ماذا يحمل العهد الجديد في السعودية لمعتقلي جمعية «حسم»؟

الخميس 19 مارس 2015 07:03 ص

منذ أن سجن أول أعضائها «محمد البجادي» في مارس/أذار 2011، وهناك استهداف ممنهج من قبل السلطات السعودية ضد أعضاء «جمعية الحقوق المدنية والسياسية» (حسم)، وكان آخر من سجنت السلطات من أعضاء الجمعية هو «فوزان الحربي» في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

بلغ مجموع من  أعضاء «حسم» المعتقلين 9 أفراد حتى الآن، هم: «صالح عشوان العشوان - عمر محمد السعيد - الشيخ سليمان إبراهيم الرشودي - محمد صالح البجادي - عبد الكريم يوسف الخضر - فوزان بن محسن الحربي - محمد فهد القحطاني - عبد الله حامد الحامد»، ويواجه آخر عضوين طليقين: «عبدالعزيز يوسف الشبيلي» و«عيسى حامد الحامد» محاكمة تستند على نظام مكافحة الإرهاب وتمويله، الذي يتم استخدامه ضد حرية التعبير والمطالبات الحقوقية.

وأيام 3 و4 و5 مارس/أذار الجاري 2015، جرت محاكمة 4 من أعضاء الجمعية في محاكمات وصفوها بأنها «غير عادلة»، وهم «عبد الكريم يوسف الخضر - محمد صالح البجادي - عبد العزيز يوسف الشبيلي - عبد الرحمن حامد الحامد»، ضمن سلسلة الاستهداف الممنهج لأعضاء الجمعية. 

وحتى الآن لا تفاؤل تجاه أي تغير في مسار الأحكام، بغض النظر عما يقدمه المتهم من حجج أو دفاعات منه أو من محاميه، وذلك بناء على التجارب الذي خاضها أعضاء الجمعية منذ سنوات وحتى اليوم.

ففي 3 مارس/أذار خاض العضو المؤسس في الجمعية الدكتور «عبد الكريم يوسف الخضر» جلسته الثالثة، بعد أن نال حكما مسبقا بالسجن 3 سنوات نافذة، و5 غير نافذة، والمنع من السفر لمدة 10 سنوات، إلا أن الاستئناف نقض الحكم لتعاد المحاكمة من جديد على خلفية تهم تشمل «الدعوة والتحريض على مخالفة النظام والفوضى - الإخلال بالأمن والطمأنينة العامة - الدعوة للتظاهر - الطعن في هيئة كبار العلماء - إهانة السلطة القضائية - ترويج ادعاءات غير صحيحة عن الدولة - تأليب الرأي العام باتهام الجهات الأمنية بالقمع والتعذيب والإخفاء القسري وانتهاك حقوق الإنسان - الاشتراك جمعية حسم - اتهام كبار المسؤولين بالظلم - التعدي على مؤسسات حقوق الإنسان الرسمية».

ويوم 4 مارس/أذار الجاري كانت الجلسة السادسة للعضو المؤسس «عبدالعزيز الشبيلي»، وذلك على خلفية التهم الموجهة له والتي تتضمن «نشر بيان يدعو إلى التظاهر والاستمرار فيه - اتهام أعضاء هيئة كبار العلماء بأنهم مجرد أداة تصدق على ما يقدم لهم من بيانات مقابل دعم مالي ومعنوي - وصف القضاة بالظلم وعدم النزاهة وانتهاك حقوق الإنسان وإباحة تعذيبه - وصف نظام الحكم السعودي بأنه بوليسي يقوم على الجور والقمع ويتبرقع بالدين ويستخدم القضاة لتقنين الظلم - اتهام الجهات الأمنية وكبار المسؤولين فيها بالقمع والتعذيب والاغتيال والاختفاء القسري وانتهاك حقوق الإنسان - اشتراكه في جمعية غير مرخصة (حسم) واشتراكه في صياغة بياناتها - عدم امتثاله لقرار حل جمعية حسم القضائي - إعداد وتخزين وإرسال بيانات تمس النظام العام».

أما يوم 5 مارس/أذار الجاري، فقد جرت الجلسة السادسة لمحاكمة العضو المؤسس «محمد البجادي»، وهي المحاكمة الثانية التي تعقد له بعد الأولى التي حكم فيها عليه بالسجن 4 سنوات والتي من المفترض وبناء على الحكم الصادر أن تكون مدة المحكومية قد انقضت منذ قرابة شهر، ولكن تم نقض الحكم وإعادة المحاكمة في دلالة انتقامية، كما يقول أعضاء حسم وحقوقيون سعوديون.

