تباطؤ إنتاج النفط الأمريكي يُلطف مزاج «أوبك»

الأحد 14 ديسمبر 2014 12:12 ص

تراجع يوم الخميس الماضي مؤشر «غرب تكساس الوسيط» – المقياس الرئيسي لتسعير النفط الخام الأمريكي - إلى أقل من 60 دولار للمرة الأولى منذ يوليو 2009م. وأصدر منتجو النفط الصغار والكبار في الولايات المتحدة خلال الأسبوع الماضي موجة من الإعلانات يشيرون من خلالها إلى عملية تقليص واسعة لعدد الحفارات والنفقات الرأسمالية أو مزيج من الاثنين في نشاط الصخر الزيتي الأمريكي خلال الأشهر القليلة المُقبلة. ويبدو مع هذه الإعلانات أن الولايات المتحدة قد فضّلت أن تبدأ هي أولاً بالتراجع في مواجهتها مع منظمة «أوبك» وسط انخفاض أسعار النفط التي تراجعت أكثر من 40% منذ منتصف يونيو الماضي.

وبالإضافة إلى ذلك، فقد أصدرت «إدارة معلومات الطاقة الأمريكية» في يوم 9 ديسمبر تقريرها عن توقعات الطاقة الشهرية قصيرة الأجل، وجاء في التقرير أن إنتاج النفط في الولايات المتحدة سيكون بمتوسط 9.27 مليون برميل يوميًا في الربع الأول من عام 2015م، ويبقى على هذا المستوى في الربع الثالث (ويُقدر إنتاج النفط الحالي عند 9.11 مليون برميل يوميًا). هذا التقدير هو تعديل بالخفض على التقديرات السابقة بحوالي 100 ألف برميل يوميًا في ضوء انخفاض أسعار النفط.

وفي حالة أن نمو إنتاج النفط في الولايات المتحدة لم يتراجع خلال العام المقبل، فيبدو من غير المحتمل في هذه المرحلة حدوث انتعاش في أسعار النفط. ولا يزال حتى اللحظة اقتصاد أمريكا الشمالية صحي، ولكنه في الوقت ذاته سوق نفط ناضجة بسبب الطلب الذي لا يزال في انخفاض هيكلي ولم يتراجع أبدًا إلى مستويات استهلاك النفط التي حدثت في منتصف العقد الماضي. من ناحية أخرى؛ فإن الاقتصادات الأوروبية واليابانية تتعثر ويُرجح أن تفعل ذلك خلال معظم عام 2015م إن لم يكن كله. والصين أيضًا؛ على الرغم من التباطؤ الاقتصادي إلا أنها تبدوا كسوق مستقلة يمكن الاعتماد عليها في طلب صحي على النفط، ولكنها ليست مستهلك مهيمن للنفط كما هو حالها بالنسبة لسلع أخرى مثل خام الحديد أو فول الصويا. ونتيجة لذلك؛ يتوقع العديد ضعف نمو الطلب على النفط في عام 2015 واستمرار انخفاض الأسعار – وهي نفس وجهة نظر ستراتفور. وسيكون استمرار عملية انخفاض أسعار النفط بمثابة قصة جيوسياسية مُميزة خلال عام 2015م.

ويمكن لأعضاء منظمة «أوبك» في الوقت الراهن أن يتنفسوا الصعداء. لقد كانت كل العيون مُركزة على المنظمة وعما إذا كانت ستخفض الإنتاج من أجل الدفاع عن السوق. وبدلاً من ذلك؛ فإن المملكة العربية السعودية والكويت - وهما أكبر منتجين مرجحين في «أوبك» – ذهبا ضد رغبات أعضاء آخرين في المنظمة. لقد كانت الأولوية لدى الكويت والمملكة العربية السعودية متمثلة في الحفاظ على حصتيهما في السوق الأسيوية التي تًعدُ أكبر أسواق صادراتهما، وأعطيا للمستهلكين الأسيويين خصومات كبيرة من أجل تقويض منتجي النفط الآخرين. وطالما أن سعر النفط لا يواصل تراجعه بنفس الوتيرة حتى الآن، فإن السعوديين والكويتيين من الممكن أن يشعرا بارتياح في تلك البيئة. ومن غير المرجح أن تحافظ «أوبك» على مكانتها على الرغم من أن تقلبات الإنتاج العادية مستمرة، خاصة أن المنظمة تعرف أن إنتاج النفط في الولايات المتحدة قد وصل إلى نقطة التوازن. إذا قامت «أوبك» حاليًا بخفض إنتاج النفط لرفع السعر مرة أخرى إلى 75 دولار أو 80 دولار، فإن العديد من المنتجين الذين يبطئون من وتيرة إنتاجهم في الولايات المتحدة من المرجح أن يعودوا إلى السوق مُقوضين تخفيضات «أوبك». إن عمليات التخفيضات غير المخطط لها مثل وقف صادرات النفط الليبية ربما تخلق ظروف مشابهة.

