هل يمكن الفصل بين المسلحين السنة و"داعش"؟!

السبت 5 يوليو 2014 01:07 ص

مشرق عباس، المونيتور،  3 يوليو/تموز 2014 

ليس من السهل إيجاد فصل بين تنظيم "داعش" والتنظيمات السنية الأخرى على الأرض، فالتداخل في الخنادق والأحداث والإعلانات والبيانات التي تتوالى من "داعش" وأخرها إعلان "دولة الخلافة" تبرر القول، أنه ليس هناك أي قوة عسكرية سنية أخرى سوى هذا التنظيم.

لكن الأطراف السنية مجتمعة سواء السياسية، أو القبلية، أو الدينية، تنفي هذه الفرضية وتؤكد أن "داعش" لايمثل أكثر من 10 - 20% من القوى المسلحة على الأرض، وأن الزخم الأكبر للفعل العسكري هو لمسلحين من العشائر ومن فصائل مسلحة مختلفة.

واقع الحال أن من الصعب تقدير نسب المسلحين على الأرض، بل إن الناطق باسم ما بات يسمى "المجلس العسكري للثوار" مزهر القيسي أكد أن لا تقديرات لأوزان كل فصيل مسلح في العراق.

الناطق باسم "الجيش الاسلامي" وهو فصيل مسلح نشط منذ العام 2005 في العراق، يتحدث بمنطق مختلف فيقول أن المسلحين و"داعش" يقاتلون عدو واحد (الحكومة العراقية) لكنه يرفض بشدة أن يكون "داعش" وحيداً في الساحة ويؤكد أنه لايمتلك سوى بضع مئات من المقاتلين.

في اتصال مع "المونيتور" حاول قيادي قال إنه ينتمي إلى "المجلس العسكري للثوار" وعرف عن نفسه باسم اللواء معتز الهيتي طرح الموضوع من زاوية أخرى فيقول :"ماحدث هو تلاق إجباري بين العشائر ورجال الدين السنة الذين واجهوا تنظيم القاعدة لسنوات وخاضوا حروباً مع هذا التنظيم الذي يطرح نفسه اليوم باسم "داعش"..والسبب في هذا التلاقي، هو حكومة بغداد التي فشلت طوال سنوات في إقناع السنة في العراق بأنها تمثلهم، وأنها لاتسعى الى إذلالهم وقتلهم".

الهيتي الذي قال أنه جنرال متقاعد في الجيش العراقي السابق، أكد أنه وغالبية المقاتلين والضباط السنة لايؤمنون بعقيدة "داعش" لكنهم في خندق واحد الان، والفصل بينهم في منتهى الصعوبة اليوم".

يطرح الهيتي إشارة بالغة الدلالة بالقول : "في 14 /2/2014 طرحت مبادرة لحل أزمة الفلوجة تمثلت بأن يتم العفو عن المسلحين السنة وإحداث تغييرات في سياسات الحكومة، مقابل تسليم مقاتلي داعش في المدينة، أو مقاتلتهم، لكننا رفضنا بالمطلق، واقترحنا حلاً آخر يتضمن إيجاد ممرات آمنة لخروج مقتلي "داعش" سالمين من الفلوجة".

أمام هذا الواقع .. يصعب التفكير في اليات محددة للفصل بين "داعش" والمقاتلين السنة، الاخرين، وتبدو الصورة مرتبطة بمتغيرات تدريجية تسمح بتحديد معايير لمثل هذا الفصل.

يرى الهيتي أن "هناك مطالبات تتضمن تغيير الحكومة وتعديل الدستور وإلغاء القوانين التي يراها السنة موجهة ضدهم مثل قانون الإرهاب، واجتثاث البعث، والبدء في صفحة جديدة بين السنة والشيعة في العراق، ويعتقد أن مثل هذه الاجراءات لن تنهي تنظيم "داعش" لكنها ستضعف قدرته على حصد التأييد على الارض".

هناك طروحات أخرى، يتم تداولها حول محاولة إيجاد الفصل بين المسلحين، يتمثل حسب الهيتي باصدار عفو عام لايستثني أحداً، ويكون معياره الوحيد هو الاستعداد لرمي السلاح والايمان بالعراق كدولة مستقلة موحدة، وأن حكمها حكم مدني يقوم على أساس المواطنة، وأن مثل هذا الإجراء سيعزل بشكل مباشر تنظيم "داعش" الذي لايمت في الأصل بالدولة، ولا بالحدود الوطنية، وينظر الى الانتخابات والاليات الديمقراطية باعتبارها "كفراً".