جمعية «حسم»

 جمعية «حسم» هي «جمعية الحقوق المدنية والسياسية» في السعودية، التي أسسها 11 ناشطا حقوقيا سعوديا هم «عبد الرحمن الحامد، محمد فهد القحطاني، عبد الكريم يوسف الخضر، عبد الله الحامد، فهد عبد العزيز العريني، محمد حمد المحيسن، محمد البجادي، عيسى حامد الحامد، ومهنا خليف الفالح، سعود الدغيثر، فوزان الحربي، سلمان الرشودي، موسى القرني، منصور العودة».

وتهدف الجمعية إلى التوعية بحقوق الإنسان مركزة على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948.

وكان أول ظهور بارز للجمعية عقب السيول التي شهدتها مدينة جدة فى 2009، بعدما أصدرت الجمعية وقتها بيانا أدانت فيه «الفساد السياسي»، ودعت الملك إلى تشكيل برلمان منتخب بصلاحيات أكبر تمكنه من حساب المسئولين.

وقد لاحقت السلطات السعودية مؤسسى جمعية «حسم» ملاحقات أمنية شرسة منذ عام 2011، حيث اعتقلت «محمد البجادي» فى 21 مارس/أذار 2011 وحكم عليه فى جلسه سرية فى 10 إبريل/نيسان 2012 بالسجن أربعة سنوات، وفى 22 مايو/أيار 2012 صدر قرار بمنع «فوزان الحربي» من السفر، وفي 12 ديسمبر/كانون الأول تم اعتقال «سليمان الرشودي»، ويذكر أن «الرشودي» كان محكوما عليه بالسجن 15 عاما فى القضية التى عرفت باسم «إصلاحيي جدة».

حل الجمعية

وفى يوليو/تموز 2012 تمت محاكمة «فهد القحطاني» و«عبد الله الحامد» بتهم متعددة منها المشاركة في تأسيس جمعية بدون ترخيص، وفي 9 مارس/أذار 2013 حكمت المحكمة الجزائية في الرياض، بحل جمعية «حسم» ومصادرة أموالها وممتلكاتها بما فيها موقعها على شبكة الإنترنت، والسجن لمدة 5 سنوات على «عبد الله الحامد»، ليصبح مجمل الأحكام الصادرة عليه 11 عاما بعد إضافة هذا الحكم للحكم الصادر ضده فى قضية «إصلاحيي جدة»، والسجن 10 سنوات على «محمد فهد القحطاني» ومنعه من السفر 10 سنوات أخري. 

 وفى 24 يوليو/تموز 2013 تمت إدانة «عبد الكريم الخضر» بتهم تأليب الرأي العام والاشتراك فى جمعية غير مرخصة وحكم عليه بالسجن 3 سنوات نافذة والسجن 5 سنوات مع وقف التنفيذ، تنفذ فى حالة مشاركته فى تأسيس جمعية أخرى أو مشاركته فى أيه تظاهرة عقب إطلاق سراحه، كذلك منعه من السفر لمدة 10 سنوات أخري.

وقد احتجت «الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان» على الأحكام وقالت «إن السلطات السعودية مازالت مستمرة في ملاحقتها الأمنية والقضائية المجحفة بحق النشطاء والحقوقيين، مخالفة بذلك كافة المواثيق والاتفاقيات الدولية الخاصة بنشاء حقوق الإنسان والتي وقعت عليها السعودية، ومخالفة أيضا للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، مصرة على استمرار فى سياستها الأمنية الحادة التي نتج عنها الآلاف من معتقلي الرأى فى السجون السعودية».

وطالبت الشبكة المنظمات المعنية بالحريات والديمقراطية بسرعة الضغط على حكوماتها للتوصل لحل للأزمات الحقوقية فى السعودية، والضغط على السلطات السعودية لوقف الملاحقات الأمنية الغاشمة ضد النشطاء والحقوقيين، مع ضرورة تعهد السلطات السعودية بضمان أمنهم وسلامتهم وحريتهم فى تأدية عملهم الحقوقي دون مضايقات من قبل السلطات.

كذلك أدانت الشبكة الحكم الذى أصدرته المحكمة الجنائية بالرياض يوم 25 يونيو/حزيران 2014، على الناشط الحقوقي« فوزان الحربي»، بالسجن 7 سنوات مع إيقاف تنفيذ ست سنوات منها، ومنعه من السفر لمدة 7 سنوات، ومنعه من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي أو المواقع الإلكترونية حتي ما بعد استئناف الحكم، وذلك على خلفية نشاطه الحقوقي.

