كم غمرتنا الفرحةَ بانتهاء الخلاف الخليجيّ الذي طال تسعة أشهر، وهو خلاف لم يشهدهُ مجلس التعاون الخليجي منذ تأسيسهُ أي منذ ثلاث وثلاثين سنة تقريباً، خلاف أفزع الشعب الخليجيّ 'العاقل'! فسحبُ السفراء من قطر بقرار سعوديّ إماراتيّ بحرينيّ كان مفاجئا بل كارثة.
والآن تم الاتفاق على عودة السفراء الدول الثلاث وتسوية الخلاف بعد القمة الإستثنائية في الرياض، ووحدة الخليج العربي فوق كُلِ اعتبار.
لكن من غير المنطق والعقل أن يمر هذا الخلاف مرور الكرام، لا بد من الاستفادة منه وأخذ العبرة والحِكمة.
فبدون شك، كان سبب سحب السفراء من قطر هو توجهات دولة قطر ونهجِها نحو مناصرة إرادة الشعوب في الحرية والكرامة والتغيير، والدول التي سحبت سفراءها، دول تكرهُ كلمة 'التغيير' وتفزع من 'حرية الشعوب'. فكان ما كان!
إلا أن قطر لم تتعامل بالمثِل! ولم تغضب وتحقد وتَفجُر بالخصومة، بل حكمة أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني كانت صفعة للجميع. فقد واجه جبهة عظيمة تحاول وتضغط بكافة الوسائل والسبل نحو تغيير نهج قطر.
إلا أن قطر صمدت ولم تتزحزح عن نهجِها ومبدئها، والواضح أن دول الخليج لم تتوقع قوة وصلابة قطر في ثباتها على مبادئها وعدم خضوعها لأحد. وظن الكثيرون أنها في نهاية المطاف ستقف مع قوى الطغيان وتترك إرادة الشعوب حتى تموت، نتيجة لحجم الضغوط من كل حدب وصوب! فخابَ ظنهم وإن بعض الظن إثم.
ينبغي أن تعلم دول الخليج علم اليقين أن التغيير قادم لا محالة، اليوم أو غدا، وسيكون في كل قُطر من أقطار الوطن العربيّ وبالذات في الخليج العربيّ.
الكل يجمع أنه لا خلافَ مع الأُسَر الحاكمة في دول الخليج، بل إن الشعب الخليجيّ أول من يحميها لأنها قدره، لكن الشعب الخليجي توجه نحو الحرية والكرامة، نحو المشاركة في الحُكم والمال، نحو الإصلاحات السياسية الشاملة التي تحقق مبدأ السيادة للأُمة.
فأما أن تأتي المبادرة من الحُكام وهذا هو الأجمل والأيسر والأسلم، وأما ان تأتي من الشعب وهذا هو الأصعب!
لن يتراجع الشعب الخليجيّ عن حقوقه ومطالبه أبداً، وجميعكم شاهد كيف وقف الشعب الخليجي الذي يُطالب بالحرية والكرامة مع دولة قطر الشقيقة في محنتِها الشديدة، والسواد الأعظم المتضامن معها كان من الشباب، وأقول الشباب.
الخلاف الخليجي درس للجميع بأن الشعب الخليجيّ لا يقبل أن يستكين، وأن الإصلاحات شعار رفعهُ الشعب لوا ردة عنه، ووقوف الشعب الخليجيّ الحُر مع دولة قطر الشقيقة كان مفاجئا للبعض بل أصابهم بالذهول والصرع.
فالشعب الخليجيّ 'الحُر' مع حرية الشعوب العربية وثوراتها المجيدة في مواجهة الطغيان والاستبداد، وعجّل الله في قدوم الثورات التي ستندلع وتجتثُ الطغاة الباقين من مقاعدهم!
تبقى هنالك بعض أسئلة بعد القمة الاستثنائية بالرياض: لماذا كانت الإمارات ثُنائية التمثيل الدُبلوماسيّ حيث حضر نائب رئيس الدولة الشيخ محمد بن راشد وولي عهد ابوظبي محمد بن زايد؟! ولماذا لم تُشارك عُمان في القمة؟!
وما ماهية اتفاق الرياض ونتائجه المتوقعة بالضبط؟!