وفي الوقت نفسه؛ ستواصل فنزويلا - منتجة النفط – انهيارها الحالي. وتحتاج كراكاس أسعار النفط العالمية أعلى بكثير من 100 دولار للبرميل لتمويل العجز الكبير في إنفاقها، وتجاهد الحكومة حاليًا لإيجاد حلول لنقص التمويل، والتي من المرجح أن تتطلب خفضًا كبيرًا في الإنفاق العام. وأدى تباطؤ تدفق الدولارات لتمويل واردات الحكومة إلى نقص في السلع الغذائية والاستهلاكية. كما تسبب نقص العملة الصعبة في تراجع قيمة عملتها «البوليفار» بشكل ملحوظ؛ حيث انخفض من 100 بوليفار للدولار في أواخر سبتمبر إلى ما يقرب من 180 بوليفار للدولار في الأسبوع الثاني من شهر ديسمبر. وسيؤدي انخفاض الدخل النفطي في ارتفاع معدلات التضخم والنقص الشديدة والركود الاقتصادي، ما يؤدي بدوره إلى تآكل شعبية الرئيس الفنزويلي «نيكولاس مادورو»، ويمكن أن تندلع احتجاجات أو يكون ذلك سببًا في تهديد أداء الحزب الحاكم في الانتخابات التشريعية عام 2015م.

وفي الوقت الذي يرتكز فيه معظم الاهتمام على المواجهة بين الولايات المتحدة ومنظمة «أوبك» بشأن هبوط الأسعار، فانهم يتقاتلون إلى حد كبير على أسواق مختلفة. بمعنى أن «أوبك» كانت تناضل مع نفسها بقدر ما كانت تناضل ضد الولايات المتحدة. ومن المرجح أن يقود ضعف الاقتصاد العالمي إلى انخفاض الأسعار حتى لو بدأ إنتاج الولايات المتحدة في الانخفاض في وقت سابق من هذا العام، وهذا وحده قد يؤدي إلى نوع من حرب أسعار بين إيران والعراق والسعودية وأنغولا وغيرها من مصدري النفط إلى القارة الأسيوية من أجل الحفاظ على أسهمها في هذا السوق. وفي الوقت الذي يبدو فيه بشكل كبير أن الإنتاج الأمريكي قد زاد من سرعة هذه العملية، لكان ذلك قد حدث.

لقد انخفضت أهمية «أوبك» كمنظمة للطاقة بشكل ملحوظ منذ سبعينيات القرن الماضي. فلم تعد قوة تحدد السعر كما كانت من قبل، وحتى تحدي سعر البترول بـ 60 دولار أمريكي للبرميل هو أمر خاضع لمعايير تاريخية. وتتشكل الآن - ربما أكثر من أي وقت مضى - أسعار النفط بناءً على التمويل العالمي والطلب والعرض والأمن. ولا يزال التدخل السياسي ممكنًا، ولكن ذلك يتطلب تدابير جذرية. وفي البيئة الحالية؛ فإن قلق «أوبك» الكبير ليس بسبب نمو إنتاج النفط الأمريكي - السوق التي هي أقل من 10% من سوق أوبك - ولكن مع التأكد من أن ظروف السوق التي لا تعزز ذلك تجعل تطورات النفط والغاز الطبيعي غير التقليدية مُربحة داخل أسواق تصدير المنظمة.

المصدر | ستراتفور

  كلمات مفتاحية

انخفاض أسعار النفط أسعار النفط أوبك النفط

السبب الحقيقي وراء قدرة السعودية على تحمل حرب أسعار النفط

«هآرتس»: السعوديون يعلمون أبناءهم الادخار بعد انخفاض أسعار النفط

مخاوف من استمرارهبوط أسعار النفط بعد تصريحات لوزير البترول السعودي

الرابحون والخاسرون في حرب أسعار النفط حول العالم

فاينانشيال تايمز: تهاوي أسعار النفط سلاح سياسي بيد السعودية

في النفط.. لا صوت يعلو فوق صوت السعودية

رئيس فنزويلا يعتزم خفض رواتب الحكومة بسبب تراجع أسعار النفط

توقعات بنزول أسعار النفط إلى 60 دولارا ما لم تخفض أوبك الإنتاج

أسعار النفط تتجه لانخفاض أكثر لعدم توقع خفض مؤثر في إنتاج السعودية

وزير الطاقة الإماراتي: «أوبك» لن تغير سقف إنتاجها وإن وصلت الأسعار إلى 40 دولارا للبرميل

أمريكا تخفي مخزون نفطي يقدر بـ696 مليون برميل بعيدا عن الأنظار

معهد البترول الأمريكي: هبوط مفاجئ لمخزونات النفط الخام لأول مرة في 2015