قالت صحيفة «الإندبندنت» البريطانية إن 18 عالما وباحثا من الحائزين على جائزة «نوبل»، ناشدوا الباحثين والأكاديميين في السعودية لشجب جلد وسجن المدون السعودي «رائف بدوي».
وأوضحت الصحيفة في عددها الخميس أن الحائزين على «نوبل» طالبوا في رسالة مفتوحة نظرائهم في جامعة «الملك عبدالله للعلوم والتكنولوجيا» بـ«إسماع صوتهم وهم يطالبون بحرية المعارضة، والوقوف مع بدوي، الذي أحدثت قضيته هزة حول العالم»، بحد قولهم.
وأضافت أن «الموقعين على الرسالة ألمحوا إلى أن فشل الباحثين السعوديين في الدفاع عن حرية التعبير قد يؤدي إلى تهميشهم في المحافل الأكاديمية الدولية»، في تهديد مبطن للسلطات السعودية، التي تحاول الترويج لبلادها على أنها مركز من مراكز البحث العلمي.
وأشارت الصحيفة إلى أن عددا من الباحثين والأدباء وقعوا على الرسالة المفتوحة، منهم الروائي الجنوب أفريقي «جي أم كويتزي»، وكُتبت شخصيا لرئيس جامعة «الملك عبدالله للعلوم والتكنولوجيا»، البروفيسور «جين لوي تشاميو».
وحذرت الرسالة، التي تلقتها «إندبندنت»، قائلة: «قد يتم قطع التعاون الدولي بسبب الغضب على القيود المشددة التي تمارسها الدولة على حرية التفكير والتعبير، التي لا تزال مفروضة على المجتمع السعودي».
وأضافت أنه «ليس لدينا شك في أن أعضاء الهيئة التعليمية في جامعة الملك عبدالله يشاركوننا القلق، ويعرفون بالحكم المشدد الذي صدر ضد رائف بدوي، الذي أنشأ منبرا مفتوحا للنقاش، وقد أحدث الحكم صدمة في أنحاء العالم كله».
ورأت الصحيفة أنه تم اختيار جامعة «الملك عبدالله» التي افتتحت عام 2009؛ لأنها الذراع الرئيس الذي يسمح للسعودية بالتنافس دوليا في مجال البحث العلمي والتكنولوجي، مشيرة إلى أنها جامعة معروفة ومحترمة دوليا، وأول جامعة يدرس فيها الطلاب والطالبات معا، ويسمح للطالبات بقيادة السيارة داخل حرمها، وخلع النقاب أثناء المحاضرات.
ومن بين الموقعين على الرسالة العالم البيولوجي البريطاني «سير جون سالستون»، الذي حصل على الجائزة مناصفة في علم الفيزيولوجيا والدواء عام 2002.
ونقلت عنه الصحيفة قوله إن قضية بدوي مهمة؛ لأنها مؤثرة على حرية التغبير والحرية الأكاديمية بشكل خاص، ليس في السعودية فقط، ولكن في أنحاء العالم كله، بحد قوله.
وأضاف «نعتقد أنه من المناسب الإشارة إلى أن المناخ لجامعة جيدة يجب أن يكون قائما على الانفتاح وحرية الخطاب. ورائف بدوي، كما نفهم، كان رجلا مدونا مسالما يعارض أمورا تقف على التضاد مع الممارسات السعودية الحالية، ورغم ذلك فهي متناغمة مع الحرية الأكاديمية، ونعتقد أنه من الصواب دعمه بهذه الطريقة»، بحسب الصحيفة.
وكانت المحكمة العليا في السعودية قد أيدت في وقت سابق من الشهر الماضي كافة الأحكام القضائية الصادرة بحق مؤسس الشبكة الليبرالية السعودية «رائف بدوي».
وأصدرت المحكمة العليا قرارها بعد دراسة ملف الحكم الصادر من المحكمة الجزائية بجدة، لمدة 3 أشهر بواسطة خمسة قضاة على مستويات عليا»، مشيرة إلى أن الحكم أصبح نهائياً لا يجوز الطعن فيه، أو الاعتراض عليه من أي جهة كانت.
وحُكم على «رائف بدوي» البالغ من العمر 31 عامًا بالسجن لمدة 5 سنوات وألف جلدة، بعد إدانته في مايو/أيار الماضي بالإساءة للإسلام وتبني أيديولوجية ليبرالية والاستهزاء بالرموز الدينية، بالإضافة إلى جرائم أخرى. وأمرت السلطات السعودية بجلده كل جمعة خمسين جلدة لمدة عشرين أسبوعا.
وإلى جانب إدانته بتهمة الإساءة إلى الإسلام؛ حُكم على «بدوي» بالسجن لمدة خمس سنوات أخرى وغرامة مالية قدرها مليون ريال سعودي (266.300 دولار أمريكي) لتأسيسه منتدى الشبكة الليبرالية السعودية المحظورة حاليًا في المملكة.
ونفذت السلطات السعودية في يناير/كانون الثاني الدفعة الأولي من جلد «بدوي»، حيث تم جلده 50 جلدة أمام مسجد الجفالي في جدة، وكان من المقرر أن يستمر الجلد أسبوعيا حتي انتهاء عقوبته، قبل أن يتم تأجيل الجلد لعدة أسابيع متتالية لظروفه الصحية في ظل إدانات حقوقية واستنكار دولي واسع.
وكان جلد «بدوي» قد أثار استنكارا حقوقيا ودوليا واسعا، في المقابل أعرب مصدر مسؤول بوزارة الخارجية السعودية عن الاستغراب والاستنكار الشديدين من التصريحات والبيانات الصادرة من بعض الدول والمنظمات الدولية، حول قضية المدون السعودي، مشيرا إلى أن القضاء في المملكة يتمتع بـ«الاستقلالية»، وأن المملكة لا تقبل التدخل في قضائها أو شأنها الداخلي من أي طرف.