حول قطر وتركيا والجامعة العربية

الثلاثاء 11 أغسطس 2015 12:08 م

قبل أسبوع تقريبا، وتحديدا يوم الأربعاء الموافق 5 أغسطس/آب، أعلنت الخارجية القطرية معارضتها لبيان الجامعة العربية الذي استنكر القصف التركي لشمالي العراق، مؤكدة تضامنها مع تركيا في ما تتخذه من تدابير لحماية حدودها.

وقد عللت قطر ذلك بأنه لم يتم التشاور بشأن البيان الذي أصدره الأمين العام «نبيل العربي»، كما أن تركيا لم تخرج عن الحقوق التي تكفلها مواد ميثاق الأمم المتحدة وتحديدا المادة 51 من الميثاق والتي تكفل حق الدول بالدفاع عن نفسها والقضاء على مصدر التهديد، وبالتالي فقد رأت قطر أن بيان الجامعة العربية يعد إنكارا للحق التركي، وأعلنت عن تضامنها مع تركيا، واعتبر وزير الخارجية القطري أن الامين العام للجامعة العربية تجاهل مواقف تركيا التي مدت يدها للشعب السوري وأول من طلب منطقة آمنة لحماية الشعب السوري.

وفي هذا السياق فقد اتفق وزراء الخارجية العرب في ختام اجتماع استثنائي عقدوه في القاهرة يوم  29 كانون الأول- ديسمبر 2005، على تعديل قواعد التصويت في الجامعة. ويتمثل التعديل الجديد في اتخاذ القرارات بأغلبية الثلثين في القضايا «الموضوعية» وبالأغلبية البسيطة في القضايا «الإجرائية». وعرف الوزراء القضايا الموضوعية بأنها تلك التي تتعلق بالمسائل السياسية، ومنها حفظ السلام والأمن العربي وسيادة الدول ووحدتها، بالإضافة إلى الاستراتيجيات الخاصة بتدابير الأمن القومي العربي والتدابير الخاصة بدفع العدوان عن أي دولة عضو في الجامعة. ولهذا فإنه من المستغرب إصدار بيانات دون حتى التشاور مع الأعضاء.

وقد قوبل الموقف القطري باحترام بالغ من قبل القيادة والشعب التركي حيث عبر بيان الخارجية التركي عن الامتنان من التضامن القطري،  مؤكدا أنه من غير الممكن فهم موقف «نبيل العربي» تجاه مكافحة تركيا للإرهاب، تلك المكافحة التي تستند إلى حقوق منحت لها بموجب القانون الدولي، وتأتي في وقت من الواضح فيه عدم قدرة الحكومة العراقية على القيام بمسؤولياتها ووقف الهجمات، التي يشنها حزب العمال الكردستاني ضد تركيا ومواطنيها، انطلاقا من الأراضي العراقية.

وقد اعتبرت تركيا موقف الحكومة العراقية من ضرباتها لحزب العمال الكردستاني مخيبا للآمال، أما على صعيد الموقف العراقي من بيان قطر فقد جاء على لسان «ضياء الدباس» سفير العراق في مصر وممثله في الجامعة العربية حيث استغرب موقف قطر واعتبره يعطي الحق لتركيا في الاعتداء على أراضي العراق. كما أعلن «الدباس» أن حكومته تدرس الرد على قطر.

وتساءل «الدباس»: «ما هذا الموقف وما سببه وهل أصبحت قطر هى محامى تركيا لدى الجامعة العربية؟، ولماذا لا تترك تركيا لتدافع عن نفسها، فالطبيعى أن تصدر الجامعة العربية بيانا يدين أى اعتداء خارجى على دولة من الدول الأعضاء، لكن من غير الطبيعى أن تخرج دولة عضو بصورة تثير الاستفزاز لتتحفظ أو تدين هذا الأمر».

وقد رأي متابعون أن تصريحات «الدباس» غير منطقية في ظل انطلاق الاعتداءات من أراضيها ووجود قوات عسكرية تابعة لأكثر من دولة منها إيران على الأراضي العراقية.

ومن الجدير بالذكر هنا أن الجامعة العربية تأخرت أكثر من شهر في عام 2012 لتدين قصف إسرائيلي لمصنع في السودان علما أن المصنع يتبع للدولة وليس لمنظمات تابعة للدولة.

وفي سياق آخر وبشكل معاكس فقد عبّر مجلس الجامعة العربية، في فبراير/شباط 2015 عن تفهمه الكامل لتوجيه مصر ضربة عسكرية ضد مواقع تنظيم «داعش» في مدينة درنة الليبية، ، حيث اعتبرت الجامعة أن العمل تم بالتنسيق والتعاون مع السلطات الشرعية في ليبيا في حين أن هناك خلافات كبيرة حول الجهة التي تمثل الشرعية في ليبيا وأن هذه القرارات للجامعة العربية تعزز الخلافات ولا تنهيها.

وهنا أيضا تحفظت قطر على هذا القرار الصادر عن الجامعة كما تحفظت على النقطة التي تم فيها الدعوة لرفع الحظر عن تسليح الجيش الليبي علما أن عدة جهات تريد من خلال هذه النقطة دعم جهات تتبعها على حساب جهات أخرى في الثورة الليبية وبالتحديد فإن دولتي الامارات ومصر وربما تكون الأردن معها تريدان بقوة إمداد مليشيات «خليفة حفتر» بالسلاح من أجل الإطاحة بحكومة طرابلس.

في هاتين الحالتين كانت قطر متحفظة على قرارات الجامعة العربية وهذا يوضح أن قطر لا تزال متمسكة باستقلالية سياستها الخارجية كما يوضح أن موقف الجامعة العربية والأمين العام تحديدا فيه نوع من الارتهان لبعض الدول منها مصر حيث من المرجح أن بيان الأمين العام  للجامعة العربية جاء  بطلب وبتوجيه من القيادة المصرية التي تعتبر تركيا عدوا لدودا لها.

كما يشير الموقف القطري من جهة أخرى إلى عمق وقوة العلاقات التركية القطرية،  ويذكر أن  وزير الدولة القطري لشؤون الدفاع «حمد بن علي العطية»، كان في أنقرة مطلع أغسطس حيث نقل رسالة من أمير قطر الشيخ «تميم بن حمد آل ثاني»، حول دعم بلاده للعمليات التي تجريها تركيا في إطار مواجهة الإرهاب،  وذلك بحسب مصادر في رئاسة الوزراء التركية.

  كلمات مفتاحية

قطر تركيا العراق الجامعة العربية حزب العمال الكردستاني

«العطية» يدعو لحوار خليجي إيراني .. ويجدد استياء الدوحة من بيان «العربي»

قطر تتحفظ على بيان الجامعة العربية: من حق تركيا الدفاع عن أمنها وحدودها

الجيش التركي: لم نقصف مدنيين بشمال العراق وهدفنا «العمال الكردستاني»

تركيا .. اعتقال 1302 مشتبه به في عمليات أمنية ضد «الإرهاب»

«الناتو» يؤكد تضامنه مع تركيا ويعلن متابعته للتطورات على حدودها عن كثب

مسؤولية الجامعة العربية: أمام الحكام أم الشعوب؟

«أردوغان» يستقبل رجال أعمال قطريين في مقره الرئاسي بأنقرة

الوطن واليوم الوطني