ارتفاع أعداد الوافدين بالسعودية يعكس فشل «سعوَدة الوظائف»

السبت 17 يناير 2015 10:01 ص

أشارت البيانات الرسمية إلى أن نسبة تأشيرات الاستقدام في المملكة العربية السعودية قد زادت 12% في العام 2014، وذلك مقارنة بالعام السابق عليه، فيما بقي معدل البطالة الرسمي يتراوح ما بين 11 و18%.

وبحسب البيانات الصادرة عن وزارة العمل، فقد ارتفع عدد السعوديين في القطاع الخاص من 1.13 مليون عامل إلى 1.47 مليون عامل، بزيادة 332 ألف عامل، ولكن في نفس الفترة ارتفع عدد العمالة الوافدة من 7.35 ملايين إلى 8.21 ملايين عامل، بزيادة قدرها 860 ألف عامل.

ويشكل السعوديون 14.5% من العاملين في القطاع الخاص، فيما يؤكد محللون ومراقبون أن وزارة العمل لم تنجح في تحسين نوعية الوظائف الممنوحة للسعوديين في القطاع الخاص، وحملوا سياسات وزارة العمل التي تعتمد على الكم أكثر من الكيف بالتسبب في انتشار ما وصوفه بـ «السعودة الوهمية».

وبحسب تصريحات المحلل الاقتصادي، «فضل البوعنين»، لصحيفة «العربي الجديد» اللندنية، فإن وزارة العمل قد فشلت في توطين الوظائف، لأنها لم تضع الخطط الصحيحة لذلك، مشيرًا إلى أن «نتائج حملات توطين الوظائف كانت مخيبة، وصادمة». وأضاف أن «ما حدث لم يكن مطلوبًا في هذه المرحلة لتوطين الوظائف، حيث ركزت الحكومة على الوظائف متدنية الرواتب، والتي لا تعتبر هدفاً لجذب السعوديين، وحولوا الوظائف المؤقتة لوظائف دائمة وتناسوا خلق الوظائف الحقيقية».

وتابع قائلًا: «لا يمكن خلق سعودة حقيقية ما لم تعتمد الوزارة على سياسة الإحلال، وهذا يتطلب حصر الوظائف الوسطى والعليا، المشغولة من غير سعوديين، وتبدأ في إحلال مواطنين فيها من ذوي المؤهلات المناسبة، وما تبقى من موظفين لا يملكون المؤهل الكافي يتم تطويرهم ليرتقوا بقدراتهم».

وأشار إلى أن هناك «بطالة متراكمة»، ففي كل عام يدخل سوق العمل طالبو عمل جدد، ولا بد أن نتعامل معهم وفق استراتيجية التوطين، والتي تعني تدخل الدولة وتحدد احتياجات الوظائف في القطاعات الحكومية لتوجه الطلاب للتخصصات التي تحتاج لشغلها في المستقبل، أما تكدس الطلاب في الجامعات والكليات غير المرغوبة في سوق العمل فسيؤدي إلى زيادة معدل البطالة أكثر. ولفت إلى ضرورة أن يكون للقطاع الخاص دور في توطين الوظائف وأن يكون مشغلاً حقيقياً للشباب، وأن تتوقف الحكومة عن خلق الوظائف، لأنه أصبح مرهقاً للميزانية العامة للدولة.

وتابع «البوعنين»: «تقول وزارة العمل إنها وظفت 700 ألف سعودي في عامين، ولكن في المقابل نسبة التأشيرات للعمالة الوافدة زادت 12%»، مشيرًا إلى أن معظم الوظائف التي يتم الإعلان عنها من القطاع الخاص وهمية ولا يرغب فيها الشباب.

وكثفت وزارة العمل حملاتها ضد التوظيف الوهمي، وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي رصدت أكثر من 104 سيدة مسجلة في قواعد بيانات مؤسسات على أنهن يعملن في قطاع البناء والتشييد، وعاقبت 16 شركة بتهمة التوظيف الوهمي.

وعلى الرغم من هذه الحملات، يعترف نائب المدير العام لصندوق تنمية الموارد البشرية لقطاع العملاء، «عمر مليباري»، بصعوبة الكشف عن السعودة الوهمية، كاشفًا أن عددا من الجهات الحكومية المختصة تسعى للكشف عنها والحد منها. ولكنه شدد على أن عملية الكشف عنها مسألة مرهقة ومكلفة. وهو ما دفع عددا من رجال الدين للتدخل، فأكد الشيخ «عبد الله المنيع»، أن التوظيف الوهمي «محرم شرعًا».

وقال في فتوى رسمية أن «الشركات التي تتعامل بالتوظيف الوهمي للسعوديين شركات خائنة، وهؤلاء الشباب الذين يرضون بمثل هذا الكسب من دون عمل ولا جهد هُم مثل تيوس مستعارة وجميعهم يستحق العقوبة، لأن هذا التصرف من الشركات لا ينفع بلادنا».

كما قال خبير التوظيف، «بندر الصالح»، إن وزارة العمل يهمها فقط أن ترى معدلات التوطين في الشركات تبلغ 50% وأكثر، حتى ولو كانت هذه النسبة انعكاسا لشباب سعوديين يعملون برواتب متدنية وفي وظائف إدارية دنيا، في حين أن غير السعوديين وبعضهم يأتي بتأشيرة زيارة يقبضون رواتب مرتفعة، ويشغلون الوظائف العليا ووظائف التشغيل والمبيعات والتسويق.

