هل تتجه السعودية لإلغاء مهنة «السياف» وتعميم الإعدام رميا بالرصاص؟

الأحد 24 مايو 2015 02:05 ص

«فرص عمل في السعودية لتنفيذ القصاص بقطع الرؤوس أو الأيدي» .. خبر تناقلته الصحف ومواقع الانترنت، وأثار جدلا كبيرا في المملكة العربية السعودية والعالم، بعدما استغلته منظمات حقوقية دولية لفتح ملفات إعدام معارضين بالمملكة، ونقد تطبيق الحدود الاسلامية الشرعية، ونفته السعودية، ولكنه ألقي الضوء على مهنة «السياف»، وهل تختفي قريبا في المملكة أم بضاف لها القتل رميا بالرصاص كما تفعل دول أخري عديدة؟.

كما استغلت الخبر أيضا صحيفة إيرانية سعت لتشوية صورة المملكة بمانشيت أثارت جدلا كبيرا وواسعا في وسائل التواصل الاجتماعي، نشرته على غلافها الرئيسي وبه عبارات تحريضية واضحة ضد فريق الهلال السعودي، عندما كتبت تقول: «ذبح فريق الهلال حلال»، مع صورة لأحد لاعبي الفريق الإيراني يشير بحركة تشبه الذبح من الرقبة مع العنوان.

وكان موقع خاص بالوظائف والخدمة المدنية بالسعودية نشر الاثنين الماضي، عرض عمل لتعيين 8 سيافين جدد لتنفيذ أحكام الإعدام بضرب العنق وقطع الأيدي والأرجل على من يدينهم القضاء، والتي تتم عادة بحد السيف. وجاء في إعلان الوظائف الذي بثه موقع خاص بالخدمة المدنية إن الوظيفة لا تحتاج لأي مؤهلات خاصة. وأن المهمة الرئيسية هي تنفيذ أحكام الإعدام بضرب العنق إضافة إلى قطع الأيدي والأرجل على المدانين بتهم أقل.

وتلقفت الخبر جماعات للدفاع عن حقوق الإنسان لتقول إن السعودية تأتي ضمن أكثر خمس دول في العالم تطبيقا لعقوبة الإعدام، وأنه بحسب إحصاءات منظمة العفو الدولية تحتل السعودية المركز الثالث بالنسبة لحالات الإعدام حول العالم، وقالت «منظمة هيومن رايتس ووتش» المعنية بحقوق الإنسان أنه تم إعدام الضحية رقم 85 هذا العام الأحد الماضي، بالمقارنة بإعدام 88 شخصا في عام 2014 بأكمله. وتبعا لإحصاءات منظمة العفو الدولية فإن 90 شخصا على الأقل أعدموا بالسعودية العام الماضي.

ولم توضح السلطات السعودية سبب الزيادة السريعة في أحكام الإعدام لكن دبلوماسيين يتكهنون بأن السبب ربما يرجع إلى تعيين مزيد من القضاة ما أتاح النظر في قضايا استئناف معلقة.

السعودية تنفي

وعقب هذا الجدل، نفت وزارة الخدمة المدنية السعودية صحة التقارير الإعلامية التي راجت على نطاق واسع في وسائل الإعلام الغربية والمحلية عن طلبها توظيف عدد من السيافين المعروفين بـ«منفذي القصاص» من أجل تنفيذ أحكام الإعدام وعقوبات قطع الأعضاء.

وقالت وزارة الخدمة المدنية، ردا على تقارير حول طلبها لثمانية من «منفذي القصاص» إنها «لم تطرح وظائف بهذه المسميات للمسابقة، أو المفاضلة في الوقت الراهن أو في وقت سابق» وذكرت أن هذه المعلومات «مُستقاة من موقع الوزارة الرسمي ضمن دليل التصنيف» وليس ضمن قائمة الوظائف المطلوبة.

وقال المتحدث الرسمي لوزارة الخدمة المدنية، «حمد المنيف» في تصريحٍ صحفي، إن وظيفة «منفذ قصاص لم يتم تعيين أحد عليها في وقتٍ سابق حتى الآن، وإعلان الوزارة لا يعدو كونه رسالة إلكترونية، مستخرجة معلوماتها من دليل تصنيف الوظائف المنشور في موقع الوزارة».

 ونقلت وسائل الإعلام العالمية تقرير البحث عن وظائف بمسميات «سيافين أو جلادين» عقب عثورهم على وظائف بمسمى «منفذي القصاص» في دليل التصنيف الذي وضعته وزارة الخدمة المدنية في موقعها الإلكتروني الذي يضم جميع الوظائف الحكومية في السعودية.

