هل تكسر زيارة «بن سلمان» للقاهرة «فتور» العلاقات السعودية المصرية؟

الجمعة 31 يوليو 2015 08:07 ص

بعد تقارير صحفية عدة تحدثت عن «فتور» في العلاقات بين السعودية والرئيس المصري «عبد الفتاح السيسي»، وبعد ملاسنات متبادلة وانتقادات لاذعة من صحف ووسائل إعلام قريبة من القيادة في البلدين، وبعد زيارة وصفت من قبل مراقبين بـ«الفاشلة»، أجراها وزير الخارجية المصري «سامح شكري» للسعودية، حل «محمد بن سلمان»، ولي ولي العهد السعودي وزير الدفاع، بالقاهرة الخميس الماضي في زيارة مفاجئة.

زيارة «بن سلمان» للقاهرة، والتي قال المغرد السعودي الشهير «مجتهد»، إنها جاءت بدعوة خاصة من «السيسي»، اعتبرها مراقبون دليلا جديدا على «فتور» العلاقات بين البلدين، وأنها تهدف لإزالة هذا الفتور ومحاولة إعادة الأمور لما كانت عليه في عهد الملك السعودي الراحل «عبد الله بن عبد العزيز»، والذي كان من أشد الداعمين لـ«السيسي»، منذ انقلابه على الرئيس «محمد مرسي»، في يوليو/تموز 2013.

«بن سلمان» لم يزر القاهرة يوم الخميس، منفردا، ولكن زيارته تزامنت مع أخرى لوزير الخارجية السعودي «عادل الجبير» لمصر ولقائه بنظيره المصري، وإصدار ما يسمى إعلان القاهرة عقب اللقاء، وهو ما اعتبر دليلا جديا على حالة «الفتور» في العلاقات، والمحاولات المصرية المستميته لإنهائها، بحسب مراقبين.

ولكن السؤال الملح والذي تبدو إجابته صعبه لدى الكثير من المراقبين هو: هل تنجح زيارة ولي ولي العهد السعودي، في «كسر» هذا الفتور وإزالة ما علق بالعلاقات السعودية المصرية من أدران، لا سيما في ظل الخلافات الاستراتيجية بين البلدين في ملفات إقليمية عديدة أبرزها الملفان السوري واليمني، ويمكن إضافة الملف الإيراني إليهما أيضا؟.

وإذا أخذنا في الاعتبار أن الأمير السعودي هو نجل الملك «سلمان»، وهو الرجل الأقوى بعد والده في المملكة، وبات صاحب الكلمة العليا في الأمور العسكرية والاقتصادية معا، بحكم كونه وزيرا للدفاع، ورئيسا للمجلس الاقتصادي الأعلى الذي يدير شؤون النفط والتجارة والاستثمارات، فهل هذه الأمور يمكن أن تسهل الإجابة على السؤال السابق؟.

صحيفة «رأي اليوم»، ذهبت في تحليل لها إلى أن «السيسي»، وإن كان يحاول بقدر الإمكان إصلاح هذه العلاقة، فإنه «يسعى لذلك دون التخلي عن المعايير والشروط المصرية، وأبرزها استمرار السعودية لدعمه في مواجهة جماعة الإخوان المسلمين،  وضخ المزيد من المساعدات المالية في شرايين الاقتصاد المصري المتصلبة».

وبخصوص المغازلات الكبيرة التي قام بها «السيسي»، للمملكة العربية السعودية، خلال زيارة «محمد بن سلمان»، وحضوره احتفالية عسكرية بالقاهرة، رأت الصحيفة أن «المصريون، شعبا كانوا أو مسؤولين، يميلون دائما إلى المجاملة لضيوفهم، ويبذلون جهدا كبيرا لإخفاء خلافاتهم مع ضيوفهم، خاصة إذا كانوا من الخليجيين، ولهذا لم يكن مفاجئا أن يحرص السيسي على حضور الأمير محمد بن سلمان حفل تخريج دفعات الكليات الحربية الخميس، وأن يؤكد في كلمته التي ألقاها في المناسبة أن مصر والسعودية هما جناحا الأمن القومي العربي ومعا نستطيع أن نجابه التحديات التي تواجهها المنطقة».

وبحسب الصحيفة، فإن «السيسي استاء من انضمام السعودية في عهد الملك سلمان إلى الحلف القطري التركي الذي يرعى جماعة الإخوان المسلمين ويقدم لها الدعم المالي والسياسي والإعلامي، وعبر عن هذا الاستياء بمظاهر عدة، أبرزها النأي بمصر عن المغامرة العسكرية السعودية في اليمن، واستقبال وفود يمنية تمثل التحالف الحوثي – الصالحي (مع الرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح) المناويء للسعودية».

وكانت السلطات السعودية ردت على محاولات «السيسي»، باستضافة وفد رفيع المستوى من حركة المقاومة الغسلامية «حماس» بزعامة «خالد مشعل»، رئيس المكتب السياسي للحركة، وحظي الوفد بلقاء مع العاهل السعودي وولي عهده وولي ولي العهد، وزادت باستقبال الشيخ «عبد المجيد الزنداني» أحد أبرز قادة حزب الإصلاح اليمني، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين باليمن.

