حصار نفط ليبيا.. هل تنجح خطة حفتر البديلة في إسقاط السراج؟

الثلاثاء 28 يناير 2020 09:23 م

"ليبيا بانتظار كارثة بسبب حصار النفط".. هكذا حذر رئيس حكومة الوفاق الليبية، المعترف بها دوليا، "فائز السراج" من عدم قيام المجتمع الدولي بدوره في الضغط على الجنرال المتقاعد "خليفة حفتر" لوقف حصار القوات الموالية له لحقول النفط، الذي أدى إلى وقف إنتاج الخام تقريبا.

وأغلقت القوات الموالية للجنرال الليبي موانئ النفط الرئيسية في ليبيا، تزامنا مع اجتماع حول الأزمة الليبية في برلين، في وقت سابق من الشهر الحالي.

ويسعى الجنرال، الذي يقود حملة عسكرية متعثرة للسيطرة على العاصمة طرابلس، حيث مقر حكومة الوفاق، للضغط على الحكومة الشرعية للقبول باقتسام عائدات النفط.

وتقع غالبية الثروة النفطية لليبيا في شرقي البلاد في المناطق التي تسيطر عليها قوات "حفتر"، لكن المؤسسة الوطنية للنفط، المعترف بها دوليا، ومقرها طرابلس، هي التي توزع الإيرادات.

ويرفض "السراج" تقاسم الإيرادات مع "حفتر"، وأعلن مرارا أنها تعود في النهاية بالفائدة على البلد بأكمله، وليس على الغرب فقط، باعتبار أن حكومة الوفاق تقسم تلك الإيرادات بين دفع الرواتب ودعم الوقود وخدمات أخرى، ويشمل ذلك المناطق التي يسيطر عليها "حفتر" في شرقي البلاد.

وإزاء هذا الحصار، هبط إنتاج ليبيا من النفط الخام من نحو 1.2 مليون برميل يوميا في الأشهر الماضية إلى 72 ألف برميل يوميا فقط، حسبما ذكر رئيس مجلس إدارة مؤسسة النفط الليبية "مصطفى صنع الله"، في مقابلة مع تلفزيون "بلومبرج".

  • تجفيف المنابع

ويهدف حصار "حفتر" النفطي إلى تجفيف منابع التمويل عن حكومة الوفاق، إذ تشكل صادرات النفط نحو 95% من إجمالي إيراداتها العامة.

وتتماشى هذه السياسة مع الموقف الإماراتي الرافض لأي حل سياسي يقوم على أساس التوافق بين شطري الشرق والغرب الليبيين، وهو ما يفسر مغادرة "حفتر" موسكو دون التوقيع على اتفاق لتثبيت وقف إطلاق النار المؤيد من قبل روسيا وتركيا.

وفي هذا السياق أيضا، حاول "حفتر" والحكومة غير المعترف بها في الشرق مرارا تصدير النفط بتجاوز المؤسسة الوطنية.

وفتحت الإمارات حسابا بنكيا لهذا الغرض في أبوظبي لإيداع العائدات فيه، استعدادا لبدء تصدير النفط عبر مؤسسة موازية في بنغازي، لكن الأمم المتحدة حظرت ذلك.

كما واجه قرار سابق لـ"حفتر" بنقل تبعية إنتاج وتصدير النفط لمؤسسة موازية في بنغازي في يونيو/حزيران 2018، رفضا أمريكيا صريحا، أرغمه على التراجع عن قراره بعد يوم واحد.

وإزاء ذلك اتجه الجنرال الليبي المتقاعد إلى تكتيك بديل، يقوم على منع تصدير النفط عموما، مقابل تعهد أبوظبي بتعويضه ماليا عن الإيرادات التي كانت تنفقها حكومة الوفاق على مناطق الشرق الليبي، وفقا لما نقله موقع "العربي الجديد" عن مصادر مطلعة.

 وعليه فإن بيان ما يسمى بـ"ملتقى القبائل والمدن الليبية"، الذي أعلن العزم على "إيقاف تصدير النفط من جميع الموانئ الليبية"، وطالب المجتمع الدولي بـ"فتح حساب لإيداع إيرادات النفط حتى تشكل حكومة تمثل كل الشعب"، ليس سوى تحرك لإضفاء ديكور شعبي على قرار إماراتي بالأساس، حسبما يرى المحلل السياسي الليبي "مروان ذويب".

غير أن وقف تصدير النفط لا يعد ورقة ضغط داخلي لإسقاط حكومة الوفاق بالداخل فقط، حسب "ذويب"، بل ورقة دولية أيضا للضغط باتجاه عرقلة السعي التركي لترسيم الحدود البحرية في البحر المتوسط الغني بموارد الطاقة.

كما أنه ورقة للضغط على أوروبا باعتبارها المستفيد الأكبر من النفط الليبي، خاصة بعد مواقف الدول الأوروبية التي دعمت وقف إطلاق النار خلال اجتماع برلين.

