روسيا وإيران والعراق: مجموعة «أوبك» المصغرة الناشئة للغاز الطبيعي

الأحد 2 أغسطس 2015 03:08 ص

يتبادر سؤال إلى ذهن الجميع بشأن الغاز الطبيعي الإيراني وعلاقته بالعلاقات العالمية مع طهران في فترة ما بعد رفع العقوبات. وقال الرئيس «أوباما» في منتصف يوليو/تموز أن موسكو كان لها دور إيجابي فعال في المفاوضات مع إيران لتحقيق نتائج مثمرة. (لم أكن متأكدا نظرا للاختلافات القوية مع روسيا في الوقت الراهن حول أوكرانيا، وما إذا كان هذا (دور روسيا) من شأنه أن يستمر أم لا. لقد أذهلني موقف «بوتين» والحكومة الروسية في تعاملهم مع الموقف، وما كان لمثل هذا الاتفاق أن يتحقق لولم تعمل روسيا على نفس منوال الولايات المتحدة وباقي أعضاء مجموعة الخمس زائد واحد، والإصرار على التوصل إلى اتفاق) على حسب قول الرئيس الأمريكي.

ولكن لماذا تفعل روسيا ذلك؟ ولماذا ظهرت على تلك الصورة؟ إذا كانت موسكو تزود الاتحاد الأوروبي بما يقرب من ثلث احتياجاته من الغاز الطبيعي، فهل بتقديمها بائعا آخرًا لعملائها الغربيين المفضلين تدمر نفسها بنفسها؟

قدرات الغاز الطبيعي الإيراني هائلة. وما يخبرنا الخبراء به هو أن السوق «الطبيعي» للصادرات الإيرانية في المستقبل هو أوروبا عبر تركيا. وهذا يعني أن «جازبرووم» على استعداد فعلي للتخلي عن عملائها الرئيسيين، وأن «بوتين» على استعداد للتخلي عن أكثر من 20٪ من الميزانية الروسية كنوع من اللف والدوران للحصول على تقدير الرئيس «أوباما» لدوره خلال المفاوضات.

هناك وجهتا نظر حول هذه المسألة. الأولى تفسر الموقف الروسي من حيث المقارنة بين أذربيجان وإيران، وخريطة معقدة من خطوط أنابيب الغاز الطبيعي وخطوط الأنابيب المحتملة، ومزيد من التحليل في مربع داخل معلمات السوق الحالية. والآخر يفسر ذلك من حيث وجهات النظر بين روسيا والصين وجنوب آسيا وإيران للنظام العالمي الناشئ حيث تمتلك الولايات المتحدة مكان انخفاض كبير وعلى طول مفهوم جديد يتكيف مع ارتفاع مطرد للأسواق الآسيوية.

نحن لا نعتقد أن الروس لم يكونوا على علم بما يفعلون. إن فرضية أن موسكو لا تحسب بدقة المكاسب والخسائر المحتملة من وراء صفقة إيرانية مثير للسخرية والسذاجة.

ونحن لا نؤمن تماما بأن التفسير الروسي الإرادي صحيحا بشكل كلي، على الرغم من أننا لا نعتبر زيف ذلك تماما. وفسر وزير الخارجية الروسي «سيرجي لافروف» مساعدة بلاده بأنها مساهمة في إقرار القوانين والأمن الدوليين.

«سيكون أكثر الحق في عدم الحديث عن كيفية استفادة روسيا من هذا الاتفاق، لأنه لا يقصد من ورائه إعطاء مزايا من جانب واحد لأحد. ويهدف الاتفاق مبدئيا إلى العمل على اتباع نهج شامل لإزالة جميع المخاطر لنظام عدم الانتشار النووي، وفعل ذلك على أساس الحق المعترف به دوليا، والذي يتم إصلاحه في الوثائق الدولية من الدول، وتحديدا إيران، لتطوير أنشطة الطاقة النووية السلمية، بما في ذلك تخصيب اليورانيوم»؛ على حد قول «لافروف».

صحيح أن روسيا لديها مصلحة حقيقية في منع إيران من أن تصبح قوة نووية. ومع ذلك، فإنه من الصعب أن نصدق أن الرئيس «بوتين» على استعداد لإفلاس بلاده من أجل إزالة كل مخاطر انتشار الأسلحة النووية وتفعيل المواثيق الدولية. هذه هي نفس المستندات التي على ما يبدو لم تظهر في الرادارات الروسية بينما تخطط لغزو شبه جزيرة القرم.

