بعد 13 سنة من طرح مبادرة السلام السعودية، يتبين أنه تبقى غير قليل من المحافل الهامة في العالم العربي ممن يسعون إلى إحيائها من جديد. «بعد أن شكل رئيس الوزراء نتنياهو حكومته الجديدة، فاني أدعوه لأن يقول نعم لمبادرة السلام السعودية. وهي لا تزال سارية المفعول وقائمة ولم تختف مع تبادل الحكم في السعودية»، هكذا يقول مسؤول سعودي كبير، د.«أنور عشقي»، ويضيف: «الملك سلمان ومستشاروه الكبار يؤيدونها. حان الوقت لأن تقبلها إسرائيل أيضا. لا توجد خطة سلام أخرى».
«عشقي» (72 سنة) الذي كان جنرالا في الجيش السعودي وتولى سلسلة من المناصب الأساسية في حكومة الرياض، هو اليوم رئيس مركز البحوث الاستراتيجية في جدة ويعتبر مقربا من الأسرة المالكة. وهو لا يخشى إجراء المقابلات مع صحيفة اسرائيلية إذ على حد قوله «الموضوع هام، ويجب نقل رسالة إلى نتنياهو، إلى وزراء الحكومة والجمهور الاسرائيلي في أنه توجد خطة سلام تنتظر إقرارهم».
«إذا قبلت إسرائيل خطة السلام وتعهدت بتطبيقها فإن 22 دولة عربية و20 دولة إسلامية أخرى ستتعهد بإقامة علاقات طبيعية معكم»، كما يشرح في المقابلة الحصرية التي منحها لصحيفة «يديعوت احرونوت» في هامش المؤتمر الاقتصادي «منتدي الدوحة» الذي عقد في نهاية الأسبوع في قطر. «عليكم أن تستوعبوا بأننا نريد التعايش بين الدول العربية وإسرائيل». كما توجد له رسالة للمشككين ممن لا يؤمنون برؤياه: «السعودية تنفذ دوما الالتزامات التي تأخذها على عاتقها. وأنتم سترون حين يأتي دور التطبيع، سنقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل إلى جانب 22 دولة عربية وكذا التعاون التجاري والعلاقات الثقافية».
وحسب المبادرة السعودية، التي وضعها الملك «عبدالله» في 2002 (حين كان وليا للعهد)، سيوضع حد للنزاع الاسرائيلي العربي وسيكون تطبيع للعلاقات بين الدول العربية واسرائيل مقابل التعهد الاسرائيلي بالانسحاب الى حدود 67. ومع أنها حظيت باقرار بالاجماع من كل أعضاء مؤتمر القمة العربية وتحولت منذئذ لتصبح «خطة السلام العربية» – في إسرائيل لم يردوا عليها بشكل رسمي. والسبب: «الخطة تتضمن تقسيم القدس ومنح حق العودة للاجئين الفلسطينيين – ما يثير الاعتراض في أوساط محافل في الحكم في القدس».
ولكن الآن بالذات، مع إقامة الحكومة الجديدة في إسرائيل – وتتويج الملك «سلمان» في يناير/كانون الثاني – هناك من يدعي بأنه حان الوقت لاستئناف المبادرة. «يقولون ان نتنياهو شكل حكومة متطرفة. هذا لا يزعجني، بل بالعكس. يحتمل أن يكون هذا أفضل لتحقيق السلام، إذ أنه إذا ما قبل نتنياهو ووزراؤه الخطة، فلن يكون هناك من يزعجهم»، قال «عشقي». اذا قرر نتنياهو تبني الخطة، كما يعتقد «عشقي»، فسيتعين عليه أن يفعل ذلك بشكل رسمي «مثلا: في خطاب في الأمم المتحدة او في القدس».
و«عشقي» على علم بالتحفظات الإسرائيلية ويوضح فيقول: «خطة السلام تقرر إخلاء المستوطنات وتوطين الفلسطينيين، ولكن يحتمل تبادل للأراضي، وفقا للمتطلبات الأمنية وبالتوافق المتبادل. والفلسطينيون الذين يقررون عدم العودة سيحصلون على تعويض مالي». ويقدر «عشقي» بأنه إذا أعطت اسرائيل موافقتها المبدئية على المبادرة – فإنه ستدار عندها المفاوضات «على المواضيع الاشكالية» برعاية السعودية، الولايات المتحدة، مصر والاردن. وشرح يقول أن «الأطراف، بمن فيهم إسرائيل، تقرر أين تجري المفاوضات»، وعلى حد قوله، تشكل المبادرة الحل السياسي «الأكثر ملائمة» كونه يقوم على أساس قرارات الامم المتحدة.
وكان «عشقي» تولى في الماضي منصب مستشار خاص لسفير السعودية في واشنطن وأشار إلى اللجنة لشؤون الأمن في ديوان رئيس الوزراء في الرياض. وقبل عقد أنشأ مركز البحوث الاستراتيجية، الذي هو جسم مستقل، ولكن على حد قول «عشقي»، فإن «بحوثه تصل إلى محافل الحكم الأعلى في السعودية».