مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي: قلق السعودية من إيران سيدفعها لمواجهتها عسكريا

السبت 11 يوليو 2015 11:07 ص

تُواصل مراكز الأبحاث والدراسات الإستراتيجيّة الإسرائيليّة مُحاولاتها لسبر غور السياسة السعوديّة. وفي دراسة جديدة لمركز أبحاث الأمن القوميّ الإسرائيليّ جاء أنّه فيما يتزايد القلق من إيران، ومعه تنمو الشكوك بقدرة أو جاهزية حكومة أوباما لكبح مساعي إيران للهيمنة، في المقابل يتعزز ميل السعودية للمواجهة المباشرة مع إيران، مع أو بدون تصريح أمريكيّ، حتى وإنْ اضطرت لاستخدام القوة العسكرية في هذه المواجهة.

وأوضحت أنّ التعبير الأوضح عن هذا الموقف هو المعركة الجوية التي تقودها السعودية في اليمن، والتي سميت «عاصفة الحزم» وبدأت في نهاية مارس/آذار بهدف وقف تقدم الثوار الحوثيين الذين يتمتعون بالتشجيع الإيراني، إذْ أنّ واشنطن، الحليف الأكثر تقربا للعربية السعودية لم تعرف مسبقًا عن هذه العملية كما اضطر رئيس القيادة المركزية أنْ يعترف أمام مؤتمر الخدمات المسلحة التابع لمجلس الشيوخ، في الواقع أن الأمريكيين سمعوا عن العملية قبل بدئها بثلاث ساعات فقط بعد أن دُعي الملحق العسكري إلى مؤتمر إحاطة.

وأضافت: إصرار سعودي مستقل كهذا تجاه لاعبين إقليميين، يشتبه بأنهم يتمتعون بالدعم الإيراني أو في مواجهة لاعبين يسهمون بفاعلية لفرض السيطرة الإيرانية في الشرق الأوسط، ليست فريدة من نوعها إطلاقا، على سبيل المثال القوات السعودية والإمارات المتحدة أرسلت إلى البحرين في مارس (آذار) 2011 في ذروة انتفاضة الأغلبية الشيعية ضد النظام الملكي السني، غير أنّ هذه القوات لم تدخل في معركة مباشرة ولم تتحمل جزءا أساسيا في القمع الجسدي للثوار، لذلك فإنّ التدخل في اليمن يعتبر تطورًا في الفاعليات السعودية، والتي رغم أنها ليست جديدة فإنها لا شك دراماتيكية.

ورأت أنّ بعض المحللين يرجعون هذا التغيير إلى موت الملك عبد الله في يناير/كانون الثاني وقرار وريثه الملك سلمان بدفع المواضيع المجمدة ذات الطابع الأمني، ومن بينها أيضًا تم تعيين أبناء الجيل القادم من الأمراء أحفاد الملك سعود، والذين حظي اثنان منهم بتعيينه وليًا للعهد ونائبًا لولي العهد، ولكن وقبل أنْ يكون من الممكن إنكار سياسة الوراثة كعامل في قرارات واضعي السياسة، فإنّ التفسير الأكثر منطقية لمضاعفة التدخل السعودي هو اقتناعها العميق والراسخ حول طبيعة المحادثات الدائرة مع إيران حول الموضوع النووي، وأنّ الولايات المتحدة مصرة على التوصل إلى اتفاق واسع النطاق مع إيران والذي على ما يبدو سيشمل تطرقًا لقضايا إقليمية أخرى.

وتابعت الدراسة التي ترجمها من الإنجليزيّة للعربيّة مركز (أطلس)، أنّ خيبة أمل الدول الخليجية والعربية السعودية في الموضوع الأمني، وإصرار أمريكا على العمل بالشكل الذي يخدم مصالحها فقط، أوصلت هؤلاء إلى الحد الذي باتت عنده تلمح بنيتها منح الدعم الحقيقي للقوى الإسلامية التي تواجه بشار الأسد وإيران في سوريّة، القوى الإسلامية التي أقسمت الولايات المتحدة بأنها "ستضربها وتهزمها".

ولفتت إلى أنّ التخوف الأمريكي تجاه ابتعاد السعودية ودول الخليج جعل الرئيس أوباما يعقد مؤتمر قمة مع قادة دول الخليج في الـ 13 من مايو هدفه إفشال المعارضة العربية للاتفاق النووي المتبلور مع إيران، وهو التطور الذي يزيد من الانتقادات التي يتلقاها أوباما فقط في الداخل الأمريكي. ومثل العربية السعودية ودول الخليج، قالت الدراسة، إسرائيل أيضًا ترى في إيران العدو الأخطر لها، كما أنّ لديها شكوك كبيرة بما يخص السؤال فيما إذا كانت أمريكا تحت حكم أوباما ما زالت تعتبر سندًا وثيقًا، وبتسلحهم بمثل هذه الرؤية فإن أطرافًا معينة في إسرائيل يميلون للاعتقاد أنّ تنسيقًا استراتيجيًا وتقوية العلاقات مع العربية السعودية ومع دول أخرى مقربة منها أصبح هدفًا سياسيًا مهمًا.

