تركيا تنتفض رسميا وشعبيا ضد صفقة القرن: القدس خط أحمر

الأربعاء 29 يناير 2020 08:20 م

أعربت تركيا، على المستويين الشعبي والرسمي، عن مناهضتها لخطة السلام الأمريكية في الشرق الأوسط، المعروفة بـ"صفقة القرن"، مؤكدة على لسان الرئيس "رجب طيب أردوغان"، أن مدينة القدس المحتلة، التي اعتبرتها الخطة "عاصمة غير مقسمة لإسرائيل"، إنما هي "خط أحمر" بالنسبة لأنقرة وللمسلمين حول العالم. 

وخلال عودته من جولته الأفريقية في 3 دول، الأربعاء، قال الرئيس التركي إن "القدس مقدسة للمسلمين، وما يسمى بخطة سلام (الرئيس الأمريكي دونالد) ترامب التي تقترح ترك القدس لإسرائيل غير مقبولة أبدًا".

وأشار "أردوغان" إلى أن "الخطة تتجاهل حقوق الفلسطينيين، وتسعى لإضفاء الشرعية على الاحتلال الإسرائيلي"، مؤكدا أن تلك الخطة الأمريكية، التي أعلن عنها "ترامب"، مساء الثلاثاء، "لن تخدم السلام في المنطقة، ولا حل الدولتين"، الذي تعتمده الأمم المتحدة وقرارات الشرعية الدولية.

وأوضح: "لقد طلبت من ترامب تفاصيل الخطة قبل خطابه، حتى نتمكن من تحديد موقف وفقا لذلك"، في إشارة إلى مكالمة هاتفية جرت بينهما، الإثنين.

ولفت الرئيس التركي إلى أن اجتماع منظمة التعاون الإسلامي، الذي سيعقد الأسبوع المقبل، "سيحدد وجهة نظر الدول الإسلامية حول هذه القضية"، بحسب تقرير لصحيفة "ديلي صباح التركية".

وكانت وزارة الخارجية التركية، أعربت في بيان، الثلاثاء، عن الموقف ذاته، قائلة إن "هذه خطة تهدف إلى اغتصاب الأراضي الفلسطينية وقتل حل الدولتين".

وشددت على أن "القدس خط أحمر في نظر تركيا، ولن تسمح لإسرائيل بتبرير احتلالها"، مؤكدة أن تركيا لن تؤيد أي خطة لا تقبلها السلطة الفلسطينية.

وأعلن "ترامب"، مساء الثلاثاء، رسميا بنود خطته المزعومة للسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين المعروفة بـ"صفقة القرن"، في حضور رئيس الوزراء الإسرائيلي المنتهية ولايته "بنيامين نتنياهو".

وعرض "ترامب" على الفلسطينيين 50 مليار دولار لإقامة دولتهم، متعهدا ببقاء القدس المحتلة "عاصمة موحدة" لـ(إسرائيل).

المعارضة التركية: لا لصفقة القرن

لم يقتصر الموقف المناهض لـ"صفقة القرن" على رأس الدولة التركية فقط، متمثلا في الرئيس ووزارة الخارجية، وإنما أعلنت العديد من مؤسسات الدولة عن الموقف نفسه، بما في ذلك البرلمان، وحتى المعارضة.

حيث أصدر البرلمان التركي إعلانًا مشتركًا، الأربعاء ، أدان فيه خطة "ترامب"، ووقعه حزب "العدالة والتنمية" الحاكم، وحزب "الشعب الجمهوري"، أكبر أحزاب المعارضة، وحزب "الحركة القومية"، وحزب الشعوب الديمقراطي.

وجاء في الإعلان: "تهدف الخطة إلى إضفاء الشرعية على الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، مع محاولة إجبار الفلسطينيين على قبول الشروط"، مؤكدا أن تركيا لن تدعم أبدًا أي صفقة أو خطة تتعارض مع حقوق وحريات الفلسطينيين.

بدوره، أكد وزير العدل "عبدالحميد جول"، أن "القدس هي عاصمة فلسطين الحرة، بغض النظر عن التحركات الأمريكية"، وأبدى رئيس البرلمان "مصطفى شنتوب"، الموقف ذاته بقوله: "القدس هي دائماً خط أحمر بالنسبة لنا".

وأشار في تغريدة إلى أن "الخطة أحادية الجانب التي أعلنها POTUS (رئيس الولايات المتحدة)، هي محاولة بعيدة كل البعد عن إدراك القضية الفلسطينية ووضع القدس، ومحكوم عليها بالفشل".

واعتبر المتحدث باسم حزب "العدالة والتنمية" (الحاكم)  "عمر جليك"، الأربعاء، أن "ما يسمى بصفقة القرن توفر أساسًا لإسرائيل كي تتوصل إلى أعمال عدوانية جديدة بذريعة أمن البلاد".

من جانبه، أكد المتحدث باسم حزب الشعب الجمهوري "فايق أوزتراك"، الأربعاء، أن الحزب يقف إلى جانب الفلسطينيين، قائلا: "بصفتنا حزب الشعب الجمهوري، لا يمكن أن نقبل صفقة لم يقبلها إخواننا الفلسطينيون".

