هل تستغل حكومات الخليج كورونا للتخلص من العمالة الزائدة؟

الثلاثاء 14 أبريل 2020 09:12 م

تواجه العمالة الوافدة في دول الخليج أوضاعا مأساوية مع استمرار أزمة تفشي "كورونا"، وتعرضهم لسياسات تقضي بترحيلهم قسرا إلى بلدانهم أو عزلهم إجباريا.

وتتفاقم أوضاع العمالة، طبيا وصحيا، مع تزايد أعداد المصابين منهم بالفيروس وقيام موظفيهم بالاستغناء عن خدماتهم، في الوقت الذي تتخلى فيه حكومات بلدانهم عنهم وترفض نقلهم إلى أوطانهم.

وليس من المبالغ القول إن "كورونا" يتم استغلاله من قبل الحكومات الخليجية للتخلص من العمالة الزائدة، وترحيل الوافدين قسرا؛ لتخفيف الضغوط الاقتصادية وتفريغ الفرص المستقبلية للمواطنين المحليين.

  • السعودية

تفرض السلطات السعودية إجراءت صارمة لمكافحة "كورونا" تقضي بإلزام جمیع الشركات والمؤسسات بتطبیق الحجر المنزلي لمدة 14 یوما من تاریخ القدوم لجمیع العمالة الوافدة من خارج المملكة.

ووفق الوكالة المعنية بالهجرة في الأمم المتحدة، فإن السعودية أقدمت على ترحيل 2870 مهاجرا إثيوبيا إلى أديس أبابا منذ بدء تفشي "كورونا".

ويفد إلى المملكة، سنويا، عشرات الآلاف من المهاجرين غير الشرعيين من أفريقيا وآسيا؛ على أمل الحصول على فرصة عمل وحياة أفضل، وهو ما تراه السعودية عبئا على مرافقها ونظامها الصحي، حال تفشي الفيروس بينهم.

ورغم مطالبة الأمم المتحدة بتعليق إجراءات ترحيل الإثيوبيين، فإن المملكة تمضي قدما في سياستها الرامية إلى التخلص من نحو نصف مليون إثيوبي في السعودية، وفق تقديرات المنظمة الدولية للهجرة.

  • الكويت

ويتعرض العمال الوافدون في الكويت لحملة تحريض وكراهية، ومطالبات بالترحيل، بعد اتهامات بأنهم تحولوا إلى بؤرة لتفشي الفيروس.

وتفرض الحكومة الكويتية حظرا كاملا على منطقتي "جليب الشيوخ" و"المهبولة"، بعد تزايد أعداد الإصابات بـ"كورونا" بين العمال فيهما، خاصة من الجاليات الآسيوية.

وقبل أيام، طالبت السلطات الكويتية الحكومات في مصر والهند بوضع آلية لإجلاء المخالفين من رعاياهما؛ نظرا للعدد الكبير للجاليتين في البلاد، وكثرة عدد المصابين منهم بـ"كورونا".

وتتيح وزارة الداخلية الكويتية، حتى نهاية أبريل/نيسان الجاري، استقبال مخالفي الإقامة الراغبين في الاستفادة من مهلة السماح، التي تتيح لهم مغادرة البلاد من دون دفع الغرامات المترتبة عليهم، مع أحقيتهم في العودة.

وتسعى الكويت لاستغلال أزمة "كورونا" في التخلص من العمالة الوافدة الزائدة، وتقليص عدد الوافدين من 3.3 ملايين، إلى مليون ونصف المليون فقط، بما يعالج اختلالات التركيبة السكانية في البلاد (30% من المواطنين و70% من الوافدين).

  • الإمارات

وبشكل أكثر صراحة، أعلنت الإمارات رسميا أنها ستراجع سياستها بشأن العمالة مع الدول التي ترفض قبول عودة مواطنيها، بما في ذلك من فقدوا وظائفهم أو اضطروا إلى أخذ إجازات نتيجة تفشي "كورونا".

وتدرس أبوظبي إيقاف العمل بمذكرات التفاهم المبرمة بين وزارة الموارد البشرية والتوطين والجهات المعنية في الدول غير المتجاوبة.

وتخطط الحكومة الإماراتية لوضع قيود مستقبلية صارمة على استقدام العمالة من الدول الرافضة لإجلاء رعاياها، وكذلك تطبيق نظام الحصص في عمليات الاستقدام.

ومنذ 3 أبريل/نيسان الجاري، بلغ عدد الباكستانيين الذين سجلوا رغباتهم للعوة إلى الديار، أكثر من 20 ألف باكستاني، بعد أن انتهت إقامتهم، أو فقدوا وظائفهم، حسب متحدث باسم القنصلية الباكستانية.

