كيف تتعامل الكويت وسلطنة عمان والبحرين مع انخفاض أسعار النفط؟

الأحد 11 يناير 2015 03:01 ص

مع تراجع أسعار النفط إلى ما دون 50 دولاراً للبرميل الواحد، فإن وسائل الإعلام من «بلومبيرج» حتى «ذي إيكنوميست» ومعهما «فورين أفيرز» قامت بتحليل آثار هذا الانخفاض في السعر على منطقة «الخليج العربي» باعتبارها كتلة واحدة متطابقة فيما بينها وما يسري على واحدة يسري على البقية. وفي الوقت الذي تواجه فيه تلك الدول الخليجية مشكلات في توزيع الموارد - اعتادت عليها نظرًا لاعتمادها على عائدات النفط - فإن هذه الدول تتبع استراتيجيات مختلفة للتعامل مع موضوع تراجع انخفاض أسعار النفط.

وتوجد هناك بعض القواسم المشتركة بين دول الخليج، ومن الخطأ طبعًا اعتقاد التطابق فيما بينها لمجرد بعض التشابه.

وعلى الرغم من هذه الاختلافات بين دول الخليج، إلا أن العديد من المقالات التي تناقش هذا التراجع في أسعار النفط تقلل من تلك الاختلافات وربما تتجاهلها. فهم يتعاملون مع منطقة الخليج باعتبارها منطقة متجانسة بصرف النظر عن التنوع البارز في الحكومات والاقتصاد. فعند النظر إلى الكويت وعمان والبحرين - على سبيل المثال - نرى مدى الاختلافات في الخطط شبه الإقليمية لمواجهة الموقف، كما يقدّم الساسة في كل دولة أُسسًا أفضل لتقييم مصالح الولايات المتحدة في المنطقة.

الكويت وسياسة تخفيض الدعم

كان النقاش حول انخفاض الأسعار أكثر علانية في دولة الكويت بسبب الانفتاح النسبي للدولة وقوة مجلس الأمة بها. وقد أصبحت الكويت بسبب تراجع أسعار النفط تحت ضغوط الحد من الإنفاق الحكومي. ونتيجة لذلك؛ اضطرت الحكومة إلى اتخاذ قرار برفع الدعم عن الكيروسين والديزل في أكتوبر/تشرين الأول الماضي في خطوة وُصفت بالأولى من نوعها منذ عقود؛ حيث ارتفعت الأسعار محققة 58 سنتًا لكل لتر بدلاً من 19سنتاً، ودخل هذا القرار حيّز التنفيذ في الأول من يناير/كانون الثاني الجاري وقوبل برفض تام في كل أرجاء الكويت.

وقد طالب أعضاء مجلس الأمة بفتح باب النقاش في المجلس حول زيادة الأسعار غير المرحب بها. ونظم العديد من المخابز التي تعمل أفرانها بالكيروسين إضرابًا لمدة خمسة أيام احتجاجًا على رفع الأسعار، ما اضطر الحكومة لإعفاء تلك المخابز من سعر الكيروسين المرتفع. كما فرضت الناقلات التي تجلب المياه العذبة للدولة تكاليفًا أعلى بسبب ارتفاع أسعار السولار على الرغم من تهديد الحكومة باتخاذ إجراءات قانونية بحقها.

وفي الوقت الذي ستستمر فيه عملية خفض الدعم، فإن الحكومة سوف تدفع تكلفة سياسية داخلية باهظة.

سلطنة عُمان وتعدد المصادر

ويختلف الأمر في سلطنة عمان؛ حيث تحكم نظمًا أكثر استبدادية من الكويت، ومع تدهور صحة زعيمها - السلطان «قابوس» – تحتاج الحكومة الآن إلى تخطيط جيد حذر. ومن المعروف أن عمان تنتج نفطًا أقل من الكويت، لكن عدد سكانها يتجاوز عدد سكان الكويت بأكثر من 300 ألف نسمة. ولذلك؛ تحتاج عُمان لإعداد خطط جادة لتوفير عائدات عن طريق آخر غير النفط.

وتتوقع عمان أن عام 2015 سيشهد عجزًا في الإيرادات بحوالي 6.5 مليار دولار أمريكي. ومن غير الواضح حتى الآن كيف ستواجه الحكومة هذا العجز.

