نظام العمل الجزئي .. هل يكون بوابة لتعزيز «خلجنة» الوظائف؟

الخميس 18 يونيو 2015 11:06 ص

بدأت معظم دول الخليج في الاتجاه نحو تطبيق نظام دوام العمل الجزئي بهدف تعزيز برامج توطين الوظائف والحد من التكلفة العالية لاستقدام العمالة الوافدة، وتقليص التحويلات المالية الضخمة التي تبعث بها تلك العمالة إلى دولها مما يمثل في النهاية إهدار وخسارة لجزء كبير من الثروات والإيرادات والعوائد اقتصادية الخليجية، وزادت الحاجة إلى جذب مزيد من المواطنين للعمل  بوظائف بسيطة تشغلها العمالة الوافدة بشكل خاص مع تراجع أسعار النفط بشكل كبير، وبالتالي تراجع إيراداته وعوائده الاقتصادية .

ففي السعودية تعتزم وزارة العمل تطبيق ضوابط للعمل الجزئي، بعد حصرها في السعوديين فقط، والتي يعملون بموجبها عند صاحب العمل مدة لا تزيد على أربع ساعات في اليوم، أو على 24 ساعة في الأسبوع، ويأتي هذا التطبيق لمساعدة طرفي العمل (صاحب العمل والعامل) على الحفاظ على حقوقهما، ولسد الطلب المتزايد على العمالة الوطنية، وتحسين الدخل الشهري للعامل السعودي.

وفي مسودة أعدتها وزارة العمل، تحتوي على 17 مادة تُنظِّم العمل الجزئي في السعودية، جاء النصٌ على أنه يجوز لمن يعمل بدوام كامل لدى أي منشأة، أن يعمل بدوام جزئي لدى أي منشأة أخرى، ويُشترط في هذه الحالة، أخذ موافقة المنشأة التي يعمل لديها بدوام كامل، إذا كانت المنشأة الأخرى تمارس النشاط نفسه أو منافسة لها.

كما تنص على أن يُقصر الدوام الجزئي على العامل السعودي، كما يجوز لأي منهم العمل لبعض الوقت (دوام جزئي) في أكثر من جهة، بشرط ألا يزيد مجموع ساعات العمل في تلك الجهات على ثماني ساعات في اليوم، أو 48 ساعة في الأسبوع.

وتنص المادة الثالثة على احتساب العاملين بالدوام الجزئي، في نسبة التوطين المحتسبة في برنامج «نطاقات»، بنصف عامل سعودي لمصلحة الكيان الذي يعمل لديه، شريطة تسديد اشتراكات التأمينات الاجتماعية، وبحد أدنى لأجر شهري قدره 1500 ريال سعودي، بحسب صحيفة ( الاقتصادية) السعودية.

وفي خطوة أخرى أعلن صندوق الموارد البشرية السعودي عن إطلاق برنامج دعم العمل الجزئي، وهو برنامج يهدف لتمكين الشباب أو الفتيات الذين يرغبون في الاستفادة من أوقاتهم لتحقيق المزيد من الاستقرار من خلال العمل في شركة أو شركتين في الفترة التي يجد نفسه فيها متفرغا. والذي سيكون متاحا للطلاب والموظفين الذين يتطلعون لتحسين دخلهم المادي بالعمل في أوقات جزئية إما مسائية او صباحية.

وقال مدير عام صندوق الموارد البشرية، «إبراهيم المعيقل»، «قمنا بدراسة تطوير برامج داعمة للعمل الجزئي، بحيث يتمكن أصحاب العمل من الاستفادة من المواطنين والمواطنات في العمل لفترات تقل عن الدوام الكامل، بالتنسيق مع وزارة العمل والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية».

ويشمل البرنامج أيضا الأعمال الموسمية والتي تكون في فترة محددة ومستقطعة كالعمل في موسم الحج أو العمرة وذلك وفق ضوابط وقوانين محددة وموضحة مسبقا تكفل حقوق الموظف المالية والقانونية.

السعودة تبدأ من العمل الجزئي

وتحت عنوان السعودة تبدأ من العمل الجزئي جاء مقال الكاتب السعودي «د. عبدالوهاب أبوداهش» في صحيفة الرياض، والذي قال فيه أن العمل الجزئي قد يكون نواة السعودة الحقيقية في الاقتصاد السعودي و سيعمل بشكل رائع ويتلاءم مع خصائص وطبيعة سوق العمل في المملكة، وعدد «أبوداهش» فوائد النظام الجزئي بتخفيض تكاليف الاستقدام على الشركات التي تتبناه، ويخفض التأمين الصحي وبدلات النقل وأجور السكن وغيرها من البدلات والمكافآت، كما أنه لا يستدعي التغطية لدى التأمينات الاجتماعية وبالتالي يخفض تكاليف تلك الشركات ويزيد من ربحيتها، خصوصا وأن معظم وظائف العمل الجزئي لا تتطلب مهارات عالية بقدر ما تتطلب تدريباً بسيطاً على رأس العمل.

