صعود الذهب والرقمنة.. كورونا يدشن عصرا جديدا في الاقتصاد العالمي

الجمعة 27 مارس 2020 07:44 م

"لن يكون من السهل إعادة تشغيل اقتصاد عالمي حديث مترابط بعد انتهاء الأزمة".. هكذا جاء تقدير مجلة "فورين أفيرز" للتأثيرات بعيدة المدى لفيروس كورونا المستجد، والذي من المتوقع أن يدشن عصرا جديدا في الاقتصاد العالمي.

وإذا كان الكساد الكبير الذي أعقب الأزمة المالية العالمية لعام 2008 أدى إلى ظهور الوضع الجديد للاقتصاد، المتمثل في استمرار النمو المتدهور والاستقرار المالي المصطنع، تتوقع المجلة الأمريكية أن تغير أزمة كورونا "التضاريس الاقتصادية العالمية"، عبر تسريع عملية "إعادة تعريف الإنتاج والاستهلاك في جميع أنحاء العالم".

فمن ناحية الإنتاج باتت العديد من الشركات تخطط للتوظيف الافتراضي "عن بعد" كمورد رئيس للعمالة، بما يعني ازدهار شبكات الإنتاج الكائنة في العالم الافتراضي (Virtual Companies)، توازيا مع تغير نوعي في الاستهلاك، تتمثل أهم ملامحه في الاتجاه إلى المعاملات الرقمية بديلا عن النقود الورقية.

ويتوقع العديد من المحللين أن يتسبب تحذير منظمة الصحة العالمية من نقل الأوراق المالية الملوثة بفيروس كورونا المستجد في زيادة أعداد المتحولين إلى المعاملات الرقمية وفقا لما أوردته صحيفة "ذا تليجراف"، التي دعت البريطانيين إلى تجنب استخدام العملات الورقية واستعمال طرق دفع لا تتطلب اللمس.

عودة ليبرا

في السياق ذاته، قالت شبكة "بي بي سي" إن شركة "فيسبوك" تفكر مجددا في طرح مشروع عملتها الرقمية الخاصة بها (ليبرا)، والتراجع عن قرار تجميده، في ضوء التحول المتوقع لملايين البشر نحو استخدام العملات الإلكترونية.

ومع توالي انسحاب الشركاء من المشروع بنهاية عام 2019، كمجموعتي البطاقات المصرفية "فيزا" و"ماستركارد" ومنصة التجارة الإلكترونية "إي-باي" وخدمة الدفع "سترايب" وموقع الدفع "باي-بال"، ما مثل ضغطا لتجميد المشروع، يبدو أن كورونا سيمنح قبلة الحياة مجددا للعملة الإلكترونية.

وفي هذا الإطار، ذكر موقع وكالة "بلومبرج" الأمريكية أن "فيسبوك" يفكر في تحويل "ليبرا" من عملة عالمية مربوطة بسلة من العملات الكبرى، بما فيها الدولار واليورو والين، إلى شبكة مدفوعات يمكن أن تعمل مع عملات متعددة حسب المنطقة الجغرافية، أي تطوير العديد من العملات المشفرة بالشراكة مع البنوك المركزية.

وبذلك سيكون هناك "ليبرا" مرتبطة بالدولار، وأخرى مرتبطة باليورو، وثالثة مرتبطة بالجنيه الإسترليني، بما يتفادى التحفظات التي دفعت بعض الشركاء للانسحاب من المشروع ويستثمر أزمة كورونا في تحقيق جوهر فكرة "ليبرا"، القائمة بالأساس على استثمار شبكة "فيسبوك" وحساباتها المليارية وتحويلها إلى أكبر منصة أعمال حول العالم.

ومن شأن ذلك أن يؤثر على مفهوم التوظيف لدى الشركات، التي لن تلجأ غالبا إلى عمالة دائمة، بل إلى نظام التوظيف بالمهمة، وعبر منصات الأعمال الافتراضية كتلك التي تسعى لها "فيسبوك".

