عندما يُعرض الاتحاد الأوروبي وجوده للخطر

الأحد 8 مارس 2015 06:03 ص

على الطرف الآخر من اتفاقية وقف إطلاق النار في أوكرانيا تتمدد ديون اليونان وترتفع احتمالات إفلاسها. هذا ما حصل في أوروبا خلال الأسابيع الثلاثة الماضية. فالدبلوماسية السياسية والاقتصادية الأوروبية منهمكة في تجنب كارثة ماحقة دون أن يكون لتحركها هدف استراتيجي.أما مخاطر هذه الدبلوماسية فماثلة في تحول أوكرانيا واليونان إلى دولتين فاشلتين.

تأملوا فقط ما آلت إليه حال اليونان بعد خمس سنوات من حل أزمتها المالية. لقد أصبح أداؤها الاقتصادي هو الأسوأ في التاريخ الاقتصادي، ومع ذلك لم ننجز سوى استمرار نفس السياسة المعتمدة لكن بوجوه جديدة.

فهل هذا قابل للاستمرار؟

منظرو أوروبا البراغماتيون يقولون إن بوسعهم تمديد أجال القروض إلى الأبد بمعدلات فائدة منخفضة. من وجهة النظر الاقتصادية يعد هذا مكافئاً لشطب الديون، ومن الناحية السياسية يسهل تسويقه لأنك لست مضطراً لحساب الخسائر. أما في المجال العسكري فإن القدرة على تجديد الهدنة أكثر من مرة لا بد أن تقود إلى السلام.

لكن هذا النوع من الجدل ليس فقط جدلاً لا أخلاقياً، بل إنه ينطوي على خيانة، فضلاً عن كونه عديم الفائدة. وعندما تمارس لعبة التأجيل والنفاق فإن الاقتصاد الحقيقي ينهار بعد أن تسببت سياسة التقشف باضمحلال مستويات الدخل وضعف الوظائف. وقد تسببت السياسة النقدية الخاطئة بتدني معدلات التضخم في منطقة اليورو ما جعل من المستحيل على اليونان وغيرها من الدول المحيطة تطوير كفاءتها التنافسية التي فقدتها في السنوات الأولى لقيام الاتحاد النقدي الأوروبي.

وإذا اتبعت الدول الأوروبية نفس سياسة المماطلة في الأزمة الأوكرانية وأبقت على العقوبات من دون تشديد فسوف تكتشف بعد انهيار الهدنة، وهو أمر مرجح، أنها تخلت عن أوكرانيا في اللحظة الحرجة وتركتها تتحول إلى دولة فاشلة عبارة عن منطقة عازلة بين روسيا وأوروبا. وقد يجد مناصرو فكرة الاتحاد الأوروبي والمتحمسون لها أن هذا الاتحاد تحول إلى كيان خلبي. وهناك من المبررات المنطقية لانتشار هذا الشعور وحتى شعور الاعتراض على عضوية أي دولة سواء في منطقة اليورو أو الاتحاد الأوروبي.

فحتى منجزات الاتحاد الأبرز التي تحققت سابقاً قد تآكلت. وأهم تلك المنجزات الحقوق الأساسية التي تم الاتفاق عليها والتي تشكل جزءاً من النظام القضائي الحالي، وتشمل حرية تنقل الأفراد ورأس المال والسلع وتنقل الخدمات ولكن بدرجة أقل. وتشمل تلك الحقوق حرية اختيار الجنسية ضمن منظومة دول الاتحاد. واليوم لم يبق لدينا سوى أقل من سوق مال موحدة مقارنة مع ما كنا عليه قبل الأزمة. وتعارض الحكومة البريطانية حق المواطنة.

وقد بدأ اليورو قبل خمس عشرة سنة كخطوة نحو التكامل الاقتصادي. لكنه تقهقر ليصبح نسخة حديثة من المعايير الذهبية وأبواب التملص منه مفتوحة، والسؤال الذي ينبغي علينا الإجابة عنه: هل لدى اليونان مبررات اقتصادية منطقية للسعي للانفصال عن منطقة اليورو؟

المؤكد أن الجواب بالنفي، سواء لوجود المبررات المنطقية أو للمسعى، لكن هناك من يجيب بالقبول. والعبرة في ذلك هو أن على الجميع البحث عن مخرج للإفلات من تلك السياسات عديمة الجدوى القائمة على التقشف ومعدلات التضخم الصفرية. والسبب العقلاني للانفصال عن منطقة اليورو هو فرصة لتجنب الاتهام بالغباء.

ومع عقم السياسات النقدية في الاتحاد الأوروبي يصبح من الصعب جداً التمييز بين الأعضاء النافعين وغيرهم في الجدل الدائر حالياً حول جدوى العضوية. وقبل عشرين عاماً من الآن لم تكن مثل هذه الأفكار تراود أحداً على الإطلاق.

  كلمات مفتاحية

الاتحاد الأوروبي أوكرانيا ديون اليونان منطقة اليورو الدبلوماسية السياسية الاقتصادية أوروبا السياسة النقدية

انهيار محادثات الديون بين اليونان ومنطقة اليورو

خطة بريطانية لإخراج اليونان من منطقة اليورو

عمان تستضيف اجتماع اللجنة المشتركة لدول مجلس التعاون ورابطة التجارة الحرة الأوروبية

مخاطر فشل البنك المركزي الأوروبي في تحقيق استقرار الأسعار أعلى منها قبل 6 أشهر

أوروبا قد توفر 80 مليار دولار بسبب انخفاض أسعار النفط

مافيا الاتحاد الأوروبي

صندوق النقد الدولي يرسم صورة قاتمة لأوروبا