مساجد السنة في بغداد تتعرض لمضايقات «الحشد الشعبي» واعتقالات تطال روادها

الجمعة 15 أبريل 2016 05:04 ص

تتعرض المساجد السُنية في أحياء بغداد الغربية منذ أسابيع لشتى أنواع المضايقات من قبل فصائل «الحشد الشعبي» (الميليشيا الشيعية التي تدعمها إيران) وقوّة حماية المنشآت التي تُقيم نقاط تفتيش وتدقيق في هوية المصلين عند بوابات المساجد، خاصةً في مناطق المنصور والجامعة والغزالية والداوودي وغيرها.

وكشف إمام مسجد سني لـ«القدس العربي» عن حالات «اعتقال شبه يومية للسكان الذين يترددون على المسجد في أربعة أوقات للصلاة، بعد أنْ باتَ المصلون يخشون أداء صلاة الفجر في المسجد لأنهم عرضة للاعتقال أكثر من غيرهم».

وقال إن «حملات اعتقال منتظمة يتعرض لها المصلون الشباب بعد الانتهاء من صلاة الجمعة بتهم تتعلق بالإرهاب بدون أن تكون هناك أي أدلة ضدهم، أو سبق أن أُدرجوا ضمن قوائم المطلوبين أمنيا»، حسب قوله.

ولفت إلى أن هناك دوافع «طائفية إضافة إلى دوافعَ مالية تقف وراء حملات الاعتقال العشوائية التي سرعان ما يتم إطلاق معظم ضحاياها بعد دفع فدية مالية تتراوح بين ألفي دولار وعشرة آلاف دولار، حسب المستوى المعيشي لذوي المعتقل الذين باتوا يعرفون بعض السماسرة الذين تربطهم صلات بقادة ميليشيا الحشد وضباط حماية المنشآت».

وقال إنه دأبت قيادات الحشد على «استدعاء» إمام وخطيب ومؤذن المسجد والتحقيق معهما للحصول على معلومات تتعلق بالمصلين، على حد قوله.

وأوضح أن معظم الأسئلة تدور حول «الشباب الأكثر تردداً على المسجد في ما يتعلق بعملهم وعلاقاتهم وانحدارهم القبلي، ومعلوماتٍ أخرى تتعلق بتوجهاتهم الفكرية».

وأضاف أن «على خطيب المسجد تقديم خطبة مكتوبة إلى قادة الحشد في مقراتهم القريبة من المسجد، فيقومون بقراءتها ومن ثمّ يتحدثون إلى أحد الأشخاص من خلال الهاتف المحمول عن مضمون الخطبة، وبعض ما ورد فيها قبل أن يتم قبولها أو رفضها من قبل الشخص الذي ينادونه باسم (السيّد)»، حسب تعبيره.

وأكد إمام المسجد، على تعرضه «شخصيا» لعدة اعتداءات «أثناء خطبة الجمعة بعد الترضي على الخليفة أبي بكر أو عمر». وقال: «في حالاتٍ كثيرة يصعد عنصر أو أكثر من الحشد الشعبي على المنبر بحذائه، ويقوم بقطع الصوت وإرغامي على النزول وإتمام الصلاة من دون إكمال الخطبة الأولى والثانية».

وأضاف أنه لم يعدْ يذكر اسم أي من الخلفاء الراشدين على المنبر منذ عدّة أسابيع تحاشيا للاعتقال، أو التسبب بالاعتداء على المصلين من قبل عناصر الحشد الشعبي، حسب قوله.

من جهةٍ أخرى، وجّه إمام المسجد انتقاداتٍ حادّة لما وصفها بالأحزاب السياسية الدينية والهيئات السُنّية «مثل الحزب الإسلامي وديوان الوقف السُنّي والمجمع الفقهي لكبار العلماء، التي لم تتخذ موقفاً حازماً للجمِ الحشد الشعبي وقوّة حماية المنشآت عن اعتداءاتها المتكررة على مساجد السُنّة ومضايقتهما لأئمتها وخطبائها وعموم المصلين الذين باتوا يهجرون المساجد بشكلٍ واضح».

وحذر من «استمرار الصمت على ما تتعرض له المساجد السنية»، وقال إن السكوت «سيؤدي في خاتمة المطاف إلى ذوبان الوجود السني في العاصمة وتحويل المساجد السنية إلى حسينيات»، حسب قوله.

