رويترز: بريق مصر الاستثماري يخبو إثر احتجاجات نادرة

الخميس 3 أكتوبر 2019 04:46 م

بعدما ظهر الاقتصاد المصري كنجم صاعد في سماء الأسواق الناشئة، خبا بريقه فجأة إثر الاحتجاجات الأخيرة ضد النظام التي كشفت غياب الاستفادة الجماهيرية من الإصلاحات الاقتصادية.

وقالت وكالة "رويترز" في تحليل صادر عنها، إن الاحتجاجات ضد الرئيس "عبدالفتاح السيسي" أعادت إلى الأذهان ذكرى الاضطرابات التي أعقبت الإطاحة بالرئيس المخلوع "حسني مبارك" في 2011.

وتسببت تلك الاحتجاجات النادرة في هزة وجيزة لسوق الأسهم المحلية البالغ حجمها 12 مليار دولار وضغطت على الدين السيادي.

واندلعت تلك الاحتجاجات الشهر الماضي لتكشف عن "غياب الاستفادة الجماهيرية حتى الآن من إصلاحات اقتصادية استغرقت سنوات ونالت إعجاب المستثمرين".

ورغم إشادة خبراء مال واقتصاديون ببرنامج الإصلاح الاقتصادي، فإن النزول إلى أرض الواقع قد لا يكون مريحا.

واستقرت الأسواق هذا الأسبوع بعدما تمكنت قوات الأمن من الحيلولة دون نزول مزيد من المحتجين، ما طمأن المستثمرين الذين يقبلون على مصر منذ أبرمت القاهرة اتفاق قرض قيمته 12 مليار دولار مع صندوق النقد الدولي في 2016.

ونفذت القاهرة إجراءات تقشف للمساعدة في خفض العجز، بدأت بخفضها قيمة عملتها في عام 2016 وشروعها في إصلاحات أخرى تتعلق بخفض الدعم.

لكن بعض المستثمرين يخشون من أن تتراجع السلطات عن إجراءات مثل خفض الدعم على الوقود وسلع أخرى، الشيء الذي أوجع المصريين، الذين يعيش ثلثهم تحت خط الفقر.

وقال كبير الاقتصاديين لدى "غولدمان ساكس"، "فاروق سوسة"، إن "المستثمرين قلقون من خطر حدوث انزلاق مالي من خلال التراجع عن إصلاح الدعم أو زيادة الإنفاق على أجور القطاع العام أو التحويلات النقدية".

علامات الانزلاق

وأشار إلى أن "مبعث الخطر الرئيسي أن أي انزلاق مالي قد يقلص فرص مصر في التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد على صفقة جديدة بعد انتهاء الحالية في نوفمبر/تشرين الثاني".

أولى تلك الإشارات على ذلك الانزلاق المحتمل، هو إعلان وزارة التموين إنها أعادت 1.8 مليون مواطن إلى منظومة دعم الغذاء منذ فبراير/شباط، في أعقاب تقليصات سابقة على البرنامج.

وأكد مدير المحفظة في إيتون الأمريكية لإدارة الاستثمار، "مارشال ستوكر"، مراقبة "رد فعل الحكومة على هذه الأقلية الصغيرة عالية الصوت لنرى ما إذا كان هناك أي نوع من الاستجابة السياسية الشعبوية بما يخرج برنامج الإصلاح الاقتصادي عن مساره".

ولقيت سوق السندات الحكومية المحلية لمصر نجاحا باهرا مع إقبال المستثمرين الساعين وراء العوائد في عالم تدفع فيه البنوك المركزية أسعار الفائدة نحو مزيد من الانخفاض.

تقترب عوائد السندات السيادية المصرية على مؤشر (جيه.بي مورغان) القياسي للسندات المحلية الناشئة من 14% بما يجعلها الأعلى على المؤشر.

في أغسطس/آب، بلغت حيازات الأجانب من أدوات الدين الحكومية شاملة الأذون والسندات 20 مليار دولار، في تعاف قوي من 31 مليون دولار فقط في 2015 عقب انتفاضات الربيع العربي.