وأضاف «الصالح» إن مبادرات وزارة العمل في انتشار «التوظيف الوهمي» بتركيزها على كم عدد السعوديين العاملين في المنشأة فقط، من خلال البرنامجين السابق إطلاقهما للتوظيف واللذين يحملان اسم «نطاقات-1» و«نطاقات-2»، بدلًا من تركيزها على نوعية الوظائف التي يشغلها السعوديون في المنشأة. وتابع أن هذا الأمر «دفع ببعض المنشآت إلى أن تتواطأ مع باحثين عن عمل، وتتعاقد معهم بوظائف وهمية لمجرد استيفاء متطلبات البرامج الحكومية، التي تعجز المنشآت الصغيرة عن تحقيقها».

وتحاول وزارة العمل السعودية، إصلاح الخطأ الاستراتيجي الذي وقعت فيه، وستطلق بعد 4 أشهر برنامجا تطلق عليه اسم «نطاقات-3»، التي ستركز أكثر على محاربة السعودة الوهمية ورفع نسب توطين الوظائف، غير أن مجلس الغرف السعودية، طالب مؤخرا وزير العمل، «عادل فقيه»، بإعادة النظر في قرار رفع نسب التوطين، مطالبين بأن يكون رفع النسب وفق برنامج زمني متدرج، لا يقل عن سنتين إلى 3 سنوات، فهم يرون أن هناك ضعفا في عدد طالبي العمل، ما يصعب عليهم إمكانية تلبية متطلبات البرنامج.

وأكد المحلل الاقتصادي، «ماجد العبد المجيد»، في تصريحات لذات الصحيفة، أن بيانات مصلحة الإحصاءات والمعلومات تشير إلى أنّ معدل البطالة في السعودية في تزايد، رغم تأكيدات وزارة العمل بأنّها خلال سنتين وظّفت ما يزيد على 700 ألف مواطن. واعتبر أن معظم ما تحقق لا يعدو في الغالب تسجيلا لطلاب وطالبات وربات البيوت في نظام التأمينات الاجتماعية، ولم يكن توظيفًا حقيقيا لعاطلين عن العمل.

وقال «إذا كان صحيحًا أنه تم توظيف كل هذا العدد في القطاع الخاص فإنّ هذا القطاع لن يكون بحاجة للاستقدام، ولكن الأرقام تقول إنه في 2013 استقدمت منشآت القطاع الخاص 1.66 مليون عامل بزيادة هائلة قدرها 33%، مقارنة 2012». وأضاف أن وزارة العمل ارتكبت خطأ استراتيجياً بمكافأة القطاع الخاص بمزيد من التأشيرات مقابل نسبة السعودة، لأن هذا الأمر دفع بعض الشركات إلى السعودة الوهمية، التي لا تمثّل أي توظيف حقيقي للمواطنين.

وتعترف وزارة العمل أن هناك قطاعات يصعب توطينها، أهمها قطاعات البناء والمقاولات الذي يعتمد حسب بيانات رسمية على 90% من العمالة الوافدة، وهو ما يؤكد عليه رئيس لجنة المقاولات في غرفة جدة للتجارة والصناعة، معمر العطاوي، على صعوبة سعودة قطاع المقاولات.

وأوضح «العطاري» أن نسبة التوطين في قطاع المقاولات لا تتجاوز الـ 12%، يعملون في 269.8 ألف منشأة، يعمل فيها أكثر من 4 ملايين و287 ألف عامل، وفي نفس الاتجاه.

وتعتقد الوزارة أن رفع نسب التوطين في المنشآت الخاصة سيضمن زيادة شغل السعوديين في وظائف القطاع دون تلاعب، بعد أن درست فتح مجالات جديدة للسعوديين عبر دراسات قطاعية للتوظيف.

كانت دراسة خليجية حديثة، قد أشارت إلى أن دول مجلس التعاون لم تلتزم بالسقف المحدد لعدد العمالة الوافدة المسموح به، حيث كان وزراء العمل الخليجيون قرروا ألا تتجاوز تلك النسبة 20% من إجمالي عدد السكان.
ووفقا للدراسة فإن الإمارات تصدّرت قائمة الدول الخليجية التي تجاوزت السقف المحدد للعمالة، حيث تتجاوز نسبة العمالة الوافدة فيها 80% من إجمالي عدد السكان، ثم الكويت بـ 63%، ثم عُمان بـ 61%، ورابعا السعودية بـ 30%، ثم قطر والبحرين بـ 27 و25% على التوالي.

المصدر | الخليج الجديد + العربي الجديد

  كلمات مفتاحية

«السعودة» ليست حلا: البطالة تتفاقم في المملكة و3 ملايين عاطل سعودي خلال سنوات

محاولات تطبيق السعودة تدفع المهندسين الوافدين للاستقالة!

«العمل السعودية» تحدث «نطاقات» وتعدل نسب السعودة

«العمل» السعودية تطرح آلية جديدة لاحتساب «سعودة» القطاع الخاص

وزارة البلدية السعودية: تسرب الكفاءات لغياب الحوافز المادية والمعنوية ... والسعودة فرغت الوزراة من الخبرات

الوافدون يستحوذون على 78% من الوظائف الجديدة في السعودية

هيئة توليد الوظائف

قطر تسعى لحل أزمة صعوبة تسجيل أبناء السعوديين في مدارسها وجامعاتها

صحيفة: الإعلان عن 20 ألف وظيفة حكومية في السعودية خلال أيام

10 آلاف وظيفة يطرحها ملتقى توليد الوظائف بالرياض

دبي تشترط توفير شهادات حسن سير وسلوك للراغبين في العمل بها

الكويت توقف توظيف الوافدين في القطاع العام بصرف النظر عن الجنسية