وأضاف أنّه شخصيا أبلغ ديوان الوقف السني «بجملة من الاعتداءات والمضايقات من دون أن يتخذ أي إجراء، بل على العكس فقد تلقينا تهديداً من الوقف السُنّي بعدم الوقوف إلى جانب إمام المسجد أو خطيبه الذي لا يتعاون مع الحشد الشعبي».

وكان مصدر كشف في وقت سابق أنه تم وضع إحصائية محدثة تضمنت أسماء وعناوين أكثر من 50 مسجدا تم الاستيلاء عليها بالقوة، وتحويلها إلى حسينيات شيعية، بالرغم من كونها مثبتة بوثائق رسمية  في ديوان الوقف السني.

وقالت منظمة «هيومن رايتس ووتش» في التقرير العالمي لعام 2016 إن قوات الأمن العراقية والميليشيات الموالية للحكومة (الحشد الشعبي)، ارتكبت جرائم حرب محتملة خلال عام 2015 في حربها ضد تنظيم «الدولة الإسلامية»، من خلال هدم المباني بطريقة غير شرعية في المناطق التي أعادت السيطرة عليها وتنفيذ عمليات إخفاء قسري ضد السكان.

وأضافت المنظمة في تقريرها الذي نشرته، على موقعها الرسمي واطلع عليه «الخليج الجديد»، أن «إيران والولايات المتحدة وروسيا والمملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا، وغيرها من البلدان قدمت دعما عسكريا للحكومة العراقية على الرغم من استمرار غياب مساءلة ذات مصداقية للمسؤولين عن هذه الجرائم».

وأوضحت المظمة أن «ميليشيات، أغلبها شيعية تقاتل داعش بدعم من الحكومة العراقية، مثل فيلق بدر، وعصائب أهل الحق، وكتائب حزب الله، قد ارتكبت انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني لا سيما من خلال هدم المنازل والمحلات التجارية في المناطق السنية المستعادة».

ولفتت إلى أنه «بعد استعادة تكريت في آذار (مارس) عام 2015، أحرقت وفجرت قوات الميليشيا مئات المباني ودمرت أجزاء كبيرة من أحياء الدور، وأبو عجيل، وجنوب العلم كما اختطفت قسريا نحو 200 رجل وطفل... فيما جندت هذه الميليشيات الشيعية أيضا، ودربت، واستخدمت أطفالا لا تتجاوز أعمارهم 12 عاما».

وقال «جو ستورك»، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة: «ترتكب كل من الميليشيات التابعة للحكومة العراقية وداعش فظائع ضد المدنيين بدعم واضح من قادتهم ولكن ما يجعل الأمور يسوء أكثر هو أن نظام العدالة العراقي لا يتوفر على أي شكل من أشكال المساءلة».

وفي الوقت ذاته اتهمت المنظمة تنظيم «الدولة الإسلامية»، بارتكاب «العديد من الأعمال الوحشية بما في ذلك عمليات إعدام جماعية وتفجيرات عشوائية».

  كلمات مفتاحية

الحشد الشعبي مساجد السنة العراق

«رايتس ووتش»: القوات العراقية و«الحشد الشعبي» ارتكبوا جرائم حرب ضد السنة

فضائح أخلاقية لقيادي بميليشيا «الحشد الشعبي» في العراق

اتهامات لـ«الحشد الشعبي» بطمس الهوية السنية لـ«بيجي» ومحاولة تشييعها

مرجع شيعي عراقي بارز: تشكيل «الحشد الشعبي» شرعن نهب المال العام

ميليشيات شيعية تحول مساجد السنة في بغداد إلى «مكبات للقمامة»

انتحاري يقتل 9 إثر هجوم على مسجد للشيعة في بغداد

اتهامات لميليشيات من إيران و«حزب الله» بالقتال ضد أكراد العراق

«أبلسة» أهل السنة

العراق: 17 قتيلا في تفجير انتحاري.. و«الدولة الإسلامية» يشن هجوما واسعا بتكريت

تقرير: تزايد إجبار السنة على الرحيل أو التشيع في حي العامل جنوب غربي بغداد

«الحشد الشعبي» يعمل على تحويل سامرّاء العراقية من مدينة سنية إلى شيعيّة

«خميس الخنجر».. داعم سنة العراق يسعى إلى حكم ذاتي

ميليشيات شيعية تقتل مصلين داخل مسجد للسنة غربي بغداد أثناء صلاة القيام