كيف يتأثر الاقتصاد المصري بفيروس كورونا؟

الجمعة 6 مارس 2020 10:48 م

لم يكن طلب رئيس الوزراء المصري "مصطفى مدبولي"، من اللجنة الوزارية الاقتصادية، تصورا شاملا حول سيناريوهات أثر انتشار فيروس "كورونا" المستجد، على الاقتصاد العالمي، إلا محاولة لمواجهة التداعيات السلبية للفيروس.

ولعل أبرز تداعيات "كورونا" على الاقتصاد المصري، تلك التي تعتمد على حركة السفر والتنقلات مثل السياحة، والعمالة بالخارج، وحركة مرور السفن بقناة السويس، والاستثمارات الأجنبية، إلى جانب قطاع السلع المستوردة خاصة من الصين.

وأعلنت مصر حتى الآن 15 حالة إصابة بفيروس "كورونا"، قبل أن تكشف عن شفاء إحداها، في وقت أعلنت عدة دول ظهور نحو 30 حالة للفيروس، لأشخاص كانوا في مصر.

ومع إعلان مصر عن اكتشاف أول إصابة بالفيروس، الأحد الماضي، انخفض المؤشر الرئيسي للبورصة بأكثر من 6%، وخسر 32 مليار جنيه (ملياري دولار) من قيمته السوقية في جلسة واحدة، بدفع من تهاوي البورصات العالمية والإقليمية.

وفيما يلي، أبرز التهديدات التي تواجه الاقتصاد المصري جراء الفيروس:

  • سعر الصرف

أول هذه التهديدات، كان تراجع سعر صرف الجنيه المصري أمام الدولار لأيام متتالية عديدة، بعد سلسلة من الارتفاعات بدأت منذ يناير/كانون الثاني 2019، وارتفع الدولار إلى 15.60 جنيها بزيادة نحو 10 قروش، مع توقعات بأن يفقد الجنيه بعض المكاسب إذا تراجع الاستثمار الأجنبي.

وتوقع عضو مجلس إدارة في أحد البنوك الخاصة "محمد عبدالعال"، أن يرتفع سعر الدولار خلال الأسبوعين القادمين.

وبرر توقعه بتراجع التدفقات الدولارية من صناديق الاستثمار العالمية في الأموال الساخنة، وكذلك هبوط إيرادات السياحة والصادرات.

  • السياحة

كما أكد خبراء في السياحة، إلغاء حجوزات كثيرة من عدة بلدان أوروبية، وسط مخاوف من التأثيرات السلبية للفيروس على القطاع السياحي الذي بدأ يتعافى أخيرا بشكل نسبي، وحقق 12.6 مليار دولار إيرادات العام المالي الماضي.

وعلى الرغم من عدم إعلان انتشار "كورونا" في مصر، لكن حالة الحذر والحجر الصحي العالمية، ستؤثر على تدفق السائحين إلى كل دول العالم، خاصة الدول التي تعتمد على السياحة الصينية.

وكشف وكيل وزارة السياحة ورئيس قطاع الرقابة على الفنادق سابقا "أحمد عطية"، أن إلغاء الحجوزات بدأ بالفعل بسبب "كورونا"، وأغلبها على المدى القصير في مارس/آذار الجاري وأبريل/نيسان المقبل، وجاءت من أربعة أسواق مهمة من بينها ألمانيا وبريطانيا واليونان.

وأضاف "عطية"، أن شركات السياحة ستتضرر بشدة، إذا استمرت الأزمة، كما لا يمكن تطبيق أي غرامات على إلغاء الحجوزات لأن الوباء عالمي، مشيرا إلى أن قطاع السياحة سيتحملها بالكامل.

وعن حجم الضرر، أكد "عطية" أنه من السابق لأوانه الحديث عن أي أرقام، خاصة مع عدم تحديد عمر الأزمة، مضيفا: "لكن هناك تداعيات بدأت تعاني منها شركات السياحة والطيران والصناعات السياحية المرتبطة بها".

وتعتمد مصر على السياحة كأحد المصادر الهامة للعملة الأجنبية، وهو القطاع الذي شهد متاعبا كثيرة خلال العشرة أعوام الماضية.

  • وقف العمرة

وليس بعيدا عن السياحة والسفر، تكبدت شركات السياحة والطيران خسائر مالية، جراء قرار السعودية منع دخول المعتمرين إلى أراضيها مؤقتا، مما تسبب في إلغاء موسم العمرة (رجب وشعبان ورمضان)، ما أثر على مصر التي تحتل المرتبة الرابعة بين جنسيات العالم في أداء العمرة.

  • الطيران والتحويلات

تداعيات أخرى تظهر في فرض قيود مشددة على دخول القادمين من مصر، والتي أعلنت عنها قطر والكويت.

ومطلع الشهر الجاري، قررت قطر والكويت فرض قيود على دخول المصريين من خلال إصدار عدة إجراءات بما فيها وقف إصدار جميع أنواع التأشيرات.

يأتي ذلك وسط مخاوف من تراجع تحويلات المصريين بالخارج خلال الشهور المقبلة، والتي تمثل حجر الزاوية للعملة الصعبة بعد ارتفاعها إلى 26 مليار دولار في 2019.

كما اتفق مراقبون، على أن التدفقات الدولارية من مصادرها المختلفة، ستمر بموجة من التراجع تخوفا من وباء "كورونا".

وعدد المراقبون، مصادر تراجع التدفقات الدولارية، بأنها تشمل تدفقات السياحة، والتدفقات من صناديق الاستثمار العالمية للاستثمار في أدوات الدين، وتراجع المعاملات التجارية من الاستيراد والصادرات.