مهنة «السياف» في طريقها للنهاية

ومنذ عام 2013، بدأت السعودية تنفذ بعض أحكام الاعدام رميا بالرصاص علي غرار ما تفعله دول أخري، ما أثار تساؤلات حول ما إذا كانت مهنة «السياف» قد أحيلت عملياً إلى التقاعد بعد أن اتجهت وزارة الداخلية السعودية إلى الاستغناء عن السيافين في تنفيذ أحكام القتل.

ونشرت صحيفة «الحياة» اللندنية حينئذ عن مصدر مطلع في وزارة الداخلية أن الوزارة نفذت للمرة الأولى في تاريخ البلاد حكم القصاص رمياً بالرصاص بحق 7 من الجناة عام 2013.

وبجانب كونها المرة الأولى رسمياً في تاريخ البلاد التي يُستخدم فيها الرصاص بدلاً من ضرب العنق بالسيف، فإن وسيلة تنفيذ حكم القصاص بحق الجناة أعلنت عملياً إحالة مهنة «السياف» إلى التقاعد وإدراجها في قاموس المهن المنقرضة أو المهددة بالانقراض على الأقل، لتفسح الطريق أمام مهنة جديدة هي القناصل أو الرامي بالرصاص.

وظل اختيار الوسيلة الأكثر ملاءمة لتنفيذ حكم القتل مثاراً للجدل الفقهي والطبي، تحت ضغط ندرة عدد السيافين في البلاد، وصعوبة إيجاد البديل في حال تأخر السياف عن الحضور لتنفيذ الحكم تحت أي ظرف، لهذا اتجهت وزارة الداخلية السعودية لتنفيذ العقوبة رميا بالرصاص حينئذ.

وسبق أن تأخر حضور السياف نحو ست ساعات قبل تنفيذ حكم القتل في السجين الأقدم في السعودية «عبد الله فندي الشمري» في هذا العام ما أثار إرباكا أمنيا كان شاهداً على حجم المصاعب التي تواجه وزارة الداخلية مع هذه المهنة، التي كثيراً ما ارتبطت شعبياً بحكايات وإشاعات مرعبة تعكس خوف المجتمع منها، كإدمان صاحبها على سفك الدم وحاجته إلى ممارسة تنفيذ حكم القتل بشكل مستمر حتى يكون في مزاجه، وهو ما نفاه سيافون في تحقيقات صحفية واعتبروه «خزعبلات» وأنهم ينفذون أحكاما شرعية.

عدد السيافين السعوديين

وبحسب تقارير سعودية ومعلومات لدي وزارة الداخلية تعاني الوزارة من قلة عدد السياقين وعدد منهم أحيل للتقاعد، حيث بلغ عددهم في آخر احصاء معلن عام 2008  عدد 11 سيافا فقط، أبرزهم عميد السيافين بالسعودية السياف «أحمد المولد» وكان يبلغ من العمر 67 سنة، وهو الذي ضرب الرقم القياسي بتنفيذ أحكام القصاص، ووصلت إلى ما يزيد عن 3000 حالة، وهو السياف الذي قام بإعدام قاتل أبيه بالجوف عام 1428هـ، وهذا السياف كان يطلب للإعارة لتنفيذ القصاص ببعض الدول الإسلامية المنفذة للإعدام بحد السيف مثل إمارة رأس الخيمة.

أما السياف الثاني فهو «نايف ب» (جميع أنحاء المملكة) ويبلغ من العمر 46 سنة حاليا، وقد اشتهر بشهرة أبيه حيث كان السياف الذي دق عنق «جهيمان العتيبي» عام 1400هـ بمكة المكرمة، ووصلت أحكام التنفيذ لدى السياف «نايف» إلى ما يزيد عن 120 قصاص ومنهم امرأة واحدة، بحسب أخر ارقام منشورة.

والسياف الثالث هو «وليد ز» (بالمنطقة الشرقية)، ويبلغ من العمر 36 سنة وبدأ عمله كمساعد للسياف «نايف البيشي» وقد نجح باختبارات لجنة التأهيل لتنفيذ الأحكام بإمارة الرياض وبدأ يمارس عمله منفردا، ووصلت أحكام التنفيذ إلى ما يزيد عن 25 حكما، قبل عدة سنوات.

والسياف الربع هو« ماجد د» (في الرياض)، يبلغ من العمر 53 سنة، وبدأ عمله كجندي بالحرس الوطني ومن ثم انضم إلى وزارة الداخلية ودخل لدورة تنفيذ أحكام القصاص، ووصلت أحكام التنفيذ إلى ما يزيد عن 90 تنفيذا، وقد ترك هذه المهنة نزولا على رغبة زوجته الثانية.

