آثار مصر المسروقة في قبضة المزادات العلنية

الأربعاء 17 يوليو 2019 12:25 م

من آن إلى آخر، تعلن دار مزادات عن بيع آثار مصرية مسروقة أو مهربة، أحدثها تمثال نادر لرأس الملك الفرعوني الشهير، "توت عنخ آمون"، الذي لم تفلح جهود القاهرة في منع بيعه.

وقالت دار "كريستيز" للمزادات في لندن، مطلع الشهر الجاري، إنه تم بيع التمثال بنحو 6 ملايين دولار، من دون الكشف عن المشتري.

حدث ذلك رغم اعتراض مصر الرسمي على أكثر من مستوى، ومطالبتها بوقف المزاد على التمثال، الذي لم توضح القاهرة كيفية خروجه من مصر.

وأثار بيع التمثال ردود أفعال غاضبة بين مصريين على مواقع التواصل الاجتماعي، مع مطالبات للحكومة بالتصعيد ضد لندن، وحرمان البعثات البريطانية من التنقيب عن الآثار داخل مصر.

يوم أسود

ووصف "زاهي حواس"، عالم الآثار المصري البارز، وزير شؤون الآثار الأسبق، بيع رأس الفرعون الذهبي (من 1334 إلى 1325 ق.م) بأنه "يوم أسود في تاريخ الآثار المصرية".

وأضاف "حواس"، في تصريحات تليفزيونية، أنه سيحضر اجتماعا حكوميا يشمل دراسة 3 مقترحات تصعيدية، هي: "المقاضاة، وقف البعثات البريطانية، وإلغاء معرض توت عنخ آمون المقرر افتتاحه في لندن، في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل".

إلى جانب المسار الحكومي، طرح خبير آثار مصري بارز مقترحًا بتشكيل لجنة شعبية، تضم شخصيات مصرية مشهورة في الخارج، لاسترداد الآثار المهربة خارج مصر.

وأعلنت وزارة الآثار المصرية، في صيف 2017، فقدان 32 ألفا و638 قطعة أثرية، على مدار أكثر من 50 سنة.

وتعلن القاهرة من حين إلى آخر استرداد قطع أثرية مسروقة ومهربة إلى خارج مصر.

سرقة منذ الفراعنة

ويقول الخبير الأثري المصري "مجدي شاكر"، قال إن ظاهرة سرقة الآثار المصرية تعود إلى أيام الفراعنة أنفسهم، حيث كان عمال المقابر يسرقون المقتنيات الغالية من ذهب، وحينها أجري تحقيق شهير معروف باسم "بردية سرقات المقابر".

وأوضح أنه قبل سن قانون عام 1983، كان يوجد قانون يسمى "القسمة"، يسمح للبعثات الأثرية بالحصول على 50% من المكتشفات، ثم جرى تقليلها إلى 10%.

وأضاف: "كان من حق أي مصري التنقيب عن الآثار بحرية كاملة، وتوجد عائلات معروفة في مصر لديها حيازات كبيرة من الآثار منذ قبل هذا القانون.. تملك حتى الآن حق اقتنائها، لكن من دون بيعها، وتشرف عليها وزارة الآثار".

وأشار "شاكر" إلى أنه كانت توجد قاعة في المتحف المصري في القاهرة لبيع الآثار المكررة، ويسمح بسفرها إلى الخارج بكل سهولة.

وأوضح أنه في 1983، صدر قانون جديد أكد على ملكية مصر للآثار، وحظر بيعها أو سفرها إلى الخارج، وحاليا تواجه الدولة أزمة مع صالات المزادات تتركز حول ما إن كان الأثر المعروض خرج من مصر قبل قانون 1983 أم لا.

وتابع أنه "توجد آثار مصرية في كل دول العالم، وحين اندلع حريق في المتحف الوطني في البرازيل، في سبتمبر/أيلول 2018، عرف كثير من المصريين أنه توجد به قاعة كاملة تضم آثارا مصرية".

أفكار غير تقليدية

مع فشل الجهود الرسمية في وقف بيع تمثال رأس "توت عنخ آمون"، وصف منتقدون المساعي الرسمية في هذا الملف عامة بـ"الباهتة والمتعثرة"، في ظل العدد الكبير من القطع الأثرية المفقودة.

وقال الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار المصرية، "مصطفى وزيري"، في تصريحات صحفية، الخميس، إن لندن "خذلت" القاهرة، رغم جهودها العديدة، في إشارة إلى تشكيل لجان، وإرسال وفود قضائية، فضلا عن مخاطبات دبلوماسية.

أما "شاكر" فقال إن "القاهرة تملك مقومات عديدة للضغط، بينها عمل البعثات الأجنبية العاملة في مصر".

ودعا إلى استخدام سلاح آخر، هو "لجنة شعبية لإرجاع التراث"، معتبرا أن سلاح القوى الناعمة يكون في أحيان كثيرة أجدى نفعا.

