السعودية تودع «سعود الفيصل» في جنازة مهيبة بالحرم المكي

السبت 11 يوليو 2015 02:07 ص

ودعت الرياض مساء السبت، 11 يوليو/ تموز، في جنازة مهيبة الأمير «سعود الفيصل»، بحضور الملك «سلمان بن عبدالعزيز» زعماء ومسؤولين من دول عربية وإسلامية.

وصلى مئات الآلاف الذين أمّوا المسجد الحرام في مكة المكرمة بعد صلاة العشاء على جثمان الدبلوماسي المخضرم، قبل مواراته الثرى في مقبرة العدل في العاصمة المقدسة التي دُفِن فيها عدد من الأمراء وعلماء الدين. 

وكان جثمان الفقيد وصل السبت إلى جدة على متن طائرة خاصة، واستقبله عدد من الأمراء والوزراء والمسؤولين.

ووصل أمير الكويت الشيخ «صباح الأحمد» ونائب رئيس الوزراء البحريني الشيخ «محمد بن مبارك آل خليفة» إلى جدة أمس لتقديم واجب العزاء في الأمير «سعود الفيصل».

ردود الفعل الواسعة حول وفاة الأمير «سعود الفيصل»، مؤشر على أهمية الأدوار التي لعبها الرجل في قيادة ديبلوماسية بلاده طيلة أربعين عاما في منطقة شهدت اضطرابات وتحولات دراماتيكية.

وأعلن الديوان الملكي السعودي أن صلاة الجنازة عليه ستكون في المسجد الحرام بمكة المكرمة بعد صلاة العشاء اليوم.

وتقدم عدد كبير من المسؤولين العرب والأجانب بالتعازي بوفاة وزير الخارجية السعودي السابق الأمير «سعود الفيصل»  فيما لازالت البرقيات والتعازي مستمرة.

وتوفي «الفيصل» عن عمر ناهز 75 عاما، أمضى أربعين منها على رأس الديبلوماسية السعودية، ليكون بذلك أكثر وزير خارجية في العالم تولى هذا المنصب. وقد وصفته صحيفة «الشرق الأوسط» السعودية بـ«أمير الديبلوماسية السعودية» في عهد أربعة ملوك، كما أطلقت عليه كبريات الصحف الأوروبية والأميركية والعربية صفة «العميد».

الأمير «سعود» هو الإبن الثاني للملك الراحل «فيصل بن عبد العزيز»، ولد بمنطقة الطائف سنة 1940، وحصل على شهادة البكالوريوس في الاقتصاد من جامعة برنستون بولاية نيوجيرسي الأمريكية سنة 1964.

ومن ثم عمل لدى شركة «بترومين» النفطية التابعة للحكومة السعودية، وشغل بعدها منصب وكيل وزارة البترول والثروة المعدنية سنة 1971. الأمير «سعود» هو أب لثلاثة أبناء وثلاث بنات.

«حالتي الصحية أشبه بحالة الأمة العربية»

«حالتي الصحية أشبه بحالة الأمة العربية» واحدة من أشهر التصريحات التي أدلى بها الأمير «سعود الفيصل» وهو يلقي خطابا في نهاية شهر مارس/آذار الماضي أمام أعضاء مجلس الشورى السعودي، متحدثا عن متطلبات السياسة الخارجية السعودية في ظل حرب في اليمن والأزمتين السورية والعراقية. وكان ذلك أياما قليلة قبل إعفائه من قبل الملك «سلمان بن عبد العزيز».

رجل ديبلوماسية الكواليس

صحيفة «هآراتس» الإسرائيلية، نعت وزير الخارجية السعودي الراحل بعبارة «رحل رجل ديبلوماسية الكواليس».

فقد كان لـ«سعود الفيصل» الذي تولى الوزارة سنة 1975 بعد أشهر قليلة من اغتيال والده الملك «فيصل»، المعروف بأسلوب دبلوماسية الكواليس، دور أساسي في التأثير في مجريات الأحداث والنزاعات التي شهدتها المنطقة على امتداد عقود من الزمن.

أدوار ومحطات من حياة الأمير سعود الفيصل

ساهم الأمير سعود الفيصل بفعالية عام 1989 في عقد «اتفاق الطائف» الذي أنهى الحرب الأهلية اللبنانية التي تزامن اندلاعها عام 1975 مع توليه منصبه كوزير للخارجية السعودية. وظل داعما للبنان واستقراره وشارك في مؤتمرات دعم لبنان مثل مؤتمر المانحين الذي عقد عام 2002 في باريس بمشاركة رئيس الحكومة اللبنانية الراحل «رفيق الحريري».

 

عام 2002 دعم «الفيصل» وساهم بشكل كبير في بلورة مبادرة الملك عبد الله التي قدمها للقمة العربية في بيروت لحل المشكلة الفلسطينية والسلام مع إسرائيل مقابل انسحابها من كل الأراضي المحتلة وتسوية مشكلة اللاجئين. وقال لإسرائيل في ذلك الوقت إنها إذا قبلت الاقتراح فستقيم المنطقة كلها سلاما معها وتعترف بحقها في الوجود. وكان يعتبر من مؤيدي سياسة الحذر إزاء اسرائيل.

