وصل وزيرا الخارجية والري المصريان "سامح شكري" و"محمد عبدالعاطي" إلى العاصمة الأمريكية واشنطن؛ لحضور اجتماعات جولة المفاوضات الأخيرة حول "سد النهضة" الإثيوبي، التي تستمر على مدار الأربعاء والخميس المقبلين.
وتأمل القاهرة في التوصل إلى اتفاق نهائي يحسم أزمة السد، بشكل يطمئن مخاوف النظام من الإضرار الجسيم بحصة القاهرة من مياه النهر.
لكن تلك الجولة الجديدة تأتي في ظل تعثر متكرر للمفاوضات الثلاثية بين كل من مصر والسودان وإثيوبيا.
وحققت أديس أبابا حتى الآن، انتصارا مهما بالنسبة إليها، حتى قبل توقيع أي اتفاقات، ويتمثل بدفعها القاهرة إلى القبول بالتنازل عن سيادتها المطلقة في القرار الخاص بنهر النيل، حتى باتت إثيوبيا متحكماً أساسياً، باعتبارها دولة المنبع الرئيسية.
ونجحت أديس أبابا في التمسك بصياغة واضحة لحق الشعب الإثيوبي في الاستفادة من مياه النيل وحقه في تقرير الاستخدامات.
وكشف مصدر دبلوماسي مصري، أن الرئيس المصري "عبدالفتاح السيسي" التقى مع رئيس الوزراء الإثيوبي "آبي أحمد"، على هامش حضوره اجتماع الاتحاد الأفريقي، الأحد في العاصمة الإثيوبية، بشكل غير رسمي، وتخلله حديث ودي بشأن أزمة السد، والجهود المبذولة فيها.
وأكد "السيسي" لرئيس الوزراء الإثيوبي، استعداد مصر للتجاوب مع أي مقترح من شأنه تحقيق التنمية لإثيوبيا، مع "تخفيضه لحجم الآثار السلبية المترتبة على مصر، جراء تشغيل السد".
في المقابل، اعتبر "آبي أحمد" أن بلاده لا تتعنت مع مصر، وأن كل ما يشغله هو "تحقيق مصالح شعبه الذي يعاني منذ فترة من نقص الموارد".
من جهته، قال وزير الري السوداني "ياسر عباس"، في بيان له إنّ "من المنتظر أن توقع الدول الثلاث المتأثرة بسد النهضة، بالأحرف الأولى، على مسوَّدة اتفاق في حال تجاوز القضايا مثار الخلاف".
وأوضح أن "الفرق القانونية من الدول الثلاث والمراقبين واصلوا أعمالهم في واشنطن منذ الاجتماع الأخير لصياغة الاتفاقية في شكلها النهائي".
يشار إلى أن البيان الرسمي الصادر بعد الاجتماعات الأخيرة، التي تضاعفت مدّتها من يومين إلى 4 في جولة مباحثات إضافية، قال إن القاهرة وأديس أبابا والخرطوم اتفقت، على وضع جدول يتضمّن خطة ملء السد على مراحل، والإجراءات ذات الصلة في التعامل مع حالات الجفاف والجفاف الممتدّ والسنوات الشحيحة أثناء الملء، وأيضاً حالة الإجراءات نفسها أثناء التشغيل.
وتضمّن "الاتفاق المبدئي" التوصل إلى آلية تشغيل للسدّ خلال الظروف الهيدرولوجية العادية، وآلية لمراقبة الاتفاق وتبادل البيانات والمعلومات، وأخرى لفضّ المنازعات، فضلاً عن موضوعات أمان السدّ وإتمام الدراسات الخاصة بالآثار البيئية والاجتماعية له، على أن توضع الصياغات النهائية قبل اجتماع وزراء الخارجية والموارد المائية في الدول الثلاث في واشنطن يومَي 12 و13 الشهر الجاري من أجل إقرارها، تمهيداً لتوقيع الاتفاق نهاية الشهر.
ووفق مراقبين، تبقى هذه البنود، كلام مرسل، سبق أن ذكر في مراحل سابقة خلال المفاوضات، لافتين إلى أنه حتى الآن لم يتم الاتفاق على مواعيد دقيقة للملء، ونسب محددة لتدفق المياة، في الفترات العادية والأمطار والجفاف، وهو محور الخلاف التفاوضي.
وتتخوف مصر من تأثير سد النهضة على حصتها من مياه النيل، والتي تبلغ 55.5 مليار متر مكعب سنويا، تحصل على أغلبها من النيل الأزرق، لكنها أبدت استعدادا للتنازل عن جزء (غير محدد بعد) من تلك الحصة حتى ملء بحيرة السد.