المصالح أولا .. إعلان القاهرة يمهد لتهدئة خلافات القاهرة والرياض

الاثنين 3 أغسطس 2015 05:08 ص

قالت مصادر دبلوماسية عربية أن زيارة الأمير «محمد بن سلمان» ولي ولي العهد السعودي ووزير الدفاع، للقاهرة ولقاؤه الرئيس «السيسي» وإصدار «إعلان القاهرة» لتعزيز علاقات البلدين، جاء لتقريب وجهات النظر المتضاربة حول عدد من الملفت منها القوة العربية المشتركة، تمهيدا لاجتماع وزراء الخارجية والدفاع العرب في 27 أغسطس/آب في القاهرة لمناقشة المشروع الذي تدور حوله خلافات حول مهام القوة المشتركة ومقرها.

وقالت إن اللقاء تضمن أيضا تنازلات من الطرفين، ضمن معادلة «المصالح مقابل التصالح»، القائمة على «الاتفاق على المصالح المشتركة واستبعاد الخلافات»، في ظل حاجة الطرفين لبعضهما البعض في المرحلة الحالية، وبعدما تحولت الخلافات حول قضايا إقليمية بين البلدين إلى معارك إعلامية انزلقت بالعلاقات إلى مخاطر كبيرة.

وقالت المصادر لـ«الخليج الجديد» إن الاختلاف بين القاهرة والرياض يدور حول «الاستراتيجيات» و«المهدد الاقليمي»، هل هو إيران أم الإخوان أم الإرهاب في صورة تنظيمات مثل «داعش» وغيرها.

وقالت إن زيارة «بن سلمان» للقاهرة وقبلها زيارة وزير الخارجية المصري للسعودية، «استهدفت إذابة قمة جبل الجليد لا تفتيت قاع الخلافات» التي لا يزال بعضها موجودا بالفعل حول قضايا إقليمية أبرزها سوريا واليمن وحماس، معتبره أن هناك «قراءات خاطئة للزيارة على أنها مؤشر لتغيير سعودي أو مصري»، والبيان الرسمي (إعلان القاهرة) كان «كلاما فضفاضا وأشبه بإعلان نوايا لتخفيف الاحتقان».

وشددت على سعي الطرفين عبر سلسلة لقاءات مكثفة أخيرة، للملمة الخلاف المتزايد في وجهات النظر حول قضايا إقليمية بعضها يخص أمورا داخلية في مصر (الإخوان وحماس)، والتركيز على «المصالح المشتركة»، والبعد عن التطرق للخلافات، حيث تواجه المملكة خطر خسارة حلفائها السنة بعد اتفاق إيران النووي، ومنهم مصر، بعدما وقعت باكستان وتركيا اتفاقات تجارية مع طهران بعد رفع العقوبات عنها، ما يهدم تحالفها السني ضد إيران ويسمح للأخيرة باكتساب أوراق رابحة على رقعة شطرنج الشرق الأوسط.

وأشارت المصادر إلى أن الاتفاق النووي الإيراني مثل مكسبا للقاهرة التي تدرك حاجة الرياض لها في تحالفها السني، وضد الأخطار المتزايدة علي الخليج في ضوء حرب اليمن، وأن بنود إعلان القاهرة تضمنت هذه المكاسب في صورة استثمارات سعودية جديدة في مصر وربما دعم مالي واقتصادي.

خلافات حول القوة المشتركة

وقالت المصادر العربية أن الاجتماع الأخير لرؤساء أركان الجيوش العربية بالقاهرة، للاتفاق على تشكيل القوة العربية المشتركة شهد ستة خلافات تعوق ظهور هذه القوة أبرزها مهام هذه القوة ومقرها، ومن يقودها في ظل صراع سعودي مصري حولها، إضافة إلى تهميد لقاءات وزراء الدفاع العرب حول القوة العربية المشتركة لمناقشة الإشكاليات حول مهام القوة نفسها ومكان وجودها ومتي تتدخل وضرورة وجود إطار لها، وهل هي منافسة للتحالف السني السعودي أم لا.

وحصرت المصادر الدبلوماسية العربية هذه الخلافات في: التدخل يكون بطلب من؟ الأمين العام أم الدولة المعنية أم من؟ ثم شكل التدخل، هل هو للفصل بين متحاربين أو الانحياز لطرف دون أخرى. من يقودها؟،هل تكون قوة عسكرية ثابتة تتجمع في مكان واحد أم متفرقة تتجمع وقت الحاجة. وكيفية التدخل في بعض الدول العربية التي لا يوجد بها نظام سياسي معترف به؟ وهل التدخل سيكون في صورة ضربات جوية وحصار جوى وبحري فقط، أم ستكون هناك إمكانية للتدخل البري؟.

أيضا تدور الخلافات حول هل ستكون هذه القوة ثابتة ومتجمعة بشكل دائم في إحدى الدول العربية، استعدادا للتدخل في أي لحظة، أو أن هذه القوات ستظل في بلدانها بحيث يتم تجميعها عند الحاجة إليها؟ وحول قيادة القوة، قيادة عامة مشتركة وثابتة لا تتغير مع تغير العمليات، أم قيادة متغيرة بحسب كل عملية.