ما يتم تداوله سياسياً وإعلامياً حول هذا الفصل المفترض يقوم في الأساس على فكرة، تتعلق بالسماح للمقاتلين السنة في العراق بمقاتلة داعش، عبر الية تشبه ماحصل عام 2006 عندما شكلت القوات الأميركية، تنظيمات "الصحوة" ونجحت في اجتذاب مجموعة كبيرة من المسلحين من فصائل سنية مسلحة مختلفة إلى هذا المشروع الذي نجح في طرد المتطرفين.

لكن الظرف الذي سمح بتشكيل "الصحوة" في تلك المرحلة يبدو مختلفاً بشكل كامل عن الظرف اليوم.

فالمقاتلين السنة ناهيك عن العشائر، ومعظم سكان المدن السنية لا يثقون بتجربة مماثلة، خصوصاً أن "الصحوة" تم تصفيتها على يد حكومة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بطريقة أثارت استياءاً سنياً واسعاً.

كما أن العلاقة بين الفصائل المسلحة المختلفة وتنظيم "داعش" اختلفت بدورها عن تلك المرحلة، ففي الغالب لم يعد السنة مستعدون لخوض حرب بالنيابة عن الدولة وعن الولايات المتحدة وربما عن العالم بأسره ضد تنظيم "داعش"، ويعضهم يرى أنهم لن يضطروا الى حمل السلاح ضد هذا التنظيم، إلا في حال شكلوا دولة مستقلة، أو في الأقل إقليماً منفصلاً في آلياته الأمنية عن بغداد.

واقع الحال أن تحميل طائفة مسؤولية الحرب على "داعش" فكرة غير صالحة للتطبيق، فالمسؤولية النهائية في تطبيق هذه المهمة تقع على الدولة فقط، وليس على المواطنين وليس على مليشيات خارج نطاق الدولة.

تقويض "داعش" يبدأ بفصله عن المجموعات السنية المسلحة المستعدة للاندماج في الدولة، وهذا الفصل لن يتحقق من دون اليات عدالة انتقالية جديدة تتيح اقناع هذه الفصائل بالمشروع الوطني، واحداث مصالحة جذرية في العراق.

النجاح في تطبيق مثل هذه الإجراءات وتطويرها عبر منظومات قانونية دائمة، سيتيح تحقيق حصار تلقائي بعيد المدى للتطرف.

ماعدا ذلك، فان المستقبل ينبيء بدمج تدريجي خطير بين الفصائل المسلحة والعشائر والبيئة السنية العراقية في العموم مع "تنظيم داعش".

 

  كلمات مفتاحية

حربٌ ضد الإرهاب طويلة الأمد

السعودية: أكاديميون يؤكدون وجود مشايخ متعاطفين مع «الدولة الإسلامية»

الكويت تغلق 500 حسابا علي تويتر وانستقرام خلال 9 أشهر

الأداء العسكري لـ«داعش» وعقيدتها القتالية

جذور فتنة «الدولة الإسلامية»

«الدولة الإسلامية» وجيش صدام ”الشبح“

بلومبرج: الحصار المفروض في غرب العراق يعكس الفشل في وقف انتصارات «الدولة الإسلامية»

السنة في العراق بين مطرقة «داعش» وسندان «الميليشيات الشيعية»

استراتيجية الحرب على «داعش»

بين «داعش» والنجدة الإمبريالية العرب مهدَّدون بالانقراض!

من يقبض على السلطة الفعلية في «الدولة الإسلامية»؟!

عن الحياة في ظل «داعش»

«داعش» و«الحزم» و«سلمان العودة»

سنة العراق وداعش .. تحالف الضرورة

«الدولة الإسلامية» يدعو أتباعه لشن هجمات فردية ضد 4 قواعد بريطانية

«الغنوشي»: «النهضة» بديل لـ«داعش» و«القاعدة»

تركيا تحذر من أخطاء أمريكية في خطة تحرير الموصل من «الدولة الإسلامية»