تسعى المملكة العربية السعودية إلى تسخير كافة الإمكانات والبرامج والخطط والآليات من أجل معالجة ملف العاطلين عن العمل، في ظل قلق يتزايد يوما بعد يوم في ظل قلق شديد وترقب في كل بيت سعودي بعدما تواترت الأنباء بتعرض السوق المالية السعودية لأحد أكبر خسائرها خلال الأعوام الأخيرة، على خلفية انخفاض أسعار النفط دون 60 دولارا للبرميل للمرة الأولى منذ يوليو 2009 ، تأتي هذه الأزمة لتتزامن مع تصريحات صحفية لأمير منطقة تبوك الأمير«فهد بن سلطان» أقر فيها بتزايد عدد العاطلين السعوديين (ذكورا وإناثا) من 602.8 ألف متعطل في عام 2012م إلى حوالى 622.5 ألف متعطل في عام 2013م .
وأشار الأمير إلى وجود «7 ملايين وافد» في المملكة مما يعني بحسب خبراء سعوديون تضاؤل لفرص استيعاب أبناء الوطن ناتج عن تعثر خطط «السعودة»، ولفت«بن سلطان» في تصريحه إلى إحصاءات عام 2013م؛ أن 84.5% من الوافدين يعملون في القطاع الخاص الذي يفترض أن يكون هو الأكثر قدرة على استيعاب العاطلين السعوديين، حيث تقلصت نسبة البطالة بين السعوديين من 12.1% في عام 2012م إلى مستوى 11.7% في عام 2013م، وهي نسبة ضئيلة جدا تعبر عن فشل كل خطط السعودة بحسب مراقبين ومؤسسات وطنية .
3 ملايين عاطل
وفي سياق متصل، أكد رئيس اللجنة الوطنية لشباب الأعمال بمجلس الغرف السعودية أن معدلات البطالة المنشورة لا يعبر عن الاحتياج الفعلي لفرص العمل، لافتًا في الوقت ذاته إلى أن المملكة في حاجة إلى 3.5 مليون فرصة عمل جديدة بحلول عام 2020م ، وتوقع أن يتضاعف عدد العاطلين عن العمل من السعوديين ذكورا وإناثا إلى 4.5 ضعف (أربعة أمثال ونصف)، ليصل خلال الثلاث سنوات المقبلة إلى ما يزيد عن 3 ملايين عاطل وعاطلة بحوالي 600 ألف عاطل حالياً.
تعثر السعودة للإناث
جاء في ورقة بحثية بعنوان«تقييم أداء سوق العمل في ظل أنظمة وتشريعات وزارة العمل وتداعياتها على المشروعات الناشئة وشباب الأعمال» قدمها «على صالح العثيم» رئيس اللجنة الوطنية لشباب الأعمال قوله: «إن غالبية العاطلين الذكور يحملون الشهادة الثانوية في حين نجحت السعودية في توظيف حملة المؤهلات الجامعية، إلا أن برامج السعودة تتعثر بشكل كبير في توظيف السعوديات، حيث توجد 71% من العاطلات الإناث من حملة الشهادات الجامعية».
وتصنف المملكة رابع أكبر دولة مستضيفة للعمالة الوافدة بالعالم، ويعرض كثير من الشباب السعودي عن سعودة المهن والوظائف لعدم قبولهم بالسعر السائد المنخفض للأجور،الأمر الذي أفرز بطالة انتقائية برغم قدرة الشباب على العمل ورغبتهم فيه.
ولفت «العثيم» إلى أن معدل البطالة انخفض من 12.1% في عام 2012م إلى 11.7% في عام 2013م، معتبرًا إن هذا الانخفاض يُنفق عليه ما يقارب 14.9 مليار ريال سنويًا منذ اعتماد الاستراتيجية قبل 5 سنوات.
من بين الوزراء الذين لم يطلهم التغيير وأبقى عليهم الملك عبدالله بن عبدالعزيز؛ وزير العمل المهندس «عادل فقيه»، زالذي صرح قبل يومين لدى افتتاحه مقرا جديدا لوزارته في منطقة تبوك إذ قال «البطالة في المملكة ستكون من الماضي وهذا ليس من باب التفاؤل ولكنه الواقع الذي نلمسه من خلال ما يبذل من جهود عظيمة من قبل وزارة العمل في مختلف قطاعاتها».
وأضاف : أن «التركيز كان على إحلال السعوديين مكان الوافدين، أما الآن فالتركيز على إيجاد فرص عمل جديدة، لافتا إلى إيجاد حلول عاجلة لتوفير العمالة المنزلية، وعقد ورشة عمل الأسبوع المقبل فيما يخص العمالة الموسمية».