  • تكتيك بديل

في ضوء ذلك، يمكن النظر إلى تكتيك "حفتر" الأخير بشأن النفط الليبي باعتباره حصارا داخليا يسعى الجنرال لفرضه على حكومة الوفاق، بهدف إسقاطها اقتصاديا، بعدما فشلت محاولاته العسكرية المتكررة منذ 4 أبريل/نيسان الماضي في السيطرة على طرابلس.

وفي الوقت نفسه يبدو أن الجنرال الليبي يسعى لابتزاز مواقف مؤيدة له من دول أوروبا، عبر التلويح بقدرته على فرض حظر على تصدير النفط.

وتتجه 85% من صادرات النفط الليبي إلى أوروبا، وربما لن يكون من السهل توفير بديل له في زمن قصير.

ولذا يرى "ذويب" أن ورقة سلاح حصار النفط يمكن قلبه على "حفتر" إذا أحسنت حكومة الوفاق استثماره بشكل جيد في الأوساط الدولية، خاصة أن موقفها الدبلوماسي أكثر قوة من "حفتر" الذي لا يحظى بالشرعية.

لكن في حال استمرار الحصار النفطي، فإن ذلك يعني أن حكومة الوفاق سوف تظل عاجزة عن سداد الالتزامات المستحقة على الدولة.

وتشمل هذه االتزامات تمويل الواردات ودعم السلع كالأغذية والوقود وغيرها، مع ما يصاحب ذلك من ترد محتمل للبنية التحتية، وتراجع مستوى الخدمات العامة التي تعاني بالفعل مثل الكهرباء والمياه والاتصالات حسبما يؤكد الخبير الاقتصادي "مصطفى عبدالسلام".

وإذا كان الوقت ليس في صالح "حفتر" من الناحية السياسية، في ظل الضغوط الدولية عليه لوقف إطلاق النار، فإنه ليس في صالح "السراج" من الناحية الاقتصادية، إذ تتكبد حكومة الوفاق خسائر تقدر بنحو 317 مليون دولار كل أسبوع جراء إغلاق الحقول، حسب بيانات المؤسسة الوطنية للنفط.

وإزاء ذلك، فإن مصرف ليبيا المركزي لن يستطيع السيطرة على الأزمة الاقتصادية التي تسبب فيها إيقاف انتاج وتصدير الخام، ولن يستطيع صرف المرتبات ونفقات الدولة، حسبما نقلت قناة "تبادل" الاقتصادية الليبية عن "إسماعيل المحيشي".

وحسب تقدير المحلل الليبي فإنه "لا توجد نية صادقة من الدول المشاركة في مؤتمر برلين لحل الأزمة في ليبيا"، وعليه فإن شبح أزمة اقتصادية كبيرة يخيم على حكومة الوفاق.

  • رفض أمريكي؟

وفي المقابل، يرى الخبير في شؤون الطاقة "إبراهيم الشريف" أن استمرار الحصار الذي يفرضه "حفتر" على تصدير النفط الليبي غير ممكن، لأن الولايات المتحدة لن تسمح بأي حدث من شأنه التلاعب بأسعار الخام عالميا، وفقا لما نقلته وكالة شينخوا الصينية.

ونوه "الشريف"، في هذا الصدد، إلى تشديد السفارة الأمريكية بطرابلس، في بيان، على وجوب استئناف عمليات مؤسسة النفط في ليبيا "فورا".

لكن الوقت نفسه كفيل ببيان مدى جدية الموقف الأمريكي، خاصة أن نفوذ واشنطن على طرفي الصراع في ليبيا يشهد تراجعا ملحوظا، وهو ما يعني أن صادرات النفط الليبية سوف تستمر في الانخفاض حتى إشعار آخر.

وتعاني ليبيا من تدخلات خارجية أدت إلى تعقيد الوضع، وخرق حظر توريد الأسلحة المفروض عليها منذ عام 2011.

المصدر | ذ

  كلمات مفتاحية

خليفة حفتر حكومة الوفاق مصطفى صنع الله النفط الليبي

قطر تستهجن بشدة تعطيل قوات حفتر إنتاج النفط في ليبيا

خسائر المؤسسة الليبية للنفط وإيني: 155 ألف برميل يوميا 

622 مليون دولار خسائر ليبيا إثر إغلاق حفتر موانئ النفط

إيرادات النفط الليبي في يناير تبلغ صفرًا

إثر صدمة مزدوجة.. الوفاق الليبية تخفض ميزانيتها بنحو الثلث

6 مليارات دولار خسائر 157 يوما من إغلاق حفتر حقول النفط الليبية

السيطرة على النفط.. معركة الإمارات الخفية في ليبيا

أمريكا تنتقد ارتباط قوات حفتر بفاجنر وإغلاق آبار النفط في ليبيا

ليبيا.. مؤسسة النفط تحذر من كارثة كانفجار بيروت بسبب حفتر (فيديو)

ليبيا.. خسائر الإغلاق النفطي من قبل حفتر تتجاوز 9 مليارات دولار