«إخوان» الأردن يخوضون «معركة وجود»

الاثنين 9 مارس 2015 03:03 ص

يقولون في موروثنا الشعبي: «مقسوم لا تاكل، وصحيح لا تقسّم، وكل حتى تشبع!».

فهل هذه هي الوصفة السياسية التي يُعدها المطبخ السياسي الأردني ليتخلص سلميًّا وبصورة ناعمة من حركة «الإخوان المسلمين»، التي قامت دول صديقة للأردن الرسمي بحظر نشاطها؟

قبل أيام قليلة، وافقت الحكومة الأردنية على ترخيص «جمعية جماعة الإخوان المسلمين» في الأردن وفق طلب تقدم به عدد من «الإخوان المسلمين»، وكان على رأسهم العين السابق والمراقب العام الأسبق للجماعة عبد المجيد الذنيبات، إلى وزارة التنمية الاجتماعية. وبعد موافقة سجل الجمعيات في وزارة التنمية الاجتماعية على الطلب، تم انتخاب الذنيبات مراقبًا عامًّا للجمعية الجديدة. 

ما سبق، يفتح الباب على مصراعيه للتساؤل عن مدى قانونية الجماعة «القديمة»، وبالتالي هل هذا هو مسمار جديد في نعش الحركة الإسلامية في الأردن، أم أنه مجرد مناورة أو «قرصة أذن» للحركة؟

جماعة «الإخوان» غير موجودة بحكم القانون!

«جماعة الإخوان المسلمين القديمة باتت غير موجودة بنظر القانون»، هكذا يبدأ الخبير الدستوري والقانوني الدكتور محمد الحموري حديثه إلى «السفير»، مبينًا أن هذا الكلام لا يعني بأن أملاك وإرث الجماعة التي بلغت من العمر 69 عامًا أصبحت مع الذنيبات أو الجمعية التي قام بترخيصها، لأنه ببساطة «قام بترخيص جمعية تحمل إسم جماعة الإخوان المسلمين فقط، فهو يملك الإسم وليس الجسم الذي يشكل ثقلًا سياسيًّا مهمًّا».

لكن الخطر الذي يحدق بالجماعة القديمة، بحسب الحموري، يتلخص بأن من حق الحكومة أن تطلب في أي وقت شاءت من «الإخوان» تصويب أوضاعهم وفق قانون الجمعيات رقم (51) للعام 2008، وحينها، إن رفضت الجماعة ذلك، فللحكومة الحق في حلها نهائيًّا.

وتجدر الإشارة إلى أن منظمات مجتمع مدني وجمعيات أردنية عارضت قانون الجمعيات منذ صدوره قبل سبعة أعوام، وأنشأت تحالفات قانونية عدة بهدف تعديله، لأنها تجد أن فيه بنودًا تحد من حرية عمل الجمعيات والمنظمات. في المقابل، فقد أمضت الحركة الإسلامية سنوات طويلة وهي تعمل في إطار حر، وفق قانونها الداخلي.

وتأسست «جمعية الإخوان المسلمين» في الأردن في العام 1946 بقرار من مجلس الوزراء، وفي العام 1953 صدر قرار من المجلس باستبدال كلمة «جمعية» بكلمة «جماعة» ليصبح إسمها «جماعة الإخوان المسلمين».

وفي العام 1966، صدر قانون الجمعيات الأردني، وبموجبه طلبت الحكومة من كل الأندية والجمعيات أن تصوب أوضاعها وفق القانون، لكن لم يطل القانون هذا جماعة «الإخوان» في حينه، إذ كانت قريبة من النظام، ويصفها محللون بأنها كانت أحد أركانه.

لكن وبعد مرور 49 عامًا على صدور قانون الجمعيات الأردني، تنبه أعضاء الجماعة إلى ضرورة ترخيصها، ويبرر الذنيبات هذه الخطوة أثناء حديثه إلى قناة «الجزيرة» بأنها لم تكن متأخرة، بل إنها جاءت وفق المتغيرات السياسية التي تعصف بالمنطقة، مبينًا أنه وباعتبار «حركة الإخوان الأم» في مصر إرهابية، فإن الفرع وهو الأردني سيتبع الأصل ويكون مثلها حكمًا. وأشار إلى أنه لا يجوز أن يكون هناك جماعة أو حزب في الأردن مرتبطًا بحزب خارجي تم تصنيفه أنه إرهابي.

«الإخوان» يخوضون معركة وجود!

الصورة باتت واضحة، فبرغم المفاصل الحرجة التي مرت بها «الإخوان المسلمين» منذ 15 عامًا، والتي بدأت بانشقاق أفراد من «جبهة العمل الإسلامي» وتأسيسهم لـ «حزب الوسط»، مرورًا بوضع الحكومة يدها على «جمعية المركز الإسلامي»، وصولًا إلى إعلان القيادي في «الإخوان» تأسيس «مبادرة زمزم» التي وصفها الإسلاميون بالانشقاقية، فإن ترخيص جماعة لـ «الإخوان» برئاسة الذنيبات مؤخرًا، يُعد الأخطر على وجود الحركة. فالجماعة هي الذراع الاجتماعي لحزب «جبهة العمل الإسلامي»، وبفضلها، له حضور في الشارع يميزه عن باقي الأحزاب اليسارية والقومية، فهي الرئة الاجتماعية التي يتنفس بها.