 

«الفيصل» كان حريصا على دعم الفلسطينيين وتوحيد صفوفهم ولعب دورا كبيرا في المصالحة بين السلطة الفلسطينية وحركة حماس التي دعا قادتها إلى المملكة وبحث معهم إنهاء الخلافات مع حركة فتح وتشكيل حكومة وحدة وطنية، وصولا إلى توقيع اتفاق مكة بين حركتي فتح وحماس.

كان الأمير «سعود الفيصل» يتمتع بعلاقات جيدة مع «فاروق الشرع» نائب الرئيس السوري والذي كان قبل ذلك وزيرا للخارجية. وقد لعبا دورا كبيرا في إقامة علاقات جيدة بين بلديهما. لكن بعد اندلاع الثورة السورية وتأييد السعودية والفيصل نفسه للمعارضة السورية انقطعت العلاقة بينهما ولم يلتقيا بعد ذلك.

 

الأمير «سعود الفيصل» لم يكن مؤيدا لتسليح المعارضة وإسقاط الأسد بالقوة فقط، وإنما كان يدعو أيضا لإيجاد حل سلمي أيضا للأزمة السورية ومن هنا كانت مشاركته في مؤتمر جنيف 2 حول سوريا.

 

وكان الأمير معروفا باتزانه وهدوئه ودبلوماسيته، لكنه كان صارما في نفس الوقت. فرده بحزم على رسالة بوتين حول سوريا إلى القمة العربية في شرم الشيخ معروف، حيث قال: «هو يتكلم عن المشاكل التي تمر بالشرق الأوسط وكأن روسيا ليست مؤثرة على هذه المشاكل (...) يمنحون من الأسلحة إلى النظام السوري ما هو فوق حاجته لمحاربة شعبه (...) آمل أن يصحح الرئيس الروسي خطابه».

كان الأمير «سعود الفيصل» حريصا على إقامة علاقات جيدة مع دول الجوار من بينها العراق، رغم مواقف صدام والحكومات اللاحقة السلبية من السعودية وخاصة المالكي. حرص رئيس الدبلوماسية السعودية على تحسين العلاقات مع العراق والتقاء مسؤولين عراقيين كما هنا في الصورة مع الرئيس العراقي «فؤاد معصوم» ووزير الخارجية «ابراهيم الجعفري».

 

مصر كانت دائمة مهمة للسعودية والعلاقة بين الدولتين قوية وكان للوزير الراحل دور بارز في ذلك. لكن بعد إسقاط نظام مبارك ومجيء الرئيس «محمد مرسي» أصبحت العلاقة فاترة بين البلدين، حتى الانقلاب العسكري الذي نفذه قائد الجيش السابق «عبدالفتاح السيسي»، والذي دعمته السعودية حتى صعوده للرئاسة وعاد الدفء إلى العلاقة بين البلدين. وكان للأمير سعود الفيصل تصريحات مشهورة في فرنسا اتهم فيها متظاهري الإخوان بحمل السلاح والكلاشينكوف.

 

كما لعب الأمير الراحل دورا كبيرا في رسم سياسة المملكة تجاه اليمن والحرص على استقراره ولاسيما في السنوات الأخيرة. وحين دخل الحوثيون إلى صنعاء وانقلبوا على الرئيس «عبد ربه منصور هادي»، اتخذ «الفيصل» والمملكة موقفا حازما واستقبلت «هادي» وحكومته ووفرت له ملاذا في الرياض وقادت تحالفا عربيا لمحاربة الحوثيين.

 

علاقة الراحل العربية والدولية كانت قوية ليس مع نظرائه من وزراء الخارجية وإنما مع الرؤساء والملوك والأمراء أيضا مثل ولي العهد البريطاني الأمير «تشارلز» الذي لم يستقبل الفيصل ويلتقيه في بريطانيا فقط وإنما زاره في السعودية أيضا.

 

ألمانيا كانت دائما شريكا اقتصاديا قويا للسعودية، ومنذ توليه منصبه كان الراحل يستقبل وزراء خارجية ألمانيا في الرياض. والوزير الحالي «فرانك فالتر شتاينماير» زار المملكة والتقى الأمير «سعود الفيصل» عدة مرات. وقد نعته السفارة الألمانية في الرياض ووصفته بـ«رجل الدولة الذي يحظى بالتقدير».

  كلمات مفتاحية

سعود الفيصل السعودية وفاة سعود الفيصل

نعي عربي ودولي واسع لـ«عميد الدبلوماسية» الأمير «سعود الفيصل»

دبلوماسية أربعة عقود.. «الفيصل» بين رفض غزو العراق ودعم انقلاب مصر

«كيري» ناعيا «الفيصل»: كان من بين وزراء الخارجية الأكثر حكمة

الديوان الملكي يعلن وفاة «سعود الفيصل» عن عمر 75 عاما

الأمير «سعود الفيصل» للملك «سلمان»: «سوف أظل الخادم الأمين»

ماذا بعد «سعود الفيصل»؟

«نوري المالكي» ينفي طرده من السعودية أو تقديم العزاء في «الفيصل»

الكويت: إطلاق اسم «سعود الفيصل» على شارع السفارات «تقديرا لدوره»

على خطى الكويت.. تدشين إطلاق اسم «سعود الفيصل» على أحد شوارع البحرين

الأحد.. شخصيات عالمية تشارك في مؤتمر «سعود الأوطان» بالرياض

اختتام مؤتمر «سعود الأوطان».. وكتاب للتعريف بـ«الفيصل» قريبا