وتمّ رفض خطة لفرض ضرائب على تحويلات العمال الأجانب من قبل مجلس الدولة أواخر ديسمبر/كانون الأول الماضي. وقد يكون هناك بعض التدابير التي تكفي لتعويض قدرًا من تلك الخسارة على الأقل. ومن المتوقع أن تزيد الحكومة بعض الضرائب والرسوم على تراخيص العمل والرسوم الجمركية غير العُمانية، كما تخطط أيضًا لخصخصة بعض الشركات الحكومية؛ بما فيها عدداً من وحدات الطيران العماني. وعلى الرغم من أن هذه الخطوات لا تغطي التراجع في الإيرادات، إلا أنها تُعدُّ خطوات جادة لتعديد مصادر الدخل الحكومي.

البحرين والاضطراب السياسي

ويختلف موقف البحرين عن موقف الكويت والسلطنة. ففي الوقت الذي يبدو فيه اقتصادها متنوعًا نسبيًا، لكن الاضطرابات السياسية تسببت في ديون بلغت 11.2 مليار دولار في عام 2012م.

علاوة على ذلك؛ فقد بالغت البحرين في تقديرها لمتوسط سعر النفط في 2014 حيث قدرت سعر البرميل بــ 90 دولار، ما ضاعف حجم العجز ليصل إلى 15.7 مليار دولار قبل نهاية العام كما هو متوقع. وتسعى الحكومة للتعامل مع مسألة الديون منذ مارس 2014، ولكن الخلافات التي ظهرت بسبب الانتخابات التي قاطعتها المعارضة في نوفمبر/تشريت الثاني أرجأت تأجيل مناقشة الميزانية حتى نهاية شهر مارس/آذار من عام 2015.

وقدم «خليفة بن سلمان آل خليفة» - رئيس وزراء البحرين - في 6 ينايركانون الثاني الجاري إلى مجلس النواب خطة لأربع سنوات اشتملت على استثمارات بارزة في مجالات الرعاية الاجتماعية والإسكان. وفي الوقت ذاته؛ فإن لدولة البحرين تكاليف أخرى خارج الميزانية؛ حيث تخطط لإنفاق خمسة مليارات دولار لإنشاء مطار جديد وطريق ثان إلى المملكة السعودية، وقد حالت الانتخابات المثيرة للجدل والاحتجاجات التي قادتها الأغلبية الشيعية في البلاد دون تحقيق ذلك.

وفي الوقت الذي تبدو فيه المعارضة العامة محدودة ومشتتة في كلٍ من الكويت وسلطنة عمان، تظل الاضطرابات السياسية في البحرين عامًلا مهمًا في حسابات الدولة.

استراتيجيات غير متطابقة

على الرغم من التشابه بين هذه الدول الخليجية الثلاث في بعض استراتيجيات التعامل مع هبوط أسعار النفط إلا إننا نؤكد أنها غير متطابقة. فقد لجأت الكويت إلى تخفيضات غير مرحب بها شعبيًا ذات جدوى سياسية محدودة، وتسعى عُمان إلى زيادة تنويع اقتصادها، وتركز البحرين على جهود طويلة الأمد لضمان الاستقرار السياسي والاقتصادي في البلاد.

وتلعب عوامل عدة دورًا في صياغة استرتيجية كل دولة؛ أبرزها: التاريخ وشكل النظام السياسي ونظامها الاقتصادي وتعاون مواطنيها. ولا تشارك دول الخليج أيًا من تلك الاعتبارات فهي تختلف من دولة لأخرى. وينبغي أن يأخذ المحللون هذه الاختلافات بعين الاعتبار عند الحديث عن تأثير هبوط أسعار النفط على الدول الخليجية بدلاً من الحديث عنها ككتلة متطابقة.

المصدر | سكوت واينر، واشنطن بوست

  كلمات مفتاحية

انخفاض أسعار النفط الكويت سلطنة عمان البحرين

«هآرتس»: السعوديون يعلمون أبناءهم الادخار بعد انخفاض أسعار النفط

الرابحون والخاسرون في حرب أسعار النفط حول العالم

«موديز»: البحرين وسلطنة عمان الأكثر تضررًا من انخفاض أسعار النفط

انخفاض أسعار النفط قد يعرقل خطط الإنفاق الخليجية

استمرار القلق بمعظم بورصات الخليج مع ضعف أسعار النفط وصعود بورصة قطر

«ستاندرد آند بورز»: اقتصاد قطر والإمارات أقل عرضة لمخاطر انخفاض أسعار النفط

«فورين بوليسي»: انخفاض أسعار النفط يضر الخليج وصناديق الثروة السيادية هي الحل

الكويت تنفق 100 مليار دولار على النفط في 5 سنوات.. وسلطنة عمان تنتقد «أوبك» لأول مرة