المقامرة بأسعار النفط تنذر بزيادة الاضطرابات في الشرق الأوسط

الثلاثاء 2 ديسمبر 2014 11:12 ص

دخلت المملكة العربية السعودية، ودول «أوبك» الأساسية، في «مقامرة» سياسية هائلة عن طريق السماح لأسعار النفط الخام بالهبوط إلى 66 دولارا للبرميل، إذا ما كان هدف هذه الدول من كل هذا هو إضعاف منتجي «النفط الصخري» في الولايات المتحدة، حيث إن الركود العميق في أسعار النفط قد يزيد من الاضطراب الجيوستراتيجي في منطقة الشرق الأوسط الكبير، ويرتد ضد مشايخ النفط في الخليج، قبل أن يلحق الضربة القاضية بمنافسيهم في الولايات المتحدة.

وقال «اليستير نيوتن»، وهو رئيس المخاطر السياسية في نومورا، إن: «صمود إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة قد يكون أكبر من قدرة أوبك على الصمود».

كما قال «كريس سكيبوفكسي»، وهو رئيس التحرير السابق لمجلة «بترول بريفيو»، إن السعوديين يريدون خفض معدل النمو السنوي لناتج الولايات المتحدة من النفط الصخري من 1 مليون برميل يوميًا إلى نصف مليون برميل يوميًا، من أجل إعادة توازن السوق، مضيفا أنهم يريدون إلحاق الاضطراب بنموذج النفط الصخري وتقويض الثقة المالية، لكنهم لن يوقفوا النمو تمامًا.

وقد أثار بروز الولايات المتحدة تغيرا في المشهد العالمي للطاقة، وهو ما يشكل تهديدًا وجوديًا لـ«أوبك»، حيث خفضت أمريكا وارداتها النفطية الصافية بنسبة 8.7 مليون برميل يوميًا منذ عام 2006، أي بما يعادل صادرات النفط من المملكة العربية السعودية ونيجيريا مجتمعة.

وقالت «سيتي جروب» إن التوازن سيعود ليتحقق بحلول عام 2018، في واحدة من التحولات الأكثر استثنائية في التاريخ الاقتصادي الحديث، وذلك وبعد أن كانت البلاد تعاني من عجز تجاري بقيمة 354 مليار دولار في النفط والغاز مؤخرًا في عام 2011.

وأوضح تقرير أعدته صحيفة «التلغراف» البريطانية أن «أوبك» قد أخطأت في حكمها على التهديد الأمريكي، ففي وقت متأخر من العام الماضي، كانت المنظمة قد تجاهلت الإنتاج الصخري في الولايات المتحدة معتبرةً أنه ومضة سريعة لا أكثر، فيما لا يزال «عبد الله البدري»، وهو الأمين العام للمجموعة، مصرًا على أن نصف إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة هو عرضة للخطر إذا ما كانت الأسعار أقل من 85 دولارًا للبرميل.

وقد قام المنتجون الأمريكيون بتأمين أسعار مرتفعة من خلال عقود المشتقات، وقامت كل من «نوبل للطاقة»، و«ديفون للطاقة»، على حد سواء، بالتحوط بما هو أكثر من ثلاثة أرباع إنتاجها لعام 2015.

وقالت «بايونير» للموارد الطبيعية إن لديها خيارات حتى عام 2016 تغطي ثلثي إنتاجها المحتمل، وقال «هارولد هام» من الموارد القارية: «نحن نستطيع الإنتاج وصولًا إلى 50 دولارًا للبرميل».

وبدورها، قالت «وكالة الطاقة الدولية» إن معظم حقل باكن الواسع شمال داكوتا سوف يبقى مربحًا عند أو دون 42 دولارًا للبرميل. وإن سعر التعادل في مقاطعة ماكنزي، وهي المقاطعة الأكثر إنتاجية في الدولة، هو فقط 28 دولارًا للبرميل.

