قطعت المملكة العربية السعودية رؤوس العشرات من المُدانين - بما في ذلك تجار المخدرات الأجانب - منذ بداية العام الحالي، ما دفع منظمة العفو الدولية لانتقاد تزايد وتيرة تنفيذ حكم الإعدام في المملكة بصورة غير مسبوقة.
وشملت عمليات الإعدام منذ بداية العام الجاري ضرب عنق خمسة باكستانيين وهندي وأردنِيَين وسوريَين ويمني، في الوقت الذي بدا فيه عدد قليل من الحكومات الأجنبية على استعداد لمراجعة المملكة علنًا بخصوص ذلك.
وتم تنفيذ حكم الإعدام الثلاثاء في ثلاثة أشخاص، ما يرفع العدد خلال العام الجاري إلى 38 حالة، وفقًا لحصيلة أعدتها وكالة «فرانس برس».
وتم تنفيذ حكم الإعدام بحق حوالي ثلاثة أضعاف هذا العدد خلال نفس الفترة في عام 2014م، ولكن يختلف المراقبون حول الأسباب. وكانت هناك أيضًا طفرة في الأشهر الأخيرة من العام الماضي في أواخر عهد الملك «عبد الله» الذي توفي في 23 يناير/كانون الثاني الماضي وخلفه الملك «سلمان».
«بدأ تنفيذ أحكام الإعدام خلال العام الجاري من قبل جلوس سلمان على العرش» بحسب مصدر دبلوماسي – فضّل عدم ذكر اسمه - وأضاف «إن السلطات السعودية تريد أن تظهر للجميع أنها قوية، ويمكن للناس الاعتماد عليها للحفاظ على الأمن والسلامة في المملكة».
وقال المصدر ذاته إن الهدف من ذلك هو ردع كل أشكال العنف، مُشيرًا أن السياسة ترتبط بمحاربة المملكة ضد تنظيم «الدولة الإسلامية».
وفي سبتمبر/أيلول الماضي؛ بدأت المملكة العربية السعودية المشاركة في تنفيذ ضربات جوية ضد «الدولة الإسلامية» في سوريا كجزء من التحالف بقيادة الولايات المتحدة، ما أثار مخاوف بشأن احتمال تنفيذ عمليات انتقام داخل المملكة.
واعتقلت قوات الأمن ثلاثة سعوديين بزعم تحركهم في خطوات داعمة لـ«الدولة الإسلامية» عندما أطلقوا النار وأصابوا دانماركيًا في نوفمبر/تشرين الثاني. كما اتهمت السلطات أفرادًا مُشتبه بوجود صلات لهم مع «الدولة الإسلامية» بتهمة قتل سبعة من أفراد الطائفة الشيعية. وفي يناير؛ قُتل ثلاثة من حرس الحدود السعودي في اشتباك مع «إرهابيين» سعوديين حاولوا التسلل من العراق.
«السلطات السعودية بالتأكيد لا ترغب في الظهور بمظهر المتسامح أو الليّن»؛ بحسب «توبي ماثيثين» الباحث في الدراسات الإسلامية والشرق أوسطية في جامعة كامبريدج، والذي رأى أنه لا علاقة لما حدث بالحرب ضد «الدوالة الإسلامية» على الإطلاق. وعن تلك الإعدامات أضاف «ماثيثين» «لا أعتقد أن ذلك سيخيف داعش» مهما قل عددها أو كثر.
وقالت منظمة العفو – التي تتخذ من لندن مقرًا لها - ليس هناك أي دليل على أن «الارتفاع المقلق» في الوقت الحالي في عمليات الإعدام في السعودية له علاقة بالمعركة ضد «الدولة الإسلامية » أو «الإرهاب».
ادعاءات بعمليات تعذيب
وقال الباحث في شئون المملكة العربية السعودية لدى منظمة العفو الدولية «سيفاج كيشيشان» لوكالة «فرانس برس»: «من المبالغة أن نقول أن هذه محاولة لردع العنف» لأن ما يقرب من نصف عمليات الإعدام هذا العام كانت للإدانة بجرائم غير عنيفة مثل المخدرات. وتابع «من المستحيل أن أقول بالضبط ما يدفع لتطبيق الإعدام ضد كل هذه الأرقام».
وسجلت منظمة العفو 11 حالة إعدام منذ مطلع يناير حتى 26 فبراير من العام الماضي، مقابل 17 حالة لذات الفترة في عام 2013 و9 فقط في عام 2012.
«على الرغم من الاختلافات الشاسعة في وتيرة وتوزيع الإعدام على مدار السنة، فإن أرقام نهاية العام تصبح مشابهة تقريبًا للسنوات السابقة»؛ بحسب «كيشيشان» الذي أبدى دهشته بالقول: «ومع ذلك فإن المعدل الحالي غير مسبوق بكل تأكيد».
وبعد 27 عملية إعدام في عام 2010، قفز العدد إلى حوالي 80 سنويًا، وحصرت وكالة «فرانس برس» 87 حالة في العام الماضي. وكانت الأرقام بين أعلى المعدلات في العالم. ورفض متحدث باسم وزارة الداخلية السعودية التعليق.
وفي تصريحات نقلتها وكالة الأنباء السعودية الرسمية، علقت الوزارة على الإعدامات بأنها «زواجر» لمنع ارتكاب مثل تلك الجرائم. كما تحدثت أيضًا عن «الضرر المادي والاجتماعي» الذي تسببه المخدرات، مُشيرة إن عقوبة الإعدام للقتلة تهدف إلى «الحفاظ على الأمن وتحقيق العدالة».
القتل والردة والاغتصاب والسرقة بالإكراه وتعاطي المخدرات جميعها جرائم تعرض صاحبها للإعدام طبقًا للقانون «الإسلامي» المُطبق في المملكة العربية السعودية.
وكانت مجموعات حقوقية قد أعربت عن قلقها بشأن مخاطر الحكم على أبرياء بالإعدام، وقال «كريستوف هينز» - مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بحالات الإعدام خارج القضاء أو بإجراءات موجزة أو تعسفية - في سبتمبر الماضي إن المحاكمات «بكل المقاييس بالغة الجور»، وغالبًا لا يُسمح للمتهمين بمحام. وتابع مؤكدًا أن الاعترافات جاءت تحت التعذيب.
وقالت منظمة العفو إنه لم تأت تصريحات مماثلة من حكومات غربية، مُتهمة الغرب بتبني سياسة «ازدواجية المعايير» تجاه المملكة العربية السعودية.
وتختلف دول أخرى مع استخدام المملكة العربية السعودية لعقوبة الإعدام – بحسب المصدر الدبلوماسي – ولكنه تساءل عما إذا كان ذلك يعني أنه ينبغي عليهم أن يوقفوا الحديث مع المملكة العربية السعودية حول «الإرهاب» أو تغير المناخ أو القضايا الاقتصادية التي يتعاونون فيها، وأردف المصدر: «نريد أن نعمل سويًا».