ولعل ترخيص الذنيبات للجماعة كان بمثابة سيف قدمه الرجل «الإخواني» العريق إلى صانع القرار الأردني، ليحاصر الحركة الإسلامية، التي بات سيف القانون أمامها ومنحدر «حل الجماعة» خلفها، ومسألة الاقتراب من النهاية باتت محكومة فقط بحلول التوقيت المناسب، ومرهونة بنتائج المناورات الجارية بين الدولة والحركة الإسلامية.

ما سبق هي أفكار تفرض ذاتها، برغم حديث أبرز قيادات «الإخوان المسلمين» حمزة منصور لـ «السفير» حول تطمينات رئيس الوزراء الأردني عبد الله النسور له وباقي أعضاء الوفد «الإخواني» الذي التقاه النسور نهاية الأسبوع الماضي، إذ قال الرئيس بصريح العبارة: «نحن لا نستهدف جماعة الإخوان المسلمين، وإن الجماعة شيء وجمعية جماعة الإخوان المسلمين شيء آخر»، مضيفًا أنه ليس هناك عاقل يفكر حقيقة باستهداف جماعة «الإخوان المسلمين» وتحديدًا في هذه المرحلة.

حديث رئيس الوزراء يُظهر وكأن الحكومة الأردنية بعيدة عن هذا الصراع، الذي وصفته الحكومة بـ «الصراع الإخواني الداخلي»، لكن مراقبين ومتابعين ومتخصصين لا يمكنهم رؤية أيدي الحكومة بعيدة عن المشهد «الإخواني» المضطرب. 

ويصف المتخصص في الجماعات الإسلامية مروان شحادة لـ «السفير»، أن ما جرى كان انقلابًا برعاية الدولة الأردنية، معتبرًا أن الحدث «يلخص حالة تغول الأمني على السياسي في البلد».

ومن الأدلة الملموسة على أن الحكومة غير بعيدة عن الصراع «الإخواني» – «الإخواني»، هو الاحتضان الإعلامي الواضح لصحيفة «الرأي» ذات الطابع الحكومي للذنيبات وجمعيته التي قام بترخيصها، إذ خصصت نصف صفحة لتناول الحدث، والنصف الآخر من الصفحة تم تخصيصها لتناول تجربة الذنيبات، وقد وصفتها الصحيفة بـ «المستنيرة».

رغم ذلك، فإن رموز «الإخوان المسلمين» يلتزمون في أحيان كثيرة نبرة هادئة وديبلوماسية، إذ إنهم مهما أرسلوا التطمينات والتأكيدات على أن الحركة باقية، إلا أنهم يدركون جيدًا أنهم يخوضون «معركة وجود».

وعند حديث منصور عن قانونية عمل «الإخوان» على مدى عشرات السنوات، يقول إن «الجماعة لا تعمل في الظلام ولا تحت الأرض، إنها تعمل تحت الشمس وهي كالكتاب المفتوح»، ويشفع حديثه برد ديبلوماسي مفاده: «إن كان لدى الحكومة أي توجهات فيمكن أن تحاور الجماعة الحكومة عليها».

 

  كلمات مفتاحية

الأردن النظام الأردني الحركة الإسلامية القانون «إخوان» الأردن «معركة وجود»

القيادات التاريخية للإخوان ترفض جمعية «الذنيبات»

الأردن توافق على طلب تقدم به قياديون مفصولون لتوفيق أوضاع «الإخوان» قانونيا

الانقسامات الداخلية تضع مستقبل الإخوان في الأردن بيد وزارة الداخلية!

إخوان الأردن يواجهون تحديات جديدة .. وبني ارشيد اختار «السجن» عن «الإعتذار» للإمارات

الحركات الإسلامية في الأردن .. أيدٍ متباينة تغرف من وعاء الماضي

انتقادات داخلية بعد اعتراف الأردن بـ(إسرائيل) في المناهج وترحيب صهيوني واسع

تحولات «دراماتيكية» تخنق الدور الأردني

الأردن يعتزم منع احتفال الإخوان بذكرى تأسيسهم .. والجماعة: الاحتفال قائم في موعده

مراقب «إخوان» الأردن يشيد بالسياسة السعودية الجديدة ويدين الدور الإيراني في المنطقة

«السيسي» والملك «عبدالله الثاني» يبحثان مستجدات القضايا العربية

الأردن: فتوي رسمية بمصادرة أملاك «الإخوان» ونقلها إلى «جمعية الذنيبات»

هزيمة مدوية لأنصار«الأسد» في انتخابات رابطة الكتاب الأردنيين

الديوان الأردني «يتبرأ» من أي تصريحات للعائلة الحاكمة عدا الملك وولي العهد

هل تستقيل الحكومة الأردنية ويُحل البرلمان بعد إقرار قانون الانتخابات الجديد؟