حمد بن خليفة آل ثاني، نيوزويك، 13/7/2014 - ترجمة: الخليج الجديد
لقد كان كأس العالم هذا العام بالفعل مذهلًا. شاهدنا عروضًا فردية رائعة ومباريات عظيمة وكذلك اضطرابات كبرى، حملت جميعها الابتهاج وخيبة الأمل على حد سواء للجماهير العريضة. ولكن سواء أكان الخروج المبكر لأسبانيا أو هزيمة البرازيل أو أداء فرق مثل تشيلي أو كوستاريكا، هناك أسباب جيدة للنقاد الرياضيين لتفسير مثل تلك النتائج.
وعلى الرغم من كل ما قد سمعت على مدى الأسابيع القليلة الماضية فيما يتعلق بتنظيم قطر لنهائيات 2022، هناك أيضا أسباب وجيهة ومشروعة لماذا فازت قطر على منافسيها المعروفين باستضافة البطولة بعد ثماني سنوات.
ليس لدى قطر تاريخ كبير في كرة القدم، نحن بلد صغير ترتفع فيه درجات الحرارة في فصل الصيف. ولكن وبشكل غير منصف، تثير ثروتنا شكوك المشككين. وكان نجاح عرضنا ليس بسبب تجاهل تلك الأسئلة الكبيرة ولكن لأننا قدمنا إجابات مقنعة. حولنا كل تحد لصالحنا وفزنا باستضافة البطولة لأن عرضنا كان الأفضل.
قد يكون تاريخ قطر في كرة القدم أصغر بكثير مما عليه تاريخ أوروبا أو أمريكا الجنوبية، ولكن الشغف باللعبة هنا وفي كل أنحاء الشرق الأوسط كبير، وهذا ما كان يفهمه أعضاء الفيفا وحرصوا على تنظيم البطولة في منطقة جديدة من العالم.
ساعدت نهائيات كأس العالم في الولايات المتحدة عام 1994 وفي اليابان وكوريا الجنوبية عام 2002 وفي جنوب افريقيا عام 2010 على بناء شعبية عالمية كبيرة لكرة القدم. وهذه هي الفرصة قد سنحت لاحضار البطولة إلى الملايين من مشجعي كرة القدم في الشرق الأوسط.
كما اطمأن أعضاء الفيفا أيضا من خلال نجاحنا في الفوز والإعداد وتنظيم الأحداث الرياضية الكبرى الأخرى، مثل دورة الألعاب الآسيوية 2006، ودورة الألعاب العربية وكأس آسيا 2011. أعطى حجم قطر الصغير لهذه الأحداث شعورًا مختلفا جدا، وهو أمر إيجابي أخر بالنسبة لأعضاء الفيفا.
تحدثنا عن أن تنظيم نهائيات كأس العالم في قطر لن يجعل الفرق والمشجعين يضطرون للسفر لمسافات كبيرة، خلافا لما حدث في البرازيل، أو ما سيحدث في روسيا في غضون أربع سنوات. كما أدرك أعضاء الفيفا كذلك أن قطر بلد مستقر ومسالم وفيها أدنى معدلات الجريمة في العالم. .
واجهتنا، بطبيعة الحال، عروض من منافسين أقوياء، ولكن جميع هؤلاء المنافسين، الولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية، استضافوا نهائيات كأس العالم في السنوات الأخيرة. أما استراليا فلديها تاريخ رياضي كبير، ولكن كرة القدم ليست الرياضة رقم واحد فيها. وستكون كلفة تنظيم النهائيات هناك كبيرة فضلا عن الرحلات الطويلة. في المقابل، أكثر من 2 مليار مشاهد هم على بعد أربع ساعات طيران فقط من مطار الدوحة الجديد.
ويعتبر بعض النقاد حرارة الصيف في بلادنا كسبب رئيسي لعدم فوزنا بتنظيم النهائيات. ولكننا أظهرنا كيف يمكن لعب المباريات ومشاهدتها في ظروف مريحة. ولم يكن طلب لعب البطولة في الشتاء جزءًا من عرضنا. قد يبدو للبعض أن وجود ملاعب مكيفة هي ضرب من الخيال، ولكن لدينا أنظمة تبريد للفعاليات الخارجية منذ عام 2008.
ولقد استثمرنا في البحث والتطوير لإيجاد طريقة للتبريد يمكن أن تدعم من قبل تكنولوجيات الطاقة الشمسية والمتجددة، والتي وعدنا الفيفا بأننا سوف نتشاركها مع البلدان الأخرى.
أنا أقبل أننا أنفقنا في حملتنا من المال أكثر مما أنفقه المنافسون الأخرون، ولكن هذا فقط من أجل الحاق بركب منافسينا المخضرمين. كان علينا أن نُحدِث الناس عن بلدنا وما يمكن أن تقدمه، للتغلب على العقبات المتصورة.
ومنذ بداية اليوم الذي تقدمنا فيها بعرضنا إلى اليوم الذي تم فيه الإعلان عن فوزنا بتنظيم النهائيات في زيوريخ، لعبنا بشكل صارم وفقا للقواعد ولم نرتكب أي مخالفة. وهذا هو السبب في أننا سعداء بالتعاون بشكل كامل مع تحقيق الفيفا في عملية تقديم العطاءات. ليس لدينا ما نخفيه أو ما نخاف منه.
غير أن هذا لم يمنع وابل الاتهامات المتتالية والمتزايدة. الإنتربول، على سبيل المثال، رفض تماما ادعاء صحيفة صنداي تايمز اللندنية بأنه قد دعا إلى إجراء تحقيق جنائي حول قرار الفيفا الخاص بتنظيم نهائيات 2022.
أوضحنا للفيفا كيف أننا أردنا بتنظيم كأس العالم أن تكون حافزا لإحداث تغيير إيجابي في منطقتنا. كنا عند مستوى كلمتنا واتخذنا بالفعل خطوات على الأرض مثل تحديث قوانين العمل في بلادنا. أكدنا أيضا على إيماننا القوي بأن تنظيم نهائيات كأس العالم في الشرق الأوسط من شأنه أن يحسن التفاهم بين الدول داخل المنطقة وخارجها.
كما رأينا في البرازيل، لدى كأس العالم قدرة رائعة على جمع الناس والثقافات معا، حيث يشكل المشجعون من جميع أنحاء العالم صداقات جديدة، وسوف يعودون إلى بلدانهم وعيونهم وعقولهم أكثر انفتاحا.
هناك للأسف الكثير من الانقسامات وسوء الفهم في عالمنا، ولكن العاطفة المشتركة التي تجمعنا حول عشق كرة القدم يمكن أن تهزم التحيزات وتوحد الناس حول القواسم المشتركة بينهم. كانت تلك الرسالة في قلب عرضنا، بل إنها سبب تطلعنا كذلك للترحيب ببلدان العالم عام 2022، وسوف يكون حدثا مذهلا.
الشيخ حمد بن خليفة بن أحمد آل ثاني رئيس الاتحاد القطري لكرة القدم.