واقترح تشكيل لجنة من شخصيات مصرية بارزة، مثل كل من "محمد صلاح"، لاعب كرة القدم المصري البارز في صفوف في نادي ليفربول الإنجليزي، وعالم الآثار، صاحب الشهرة الواسعة دوليا، "زاهي حواس"، وغيرهما.

ورأى أنه في حال عدم القدرة على استرجاع الآثار، يجري التفاوض على حق الملكية الفكرية، والعمل للحصول على فوائد من الآثار، مثل نسبة من عوائد زيارة الأثر، وهي بملايين الدولارات.

وتابع: "في حال رفضوا ذلك، يمكن التفاوض على الحصول منهم على منح ترميم، وتوفير منح دراسية للحصول على درجة الدكتوراه، وتدريب كوادر بشرية مصرية".

أما بشأن داخل مصر، فدعا "شاكر" السلطات إلى تقديم مغريات تسمح بتسليم الآثار، خصوصا أن عمليات التهريب داخليا لن تتوقف، في ظل عدم الوعي والإدراك بأهمية الآثار، لا سيما مع ما نسمعه عن مليارات يتربحها المنقبون.

متابعة وملاحقة وتفاوض

ويقول مدير إدارة الآثار المستردة في وزارة الآثار المصرية، "شعبان عبدالجواد"، إن الوزارة تتابع كل المزادات العالمية، والمواقع الإلكترونية الخاصة ببيع وتجارة الآثار، والمطارات والموانئ التي يجري فيها ضبط آثار مهربة بحوزة مهربين.

وأضاف "عبدالجواد"، في تصريحات صحفية سابقة، أن الوزارة تتصل بالصالة التي تعرض الآثار أو الموقع الذي يبيعها، وتطالبه بشهادة ملكية للأثر المعروض، أو إثبات أنه هدية، بموجب شهادة رسمية تسمى شهادة تصدير.

وأردف: "إذا لم يتم تقديمها، فإننا نعتبر الأثر مسروقا أو مهربا، وبعدها نبدأ في إجراءات استعادته بإخطار وزراتي الخارجية والعدل، إضافة إلى الإنتربول الدولي، وتعد وزارة الآثار ملفًا كاملًا بكافة الوثائق حوله (الأثر) والتفاوض أيضا".

أبرز الآثار المستردة

أفاد مجلس الوزراء المصري، في يناير/كانون الثاني الماضي، بأن القاهرة استردت 222 قطعة أثرية مهربة، و21 ألفا و660 عملة معدنية من دول عدة، خلال عام 2018.

كما استردت قرابة 660 قطعة أثرية، خلال السنوات الخمس الأخيرة، من فرنسا، وبلجيكا، والولايات المتحدة الأمريكية، وبريطانيا.

ومن أبرز تلك القطع المستردة: ثلاث قطع أثرية من الولايات المتحدة (يناير/كانون الثاني 2018)، وتابوت من الكويت (أكتوبر/تشرين الأول 2018)، ومجموعة كبيرة كان قد جرى تهريبها عبر حاويات إلى إيطاليا (مايو/أيار 2018).

وكذلك 91 قطعة أثرية مستردة من (إسرائيل) (يونيو/حزيران 2018).

إضافة إلى استعادة 3 قطع من ألمانيا، بعد 5 سنوات من تهريبها، وتشمل مسلة صغيرة تعود إلى عصر الدولة القديمة كانت قد سرقت من منطقة سقارة (مايو/أيار 2014).

كما جرى استعادة قطعة أثرية مسروقة من معبد الكرنك في الأقصر قبل 3 عقود، وتعود إلى أكثر من 3500 عام، وظهرت قبل سنتين في قاعة مزادات في لندن (يناير/كانون الثاني 2019).

المصدر | الأناضول

  كلمات مفتاحية

وزارة الآثار المصرية وزارة الآثار وزير الآثار وزارة الآثار المصرية

بيع رأس لتوت عنخ آمون في مزاد لندن رغم اعتراض مصر

مصر تعلق على مزاد عالمي لبيع تمثال للفرعون توت عنخ أمون

مصر: صمت إيطاليا 10 شهور عن واقعة الآثار يثير التساؤلات

مصر.. واقعة فساد ضخمة شملت تهريب آثار وجلب بضائع محرمة

مصر توقف التعامل مع متحف أمريكي باع آثارا فرعونية بالمزاد

هدايا جمال عبد الناصر بالمعابد فرعونية.. ما حقيقتها؟

مصر تعلن تفاصيل الكشف عن مقبرة فرعونية بها 30 تابوتا ملونا

تعديلات بقانون لتشديد العقوبات لحماية الآثار المصرية

مخطوطات مسيحية نادرة.. مصر تسترد قطعا أثرية من أمريكا