تحولات «دراماتيكية» تخنق الدور الأردني

الأحد 22 مارس 2015 07:03 ص

ثلاثة عناصر مستجدة في المستوى الإقليمي بدأت تدفع اللاعب الأردني تحديدا للقلق على مستقبل دوره الأمني واللوجستي والسياسي في المنطقة الملتهبة في الجوار والتي ستزداد إلتهابا.

إستراتيجية المملكة العربية السعودية «الأمنية» وتحديدا في مجال «تأمين الحدود» لا تأخذ بالاعتبار لا حاليا ولا مستقبلا المصالح الأردنية ولا التراث الأردني الصامت في المساهمة في حماية حدود المملكة.

السعودية تفاجئ هنا الأردنيين مرتين، فهي بدأت تخطط للإعتماد على تركيا وقواتها وبرامجها العسكرية وتسعى في الوقت نفسه لإقامة نظام إلكتروني «شرس» يحمي حدودها كلفته الجزئية يمكن ان تعالج كل مشكلات الخزينة الأردنية.

في الوقت نفسه لا تقوم السعودية حتى بعد تولي الملك سلمان بن عبد العزيز بأي خطوة لصالح إحياء وإنعاش مسألة إنضمام الأردن لمجلس التعاون الخليجي.

يعني ذلك أن السعودية ورغم قواعد اللعب القديمة معها وإستقرار البعد الاستراتيجي والحرص الأردني على إرضائها بالإبتعاد تماما عن خصومها والإقتراب من حلفائها ليست في موقع تقديم مساعدة حقيقية للأردن لا بل بدأت تفكر في التخلي عن «الدور الأمني» الأردني في حمايتها مما يعتبر عبثا في الطبق العميق ومسارا سينتهي بتأثير سلبي على الدور الإقليمي الأردني يصل إلى مستوى»الإيذاء» وفقا لما قيل في أحد الإجتماعات المغلقة مؤخرا.

على هذا الأساس أصبح «تخلي» السعودية التدريجي عن مساعدة الأردن أو عن أدوار الأردن التقليدية التاريخية بمثابة رافعة مستجدة للهواجس بالنسبة للخيار الإقليمي والسياسي الأردني وهي رافعة تشكل اليوم «نقطة حرجة» ومستجدة في البحث عن خيارات بديلة.

في المقابل تقرع إسرائيل كل أجراس القلق والخطر على الدور الأردني الإقليمي المألوف عالميا تعلن وضع خططها لإقامة «جدار أمني عازل» على الحدود مع الأردن وهي مسألة لا يتطرق لها الإعلام الأردني لكن يعتقد انها «عدائية» جدا في أبعادها العميقة، لأن استراتيجية الأردن وطوال سنوات عديدة كانت قائمة على مخاطبة الغرب على أساس قدرته على هضم فكرة وجود إسرائيل بل وعقد إتفاق سلام معها يساهم في تأمين حدوده ويعالج هاجسه الأمني.

المؤسسة الأردنية لم تعلق على مسار الأحداث بخصوص الأفكار الإسرائيلية في مجال»التشكيك» في صمود المؤسسات الأردنية وأدوارها خصوصا في مرحلة إنفلات التنظيمات المتشددة في الجوار، لكن مسألة سعي إسرائيل لإعادة إنتاج واقع حدودي مستقر منذ نصف قرن قد يعجل في تنامي إحساس الأردنيين بقرب فقدان مبررات ومسوغات دورهم الإقليمي المؤثر الذي تم البحث عنه بكثافة مؤخرا تحت لافتة التحالف الدولي المضاد للإرهاب.

واحدة من المشكلات الأساسية التي اعترضت حسب أحد الخبراء العميقين، النخب السياسية الأردنية وهي تبحث عن تساؤلات تكتيكية حول خطوات الإنفتاح على إيران تمثلت في التوثق من أن العقلية السياسية الأردنية لم تتطور منذ عشرات السنين وما زالت معتمدة تماما على نمط ينطلق من فكرة إدارة كل الملفات السياسية الأردنية وغير الأردنية بناء على «عظمة» الدور الإسرائيلي وأولويته.

حتى في المسائل الداخلية كان المعيار الإسرائيلي لاعبا أساسيا في الكثير من الأحيان وحسب رئيس وزراء سابق تحدث لـ»القدس العربي» ما زالت إسرائيل من حيث المبالغة في نفوذها ووهم قوتها تشكل «البرنامج» الخلفي الأساسي في ذهن كل سياسي أردني، وهي طريقة «غير واقعية» في التفكير اليوم تظهر مجددا ان «توهم» النفوذ الكبير في الدور الأردني ارتبط دوما بنفوذ إسرائيل والإدارة الأمريكية رغم وجود لاعبين مختلفين وجدد في المنطقة.