تخفيض ساعات العمل
وفقاً للخبراء فإن عدد ساعات العمل المرتفعة في القطاع الخاص أحد العوامل التي تتسبب في نفور الشباب السعودي، ورغم قرار مجلس الشورى تخفيض ساعات العمل من 48 ساعة إلى 40 ساعة أسبوعيًا إلا أن القطاع الخاص ما زال غير ملتزم في أغلبه بالقرار.
ويرى الخبير العمالي «علي أحمد صحفان» في مقال له بـ«المدينة» أن القطاع الخاص الذي يرى في هذا القرار تأثيراً سلبياً على إنتاجيته بإمكانه أن يعيد النظر فيه بمنظور إيحابي حيث سيجد أن القرار سيكون لمصلحة صاحب العمل والعامل معًا، فالعامل في القطاع الخاص له احتياجات إنسانية ومجتمعية.
وأشار إلى دراسة استطلاعية عن تحديد أوقات العمل وساعاته في القطاع الخاص أعدها مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني ووزارة العمل، خلصت إلى أن زيادة الإجازة الأسبوعية إلى يومين، سوف تزيد من إقبال السعوديين على العمل في القطاع الخاص، وتساعد الموظفين على الوفاء بالالتزامات الاجتماعية، وتزيد من عطاء العاملين في الأنشطة المختلفة.
ولفت إلى أن أحد أهم أسباب عزوف الشباب السعودي عن العمل في القطاع الخاص، هي ساعات العمل الطويلة، وأن تخفيض ساعات العمل الأسبوعية، سيسهم في زيادة نسب توظيف السعوديين في القطاع الخاص.
زيادة الأجور
التحدي الآخر في مواجهة أزمة البطالية يمكن في زيادة الأجر الشهري، حيث لن يسجل لأي منشأة أي موظف يقل راتبه عن 1500 ريال في حين سيتم احتساب الموظف الذي يقل راتبه عن 1500 ريال بنصف موظف.
وتسعى الوزارة لأن يكون التركيز في المرحلة القادمة على التوظيف النوعي والسعي إلى تأمين رواتب عالية لزيادة التوطين ودعم صندوق الموارد البشرية المختص بدعم العمالة في زيادة مدة دعم التوظيف من سنتين إلى أربع ودعم الرواتب من 2000 ريال إلى 4000 ريال، حيث مغادرة 80 ألف مستفيد من برنامج حافز طوعاً بعد استقطاب منشآت القطاع الخاص لهم، رغم مضي أشهر قليلة على انضمامهم.
العاطلون في السعودية
وقبل نحو شهر نشرت صحف سعودية نتائج مسح القوى العاملة خلال شهر ربيع الأول 1434هـ ، الموافق لشهر يناير 2013م، والتي أظهرت أن عدد العاطلين من السعوديين بلغ 629.044 فرداً، يمثل الذكور منهم 265.425 فرداً مقابل 363,619 للإناث.
كما بينت النتائج أن أعلى نسبة للعاطلين السعوديين كانت في الفئات العمرية 20 - 24 سنة و25-29 سنة، وذلك بنسبة بلغت 36.3٪ لكل فئة، أما فيما يخص الذكور فتمثل الفئة العمرية 20-24 سنة الفئة الأعلى من حيث عدد العاطلين وذلك بنسبة 46.6٪، أما فيما يخص الإناث فتمثل الفئة العمرية 25-29 سنة الفئة الأعلى من حيث عدد المتعطلات وذلك بنسبة 4.6٪ من جملة العاطلات السعوديات. كما بينت النتائج أيضاً أن أعلى نسبة للعاطلين السعوديين هم من الحاصلين على شهادة البكالوريوس أو الليسانس وذلك بنسبة 46.2٪، يليهم الحاصلون على شهادة الثانوية أو ما يعادلها بنسبة 34,9٪، وبالنسبة للذكور منهم فإن أعلى نسبة للمتعطلين هم الحاصلون على الشهادة الثانوية أو ما يعادلها وذلك بنسبة 54.8٪، يليهم الحاصلون على شهادة الدبلوم دون الجامعي وذلك بنسبة 15.1٪.
مثابرة وعدم استسلام
ويحاول كثير من الشباب السعودي عدم الاستسلام للعطالة مهما كانت المعوقات، حيث يلجأ بعضهم للعمل كسائق سيارة أجرة أو رجل أمن أو حتى متطوع في عمل ما بدون مقابل مادي على أمل أن يضيف الخبرات والمهارات التي تساعد في الحصول على عمل.
من جهته دعا «د.عبدالكريم النجيدي» النائب التنفيذي للمدير العام في صندوق تنمية الموارد البشرية (هدف) جميع الشركات في القطاع الخاص إلى الإيمان بقدرة الشباب السعودي في إنجاح شركاتهم متى ما سنحت لهم الفرص ووجدوا الدعم المناسب، مؤكدا على ضرورة خلق بيئة عمل تناسب احتياجاتهم وتشجعهم على العمل.