يضاف إلى ذلك توقف حركة التجارة العالمية، مما يقلل من إيرادات قناة السويس تزامنا مع تراجع مرور السفن التجارية.

وقالت هيئة قناة السويس المصرية، في بيان الأحد الماضي، إن إيرادات قناة السويس تراجعت إلى 458.2 مليون دولار في فبراير/شباط الماضي، مقابل 497.1 مليون دولار في يناير/كانون الثاني الماضي؛ نتيجة تراجع حركة التجارة العالمية.

  • ركود بالبنوك

وفي ظل استمرار ظهور الفيروس، شهدت البنوك تراجعا في طلبات فتح الاعتمادات المستندية بين التجار بغرض الاستيراد.

وقال مدير الاعتمادات المستندية في أحد البنوك الخاصة "حشمت بهجت"، إن فيروس كورونا أدى إلى تراجع فتح الاعتمادات المستندية للاستيراد وخاصة من الصين، نتيجة تخوفات من انتقال فيروس كورونا، واستمرار الصين في إغلاق مصانعها تخوفا من الوباء.

وتمثل الواردات الصناعية ومستلزمات الإنتاج والسلع الوسيطة نحو 80% من حجم واردات مصر من الصين، وفق رئيس الجمعية المصرية للتمويل والاستثمار "محسن عادل".

كما توقع نائب مدير قطاع المعاملات الدولية في أحد البنوك الخاصة "تامر الصادق"، أن استمرار انتشار الفيروس قد يؤثر سلبا على إيرادات البنوك.

وقال إن ذلك سيكون نتيجة لعدة أسباب منها تراجع الائتمان المصرفي بسبب ضعف الحركة التجارية، ما ينعكس على تراجع أرباح البنوك.

كما يؤدي التأثر التجاري في العالم، إلى ضغوط على أرباح الشركات.

في وقت قال عضو مجلس إدارة في أحد البنوك الحكومية "محمد بدرة"، إن هناك تخوفات من تأثير انتشار الفيروس على خروج بعض الأموال الساخنة من الأسواق الناشئة، ومن بينها مصر.

وتعطي الاستثمارات غير المباشرة انطباعا خاطئا للسوق بقوة أو ضعف العملة المحلية أمام الدولار؛ بحسب حجم التدفقات على السوق للاستثمار في أدوات الدين الحكومية، عكس الاستثمارات المباشرة التي تعد المقياس الحقيقي عن قوة الاقتصاد، وهو ما يحتاج إليه خلال الفترة الراهنة، حسب "بدرة".

  • السلع والمنتجات

تؤدي حالة الركود في فتح الاعتمادات المستندية وانخفاض طلب المستوردين من السلع، إلى نقص هذه السلع في الأسواق، وهو ما يؤدي إلى زيادة أسعارها على المدى المتوسط.

وبدأت بوادر هذه الأزمة في الظهور بالسوق المصري، خاصة في سوق منتجات الهواتف المحمولة، وبعض الأجهزة المنزلية التي يتم استيرادها، فيما تدرس عدد من الشركات تأثر واردتها من المواد الخام نتيجة الأزمة.

  • كرة الثلج

ووفق العميدة السابقة لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية "عالية المهدي"، فإن أكثر قطاع سوف يتأثر هو السياحة، لارتباطه بالقيود والمخاوف من حركة البشر والسفر بين الدول، ثم قطاع الصحة، إضافة إلى تأثر الاستثمارات والتجارة الخارجية.

بدوره، وصف الخبير الاقتصادي والمحلل المالي "وائل النحاس"، تأثيرات فيروس كورونا على الاقتصاد المصري بـ"كرة الثلج"، التي تكبر يوما تل والآخر، مشيرا إلى أن "التأثير على مصر يختلف عن باقي دول العالم".

ولفت إلى تراجع تأثر الاستثمارات غير المباشرة والاستثمارات في أدوات الدين المحلية، نتيجة تضرر الأسواق المالية العالمية، وهذا قد يؤدي إلى استرداد جزء من الاستثمارات.

وأضاف أنه عند طرح أي نوع من السندات أو أدوات الدين لن تجد المشتري بسهولة، "فعندما أريد تغطية دين بدين، لا بد أن أقترض، وبالتالي قد تتوقف عجلة الاقتراض أو تتراجع، مع الأخذ في الاعتبار تناقص تدفقات نقدية قادمة من استثمارات حقيقية، وقطاع السياحة".

وقفز الدين الخارجي لمصر، بنسبة 18% على أساس سنوي بنهاية الربع الأول من العام المالي الحالي 2019/ 2020 إلى 109.36 مليار دولار، كما ارتفع الدين المحلي بنسبة 8% إلى 4.18 تريليون جنيه (270 مليار دولار)، حسب بيانات البنك المركزي.

المصدر | الخليج الجديد + الجزيرة نت

  كلمات مفتاحية

كورونا فيروس كورونا إصابات كورونا

وكالة: مصر تستقبل 114 سائحا صينيا رغم مخاوف كورونا

هيئة قناة السويس المصرية ترجئ مؤتمرا اقتصاديا بسبب كورونا

كورونا يطيح بـ80% من حجوزات السياحة بمصر

ماذا يعني كورونا بالنسبة للاقتصاد المصري؟

ستراتفور: كورونا قد يضعف قبضة السيسي على الحكم

الأساسات الهشة تحت وطأة الأزمة العالمية.. الاقتصاد المصري خلال وبعد كورونا

خصم 1% من رواتب العاملين بمصر لمواجهة كورونا