الولايات المتحدة ومواجهة الصعود الصيني الروسي

الثلاثاء 25 نوفمبر 2014 10:11 ص

مع التفسخ الذي تشهده منطقة الشرق الأوسط تحت وطأة الصراع السُني الشيعي وصعود تنظيم «داعش»، يبدو أن الأمن القومي الأميركي يواجه ما يكفي من المخاطر والتهديدات لإبقاء الولايات المتحدة منشغلة بالمنطقة لعقد من الزمن، أو يزيد.

وفي ظل توافد أعداد متزايدة من المستشارين الأميركيين إلى أرض المعركة في العراق، وتدفق سلسلة من أشرطة الفيديو على الإنترنت تظهر وحشية الإرهاب، يبرز خطر لافت من أن تلتفت واشنطن مرة أخرى وبصورة مفرطة إلى الشرق الأوسط دون غيره. 

فرغم المصالح الحيوية للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، والتي تتوزع بين أمن إسرائيل وعدم الانتشار النووي وتأمين إمدادات الطاقة ومحاربة الإرهاب، إلا أنه لا يمكننا إغفال التحدي الأكبر والأهم للقوة الأميركية وقيادتها خلال ربع القرن الأخير والمتمثل في الصين وروسيا اللتين تحاولان معاً مراجعة التاريخ وتقويض المبادئ الأساسية للنظام الدولي القائم، بما في ذلك زعزعة الحدود المستقرة وضرب الشراكات الأمنية الراهنة، وإذا ترك هذا التوجه دون ضبط ومراقبة فإننا سنكون إزاء عالم مقسم مرة أخرى إلى مناطق نفوذ متضاربة مع تزايد احتمالات الصراع بين القوى الكبرى. 

فمنذ انهيار الاتحاد السوفييتي بُنيت السياسة الخارجية الأميركية على فرضية مفادها أن القوى الكبرى تتقاسم مصالح ومخاطر مشتركة، وأنها مع مرور الوقت ستندمج في الاقتصاد العالمي، والنتيجة أن صناع السياسة الأميركيين تعاملوا مع آسيا وأوروبا كمناطق مستقرة ومستدامة مقارنة بمنطقة الشرق الأوسط بدولها الفاشلة وأنظمتها المستبدة وأخطارها العابرة للحدود.

لكن الدرس الأهم لهذا القرن هو عدم بداهة النظام العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة، لا سيما وأنه لا يحظى بنفس درجة القبول لدى الجميع كما تعتقد أميركا، هذا التشكيك في النظام العالمي القائم والقيادة الأميركية على حد سواء تبدى واضحاً بعد الأزمة المالية الأخيرة، حيث انخرطت كل من الصين وروسيا في تحركات تعكس صراعهما «الصفري» مع الولايات المتحدة، وبمزيج من الغطرسة والمظلومية التاريخية بدأت الدولتان في إعادة رسم خرائط مناطقهما بابتلاع أراضي الغير والتحرش بالجوار.

وفيما ضمت روسيا القرم على الجبهة الأوروبية كمثال واضح على محاولة كتابة التاريخ ومراجعة ما استقر منذ الحرب العالمية الأولى، كانت الصين تُسخر من جانبها قوتها الاقتصادية والعسكرية للمطالبة بجزر في بحر الصين الجنوبي، بل سعت إلى ضرب التحالفات الأميركية في المنطقة من خلال دق إسفين بين اليابان وكوريا الجنوبية والتودد إلى حلفاء أميركا الآخرين مثل تايلاند. 

ورغم التراجع الروسي على الصعيدين الديموغرافي والاقتصادي، وأيضاً ردود فعل الحذرة تجاه القوة الصينية التي دفعت دولاً آسيوية للتقارب أكثر مع الولايات المتحدة، إلا أنه حتى في ظل هذه التوجهات التي لا تخدم القوتين تظلان مع ذلك مصدراً للمشاكل بالنسبة للولايات المتحدة، إذ يعتقد البلدان أن الوقت إلى جانبهما وأن تداعيات تصرفاتهما قد تتجاوز بكثير حدود مناطقهما. 

 

المصدر | إيلاي راتنر - «واشنطن بوست»

  كلمات مفتاحية

روسيا الصين الصعود الصيني الروسي فلاديمير بوتن شي جِنغ بِنغ المصالح الحيوية الأمريكية النظام الدولي القائم الشرق الأوسط أمن إسرائيل الانتشار النووي تأمين إمدادات الطاقة محاربة الإرهاب

بوتين وسياسات واشنطن الخاطئة

موسكو وواشنطن: حتمية المواجهة؟!

استراتيجية البحرية الأمريكية الجديدة للمهام الطويلة تبدأ من آسيا

الصين تكشف عن طائرة شبح مقاتلة جديدة خلال معرض عسكري

عشية زيارة أوباما لآسيا .. تحالفات أمريكا القديمة تواجه ضغوط النفوذ الصيني

عن العلاقات الروسية ــ الصينية: تاريخ ثقيل ... وإمكانات هائلة

الأيديولوجية الروسية: غياب الموضوعية ..؟!