استراتيجية عسكرية ضد «الدولة الإسلامية» عفا عليها الزمن

الأحد 21 يونيو 2015 01:06 ص

في محاولة لهزيمة تنظيم «الدولة الإسلامية» في العراق وسوريا في الوقت الذي يواصل فيه الحصول على مكاسب إقليمية ومالية كبيرة، أطلقت الولايات المتحدة استراتيجية «زنبق الماء» ضد التنظيم الأسبوع الماضي.

وتشكل استراتيجية الولايات المتحدة البديلة ضد «الدولة الإسلامية» ثلاث قضايا رئيسية، وتبين مدى حالة الغموض التي وصلت إليها الاستراتيجية الأمريكية.

أولا: توظيف استراتيجية «زنبق الماء» ليس دقيقا، كما أنها لم تثبت أي نجاحات في السابق ضد الجماعات الإرهابية الأخرى التي طبقت معها.

ثانيا: تحتاج هذه الاستراتيجية إلى مزيد من القوات الأمريكية في العراق بعد الانسحاب في عام 2011.

وأخيرا: لقد فشلت فشلا ذريعا في التصدي لأقوى دعامات التنظيم الإرهابي؛ ألا وهي مسألة الحصول على التمويل والدعم.

هل هي استراتيجية جديدة؟ هل هي ناجحة؟

تعمل استراتيجية «زنبق الماء» كميزة تكتيكية تمنح القوات الأمريكية القرب من الصراع من دون التدخل المباشر، وتوفر الدعم والموارد للحكومات المحلية التي تحارب الجماعات المتطرفة. وتوفر عملية إنشاء «زنبق الماء» الوصول إلى الطليعة التي تنتظر أن تكون الظروف أو الاستخبارات والموارد بمثابة الدعم التكتيكي للعمليات الحكومية الرئيسية.

وفي ظل إدارة «أوباما»؛ تضخمت عملية افتتاح «زنبق الماء» في الوقت الذي زادت فيه المشاركة في آسيا وإفريقيا، وفي حالة مثل العراق؛ فإن الهدف من إقامة هذه البؤر هو بمثابة محفز لدمج المقاتلين السنة في الجيش العراقي الذي يهيمن عليه الشيعة.

ومع ذلك؛ فقد استخدمت الولايات المتحدة هذه الاستراتيجية من قبل، وأثبتت أنها غير فعالة في مكافحة جماعات متطرفة مثل حركة طالبان في أفغانستان، وهناك أيضا أسئلة أثيرت حول كفاءة العمليات في حالة أن المستشارين يتعين عليهم الحفاظ على المبادئ الأساسية أثناء التنفيذ، بينما تقترن المخاطر بالمستشارين الأمريكيين على أساس أنهم أهداف حية في المناطق التي تعمل فيها المشاعر المناهضة للولايات المتحدة بقوة.

الزيادة في «زنبق الماء» تعادل مزيدا من القوات

فعلى الرغم من أن إدارة أوباما قد أصرت على خفض عدد القوات الأمريكية في العراق منذ عام 2011، وجدت نفسها تنجر إلى حرب أخرى، حتى ولو في دور استشاري.

وتتطلب عملية إطلاق استراتيجية «زنبق الماء» في جميع أنحاء المنطقة إعادة خلط القوات النشطة بالفعل، واحتمال نشر قوات إضافية في العراق، وفي الأسبوع الماضي؛ أعربت الإدارة الأمريكية عن نيتها توسيع وجودها العسكري في المنطقة. والمقصود من عملية نشر أكثر من 450 مستشارا عسكريا أمريكيا هو إعطاء القوات الأمريكية دور استشاري مباشر للجيش العراقي الذي يحمي خطوط الإمداد والبلدات والبنية التحتية، فضلا عن هدف استعادة الموصل.