ونحن لا نعتقد أن روسيا ستتوقف للتعويض عن الخسائر المحتملة في عائدات مبيعات الطاقة، فبمجرد أن يضرب الغاز الطبيعي الإيراني الأسواق الأوروبية، سيعقبه مبيعات الأسلحة إلى طهران بعد رفع العقوبات. مبيعات الأسلحة الروسية لإيران، القائمة والمحتملة، سوف تجلب جزء من إيرادات مبيعات الغاز الطبيعي إلى أوروبا، والتي تنعش خزائن موسكو.

ولكن كيف يشرح الإيرانيون نصيبهم فيما يتعلق بهذه المسألة

ومنذ حوالي 10 أشهر، ساهم الرئيس «حسن روحاني» برأيه مع التركيز الدقيق على رفضه لإكمال النظرية الروسية. «ظروف اليوم ليست كذلك إذا توقفت روسيا عن بيع الغاز إلى أوروبا، ويمكن لإيران أن تكون بمثابة بديل لصادرات روسيا من الغاز إلى تلك البلدان»؛ بحسب «روحاني» خلال مقابلة مع قناة روسيا-2 التلفزيونية.

وذهب «روحاني» أكثر إلى التعهد بالمساعدة الثابتة لروسيا لكسر حصتها من العقوبات الدولية. وأضاف: «وفي ظل الوضع الحالي؛ سنقدم للحكومة الروسية والشعب الروسي أي مساعدة يمكننا أن نقدمها، وسوف يرى الشعب الروسي الماركات التجارية الإيرانية في محلاتهم بحلول العام المقبل، بعد استيفاء متطلبات التجارة اللازمة. إن العقوبات ضارة لجميع البلدان، ولكن ينبغي على البلدان الخاضعة للعقوبات أن تتصدى، وينبغي على الآخرين أيضا تقديم المساعدة».

روسيا لديها في الواقع بعض أسباب عملية جدا تجعلها لا تقلق حول الصادرات المحتملة للغاز الإيراني إلى أوروبا.

وفي الآونة الأخيرة، على سبيل المثال، صفعت موسكو المعارضين الأوروبيين لخط أنابيب ستريم التركي (البديل الروسي لساوث ستريم) عندما ألمح مسؤولون نفطيون أن المشروع لن يبقى على الطاولة إلى الأبد. وقال وزير الطاقة «ألكسندر نوفاك» إنه كان هناك خطر من بناء خط أنابيب تحت الماء إلى تركيا، ما دفع إلى التأجيل إذا لم يتم توقيع اتفاق بين الحكومات ذات الصلة مع الأوروبيين في وقت قريب. ومن المنطقي أن موسكو تريد المضي قدما بسرعة في المشروع الذي كان من المفترض أن يكون جاهزا للعمل بحلول عام 2017. ويتوقع بعض المحللين في السوق أن موسكو قد تخفف شروطها على تخفيضات الغاز إلى تركيا كورقة ضغط تكتيكية للحصول على مشروع السحب الإضافي.

سوف يستغرق ذلك عمليا عشر سنوات أمام إيران لتكون جاهزة لإحداث فرق في سوق الغاز الأوروبية. وسوف تتزايد الاحتياجات المحلية الإيرانية بشكل كبير، ما يجعلها تمتص جزء كبير من إنتاج الغاز في البلاد لبعض الوقت في المستقبل.

فرضية أن إيران تتحدى حصة السوق الروسية تصبح محل شك بشكل كبير مقارنة مع نقيضها، إن إيران وروسيا سيكون بينهما تعاون أشبه بصيغة على غرار أوبك للتأثير على الأسعار. إن البلدين لديهما تقريبا أكثر من 40٪ من احتياطيات الغاز العالمية. ويمكن للبلدان الأخرى أن تنضم إلى تصنيف من هذا القبيل. وقد شاهدنا على سبيل المثال دولة مثل أذربيجان، التي تمتلك إمكانيات ضخمة من الغاز الطبيعي، وتغيير نهجها في السوق الدولية كما كان واضحا لباكو أن روسيا قريبة جدا لخوض التحدي. العراق بالفعل حليف لطهران. إن مزيجا من الضغط السياسي، والعلاقات الجيوسياسية، وتاريخ التجارة والتعقيدات التقنية والمالية يوفر قاعدة سليمة لدعم مثل هذا الترتيب.