وقال "تيموثي قلدس" من معهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط: "الواقع هو أن مصر كوجهة للاستثمار الأجنبي في السنوات القليلة الماضية لم تكن جذابة إلا فيما يتعلق ببيع الدين قصير الأجل، بفضل تقديم بعض أعلى أسعار الفائدة في السوق".

لكن مزيج متطلبات التمويل الكبيرة -حيث تحتاج القاهرة لتدبير من 6 إلى 7 مليارات دولار في السنة المالية القادمة، وفقا للمحللين- ونقص التفاصيل فيما يخص الانخراط مع صندوق النقد بعد نوفمبر/تشرين الثاني يعني أن أفضل الأوقات للمستثمرين ربما ولّت.

احتياجات تمويلية كبيرة

وأكد رئيس ديون الأسواق الناشئة في "أموندي"، "راي جيان"، إن لدى مصر احتياجات تمويلية كبيرة وهو ما قد "ينطوي على تحد دون ترتيب خاص مع صندوق النقد".

ولاقت الأسهم المدرجة في بورصة مصر البالغة قيمتها 12.2 مليار دولار رواجا هي الأخرى، فقد صعد مؤشر إم.إس.سي.آي للأسهم المصرية 32% منذ بداية العام مقارنة مع مؤشر الأسواق الناشئة عموما الذي ارتفع 3.6% فقط على مدى الفترة ذاتها.

وزادت مخصصات الأسهم المصرية لدى مديري صناديق أسهم الأسواق الناشئة في الأشهر الأخيرة مع صعود متوسط أوزان الحيازات إلى أعلى مستوياته في 4 سنوات، بحسب تقديرات كوبلي لأبحاث الصناديق.

وقال مدير المحفظة الكبيرة لأسهم الأسواق المبتدئة لدى "أشمور قروب"، "أندرو يرودينيل"، إن هناك استياء حقيقيا في أوساط المصريين، مضيفا أن الإصلاحات تستغرق وقتا وفوائدها لم تصل بعد إلى شريحة كبيرة من السكان.

كما اعتبر العضو المنتدب لإستراتيجية أسهم الأسواق المبتدئة لدى "تيليمر"، "حسنين مالك"، أن هبوط مؤشر البورصة المصرية الرئيسي 6% الأسبوع الماضي لم يكن مبررا.

وساعدت الإصلاحات على احتواء التضخم لكنها لم توفر فرص العمل بما يلبي حاجات بلد يقطنه 100 مليون نسمة.

تراجع الاستثمار الأجنبي

وشهد الاستثمار الأجنبي المباشر تراجعا إلى 5.9 مليار دولار في السنة المالية 2018-2019 من 7.7 مليار دولار في السنة المالية السابقة، وهو مستوى أقل كثيرا من توقع صندوق النقد الذي كان يبلغ 11.5 مليار دولار في بداية برنامجه في مصر ويظل أقل بكثير حتى بعد خفض الصندوق توقعه إلى 9.5 مليار دولار في أبريل/نيسان.

يلقى رجال الأعمال باللوم في ذلك على البيروقراطية وبطء إجراءات التقاضي والتوسع في الشركات المرتبطة بالجيش. وزاد النمو إلى 5.6% في 2018-2019.

وقال إستراتيجي الدين السيادي لدى "رينيسانس كابيتال"، "جريجوري سميث"، إن "مصر تحتاج إلى نمو 6 أو 7 أو 8% يقوده القطاع الخاص لكي يشعر به الناس وتتحسن مستويات المعيشة عموما".

المصدر | رويترز+ الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الاقتصاد المصري اقتصاد مصر

بلومبرغ: الفقر يزداد في مصر رغم نمو اقتصادها بسرعة.. كيف؟

احتجاجات مصر.. لماذا يجب أن يشعر السيسي بالقلق؟

خفض رسوم التداول في بورصة مصر لتشجيع الاستثمار