وقال رئيس حزب "فيليسيتي"، "تيميل كارامولاو أوغلو": "كان لترامب موقف يتجاهل كل مطالب الفلسطينيين من أجل أن تعجل إسرائيل بوحشيتها في المنطقة"، مضيفًا أن "وحشية الدولة الإسرائيلية ستأتي بنتائج عكسية".

من ناحية أخرى، استهدف المتحدث باسم حزب "الخير" (YP)، "يافوز أيراليوغلو"، "ترامب" في بيانه ، قائلاً إن "إسرائيل قد أخذت الولايات المتحدة كغطاء لموقفها التوسعي في المنطقة".

دول الخليج وصفقة القرن

وتجاوزت انتقادات مدير الاتصالات الرئاسية التركية "فريتين ألتون"، الخطة الأمريكية، لتتضمن كذلك الدول الخليجية الداعمة لـ"صفقة القرن".

واعتبر عبر تغريدة على حسابه الرسمي في "تويتر"، الأربعاء، أن الخطة "تسعى لإرضاء إسرائيل مع سحق تطلعات الفلسطينيين"، مضيفا أن الخطوة الرئيسية الأخيرة التي اتخذتها الولايات المتحدة بشأن هذه القضية، هي الاعتراف بالقدس عاصمة إسرائيل، وقد عارضها العالم".

وحذر من أن "الإعلانات دون دعم واتفاق وتأييد كلا الطرفين ستجلب عدم الاستقرار إلى المنطقة"، لافتا إلى أن "الإجراءات الأحادية الجانب التي اتخذتها الولايات المتحدة وإسرائيل قد جلبت بالفعل الكثير من سفك الدماء والدموع في المنطقة".

وتابع "يبدو أن البعض في منطقة الخليج يدعم مثل هذه الخطة، التي لا علاقة لها بالعدالة والإنصاف والسلام. سيكون عليهم الرد على الرأي العام العربي والإسلامي".

وشارك سفراء كل من الإمارات والبحرين وسلطنة عمان بالولايات المتحدة، في مؤتمر إعلان "صفقة القرن" بالبيت الأبيض، مساء الثلاثاء، حيث شكرهم "ترامب" على دعمهم للصفقة، كما أعرب "نتنياهو" عن سعادته لمشاركتهم.

تضامن شعبي ضد "وعد بلفور الجديد"

على المستوى الشعبي، عمت التظاهرات المناهضة لـ"صفقة القرن" العديد من المحافظات والمدن التركية، في مقدمتها أنقرة وإسطنبول، وتم تنظيم بعضها أمام السفارة الأمريكية والقنصلية الإسرائيلية، كما دشن ناشطون أتراك وسما على مواقع التواصل الاجتماعي بعنوان #yüzyılınihaneti (خيانة القرن)، لإدانة الخطة الأمريكية.

واحدة من أكبر الاحتجاجات، جرت ليل الثلاثاء/الأربعاء في العاصمة أنقرة، حيث تجمع الناس أمام السفارة الأمريكية، مع لافتات تقول: "القدس ملك للإسلام".

انضمت العديد من المنظمات غير الحكومية أيضًا إلى الاحتجاجات، بما في ذلك جمعية شباب الأناضول (AGD)، ومؤسسة الإغاثة الإنسانية (İHH).

واستمرت الاحتجاجات خلال يوم الأربعاء أيضًا، أقيم بعضها أمام القنصلية الأمريكية في إسطنبول، ووصفت الخطة بأنها "لا شيء سوى القمامة".

متحدثًا باسم المحتجين، قال "كوتلو دان"، إن الخطة "تأمر الفلسطينيين بالتخلي عن جميع حقوقهم مقابل مبلغ صغير من المال"، مضيفا "بين السطور، تهدد الخطة الفلسطينيين باستمرار".

واعتبر أن الخطة "ما هي إلا نسخة أخرى من إعلان بلفور، الذي مكّن من تأسيس الدولة الإسرائيلية في المقام الأول"، في إشارة إلى الوعد الذي منحه وزير المستعمرات البريطاني، عام 1917، للعصابات الصهيونية، بإقامة دولة في فلسطين، وهو ما تم بالفعل بحلول عام 1948.

وامتدت الاحتجاجات إلى محافظات فان ومالاتيا وموس وأديامان.

المصدر | ديلي صباح - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

صفقة القرن القدس المحتلة مدينة القدس المحتلة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان

تركيا ترفض صفقة القرن: ولدت ميتة ولن نسمح بها

مسؤولون أوروبيون يرفضون خطة ترامب للسلام

الحوثي: لو كان رسول الله بين العرب اليوم لفتح القدس لا صنعاء

جيوبوليتكال: صفقة القرن تعيد تشكيل تحالفات الشرق الأوسط

ستراتفور: الآثار القريبة والبعيدة لصفقة القرن

بوليتيكو: كيف تضع صفقة القرن قيودا على رؤساء أمريكا المقبلين؟

أردوغان: لن ندعم أبدا أي خطة لا ترضي الفلسطينيين

قناة تركية تعتذر عن خطأ غير مقصود: القدس عاصمة فلسطين