وقال «مورس» إن تكلفة الدورة الكاملة لإنتاج النفط الصخري هي ما بين 70 إلى 80 دولارًا للبرميل، ولكن هذا يشمل الاستيلاء على الأراضي والبنية التحتية، وإذا ما تم استثناء نفقات الاستيلاء هذه، فستكون النفقات المتبقية أقل بكثير، ويمكن أن تكون منخفضة إلى مستوى 30 دولارًا.

وقد وصل نطاق إنتاج حقل باكن بالفعل إلى 1.1 مليون برميل يوميًا، ومن المتوقع أن يتضاعف مرة أخرى على مدى السنوات الخمس المقبلة.

وقد تكون المشاريع النفطية الأخرى في جميع أنحاء العالم أكثر عرضة لأزمة الأسعار، بما في ذلك مشاريع بحر الشمال، ومشاريع المحيط الأطلسي قبالة البرازيل وأنغولا، ومشاريع الرمال النفطية الكندية، أو خطط روسيا لدخول منطقة القطب الشمالي؛ ولكن الضرر سيكون تدريجيًا.

في غضون ذلك، فإن النفط دون 70 دولارًا للبرميل قد بدأ بالفعل في إفساد ميزانيات الدول النفطية لـ«أوبك» نفسها، حيث إن تكلفة التعادل مع الموازنة المالية هي 161 دولارًا لفنزويلا، و160 دولارًا لليمن، و132 دولارًا للجزائر، و131 دولارًا لإيران، و126 دولارًا لنيجيريا، و125 دولارًا لمملكة البحرين، و111 دولارًا للعراق، و105 دولار لروسيا، وحتى 98 دولارًا للمملكة العربية السعودية نفسها، وفقًا لـ«سيتي جروب».

وفي حين أن «أوبك» قد لا تكون قلقة تجاه دول مثل نيجيريا، إلا أنه حتى هناك قد تكون الأزمة الاقتصادية والسياسية الشاملة سببًا في أن يتحول الشمال إلى معقل للجهاديين تحت سيطرة «بوكو حرام».

وتشكل الحركات الجهادية المتنامية في المنطقة المغاربية، عند جمعها مع الأحداث في سوريا والعراق، بوضوح تهديدًا أمنيًا من الدرجة الأولى بالنسبة للنظام السعودي نفسه.

كما أن المدينة الليبية درنة هي بالفعل في أيدي جماعة «أنصار الشريعة»، وازدهرت أيضا الحركات الإرهابية في سيناء المصرية، مما دفع الرئيس المصري «عبدالفتاح السيسي»، للدعوة إلى «التعبئة العامة» لجميع القوى العربية والغربية من أجل هزيمة انتشار هذه الحركات.

وقال «نيوتن»: «إن الجزائر التي تصدر الجزائر 1.5 مليون برميل يوميًا من المنتجات البترولية، لديهم مشكلة إرهابية راسخة كما رأينا في الاستيلاء على مصفاة الغاز أميناس، العام الماضي».

هذا ولا يزال من غير المتوقع ما سيحدث للجزائر، والعراق، وليبيا، إذا ما بقيت أسعار النفط لا تتجاوز نصف الأسعار المطلوبة لمعادلة ميزانيات هذه الدول خلال سنة أو سنتين، ومن جهة أخرى فإن تلك التقلبات تعد اختبارا لمصير السلالة الحاكمة في المملكة العربية السعودية إذا ما كانت تراهن على أن النظام السياسي المتهالك في الشرق الأوسط يمكنه الصمود أمام صدمة اقتصادية إقليمية لمدة عامين آخرين.

المصدر | الخليج الجديد + التقرير

  كلمات مفتاحية

السعودية أوبك الولايات المتحدة النفط انخفاض أسعار النفط النفط الصخري فنزويلا اليمن الجزائر إيران نيجيريا البحرين العراق روسيا مصر الدولة الإسلامية

الروبل الروسي يواجه شبح الانهيار مع تراجع النفط

أسواق الخليج تنزف بشدة بعد قرار أوبك عدم خفض الإنتاج

«أوبك» تعلن تراجع الطلب مليون برميل يوميا فى العام المقبل

«أوبك» تترنح!!

«الإرباك».. خطة اللعب الجديدة للسعودية في سوق النفط