«بيزنس إنسايدر»: كيف أثر التنافس مع «الدولة الإسلامية» على نهج تنظيم القاعدة؟

الأربعاء 6 مايو 2015 01:05 ص

عندما اجتاح تنظيم القاعدة مدينة المكلا الساحلية اليمنية الشهر الماضي، عقد قادة الجماعة على الفور اتفاقا لتقاسم السلطة مع رجال القبائل في المنطقة، ولم يتم رفع أي شعارات جهادية، وأصدر تنظيم القاعدة بيانا ينفي الشائعات التي قالت إنه حظر الموسيقى في الحفلات أو منع الرجال من ارتداء السراويل القصيرة. ويقوم مجلس قبلي محلي الآن بإدارة شؤون المدينة.

ويعد هذا النهج متناقضا بشكل صارخ مع نهج منافسة تنظيم القاعدة، جماعة «الدولة الإسلامية»، التي اشتهرت بوحشيتها. وهذه هي بالضبط النقطة التي تريد القاعدة الوصول إليها.

حيث إنه، وفي منافستها مع مجموعة «الدولة الإسلامية» على المجندين والهيبة في منطقة الشرق الأوسط، سعت القاعدة إلى تمييز نفسها عن منافستها الدموية من خلال اتخاذ نهج ينظر إليه في الأوساط الجهادية على أنه نهج براغماتي. وتقوم القاعدة ببناء تحالفات مع اللاعبين المحليين، وحتى مع الأعداء القدامى؛ للاستيلاء على أراض جديدة. وطلب زعيمها «أيمن الظواهري»، من أتباعه تجنب القيام بأعمال وحشية على غرار ما تقوم به «الدولة الإسلامية» ضد المدنيين، في سبيل حشد الدعم بين السكان المحليين.

وقد حققت هذه الاستراتيجية النتائج المرجوة، وجاءت ببعض المكاسب الجديدة لتنظيم القاعدة. وفي اليمن، تقف المجموعة حتى لتكون بمثابة الفائز الحقيقي بينما تقود المملكة العربية السعودية حملة جوية عربية تستهدف منافسي التنظيم، وهم المتمردون الشيعة المدعومون من إيران والمعروفون باسم الحوثيين.

وحذر ضابط يمني كبير في الاستخبارات العسكرية، هو «علي الشريف»، من أن تنظيم القاعدة «هو حصان طروادة المستقبل». وقال «شريف» إنه عندما تضع الحرب أوزارها، وتترك فراغا أمنيا، «سوف يأتي دور تنظيم القاعدة … وسوف تقوم المجموعة بملء هذا الفراغ وأخذ زمام السيطرة».

وفي حين تأمل الولايات المتحدة والغرب في أن المنافسة بين تنظيم القاعدة وجماعة «الدولة الإسلامية» سوف تضعف في نهاية المطاف اثنين من تهديدات المتشددين الرئيسة، يناور كل من الفصيلين بدلًا من ذلك للاستفادة من الاضطرابات الحاصلة في المنطقة.

وقد كانت مكاسب مجموعة «الدولة الإسلامية» كبيرةً خلال العام الماضي. ومنذ ما يقرب من عقدين من الزمن، كان تنظيم القاعدة هو المنظمة الإرهابية الأبرز في العالم من دون منازع، ولكن، «الدولة الإسلامية» نافسته في ذلك مؤخرًا، بل وتجاوزته حتى في بعض الأماكن.

وربما الأهم من ذلك، هو أن لدى مجموعة «الدولة الإسلامية» الديناميكية والحماس التي بدت وكأنها تتلاشى لدى تنظيم القاعدة. وقد ساعد هذا مجموعة «الدولة الإسلامية» على تحقيق نجاحات في مناطق نفوذ منافسيها حتى.

وفي أفغانستان، حيث هيمنت طالبان، وهي أكبر حليف لتنظيم القاعدة، لفترة طويلة من الزمن، يشعر النشطاء الشباب بالإحباط من عدم إحراز أي تقدم لما يقرب من 14 عامًا من تمردهم، وهم يرون «الدولة الإسلامية» كطرف منتصر. وفي فبراير/شباط، قام قادة سابقون في طالبان باستبدال علم المجموعة الأبيض براية داعش السوداء، في إقليم زابل الجنوبي، وكانوا وراء اختطاف 31 من الشيعة، وفقًا لزعيم شيعي بارز في أفغانستان، هو «محمد محقق».

وقال «نادر نادري»، وهو مدير وحدة البحوث والتقييم في أفغانستان: «هذه أرض خصبة للغاية»، بالنسبة لجماعة الدولة الإسلامية.