وفي هذا الإطار، تشير الكاتبة "مانويلا داليساندرو"، في تقرير نشرته وكالة "أدجي إيطاليا"، إلى أن العمل عن بعد أو العمل الذكي بات قريبا من أن يكون "خيارا مقنعا" تعتمده الشركات حول العالم.

وكانت "لورا كاستيلي"، نائبة وزير الاقتصاد الإيطالي، قد أعربت عن أملها في أن يسفر هذا التطور عن الحد من العدوى بفيروس كورونا من جانب، وأن يمنح العاملين العديد من الفوائد، كالتوفير الاقتصادي والبيئي وتحسين نوعية الحياة من جانب آخر. 

في سياق متصل، يمكن استشراف تغير نوعي في أسلوب التواصل بين المستهلكين والمتاجر مع توقف سلسلة من المطاعم بواشنطن عن قبول النقود الورقية، وإنشاء عدد من شركات خدمات التوصيل عمليات تسليم "بدون اتصال"، وتوقفها عن التعامل بالدفع عن طريق النقود.

ولما كانت أزمة كورونا غير مقتصرة على الدول المتقدمة، فإن الاتجاه لتجنب استخدام الأوراق النقدية لم يكن في الولايات المتحدة فقط، بل شمل العديد من البلدان النامية، ومنها مصر التي لاقى فيها التحول إلى شبكة المدفوعات الرقمية (ميزة) رواجا كبيرا خلال الأيام الماضية.

الشبكة المصرية، وغيرها من منصات الدفع الإلكتروني، تنبهت إلى إمكانية تحويل أزمة كورونا إلى فرصة استثمار كبرى، وركزت حملاتها الدعائية على مزية حمايتها للمستهلكين من انتقال الفيروسات.

اكتناز المعادن

ليس هذا فقط، بل إن مؤشرات أخرى آخذة في التصاعد باتجاه تغير نوعي في سلوك الادخار لدى أصحاب الأموال حول العالم، يتمثل في العودة إلى الذهب والمعادن النفيسة كمخزن للقيمة باعتبارها ملاذا آمنا.

ومن فوائد استثمار المال في الذهب أنه يعمل على الحفاظ على الأموال من عوامل التضخم وارتفاع أسعار السلع الأخرى، مثل النفط، والدولار، وغيرها، كما أنه يعتبر الاستثمار الأكثر استقرارا، فحتى إذا حدث هبوط في أسعاره بشكل مؤقت، فإن الأسواق ستواصل الارتفاع على المدى البعيد.

ويدعم هذه الرؤية ارتفاع سعر الذهب عالميا بنسبة 3%، عقب قرارات البنك الفيدرالي الأمريكي التي تسببت في هبوط سعر الدولار الأمريكي إلى أدنى مستوى في حوالي أسبوع أمام منافسيه الرئيسيين..

وقال بنك "جولدمان ساكس" إن المخاوف التضخمية التي أُثيرت باستجابة البنوك المركزية لتفشي فيروس "كورونا" ستدعم أسعار الذهب كأداة تحوط خلال العام الجاري.

وعلى المنوال ذاته شهدت أسعار باقي المعادن النفيسة الأخرى ارتفاعا، ومنها البلاديوم بنسبة 6.2% والفضة بنسبة 3.2% والبلاتين بنسبة 2.3%.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

كورونا الاقتصاد العالمي

كورونا واقتصاد مصر.. مخاوف نقص السيولة تدفع المركزي لتدابير استثنائية

90 دولة تطلب مساعدات مالية عاجلة بسبب كورونا

كورونا يدفع الذهب لأعلى مستوى منذ 7 سنوات

البيتكوين يتخطى الذهب ليصبح أفضل الأصول أداءً في 2020

صندوق النقد: كورونا يغرق الاقتصاد العالمي في 2020

رب ضارة نافعة.. كورونا يقفز بصناعة المدفوعات في الخليج