أزمة اقتصاد روسيا كما يراها بوتين

الخميس 1 يناير 2015 08:01 ص

وصفت المستشارة الألمانية "أنجيلا ميركل" الرئيس الروسي بأنه يعيش في "كوكب آخر" . ويمكن معرفة الطريقة التي ينظر بها "بوتين" إلى الأزمة التي تواجهها بلاده من خلال استقراء الوقائع من وجهة نظر صاحبها.

أولاً، لا بد أن دعوة الذين يحثونه لاعتماد نهج ليبرالي لصالح دولته أو حتى رئاسته، تذهب أدراج الرياح وكذلك دعوة الذين ينصحونه بالخروج من أوكرانيا. ولم يتضمن برنامج "بوتين" في يوم من الأيام مجرد التفكير في تخفيف قبضته على اقتصاد البلاد أو التراجع في أوكرانيا. والأرجح أنه سيركب رأسه وهذا قد يكون دليل ضعف لكنه يراه دليل قوة.

وقد رأى كثيرون في عزلته إبان قمة العشرين خسارة لروسيا في حين كان يتأمل في وجوه أقرانه بحثاً عن من خدم اقتصاد بلاده أكثر مما قدم خلال خمسة عشر عاماً . وقد يجد الكثير من الأمثلة التي تشجعه على مزيد من المعاندة.

فالرئيس جورج دبليو بوش مثلا ترك بلاده بعد دورتين رئاسيتين تعاني من حروبها الخارجية وتواجه أعنف أزمة اقتصادية . أما "طوني بلير" فترك وراءه قضايا لا يزال يلاحق بسببها . وتلاحق رئيس الوزراء الإيطالي الأسبق "سلفيو برلسكوني" فضائح لا حصر لها. ووحده "بوتين" لا يزال محتفظاً بسلطته نتيجة عملية ديموقراطية روسية النكهة حصل فيها على 80% من أصوات الناخبين. 

أما الاقتصاد الروسي فلا يبدو سيئ الأداء عندما يقارنه "بوتين" مع اقتصادات الدول الغنية . فأي اقتصاد كان أفضل خلال الخمسة عشر عاماً الماضية من الاقتصاد الروسي الذي زاد ناتجه الاجمالي المحلي ستة أضعاف وارتفع نصيب الفرد من الدخل القومي سبعة أضعاف . ولم يسبق لروسيا أن شهدت ازدهاراً كهذا . وكنز 200 مليار دولار من الاحتياطيات النقدية لا يضر ناهيك عن رقم مثله في صناديق الاستثمار العالمية.

أما الجيش فأعيد بناؤه لينشر الرعب في أوروبا ويجبر الولايات المتحدة على اعادة النظر في قوته ويعزز مشاعر الفخر في روسيا.

صحيح أن هذه الأزمة خطيرة لكن روسيا مرت قبلها بأزمات خطيرة وتجاوزتها بسلام دون الحاجة للتقيد بنصائح "فاعل الخير" الغربي . وعندما أعارت آذانها لنصائحهم في التسعينات تعمقت أزمتها أكثر.

وماذا عن تنويع النشاط الاقتصادي؟ يدرك الرئيس الروسي أن بلاده عاجزة عن منافسة الصناعات الصينية وقطاع التقنية الهندي وأن قوة بلاده تكمن في ثروتها ومواردها الطبيعية من النفط والمعادن والأخشاب . ولهذا يحكم سيطرته على شركات النفط أكثر من غيرها من مكونات الاقتصاد.

وحتى العقوبات الغربية تقدم له خدمة لا تعوض . فهو يقول إن الغرب يسعى لتغيير الحكم في روسيا بهدف قلع أظفار الدب الروسي وأسنانه ودفعه للاستسلام . وهذه رسالة تجد صدى قوياً في الداخل . وعلى أي حال فالعقوبات تدفعه لمزيد من العمل وسوف ينتعش الاقتصاد قبل أن تقرر روسيا السماح لأوكرانيا بأن تسبح خارج الفلك الروسي.

وتتجاهل السياسة الغربية مشكلة أخرى هي أن العقوبات على روسيا لا تنفع أوكرانيا.

ولا تقتصر معاندة "بوتين" على رفض التخلي عن القرم أو شرق أوكرانيا بل يطالب بكامل التراب الأوكراني. ويعتقد أن تشديد العقوبات على كييف سوف يؤتي ثماره على الوجه الذي يريده.

وهناك دولة أخرى توسع اقتصادها خلال السنوات الخمس عشرة الماضية وحافظت على استقرارها وحسنت صورتها ووجودها على المسرح العالمي . إنها الصين التي يتعلم منها "بوتين" درساً مختلفاً عما يريد الغرب إملاءه عليه .

ويتلخص الدرس الصيني في تبني الليبرالية محلياً دون الانحناء للغرب . وأياً كانت العبرة التي يتعلمها "بوتين" من الصين فلا بد أن تصب في صالح تعنته وثباته على نهجه. 

 

المصدر | يوجين رامر | ترجمة الخليج - الشارقة

  كلمات مفتاحية

أزمة اقتصاد روسيا بوتين الدرس الصيني أوكرانيا القرم

إنتاج النفط الروسي يرتفع في 2014 لأعلى مستوى بعد الحقبة السوفياتية

سفير روسيا لدي المملكة: نحتاج دعم السعودية لحل أزمة سوريا

انخفاض الاحتياطي النقدي لروسيا إلى 388.5 مليار دولار بنهاية 2014

23 عاما على «الصدمة» الاقتصادية الروسية

«فيتش» قد تخفض تصنيف منتجي النفط في حالة عدم تعافي الأسعار

«موديز» تخفض التصنيف الإئتماني لروسيا بعد انهيار أسعار الروبل

إنتاج روسيا من النفط قد ينخفض نحو مليون برميل يوميا

«ستاندرد آند بورز» تخفض التصنيف الائتماني للديون السيادية الروسية إلى «رديئة»

محاولات تحجيم روسيا

روسيا تهدد بدعم إيران لمهاجمة السعودية في حال تسليح أمريكا لأوكرانيا

من يحرك الكرملين؟

شرارة في سوق الغاز: من حقول روسيا مع (بعض) الحب

روسيا تبحث إنشاء خط أنابيب لتصدير الغاز إلى أوروبا عبر تركيا

روسيا تسرح 10% من موظفي «الداخلية» بسبب العقوبات الاقتصادية

هل تصبح موانئ دبي الممول الأول لمشروع إعادة التسليح الروسي؟