بدون فكر أمني شامل (إسرائيل) لا تتعلم من أخطاء الماضي

الاثنين 5 يناير 2015 10:01 ص

 في ضوء مفترق الطرق السياسي – الامني الذي توجد فيه دولة اسرائيل الآن، كان يمكن التوقع أن يُعرض في الانتخابات القريبة القادمة أمام الناخب فكران متناقضان، كي يختار أحدهما: هل مكانه مع المتماثلين مع طريق الحكومة الحالية، أم مع اولئك الذين يعتقدون بأن طريقها مغلوط؟ ولكن شيئا ما تشوش على الطريق، والانتخابات القريبة القادمة تتركز في المجال الاقتصادي – الاجتماعي، بينما يندحر المجال الامني – السياسي جانبا.

لقد تغير واقعنا الجغرافي – السياسي حتى لم يعد ممكنا التعرف عليه، ومنه تنبع خريطة تهديدات جديدة على اسرائيل. للتهديدات المعروفة – الارهاب الداخلي، تهديد حماس، حزب الله من الشمال والتحول النووي الايراني – انضم في السنتين الاخيرتين لاعب جديد: الاسلام المتطرف. ولا يدور الحديث فقط عن عصابات قتلة في العراق أو في سوريا. هذه ايديولوجيا تُنشر بمعونة تكنولوجيات متطورة وتضرب الجذور في كل مكان يظهر فيه ضعف سلطوي. هذا أخطبوط يطلق أذرعه الفكرية دون حاجة الى الجيوش. وقد بات هنا، في الشرق الاوسط، وكذا في اوروبا المفزوعة والمشوشة.

لقد اختارت الحكومة الحالية وسابقاتها عدم المواجهة مع المشكلة الامنية وتبنت فكرة بن غوريون، التي كانت جميلة في حينه، حين قضى بأن سياسة اسرائيل الامنية ستقوم على الانذار، الردع والحسم. غير أنه مع الأخذ في الحسبان نوع الأعداء الذين نقف أمامهم اليوم، لموقف العالم وقيود قوتنا، فان هذا الفكر لم يعد ذا صلة. لقد تبنت حكومات اسرائيل هذا الفكر لأنه هو وحده يستوي مع الافكار القوية لبلاد اسرائيل الكاملة وبناء الهيكل الثالث، في ظل تجاهل مكان العرب، ويرسم سياسة ضم زاحف وتثبيت حقائق على الارض. وحلت محل "اللاسياسة" الامنية عبارة يفترض أن توفر الوهم بأنه توجد، زعما، قيادة، وتوجد، زعما، سياسة، بل وهي تنجح جيدا في الشارع: "ادارة النزاع" التي معناها في اللغة البسيطة "سنرد على الاحداث بالقوة واذا لم ينجح هذا فسنرد بمزيد من القوة"؛ أو "احتواء التهديد"، العبارة التي تعني: لا يوجد لدينا رد على التهديد، وبالتالي سنتعلم كيف نتعايش معه.

حين لا يكون هناك فكر أمني شامل، تستعد اسرائيل للحرب التي كانت. حين لا تكون سياسة وتعلم من أخطاء الماضي، نتصرف مثل ذاك الغبي الذي يقع المرة تلو الاخرى في ذات الحفرة فيتهم الحفرة. فأي مثال أفضل نحتاج من مثال الحملات الثلاثة الاخيرة؟ فقد جُررنا لثلاثتهم في ظروف مشابهة، وتصرفنا في ثلاثتهم بموجب ذات الفكر القتالي ومن ثلاثتهم خرجنا في ذات الوضع – "منتصرين" ونستعد للجولة التالية. إن النهج القائم يؤدي الى نتيجة واحدة واضحة، وقد صاغ ذلك الجنرال البروسي كلاوزفيتس قبل 200 سنة حين قال: "كل هجوم لا يؤدي بشكل مباشر الى السلام – يتوجب أن ينتهي بالدفاع".

حين لا يكون فكر أمني قومي، فانه يستبدل بشعارات عليلة مثل "عن هذا لن نتنازل" و "على هذا لن نلين" و "حيال هذا سنقف منتصبي القامة" و"إياه سيهزم حماس" وما شابه. هذه لا استراتيجية ولا سياسة. هذه ضحالة فكرية، تزلف للناس وقنبلة دخان تستهدف التغطية على انعدام القدرة أو على اخفاء النوايا الحقيقية.

لقد خلق الواقع في منطقتنا لقاءات مصالح بين الدول العربية المعتدلة وبين دولة اسرائيل، والتي يمكن استغلالها لتسوية اقليمية وحل النزاع مع الفلسطينيين. فالعالم العربي يتوقع خطوة كهذه وسيمنح مظلة ومساعدة مالية، سياسية وعسكرية. من ليسوا جديرين بقيادة هذا الشعب هم من يطلقون سيناريوهات الرعب، يطلقون هتافات "أزعر الحارة" واولئك الذين يعدون بتغيير اجتماعي – اقتصادي، دون أن يشيروا الى اختراق في المجال السياسي.

الجديرون هم اولئك الشجعان بما يكفي لاجراء "اعادة النظر والتفكير في المسار من جديد". اولئك القادرون على مواجهة مبادرة سياسية – اقليمية تتقرر فيها حدود اسرائيل، التي تضمن أمن سكانها مع اغلبية يهودية متماسكة. واتخاذ مثل هذه المبادرة سيعزز المجتمع الاسرائيلي من الداخل ويحقق ثورة في المجال السياسي، وبالتالي في المجال الاقتصادي – الاجتماعي ايضا.

آريه فلمان، رئيس قسم وقائم بأعمال رئيس المخابرات. 

المصدر | آريه فلمان | معاريف العبرية - ترجمة المصدر السياسي

  كلمات مفتاحية

فكر أمني إسرائيل أخطاء الماضي

أمين عام منظمة التعاون الإسلامي يدعو آلاف المسلمين لزيارة القدس المحتلة

قضايا الاقتصاد تهيمن على الاسرائيليين قبل انتخابات مارس 2015

نتنياهو يطالب كيري بـ«فيتو» ضد إنهاء الاحتلال

الاتحاد الأوروبي ينفي وجود خطط لديه لمعاقبة اسرائيل

«نتنياهو» يعول على الإمارات ودول عربية لإجهاض «انتفاضة» محتملة بالقدس