وإلى ذلك ففي الظروف القائمة فإن أملًا كهذا يتجاهل حقيقة أنّه ورغم أنّ أغلبية الدول العربية السنية تخشى من إيران ولا يستسيغونها إلا أنهم لا يستسيغون إسرائيل أيضًا، حتى وإنْ كانوا يخشونها أقل، ذلك بسبب التضامن العربي مع الفلسطينيين، لذا حتى العلاقات الدبلوماسية الاعتيادية التي ما زالت غالبية الدول العربية تقيمها مع إيران فهي أمر لن تفعله عندما يكون الحديث عن إسرائيل، فما زال الإسرائيليون الذين يعتبرون أنفسهم واقعيين، وسيما دوائر اليمين السياسي يفضلون التخفي من الفيل الفلسطيني الجاثم في غرفة العلاقات الإسرائيلية العربية لكونهم في الحقيقة آخر من يستعد لدراسة التغيير الجوهري في موقف إسرائيل الحالي من القضية الفلسطينية.

وزادت: ربمّا أنّ تقديرات التهديد المتشابهة تساعد فعلًا في خلق اتصالات سرية من نوع ما بين المستويات الأمنية الإسرائيلية وبين بعض الدول العربية القلقة من الظل الإيراني الثقيل، وأنْ نخلق إمكانية توسيع العلاقات بينها وبين إسرائيل، ولكن المبدأ الذي تضيفه إسرائيل بشأن العلاقات القوية و/أو الأكثر علانية مع دول الخليج غير مقبول على هؤلاء، وهناك أساس منطقي للاعتقاد أنّ الامتيازات الكامنة فيها يتكون أصغر من أنْ تبرر محاسبة الذات والتوترات السياسية الداخلية التي قد يوقظها النهج الإقليمي على الساحة الإسرائيلية الداخلية.

ومهما كانت احتمالية النهج الإقليمي فإنّ مزاياها لا يمكن أنْ تتحقق دون التقدم الواضح في المسألة الفلسطينية، أو وإن لم يكن هذا ممكنًا ومن دون رؤية مقنعة بأن العائق الأساسي ليس في الجانب الإسرائيلي، على سبيل المثال الإعلان المتكرر عن التزام إسرائيل بحل الدولتين، تبني مبدأ المبادرة العربية والحد من البناء في المستوطنات، غير أنّ تقديم رؤى من هذا القبيل ستكون بحاجة إلى تغيير السياسات، والتي تظهر الحكومة الإسرائيلية نوايا لا تكاد تذكر في تبنيها، أولئك الذين يفتخرون بموقفهم الواقعي من حقهم فعلًا الزعم بأنّ الثمن الفلسطيني لا يساوي الفائدة الإقليمية.

لكن ينبغي ألا نستغرق في الأوهام التي تقول إنّ تدخل إسرائيل في الرد الإقليمي على التهديدات التي تطرق أبواب إسرائيل أيضًا، وهي التحدي الإيراني والإسلام المتطرف والضعف الأمريكي وأي تهديد إقليمي آخر، يُمكن أنْ يكون بديلًا عن التقدم في القضية الفلسطينية وليس ناتجًا عنها، بحسب الدراسة.

  كلمات مفتاحية

مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي السعودية إيران إسرائيل عاصفة الحزم العلاقات السعودية الإيرانية

«عاصفة الحزم» رفض سعودي لرسْم مستقبل النظام الإقليمي بمعزل عنها

«فورين بوليسي»: الأهداف المتعارضة في اليمن بين السعودية وإيران والولايات المتحدة

«يوشكا فيشر» يكتب: السعودية وإيران تتنافسان لسد الفراغ الإقليمي

«ستراتفور»: الخيارات المعقدة للمملكة العربية السعودية في اليمن

مسؤول عسكري أمريكي: السعودية لم تبلغنا بالعملية العسكرية إلا قبل تنفيذها بوقت قصير

خبراء: الاتفاق النووي يعزز التجارة الخليجية الإيرانية والنفط يعرقلها

السعودية وإيران: جغرافيا سياسية متقلبة من النفط والأقليات