هذا «التلاكم تحت الحزام بالزيارات والوفود»، كما وصفته الصحيفة، تطور إلى لجوء الرئيس «السيسي» إلى المدفعية الإعلامية الأضخم في ترسانته، أي الكاتب الصحفي الكبير «محمد حسنين هيكل»، الذي يؤيد «السيسي» بقوة، لتوجيه قذائف من العيار الثقيل إلى الممكلة العربية السعودية وأسرتها الحاكمة مثل القول في مقابلة مع صحيفة «السفير» اللبنانية إن النظام السعودي «غير قابل للبقاء».

وأسهب «هيكل»، في الحديث عن «المأزق السعودي في اليمن»، موحيا بأن الخروج منه سيكون «غير سهل على الإطلاق وباهظ التكاليف ماديا وبشريا»، والمح إلى ضرورة تقارب مصر مع إيران بعد توقيع الاتفاق النووي.

وفي محاولة للإجابة على السؤال، قالت الصحيفة، إنه يبدو أن هذا «التقارب» الذي تحدث عنه «هيكل» كان كلمة السر، فمن الواضح أن المملكة العربية السعودية استوعبت الرسالة المصرية «السيسية» بكل مفرداتها، وباتت تعمل على تطويق الخلاف، وما زيارة الأمير «محمد بن سلمان»، إلا أبرز المؤشرات في هذا الصدد، خاصة أن زيارة سابقة، قبل شهرين، لوزير الخارجية السعودي إلى مصر لم تحقق أي تقدم في هذا المضمار.

غير أن الصحيفة، عادت للقول، إنه ربما يكون من المبكر إصدار أحكام على نتائج زيارة الضيف السعودي ولقاءاته في القاهرة، ولكن من الواضح أن نجاح هذه الزيارات يمكن أن يرتبط بموقف السعودية من الإخوان سلبا أو إيجابا، فاستمرار الانفتاح السعودي على هذه الحركة قد يقابل بانتقال العلاقة مع مصر من الفتور إلى التوتر، في المقابل فإن العودة إلى مرحلة الملك «عبد الله» بالابتعاد عن حماس وإدارة الظهر لها، قد ينقل العلاقة السعودية المصرية إلى خانة التحالف مجددا.

وفي نفس الوقت، فإن هناك كلمتين تصيبان السلطات المصرية بحالة من الهيستيريا في الوقت الراهن، وهما «قطر» و«تركيا» بسبب دعم الدوليتن للإخوان، وطالما بقيت السعودية في محور يضمها إلى جانب هاتين الدولتين فإن العلاقات ستنتقل من سيء إلى أسوأ، بحسب «رأي اليوم».

بعض المؤشرات، وفق الصحيفة، تفيد بأن القيادة السعودية مستعدة لبعض المرونة في هذا الصدد، فقد امتنعت كليا عن نشر أي خبر، أو صورة، عن لقاء العاهل السعودي مع «خالد مشعل» والوفد المرافق له، وحرصت على التأكيد بأن الزيارة كانت لأجل أداء «العمرة» وليس لها أي طابع سياسي، ولكن هذه التوضيحات لم تهبط بردا وسلاما على قلب «السيسي» في حينها.

وفي رأي الصحيفة، أن «العلاقة السعودية مع الإخوان المسلمين هي مربط الفرس والقيادة السعودية تدرك هذه الحقيقة، وأي جديد يحمله الأمير محمد بن سلمان بشأنها قد يغير من الكثير سلبا أو إيجابا، ونرجح الأخيرة، لأن السعودية التي تخوض حروبا على عدة جبهات هذه الأيام ضد ايران في اليمن وسورية ولبنان والبحرين قد تكون بحاجة أكبر إلى مصر، ووقوفها في خندقها، خاصة أن حليفها التركي الجديد يعيش مأزقا متفاقما داخليا وفي سوريا، وبدأ يغرق في حربين شرستين ومكلفتين ضد الأكراد والدولة الاسلامية معا».

وتبقى الإجابة على السؤال، رهينة ما ستحمله الأيام المقبلة من تحركات سعودية سواء تجاه «حماس»، أو «الإخوان»، أو قطر وتركيا.

  كلمات مفتاحية

السعودية مصر الإخوان التقارب المصري الإيراني هيكل حماس

الأمير «محمد بن سلمان» في القاهرة .. هدنة ملاكمة ومصالح متبادلة

زيارة وزير الخارجية المصري فشلت في إنهاء التوتر بين القاهرة والرياض

«هيكل»: «سلمان» ليس حاضرا والصغار متكبرون والنظام السعودي غير قابل للبقاء

مصر والإمارات ضد الانفتاح السعودي على تركيا والإخوان و«السيسي» يتنبى دورا انتقاليا لـ«الأسد»

«خالد مشعل» يصل إلى السعودية في زيارة تنهي سنوات الفتور

المصالح أولا .. إعلان القاهرة يمهد لتهدئة خلافات القاهرة والرياض

العاهل السعودي ينيب «محمد بن سلمان» لحضور افتتاح التفريعة الجديدة لقناة السويس

هل يمكن أن يجدد التفاهم حول سوريا العلاقات بين مصر وإيران؟

«كارنيجي»: لماذا تحتاج السعودية إلى التوافق مع النظام في مصر؟

مجلس تنسيق سعودي - مصري لتنفيذ «إعلان القاهرة»

السعودية ومصر .. قافلة التحالف الإقليمي تسير رغم الخلافات

وكالة إيرانية: القاهرة تدير ظهرها للرياض وتتجه إلى طهران