وقد وجهت المحكمة العديد من التهم لـ«فوزان الحربي»، منها الاشتراك في جمعية «حسم»، والتحريض على عصيان الحاكم، والتحريض على التظاهر، والإساءة لسمعة القضاء، ويقبع «فوزان الحربي» رهن التحقيقات منذ 11 مايو/أيار 2013، وبدأت محاكمته فى 4 ديسمبر/كانون الأول 2013، ثم صدر له أمر ضبط وإحضار وتم تنفيذه بشكل تعسفي فى 26 ديسمبر /كانون الأول من نفس العام، وهو الآن مفرج عنه وفقا للقانون السعودي في انتظار حكم محكمة الاستئناف السعودية التي قد تؤيد الحكم أو ترفضه.

وقد انتقدت منظمة هيومن رايتس ووتش الأحكام علي أعضاء «حسم»، ووصفتها بأنها «انتكاسة كبرى لحقوق الإنسان في البلاد»، كما اعتبرت منظمة العفو الدولية الأحكام دليلا على عجز السلطات عن «التعاطي مع أي رأي مخالف» واعتبرت النشطاء المحبوسين سجناء رأي يجب الإفراج عنهم «فورا ودون شروط».

هل يفعلها الملك سلمان؟

في إطار التغييرات الداخلية التي تشهدها المملكة وعودة أول معارض سعودي من الخارج هو «كساب العتيبي» للرياض بعد 20 عاما في المنفى، بدأت التساؤلات، هل بدأ الملك الجديد يوعز لأجهزة المملكة بالتفاوض مع المعارضة ومد اليد لها؟

ولوحظ أنه قد بدأت بالفعل حملة علي مواقع التواصل تدعو الملك «سلمان» لإطلاق سراح المعتقلين، تذكر أنه قد «طال أمد اعتقال أعضاء جمعية حسم وإصلاحيي جدة وغيرهم من الناشطين، والشعب السعودي ينتظر من قيادته الجديدة أطلاق سراح المعتقلين وأعادتهم إلي أحضان عوائلهم».

وهناك مؤشرات متضاربة لهذا التحرك الملكي المنتظر، فقد أطلقت السلطات السعودية أول أمس سراح السيدة «بهية الرشودي»، ابنة أحد مؤسسي جمعية «حسم» الحقوقية وسجين الجمعية، بعد عام من السجن لمطالبتها بالإفراج عن والدها، كما تم الإفراج عن ابنها «عبدالله السند»، ومن قبله الإفراج عن الشيخ «عقيل العقيل» مدير مؤسسة الحرمين الخيرية، أكبر مؤسسة خيرية في السعودية، والتي تم إغلاقها وتجميد أموالها في البنوك، والإفراج عن الأكاديمي الشيخ «عبد الرحمن السديس».

بالمقابل، كان من المفترض أن يتم الإفراج عن عضو الجمعية «محمد البجادي» الأسبوع الماضي بعد انقضاء مدة محكوميته، لكنه حكم عليه مرة أخرى.

ليس من الواضح بعد ما إذا كان العهد الجديد سيكون أكثر انفتاحا على الناشطين والمطالبين بإصلاحات سياسية. ويرى بعض المراقبين أنه لا داعي للتفاؤل لأنه ليس ثمة تغييرات حقيقية حتى الآن.

  كلمات مفتاحية

السعودية حسم عبدالله الحامد سليمان الرشودي بهية الرشودي الملك سلمان محمد القحطاني

السعودية تعتقل «فوزان الحربي» وحكم بحبسه 10 سنوات نافذة

الداخلية السعودية تؤجل إطلاق سراح «بهية الرشودي» بسبب عطلة العيد!

مركز الخليج لحقوق الإنسان يستنكر استهداف السلطات السعودية لنشطاء جمعية «حسم»

السعودية تعتزم توريط أعضاء «حسم» بممارسات الإرهاب فى المنطقة

جزائية «بريدة» تؤجل محاكمة رئيس «حسم» إلي 3 يوليو

استهداف "حسم" مستمر: إحالة عيسى الحامد للمحكمة الجزائية

فيديو.. الملك «سلمان»: بإمكان أي مواطن أن يرفع قضية على الملك أو ولي العهد

«فورين أفيرز»: هل يشكل الإسلاميون المعتدلون خطرا على النظام السعودي؟

الحكم على الكاتب السعودي «مهنا الحبيل» بالسجن 6 سنوات لتأييده «حسم»