وبينما القوات الأمريكية الموجودة ضمن هذه الاستراتيجية التي تديرها القوات العراقية ليست معنية بالمشاركة في القتال البري، وإنما بمثابة مستشارين للقوات العراقية والقادة المحليين، وإذا برهنت القاعدة الجديدة في محافظة الأنبار نجاح مسعاها ضد الدولة الإسلامية هناك، فلن تكون مفاجأة أن نرى افتتاح المزيد من القواعد، التي من شأنها أن تؤدي إلى عمليات نشر إضافية.

ولا تكمن أكبر مشكلة في السياسة أو مخاطر زيادة القوات في العراق، ولكن في كيفية تضمين هذا الانتشار الإضافي سيفشل في معالجة المشاكل الاستراتيجية الحالية لمكافحة الإرهاب التي لا تعمل في الأساس.

فشل الاستراتيجية في عرقلة التمويل

لا تقبع جذور المشكلة في النظريات الافتراضية حول عمل «زنبق الماء» ضد الدولة الإسلامية، بل في هذا التهديد المتنامي الذي يتم التعامل معه باستراتيجيات أمريكية لمكافحة الإرهاب عفا عليها الزمن وانتهت صلاحيتها، وقد فشلت أساسا في التصدي لهيكل تمويل الدولة الإسلامية.

على الرغم من الإجراءات المستمرة في أراضيها وهبوط أسعار النفط، لا تزال الدولة الإسلامية تحصل على ما يكفي ويفيض من الإيرادات وأصول تغطية نفقاتها الحالية.

أحد ابرز استراتيجيات مكافحة الإرهاب المتبعة ضد الجماعات المتشددة في الشرق الأوسط هو استنزافها والحد من وصولها إلى البنية التحتية للنفط. وعلى الرغم من الجهود الأمريكية التي تستهدف بشكل مستمر الاحتياطيات النفطية من خلال العديد من الغارات الجوية، فإن «الدولة الإسلامية» لم تجد أساس تمويلها في مصافي النفط.

ويتوقع خبراء أن ما يسمى بتبعية المجموعة أو اعتمادها على غيرها من الممكن أن يعيق عملياتها، ولكن ذلك لم يحدث حتى الآن. وفي الوقت الحالي؛ فإن حوالي 2 مليون دولار في الأسبوع كعائدات من وراء بيع النفط لا تمثل المصدر الرئيسي للدخل لـ«الدولة الإسلامية»، وبالتالي فإن استهداف البنية التحتية النفطية ببساطة لا يرقى إلى كونه ضربة مؤثرة وموجعة للتنظيم.

وتواصل «الدولة الإسلامية» الاعتماد بشكل كبير على الابتزاز وفرض الضرائب، والتي تمثل حاليا أكثر من مليون دولار في اليوم الواحد، ويتم فرض ضرائب على رواتب موظفي الحكومة العراقية تصل إلى 50%، ما أضاف لها في العام الماضي ما لا يقل عن 300 مليون دولار أمريكي، في حين أن عقود الشركات قد تكون بعائدات ضرائب تصل إلى 20%.

ولا تنفق «الدولة الإسلامية» أموالا طائلة على أي معدات عسكرية؛ نظرا إلى اعتمادها على عمليات النهب والسلب، ومصادرة الأراضي والبنية التحتية القائمة، والامتناع عن الاستثمار في الخدمات، مرونة التنظيم تجعله مختلفا عن أي مجموعة أخرى واجهتها الولايات المتحدة على مدار تاريخ مواجهة مثل هذه المجموعات، وتتيح لها هذه المرونة أيضا الانتقال بين توسيع أراضيها وإطلاق النشاط الإرهابي في المنطقة.

ولا تنظر «الدولة الإسلامية» إلى فقدان الأراضي على اعتبار أنها خسارة، كما أنها ليست عائقا أمام تقدمهم، فعلى سبيل المثال؛ لم يمنع فقدان الأرض في تكريت «الدولة الإسلامية» من مواصلة جهودها في العراق وسوريا، كما لم يتوقفوا عن السيطرة على مدن عراقية أخرى.