أيضا هناك خلافات حول شكل تدخل هذه القوة العربية المشتركة، وهل ستكتفى هذه القوات بالفصل بين القوات المتناحرة داخل دولة عربية ما على غرار قوات حفظ السلام الدولية، أم أنها ستتدخل لصالح طرف معين؟، هل سيكون التدخل من خلال ضربات جوية وحصار جوى وبحري، أم ستكون هناك إمكانية للتدخل البري؟

مكسب للبلدين

وقال مصدر دبلوماسي مصري أن الاتفاق المعلن في نهاية الزيارة مكسب للبلدين، وسوف يترتب على تخفيف حدة الانتقادات في وسائل الإعلام المصرية للسعودية، وأن هناك توافق حول ضرورة تعاون البلدين ضد تحديات مشتركة وإلقاء أي خلافات جانبية وراء الظهر، والتركيز على المصالح المشتركة.

بيد أن رموزا إعلامية مصرية استمرت في تأكيد أن القاهرة تسعي لتغيير الموقف السعودي من المقاومة السورية ودعم «بشار الأسد» بدعوي أن انتصار المقاومة وهزيمة «بشار» معناه تفتت سوريا وانتشار «الإرهاب» فيها.

وقال الإعلامي المصري «مصطفى بكري»، أن «السيسي سيوقف دعم الملك سلمان للمعارضة السورية»، وأن المرحلة المقبلة ستتضمن تغيير في الموقف السعودي ممن أسماهم «الخونة»، وهو ما اعتبره مراقبون مؤشرا على استمرار الخلافات بين القاهرة والرياض حول سوريا وقضايا أخري.

ويقول مراقبون ومحللون سياسيون عرب أن قراءة (إعلان القاهرة) بين «السيسي» و«بن سلمان» تشير لتغليب المصالح المشتركة والبعد عن الخلافات، وأن حزمة (الآليات التنفيذية) التي اتفق عليها تضمنت مكاسب للطرفين برغم أن الاعلان جاء فضفاضا وعاما، حيث لا توجد رسميا أي خلافات، ولكن الخلافات الفعلية «غير معلنة».

ودعا (البند الأولي) في الإعلان إلى تطوير التعاون العسكري والعمل على إنشاء القوة العربية المشتركة، ما يضمن للرياض دعما عسكريا مصريا، ويضمن للقاهرة قبول سعودي بالقوة العربية المشتركة التي كانت تتحفظ عليها، فيما شددت البنود الثاني والثالث والرابع)على مطالب مصرية تتعلق بـتعزيز الاستثمارات وتكثيفها، وكلها تصب في خانة إنعاش الاقتصاد المصري المنهك والتي كانت مبعث تحفظ مصري علي الموقف السعودي منذ مجيء الملك «سلمان».

وأثار (البند السادس) استغراب المراقبين في البلدين، وهو (تعيين الحدود البحرية بين البلدين)، بيد أن مصادر مصرية قالت إن تعيين الحدود البحرية بين البلدين، جاء بعد ظهور بوادر خلافات حول الاكتشافات البترولية في البحر الأحمر، ومناطق صيد الأسماك.

وفي أوائل يناير/كانون الثاني 2011 ثم في 17 يوليوظمتموز 2011، وفي 9 يناير/كاون الثاني 2012، عقدت لقاءات بالقاهرة بين مسئولين مصريين وسعوديين لتعيين الحدود البحرية، قادها الفريق «مريع بن حسن الشهراني» رئيس الهيئة العامة للمساحة بالسعودية الذي ترأس وفد السعودية في اللجنة المصرية السعودية لتعيين وترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية بالبحر الأحمر.

وتشمل عمليات الترسيم كل الحدود البحرية بين البلدين في المساحة الواقعة في البحر الأحمر، من خط عرض 22 جنوب مصر وحتى خليج العقبة، وقيل حينئذ أن الهدف هو «حتى تلتزم بها الدولتان في عمليات الصيد أو استخراج النفط».

  كلمات مفتاحية

السيسي بن سلمان مصر السعودية العلاقات السعودية المصرية

الأمير «محمد بن سلمان» في القاهرة .. هدنة ملاكمة ومصالح متبادلة

هل تكسر زيارة «بن سلمان» للقاهرة «فتور» العلاقات السعودية المصرية؟

«السيسي» و«بن سلمان» يتفقان على تطوير التعاون العسكري والسياسي والاقتصادي

«السيسي» مغازلا الرياض: مصر والسعودية جناحا الأمن القومي العربي

مصر والإمارات ضد الانفتاح السعودي على تركيا والإخوان و«السيسي» يتنبى دورا انتقاليا لـ«الأسد»

«كيري» يحذر«السيسي»: انتهاك حقوق الإنسان يعيق محاربة الإرهاب

«مجتهد»: الملك «سلمان» يزور مصر في طريق عودته من واشنطن

مجلس تنسيق سعودي - مصري لتنفيذ «إعلان القاهرة»