قد أصابها الجمود وسط عجز الاحزاب الرئيسية إلى حد كبير عن إبرام اتفاقيات تتخطى إدارة البلاد.

وقال رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام في مقابلة مع رويترز يوم الأربعاء «كل شيء متعلق ببعضه. إذا كنا نتطلع نحو حل لمسألة الرئاسة في لبنان فنحن سنكون أيضا نبحث عن حل لمشاكل كل المنطقة من أجل ان يكون لها طابع ايجابي على كل شيء»، مضيفا: «في الوقت الراهن للأسف لا يوجد شيء ظاهر حتى الآن».

ومنع التوازن الطائفي للسلطة في لبنان سيطرة أي حزب بمفرده وسمح للمجتمع المدني عالي الصوت بالازدهار. لكن السياسيين الطامحين والنشطاء يقولون إنهم عاجزون الآن عن الدفع بأي تغيير.

وكان «مارك ضو» (35 عاما) وهو مرشح مستقل يطوف بدائرته التي يوجد بها 120 ألف ناخب لحشد التأييد أوائل 2013 لخوض انتخابات البرلمان. لكن يوم الخميس بات عليه أن ينتظر حتى 2017، وقال: «التمديد كارثة .. الشرعية تنزع عن كيان الدولة بأكمله ببساطة بعدم السماح للمواطنين اللبنانيين بالتعبير عن رأيهم في الانتخابات»

وبدا هذا الاحباط موجودا ايضا لدى المحتجين على التمديد للبرلمان والذين رشقوا مواكب النواب بالطماطم (البندورة) بينما كانوا يصلون إلى المجلس للتصويت على التمديد، وكتب على الجدران في أنحاء بيروت «لا للتمديد».

وكثير من الزعماء السياسيين كانوا في السابق زعماء ميليشيات من أيام الحرب الأهلية، ويقول «ضو» إن هدفه هو استخدام حركة شعبية «لكسر هيمنة الاحزاب الدينية الطائفية التقليدية على السياسة».

ويقول «سامي بارودي» وهو محلل سياسي في الجامعة اللبنانية الأمريكية في بيروت إن تأثير القوى الاقليمية على السياسيين اللبنانيين يهمش الدولة، وأضاف: «لدينا خليط متفجر جدا جدا. منطقة تحترق وحرب أهلية دائرة على الحدود وفي نفس الوقت يتشبث اللاعبون المحليون بمواقفهم إلى حد عجزهم عن التوصل إلى اتفاق».

وتراجعت السياحة والاستثمار. وعرقل الجمود جهود معالجة الدين العام واستغلال احتياطيات غاز بحرية محتملة وتحسين البنية التحتية المتداعية.

فراغ رئاسي

وشكلت حكومة في فبراير شباط بمباركة سعودية ايرانية لتنقذ لبنان من فراغ كامل في السلطة. لكنها تكافح لتتخذ حتى القرارات الاساسية ويقول سياسيون إن القوتين غير مستعدين للتوصل لاتفاق مشابه بشأن الرئاسة، وفشلت 15 جلسة نيابية منذ مايو أيار في انتخاب رئيس للجمهورية.

ويبدو أن حل المأزق السياسي سيتطلب على الارجح توسط الدول الإقليمية في اتفاق شبيه بذلك الذي أبرم في قطر عام 2008 وأدى إلى انتخاب البرلمان لقائد الجيش السابق ميشال سليمان رئيسا للجمهورية.

ويشهد لبنان عددا من أسوأ أعمال العنف الطائفية به منذ سنوات. وتندلع جولات قتال متقطعة في مدينة طرابلس الساحلية كما سيطر مسلحون سنة على بلدة عرسال الحدودية في شمال شرق البلاد لوقت قصير خلال الصيف.

وقال رائد ابو حمدان وهو أحد الناشطين الشباب في الحزب التقدمي الاشتراكي الذي ينتمي غالبية اعضائه إلى الأقلية الدرزية إن النواب الذين يمثلون حزبه في البرلمان صوتوا للتمديد لانه أهون الشرين، وأضاف أن إجراء انتخابات برلمانية قبل الرئاسية سيكون بمثابة تخريب لميزان القوى الطائفي الدقيق مما قد يسبب مزيدا من العنف.

 

المصدر | رويترز

  كلمات مفتاحية

لبنان المجلس النيابي الصراع الإقليمي الفراغ الرئاسي

رئيس وزراء لبنان: الحلول الاقليمية ستساهم بحل الأزمة الرئاسية اللبنانية

صفقة التعايش بين السلطة اللبنانية و«جبهة النصرة»

إيران تعرض هبة لتسليح الجيش اللبناني والولايات المتحدة تحذر من قبولها

إيران تقرر تقديم منحة عسكرية للجيش اللبناني

سقوط صنعاء وتكرار التجربة اللبنانية

«الفيصل» يجدد رفضه القاطع لوصول «العماد عون» إلى الرئاسة اللبنانية

«سليمان فرنجية».. صديق «الأسد» الذي قد يصبح رئيسا للبنان