ويوجد 3 سيافين آخرين بوزارة الداخلية غير معلومي الهوية بناء على رغبتهم للحفاظ على أمنهم الشخصي والعائلي، كما يوجد 4 سيافين غير رسميين في إمارة الرياض ويتم طلبهم عند الحاجة، وغالبا ما يتم استدعاء السياف «نايف ب» في أغلب الأحيان بسبب أنه يملك ذراعاً قوية وسيفاً هندي الصنع يبلغ ثمنه أكثر من 100 ألف ريال، وقبله كان يتم استدعاء السياف «أحمد المولد».

بالنسبة لرواتب السيافين هو كما يلي: الراتب الأساسي عند بداية الخدمة هو 8000 ريال شهريا و2000  ريال مكافأة عند تنفيذ كل قصاص ويتم تغطية كافة مصاريف تنقلاته ويسلم عهدة عبارة عن 3 سيوف ومسدس وبندقية، وتتكفل وزارة الداخلية بتأمينهم بالحماية اللازمة بمقر سكنهم.

معاناة زوجات السيافين

وفي حوار مع زوجة أحد العاملين كقصاصين (منفذي حكم القصاص على المحكوم عليهم)، أكدت أنها تعاني وعائلتها جراء عمل زوجها الذي يأخذ الكثير من المعاني الجميلة بحياته وقالت: «هذه المهنة جد صعبة والعاملون بها عليهم التحلي بقوة الإيمان والصبر والجلد، ورغم أنهم يملكون كل ذلك إلا أنهم ضعاف من الداخل ويتألمون في كل مرة ينفذون بها حكماً مشابهاً».

ولفتت الزوجة وفقا لموقع «عين اليوم» إلى أن المهنة بحد ذاتها مؤلمة للعائلة ككل، فكل من يراها أو يرى أبناءها، يغلبه الكثير من الفضول، فهو يسأل الأسئلة نفسها في كل مرة عن مشاعرهم ومشاعر زوجها من قطع العنق أو الأيدي والأطراف.

وتابعت: «عندما يكون لدى زوجي تنفيذ حكم بالقصاص، يفارقه النوم في الليلة التي تسبقها، فيسهر طوال الليل يقرأ القرآن ويفكر عندها نكون جميعاً حذرين من الاحتكاك به أو التصرف بأي طريقة قد تستفزه وهو ما يعيه أبنائي جيداً ولكن عندما يعود من تنفيذ الحكم يبدو شكله وكأن هم الدنيا بطولها وعرضها على كتفيه، فيستلقي وينام وكأنه لم ينم لسنوات لدرجة قد تجعلنا نعتقد أنه فاقد وعيه وربما لأنه يود أن يهرب من المشهد والموقف المهول برمته».

أما عن المجتمع المحيط بالقصاصين، فتقول الزوجة: «الأغلبية تعي أن هذا عمله وفي النهاية فهذه المهنة لا تعني أنه شخص عنيف أو حاد الطباع بل على العكس زوجي في المنزل ومع الجميع شخص طبيعي جداً ويعيش حياته بشكل عادي أو يحاول جهده فعل ذلك برغم أنه يحمل بداخله الكثير من التناقضات ويعلم أن كل من حوله يتساءلون عما يجول بداخله وكيف يستطيع أن يبدو هادئاً ومتماسكاً في حياته العادية وهو في النهاية قصَاص».

يذكر أن «السياف» يصوم عن إطاحة «الرؤوس» في شهر رمضان، وهو ما يعطيه أجازه للراحة نفسيا وبدنيا.

  كلمات مفتاحية

السياف منفذوا القصاص الإعدام في السعودية

السعودية تطلب تعيين 8 «سيافين» لتنفيذ حد الإعدام وأحكام قطع الأيدي والأرجل

«نيويورك تايمز»: العدالة في السعودية ”قاسية“ .. لكنها قادرة على منع سقوط السيف

«العفو الدولية» تحذر من زيادة معدلات تطبيق عقوبة الإعدام في السعودية

10 حالات إعدام في السعودية خلال أسبوعين!

الإذاعة الألمانية تصف أحكام الإعدام في السعودية بأنها «رسالة ضد أي إرادة للتغيير»

العدالة الجزئية: كيف تخدم عمليات الإعدام في السعودية النظام الملكي؟

«هآرتس»: في المملكة العربية السعودية .. أيام قطع الرؤوس قد تكون معدودة

«العفو الدولية»: السعودية ثالث دولة في تنفيذ أحكام الإعدام

«الإندبندنت»: بريطانيا ستطلب من عدة دول إلغاء عقوبة الإعدام ليس بينها السعودية