وعلاوة على ذلك، ليس هناك من سبب لإيران لأن تعطي الأولوية لقارة أوروبا على آسيا. آسيا في المرتبة الأولى للتجارة الخارجية الإيرانية، حيث تستقبل 87%  من الصادرات الإيرانية، وتوفر 69% من الواردات الإيرانية، وفقا لمجلس الأعمال الإيراني. وفي الواقع، ستكون أول صفقات الطاقة الايرانية مع كل من الهند وباكستان. وهناك أسباب وجيهة للاعتقاد بأن هذه الصفقات سيتبعها اتفاقيات التصدير إلى الصين.

وتتجه الهند الآن إلى إلغاء خط الأنابيب بين تركمانستان وأفغانستان وباكستان والهند (تابي)، والنظر إلى خط أنابيب تركمانستان وإيران وعُمان الذي يشق طريقه تحت الماء. وقالت الصين إنها مستعدة لبناء الجزء الباكستاني من خط الأنابيب بين إيران وباكستان كجزء من الممر الاقتصادي بين الصين وباكستان. لكن العرض الهندي، وخط الأنابيب بين إيران وباكستان يشير إلى حقيقة أن أول سوق ممكن للغاز الطبيعي الإيراني سيكون جنوب وشرق آسيا، وليس أوروبا. ويمكن للسوق الأسيوي أن يبتلع بسهولة إنتاج الغاز الطبيعي الإيراني لعقود من الزمن. وعلاوة على ذلك، هناك دمج للإمدادات الروسية في الاتحاد الأوروبي بالفعل في شبكات الاتصالات في أوروبا. هو بالفعل هناك، ويمكن زيادته نسبيا اقتصاديا ومن السهولة بمكان. ويوجه الشرق، وليس أوروبا، لتوفير سياسة الأرضية المناسبة للتنسيق في مجال الغاز الطبيعي بين إيران وروسيا.

وبعبارة أخرى، فإن الافتراض أن إيران سوف تتنافس مع روسيا في تصدير الغاز إلى أوروبا، وبالتالي تحسين أمن الطاقة الأوروبي، يبدو أنه مجرد تمني. ما قد نراه ليس من قبيل التنافس، ولكنه من قبيل التعاون.

حسنا؛ هذا ما قد يفسر السبب في أن الروس لم يطلقوا النار على أنفسهم في القدم عندما ساعدوا في عملية التوصل إلى اتفاق نووي. وفي الواقع، يبدو الأمر على العكس تماما. إذا كان لديهم اتفاق مع الإيرانيين والأذريين والتركمانيين والعراقيين لتنسيق سياسات الغاز في عهد ما بعد العقوبات، فإننا قد نجد منظمة أوبك للغاز الطبيعي تظهر على الساحة.

  كلمات مفتاحية

إيران روسيا العراق الغاز الطبيعي

روسيا توافق على تخفيض سعر الغاز المصدر إلي تركيا بنسبة 10%

إيران تخطط لـ50 مشروعا في النفط والغاز بـ185 مليار دولار

كيف سيشكل النفط مستقبل العلاقات السعودية الإيرانية بعد الاتفاق النووي؟

«فورين بوليسي»: مستقبل العلاقات التركية الإيرانية

«خامنئي» يتعهد بموقف نووي صارم ويلوح بتقليص صادرات الغاز

إيران تعلن استئناف تصدير الغاز إلى تركيا

197 مشروعا مرتقبا للطاقة في إيران بقيمة 167 مليار دولار

«أوبك» في ورطة قد تعصف باقتصادات أعضائها الكبار

مصادر: الاقتراب من طي نزاع عمره 14 عاما حول تصدير غاز إيران للإمارات

«غازبروم نفت» الروسية: حرب أسعار النفط مع السعوديين لن تؤثر على النمو

روسيا: السعر العادل لبرميل النفط يترواح بين 50 - 70 دولارا

العراق يحث إيران على إعادة إمدادات الغاز قبل الصيف