إسرائيل نفسها تعيد إنتاج هذه الفكرة وهي تتحدث عن جدارها الأردني بمعنى التخلي عن معايير الدور الأردني في تأمين الحدود وإطلاق عملية سياسية واسعة النطاق، وإسرائيل نفسها لم تعد في رأي طبقة واسعة من المحللين الإستراتيجيين في الأردن بالقوة التي كانت عليها سابقا، ونوايا الأدارة الأمريكية تجاه الأردن تدار اليوم بـ«القطعة» وما يحصل مع الساسة الأردنيين أنهم يديرون المستجدات بعقلية قديمة قوامها عقيدة القوة الإسرائيلية فقط رغم ان المعطيات تغيرت.

هذه العقلية لم تعد تكفي لمواجهة الهواجس والمخاوف الأردنية في رأي جيل شاب من السياسيين والدبلوماسيين يتحدث عن التنويع بهدى ومساندة من بعض رموز العراقة في جيل السياسيين القدامى حيث إستمعت «القدس العربي» مرات عدة لمخضرم من وزن طاهر المصري يتحدث عن التنويع في الخيارات حرصا على المصالح الأردنية العليا وعن ضرورة الحفاظ على التوازنات والخيارات في حضن القراءة الواقعية للأحداث.

تجدد «الخذلان» السعودي والتحديات التي يفرضها الجدار الإسرائيلي العازل الجديد على الحدود مع الأردن هما مستجدان تحالفا مع مستجد ثالث أكثر أهمية وواقعية فرض نفسه كالصاعقة على دوائر صنع القرار الأردني مع العلم ان الأدوات التي ترسم السياسة في البعد التنفيذي حتى الآن ما زالت كلاسيكية أو بائسة أو ترتبط بوصلتها إنتاجيا بعقدة «التفوق الإسرائيلي» ومتلازمة الشعور بأن إسرائيل هي الطرف الذي ينبغي ان يرضى قبل بقية الأطراف.

المستجد الثالث هو إستقرار جلوس الحرس الثوري الإيراني في عمق الخاصرة الشمالية للأردن في درعا السورية، وهو ما سبق ان حذر منه القيادي في الإخوان المسلمين مراد العضايلة وهو يعتبر ان وجود قوات حزب الله وقوات الحرس الثوري من أكثر الأخبار السيئة بالنسبة للمصالح الوطنية والحدودية العليا في الأردن كما أفاد العضايلة لـ «القدس العربي».

إيقاع درعا المستجد إذا جازت التسمية شكل العنصر الثالث في ثالوث مستجد ودراماتيكي «يخنق» الآن تقاليد البوصلة السياسية الأردنية ويدفعها في إتجاه مجازفات غير مختبرة سابقا ويمكن ان تفتح على كل الإحتمالات ولا تتميز بالإستقرار ولا يمكن تكهن تداعياتها.

على رأس هذه الخيارات يستقر الآن الاندفاع الأردني الدراماتيكي نحو تطبيع أو بناء علاقات أوسع مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية أملا في محاكاة العهد الجديد بعد الخذلان السعودي و»عدم الإكتراث» الإسرائيلي والأمريكي.

  كلمات مفتاحية

الأردن تحولات «دراماتيكية» الدور الأردني «الخذلان» السعودي «الجدار» الإسرائيلي الحرس الثوري إيران درعا

انتقادات داخلية بعد اعتراف الأردن بـ(إسرائيل) في المناهج وترحيب صهيوني واسع

نائبة «الأسد» تستنكر استضافة الأردن تدريب مقاتلين معارضين على أراضيه

«ديبكا»: الجنرال «سليماني» ضيفا على الاستخبارات الأردنية في زيارة «تاريخية»

«الثني»: اخترنا الأردن لتأهيل جيش طبرق لتأثره بالعقيدة العسكرية البريطانية

«إخوان» الأردن يخوضون «معركة وجود»

«الأردن» و«روسيا» يوقعان اتفاقية دعم إنشاء أول محطة نووية بالمملكة

العاهل الأردني يبحث هاتفيا مع «العبادي» جهود محاربة التنظيمات «الإرهابية»

ما الذي تريده الأردن بتوجهها إلى إيران؟