ومن خلال بناء هذه الشراكات مع المجموعات التي يصفها أنصار «الدولة الإسلامية» بالمرتدة، تراهن القاعدة على أن «داعش» سوف تحرق نفسها بنفسها من خلال تحمل العبء الأكبر لردود الفعل العسكرية العربية والغربية ، في حين تقوم هي باكتساب الأرض من خلال تحالفاتها.

وفي وثيقة تعود إلى عام 2013 بعنوان «إرشادات عامة للعمل الجهادي»، أكد زعيم تنظيم القاعدة، «أيمن الظواهري»، على أن أولوية المجموعة هي ضرب «رأس الكفر، الولايات المتحدة وإسرائيل، وحلفائهم (العرب) المحليين».

وفي نفس الوقت، تحث الوثيقة مقاتلي القاعدة على تجنب القتل الدموي للمدنيين من أجل حشد الدعم بين السكان، وعلى عدم قتل المدنيين الشيعة، على الرغم من أن الجماعة تعتبرهم كفارًا، أو عائلات المعارضين. وتقول الوثيقة أيضًا إن على أعضاء التنظيم عدم إيذاء المسيحيين أو تفجير المساجد أو غيرها من الأماكن التي يتجمع فيها المدنيون.

وفي سوريا، عملت جبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة الشهر الماضي مع فصائل ثائرة أخرى، بما في ذلك تلك التي تدعمها المملكة العربية السعودية وتركيا وقطر، للاستيلاء على مدينة إدلب وأراض في الجنوب، وهي أكبر الانتصارات التي تم تحقيقها خلال عدة سنوات من الحرب ضد الرئيس «بشار الأسد».

وفي اليمن، تعزز وجود تنظيم القاعدة من قبل القتال ضد المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران، والذين اجتاحوا العاصمة صنعاء وجزءًا كبيرًا من شمال البلاد، ويقاتلون من أجل الحصول على الجنوب بعد طرد الرئيس المعترف به دوليًا، «عبد ربه منصور هادي»، إلى خارج البلاد.

وقال «آداكي أورين»، وهو محلل في لونغ وور جورنال: «لقد برزت القاعدة على أنها القوة الحقيقية الوحيدة في مواجهة الحوثيين. لقد أظهروا أنفسهم كطليعة القبائل السنية».

وقد استولى مسلحو التنظيم على المكلا، وهي عاصمة أكبر محافظة في اليمن، حضرموت، في أوائل أبريل/نيسان. ولكن، الجماعة تراجعت إلى وراء الكواليس بسرعة، ومن يقوم بالإشراف على المدينة هي مجموعة معروفة باسم أبناء حضرموت، وتتكون من مقاتلين قبليين وشباب محليين ومقاتلين من القاعدة.

وعندما انتشرت شائعات بأن تنظيم القاعدة يفرض قواعد الشريعة الصارمة في المدينة، بما في ذلك حظر الموسيقى في الحفلات والنهي عن استخدام «القات»، وهو نبات منبه يمضغ من قبل اليمنيين، أصدرت المجموعة بيانًا ينفي صحة هذه الأقاويل، ويقول إنها تنتشر عن طريق أولئك الذين يعارضون القبائل المتعاونة مع القاعدة.

ورغم ذلك، لا يزال تأثير المجموعة على المقاتلين المحليين يقلق بعض اليمنيين. وقال الناشط الجنوبي، «عدنان عجم»، إن «الخلايا النائمة لتنظيم القاعدة تستيقظ الآن بفضل الحوثيين». وأضاف: «سوف يصبح الجنوب أفغانستان جديدة … ولن تكون واحدة أو اثنتين من المدن تحت سيطرة تنظيم القاعدة، بل كل الجنوب».

 

  كلمات مفتاحية

القاعدة السوق المركزي للخضراوات والفواكه تنظيم القاعدة في جزيرة العرب

«القاعدة» تحرر 300 معتقل بسجن المكلا جنوب اليمن

«القاعدة» يسيطر على «مدينة المحفد» قرب عدن ويقتل 3 جنود يمنيين

«جبهة النصرة» تدرس الانفصال عن «القاعدة» لتلقي دعما خليجيا في حربها ضد «الأسد»

«ستراتفور»: التيارات الجهادية تتمزق بين تنظيم «القاعدة» و«الدولة الإسلامية»

«القاعدة» تتوعد «الحوثيين»: نعاهد الله أن ننهش أكبادكم بأظفارنا

«واشنطن بوست»: لماذا يصعب قمع ”التمرد الجهادي“؟

خبراء: «الدولة الإسلامية» يشكل «تهديدا وجوديا» لـ«القاعدة»