فشلت محاولات الشيخ العراقي «قاسم الجبوري» في تنظيف مسجده في غرب بغداد، وذلك بعد أن حولته المليشيات الشيعية إلى «مكب للقمامة»، ودعت جميع مواطني المنطقة إلى رمي نفاياتهم فيه.

وليست هذه هي الحالة الوحيدة، فقد كررت الميليشيات الأمر في 3 مساجد أخرى، وأكد مصدر من ديوان الوقف السني العراقي عجزهم عن التدخل في هذا الموضوع المرتبط بمرجعيات هذه المليشيات، «التي تمثل الأحزاب الحاكمة في العراق»، على حد قولهم.

وبالرغم من تواجد الشيخ «الجبوري» في مسجد «خضير الجنابي» في منطقة البياع لمدة 3 سنوات، عقب الاحتلال الأمريكي، إلا أن عام 2006 كان فاصلا، حيث تعرض المسجد لقصف بصاروخ، وتمت مهاجمته لاحقا وإحراق أجزاء واسعة منه، فضلا عن تهديم سياجه الخارجي. وقتل ابن شقيق الشيخ «الجبوري»، الذي اضطر في نهاية المطاف على أثر هذه الهجمات إلى ترك المنطقة.

وأكد «الجبوري» أن الميليشيات الشيعية، بعد أن قصفت وأحرقت المسجد، أقدمت على خطوة لم يفعلها أحد من قبل، وهي تحويله إلى «مكب للقمامة»، حيث طلبت من أهالي المنطقة أن يقوموا برمي نفاياتهم وتجميعها فيه تمهيدا لحضور سيارة القمامة، التي أصبح سائقها يرفع حمولة النفايات من مكان واحد بدلا من التجوال على المنازل.

كما أشار الشيخ «الجبوري»، الذي عمل خطيبا وإماما في مسجد «الجنابي» لأكثر من 11 سنة، إلى أن «جميع ساكني منطقة البياع يعرفون مسجده الذي كان مركزا لتوزيع المساعدات الغذائية والمواد الإغاثية في فترة الحصار الاقتصادي الذي كان مفروضا على العراق،  بينما كان الأهالي يتزودون بالتيار الكهربائي من المولدة الخاصة بالمسجد في الأيام الأولى للاحتلال الأمريكي لبغداد عام 2003». 

مضيفا أن مطالعته للتاريخ والسِيَر لم تمكنه من «العثور على حالة واحدة مشابهة لما جرى من تحويل بيت الله إلى مكان لتجميع القاذورات»، مشددا على أنها حالة ينفرد بها العراق، ولم تحصل في مكان آخر في العالم.

حالات متعددة

وبحسب الشيخ «علاء فاضل البطاوي»، فإن هناك 3 مساجد مشابهة، وهي الكوثر في منطقة البياع الثالثة، والمشاهدة في منطقة الحرية الثانية، والعشرة المبشرة في حي العامل، وجميعها تقع غرب بغداد، وتستخدم حاليا كساحات لتجميع النفايات التي تقوم سيارات الخدمات البلدية لاحقا بنقلها إلى المكب المركزي في العاصمة.

وأضاف الشيخ «البطاوي» أن «جميع عمليات الحرق والهدم والاستيلاء على المساجد السنية في بغداد قامت بها مليشيا جيش المهدي التابعة لمقتدى الصدر، مشيرا إلى أن زعماء معممين في قيادة المليشيا أشرفوا على تحويل مسجد المشاهدة في حي الحرية، وكان خطيبا له، إلى مكب للقمامة، حيث علقوا لافتة تعد سكان المنطقة بالأجر والثواب إذا قاموا برمي نفاياتهم في مساجد أهل السنة والتي يسمونها مساجد النواصب والضرار».

كما لفت الشيخ «البطاوي»، الذي يستقر حاليا في إقليم كردستان العراق، إلى أن جميع المشايخ السنة الذين تعاقبوا على زعامة مؤسسة الوقف السني «لم يتمكنوا من إعادة مسجد واحد استولت عليه المليشيات الشيعية، أو حولته إلى مكب للقمامة»، متهما إياهم، والسياسيين السنة، بـ«العجز التام عن إعادة الكرامة لبيوت الله التي استباحتها المليشيات الشيعية»، حسب قوله.

من جانبه، أكد مصدر عامل في رئاسة ديوان الوقف السني؛ قيامهم بتوجيه عشرات المخاطبات الرسمية إلى رئاسات الوزراء والجمهورية والنواب، بالإضافة إلى المرجعيات الشيعية في النجف، جنوب العراق، من أجل العمل على إعادة المساجد السنية، لافتا الى أن أغلب الإجابات التي يتلقونها غير جدية، وتنتمي إلى فئة المجاملات التي «لا تغني ولا تسمن من جوع»، بحسب تعبيره.

وتابع المصدر، الذي رفض الكشف عن اسمه أن «كوادر ديوان الوقف السني لا تستطيع التحرك من أجل رفع القمامة وتنظيف المساجد المغتصبة، كونها تقع في مناطق مسيطر عليها بشكل تام من قبل المليشيات الشيعية المسلحة، فهم فقدوا  في وقت سابق عددا من موظفيهم الذين كلفوا بواجبات الكشف على المساجد وتسجيل الأضرار التي لحقت بها».

وشدد المصدر على أن موضوع إعادة المساجد السنية يتطلب وجود قيادة حازمة في اتخاذ القرار من قبل أعلى سلطة، وهي مجلس الوزراء؛ لأن الخصم في القضية هم زعماء المليشيات الشيعية. غير أنه استعبد حصول هذا الأمر، خصوصا أن أغلب هذه المليشيات تحولت إلى مؤسسات رسمية بقرار من رئيس الوزراء «حيدر العبادي».

وكشف المصدر عن وضع إحصائية محدثة تضمنت أسماء وعناوين أكثر من 50 مسجدا تم الاستيلاء عليها بالقوة، وتحويلها إلى حسينيات شيعية، بالرغم من كونها مثبتة بوثائق رسمية  في ديوان الوقف السني.