وفي سياق متصل يلاحظ «طارق بن زياد السديري» أيضاً أن العمالة الوافدة تشغل ستة ملايين وظيفة في القطاع الخاص، وهو ما يزيد عن 90% من مجموع وظائف القطاع الخاص، وبناء عليه، فإننا لا نعتقد أن من الإنصاف القول بأن الاقتصاد السعودي والقطاع الخاص على وجه التحديد، لا ينتج فرص عمل كافية، ولكن الحقيقة المقلقة هي أن الغالبية العظمى من هذه الوظائف يتم شغلها من قبل عمالة وافدة.

الإمارات تطبقها بحلول 2016 

أما في الإمارات فقد كشفت مديرة دائرة الموارد البشرية في حكومة دبي، «أمل بن عدي»، بأنه «سيتم قريباً تعميم مشروع دوام يتيح للمواطنين العمل بنظام دوام جزئي في الدوائر المختلفة، على دوائر حكومة دبي كافة، في خطوة تستهدف تشجيع وتحفيز المواطنين على الانخراط في سوق العمل، خصوصاً المواطنات اللاتي تركن وظائفهن بسبب ضغوط والتزامات أسرية، على أن يبدأ تطبيقه تدريجياً خلال الفترة المقبلة، ليكون التطبيق الكلي بحلول 2016».

وقالت «بن عدي» إن «نظام الدوام الجزئي، هدفه إتاحة مزيد من فرص العمل أمام المواطنين يمكنهم شغلها، بينما لن يسمح النظام بالجمع بين وظيفتين حكوميتين من قبل موظف واحد، إذ توجد في دبي ثلاث صيغ للتعاقد مع الموظفين في القطاع الحكومي، تتمثل في العمل بدوام كامل، أو دوام جزئي، أو من خلال عقد عمل خاص، بحسب صحيفة «الإمارات اليوم».

وأضافت أن «الهدف الرئيس من قرار الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، بشأن تنظيم التعيين بدوام جزئي في حكومة دبي، يتمثل في تشجيع المواطنين، خصوصاً الذين تركوا الوظائف، على العودة إلى سوق العمل، كما أن الموظف الذي لا يستطيع الدوام بنظام الدوام الكامل، سيستطيع العمل بنظام الدوام الجزئي».

قطر تعتبره فرصة للتماسك الأسري

أما في قطر فقط كان الاتجاه لتطبيق نظام دوام العمل الجزئي لأهداف اجتماعية تصب في صالح المرأة بشكل خاص، حيث كشف «حسين الملا» وكيل وزارة العمل عن تطبيق العمل الجزئي للمرأة القطرية في عدة جهات وهيئات حكومية ومؤسسات خاصة خلال الفترة القليلة المقبلة.

وأكد في حوار مع  صحيفة (الراية) القطرية أن الجهات التي سيجري تطبيق العمل الجزئي بها ستكون موائمة لطبيعة عمل المرأة ومحفزة على جذبها للعمل بما يحقق استثمار الطاقة الهائلة والخبرات التي لدى عدد كبير من المواطنات اللائي يمكنهن العمل بدوام كامل.

وأشار «الملا» إلى أن الرواتب التي ستمنح للمواطنات المستفيدات من العمل الجزئي ستكون موائمة للجهد اللائي يبذلنه ومحفزة لهن على مواصلة العمل مشيرا إلى أن دراسة شمول العاملات بدوام جزئي في مظلة قانون التقاعد والمعاشات.

وقال إن المشروع يهدف إلى وضع نظام للعمل الجزئي يصب في مصلحة التماسك الأسري بالمجتمع القطري وتمكين المواطنة المتزوجة من مراعاة أسرتها بصورة أفضل فضلا عن تشجيع المواطنات غير المشتغلات للحاق بالعمل من خلال ساعات قليلة، وتعود عليها بالفائدة المادية. وأشار إلى تطبيق العمل الجزئي مبدئيا في عدد من قطاعات الدولة، للتعرف على قدرة تلك القطاعات على تقبل هذا النظام، وقياس مدى إقبال المواطنات القطريات عليه، مؤكداً أن نتائج تقييم المرحلة الأولى هي أساس تطويره بمراحل تالية، وستحدد كذلك الايجابيات التي يمكن تعزيزها والسلبيات التي يتم العمل على تلافيها.

ويبدو أن الكويت والبحرين وسلطنة عمان تنتظر قياس نتائج التجربة لإدخالها ضمن إطار القوانين المنظة للعمالة فيهما، ويبقى السؤال : هل يكون نظام العمل الجزئي بوابة لتعزيز خلجنة الوظائف والحد من تكلفة العمالة الوافدة وتقليص تحويلاتها المالية؟

  كلمات مفتاحية

الجلجنة السعودة أزمة البطالة العمالة الوافدة عمل المرأة الخليجية

التأهيل والتدريب والاستثمار الأجنبي .. معوقات تهدد مشروع «الخلجنة»

مسؤول إماراتي: مشروع «الخلجنة» يتعارض مع جهود جذب الاستثمار الأجنبي للمنطقة

«السعودة» ليست حلا: البطالة تتفاقم في المملكة و3 ملايين عاطل سعودي خلال سنوات

محاولات حثيثة لتطبيق «السعودة»: وزراة العمل تخفض مدة إقامة العمالة إلى أربع سنوات فقط

صحيفة: الإعلان عن 20 ألف وظيفة حكومية في السعودية خلال أيام