قدرة المجموعة على التحرك بسرعة ومرونة فيما يتعلق بنقطة انخفاض أسعار النفط ومصادر الدخل –بالإضافة إلى دهائها– جعل منها عدوا أكثر خطورة يؤدي عملياته بدقة وتنظيم تفوق القوالب التي اعتادت واشنطن تجربتها في مجال مكافحة الإرهاب.

وبالمقارنة مع غيرها من الجماعات الإرهابية التي واجهتها الولايات المتحدة، وضعت «الدولة الإسلامية» نموذجا ناجحا للنفقات لتعزيز قضيتها، فعلى عكس «حماس» -على سبيل المثال- لا تستثمر «الدولة الإسلامية» معظم أموالها وجهودها في الخدمات الإنسانية، وبدلا من ذلك فإن معظم استثماراتها غير المباشرة تكون في رواتب ومؤسسات الدولة البوليسية ووسائل الإعلام والمحاكم وتنظيم السوق، ونظرا لقدرات الغارات الجوية الأمريكية المعينة، تتجنب المجموعة الاستثمار في البنية التحتية، ما يجعلها هدفا أكثر صعوبة.

ما الذي يعنيه كل هذا؟

تتعامل الولايات المتحدة في الوقت الراهن مع قوة عسكرية لديها قدرة عالية على التكيف، قوة لديها قدرات وموارد قد لا تستطيع استراتيجية مكافحة الإرهاب أن تتعامل معها، وعلى الرغم من أن استراتيجية «زنبق الماء» يبدو معمول بها نظريا وأنها فعالة، إلا إن الواقع يشير إلى التكاليف المرتبطة بزيادة الوجود العسكري قد لا تكون أفضل استثمار في المنطقة.

وفي ظل التهديدات الجديدة التي تجلب نهجا وسياسات جديدة تستهدف نمو الجماعات المتطرفة، فقد فشلت الولايات المتحدة في القيام بأي تطوير، وبقدر استمرار «الدولة الإسلامية» في عملية تعزيز نموذج تمويلها، والذي لا يمكن التعامل معه من خلال الاستراتيجية الحالية بأي حال من الأحوال، فسيتم إنفاق الكثير من رأس المال الاقتصادي والعسكري ورأس المال البشري لردع هذا التهديد.

  كلمات مفتاحية

الولايات المتحدة الدولة الإسلامية سوريا العراق إدارة أوباما

في حرب مواقع التواصل الاجتماعي .. «الدولة الإسلامية» تتقدم على حساب «القاعدة»

«الدولة الإسلامية» يعلن اكتظاظ معسكرات الأنبار بعد إقبال عشائري لمبايعته هناك

الولايات المتحدة تنفق 9.1 مليون دولار يوميا لمحاربة «الدولة الإسلامية»

«فورين بوليسي»: المنضمون لـ«الدولة الإسلامية» أكثر من قتلى غارات التحالف

محلل أمريكي: فشلنا في هزيمة «الدولة الإسلامية» وسيشكل التنظيم تهديدا لأراضينا

«أوباما» يوافق على إرسال 450 جنديا إضافيا إلى العراق ويدرس تدريب العشائر السنية مباشرة

فرنسا تدعو لزيادة عمليات التحالف الدولي ضد «الدولة الإسلامية» لوقف تمدده

«موغريني»: الحل العسكري لا يكفي للقضاء على «الدولة الإسلامية»

أمريكا وسراب الاســتراتيجــية!

تنظيم «الدولة الإسلامية» ينسج شبكة تأييد بدول الخليج العربية

مساعد مدير «FBI» السابق: قواعد الحرب على الإرهاب تبدلت بعد ظهور تنظيم «الدولة»

«داعش» يقتل دول العرب بخطايا أنظمتها

مدير «FBI»: الاتصالات المشفرة تزيد خطر تنظيم «الدولة الإسلامية»