ويبدو الوضع أكثر قتامة بالنسبة للعمالة الهندية؛ حيث تعتبر الجالية الهندية من أكبر الجاليات في الإمارات (نحو 2.8 مليون عامل هندي). وتقول نيودلهي إنها لا يمكنها إعادة أعداد كبيرة من رعاياها في وقت تحاول فيه كسر دائرة العدوى في البلاد.

  • البحرين

وفي المنامة، ومع تزايد حالات الإصابة بـ"كورونا" في أوساط العمالة الوافدة، تدرس الحكومة البحرينية مقترحا نيابيا يقضي بمنح العمالة السائبة مهلة لتصحيح أوضاعهم غير القانونية ومغادرة البلاد؛ لمنع انتشار فيروس "كورونا".

ويعيش هؤلاء العمال في غرف صغيرة متهالكة، ومشيّدة من الألواح الخشبية؛ حيث يتكدس كل 9 أو 10 أفراد في غرفة واحدة، وتقدر بيانات رسمية عددهم بنحو 80 ألفا.

وخلال الأيام الماضية، كثفت السلطات المحلية من الحملات الاستباقية لفحص العمالة الوافدة في مساكنهم بعدد من مناطق المملكة.

وألزم تعميم إداري أصدره وزير العمل البحريني "جميل بن محمد علي حميدان" أصحاب العمل في القطاع الخاص بتوفير كمامات الوجه الوقائية وإلزام جميع العمال باستخدامها في مواقع العمل.

وجرى إلزام الشركات والمؤسسات بتقليل عدد العمال في مواقع العمل، وعلى الأخص في غرف الاستراحة المخصصة للعمال، وغرف الانتظار، وغرف تبديل الملابس للعمال، إضافة إلى المركبات الخاصة بنقل العمال داخل المنشأة.

  • قطر

تعد المنطقة الصناعية القديمة في قطر، التي تضم تجمعات كبيرة للوافدين، نقطة انتشار للفيروس في البلاد، حسب "رويترز".

ومنذ 17 مارس/آذار الماضي، فرضت السلطات القطرية، إغلاقا لعدة كيلومترات من المنطقة الصناعية، التي تضم أيضا مخيمات عمالية ووحدات إسكان أخرى.

وتعتمد قطر، على نحو مليوني عامل أجنبي في الجزء الأكبر من قوتها العاملة، معظمهم من دول آسيوية مثل نيبال والهند والفلبين، وبعضهم من الدول العربية مثل مصر.

والأسبوع الماضي، قالت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في الدوحة (حكومية)، إنها طلبت من السلطات القطرية التواصل مع السلطات المصرية بهدف نقل 400 من الرعايا المصريين العالقين في قطر.

  • عمان

تواجه وزارة الصحة العمانية تحديا مع زيادة القلق بشأن انتشار الوباء بين العمالة الوافدة.

وإضافة إلى إغلاق العاصمة مسقط لمدة 12 يوما، وإعفاء الموظفين من الحضور إلى مقار العمل في الجهات الحكومية، تلزم السلطات العمانية مؤسسات ومنشآت القطاع الخاص بتقليل عدد العاملين إلى الحد الأدنى اللازم.

وتقضي الإجراء العمانية بوقف التجمعات العمالية بأي شكل من الأشكال، واتخاذ الإجراءات القانونية بشأن من يثبت مخالفته لذلك.

وتقدر لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا "الإسكوا" حجم الضرر المترتب على الفيروس بأكثر من 1.7 مليون وظيفة مفقودة في العالم العربي.

ومع امتداد أزمة "كورونا" زمنيا يمكن أن تتفاقم أوضاع العمالة الوافدة، خاصة الهامشية منها، لا سيما مع وجود رغبة سياسية لدى حكومات الخليج للتخلص من العمالة الزائدة، وترحيل جنسيات بعينها بدعوى تسببها في تفشي الفيروس.

كذلك توفر تلك الإجراءات فرصة لدول الخليج؛ للحد من ارتفاع معدلات البطالة لديها، وتوفير فرص عمل لمواطنيها مستقبلا، ومعالجة الاختلالات في تركيبتها السكانية؛ ما يعني أن "كورونا" سيكون غطاءً لجني مكاسب أخرى داخلية.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

كورونا.. انخفاض التحويلات المالية يهدد مصر ولبنان والأردن

العمالة الوافدة في قلب الأزمة الصحية في الخليج

أمنستي تجدد الدعوة لحماية العمال الأجانب في الخليج

لبنان.. عاملات أجنبيات يرغبن بالعودة إلى بلادهن

ستراتفور: تداعيات الهجرة العكسية للعمالة الوافدة في الخليج

صندوق النقد يحذر من كارثة جراء مغادرة العمالة منطقة الخليج

طوابير العاطلين.. المصير المنتظر للعمال المصريين العائدين من الخليج

السعودية.. 1.8 مليار دولار إيرادات مقابل العمالة الزائدة